ليس من حق أحد الاعتراض على ترشح أي شخص لمنصب رئيسي في الدولة. وبالطبع، في دولة مثل لبنان، ليس من حق أحد، وخصوصاً المواطنين، الاحتجاج أو السؤال عن سبب ترشح هذا أو ذاك من السياسيين أو الموظفين لمنصب رئاسة الجمهورية.
وبما أن تجربة لبنان مع العسكر في رئاسة الجمهورية لم تعد غريبة، بعد وصول قادة الجيش: فؤاد شهاب، إميل لحود وميشال سليمان، الى رئاسة الجمهورية، فإن من المنطقي أن يكون طرح اسم قائد الجيش الحالي العماد جان قهوجي أمراً عادياً، ولا بد أن يحظى بالاهتمام.
وإذا كان من غير المنطقي أن يسأل أحد عن مواصفات المرشح، وحجم تمثيله السياسي والشعبي، أو عن كفاءاته في إدارة الموقع الذي يحتله حالياً، فإن سؤالاً بسيطاً بات من الضروري طرحه، في ظل حالة الانهيار العام التي تصيب كل مرافق الدولة، وهو عن شبهة التورط في أعمال مخالفة للقانون. فكيف إذا كان الأمر يتعلق بالمال، سواء العام أو الخاص؟
سبب هذا التساؤل هو أن الذين يدعمون ترشيح قائد الجيش الحالي، باتوا ملزمين، كما هو ملزم أيضاً، بتقديم توضيحات وتفسيرات حول بعض المسائل الشخصية، وخصوصاً عندما يكون الحديث عن عمليات مالية تحصل ضمن النظام المصرفي اللبناني، لكن، وفق نظام استثناءات، يفتح الباب على أسئلة ربما على القضاء المختص متابعتها.
في حالة الجنرال قهوجي، نورد الآتي:
بتاريخ الثاني من تشرين الأول عام 2015، انعقد مجلس إدارة أحد المصارف التي تتأثر بضغوط السلطة السياسية والنقدية، وناقش الاجتماع سلسلة من البنود والقرارات، وقد وردت القرارات في محضره الرقم 322.
بحسب القرار الصادر عن المصرف المعني، فإن مجلس الإدارة قرر «الموافقة على تجديد الإعفاء لكل من: الجنرال جان توفيق قهوجي، مارلين توفيق صفير (زوجة الجنرال)، جاد جان قهوجي، جو جان قهوجي وجوانا جان قهوجي، من التقيد بسقف المبالغ المستثناة من استمارة عمليات الإيداع النقدية (CTS)، وذلك لغاية مليون ومئتي ألف دولار أميركي بالنسبة إلى كل من الحسابات المفتوحة من: القائد جان توفيق قهوجي، مارلين توفيق صفير، جاد جان قهوجي، جو جان قهوجي وجوانا جان قهوجي، وذلك استناداً إلى موقع العميل ومركزه».
وهذا القرار يعني السماح لقهوجي والمذكورين معه بإيداع مبالغ مالية نقدية، تصل إلى مليون ومئتي ألف دولار أميركي في المصرف، من دون تحديد مصادرها، فيما المواطن العادي ممنوع من إيداع مبالغ تفوق 10 آلاف دولار أميركي، من دون تبرير كيفية حصوله عليها، وإشهار مستندات تثبت بأن هذه الأموال «نظيفة» ولم تتأتَّ من مصادر أو عمليات «غير مشروعة».
هل بإمكان الجنرال قهوجي، أو من أصدر القرار، أن يشرح لنا ماذا يعني هذا الكلام؟ ولماذا يتم استثناء القائد وأفراد عائلته من إجراءات تزداد تشدداً، ومن أين له الحصول على أرقام بهذا الحجم من الأموال النقدية؟ وهل للأمر علاقة بالمؤسسة العسكرية، وهل ذلك جائز أصلاً، أم ماذا؟
وتسألوننا، لماذا نريد ميشال عون رئيساً؟ وتسألوننا، لماذا ترفض العصابة القابضة على روح البلاد والعباد أن يصل عون الى رئاسة الجمهورية؟
قضاء لبنان وزعران المحكمة
قضية أخرى، وجب الحديث عنها الآن، وتتعلق بالمحكمة الدولية.
منذ إطلاق المحاكمة ضد «الأخبار» بتهمة تحقير المحكمة، حاولت الجريدة التفاعل إيجاباً، برغم اقتناعها بأن الأمر عبارة عن قرصنة سياسية هدفها منع رقابة الناس على عمل المحكمة. ولكن، لم تخيّب المحكمة الظن بها، فسارعت الى تقديم الدليل على أنها أداة قمع لا أكثر. وهو ما دفعنا في «الأخبار» الى اتخاذ قرار وقف التعامل مع المحكمة. وهو قرار ظل ساري المفعول حتى لحظة صدور قرار القاضي بفرض عقوبة مالية على «الأخبار» ورئيس تحريرها.
قبل القرار وبعده، قلنا إننا لا نعترف بهذه المحكمة، ولا بما يصدر عنها، وإنها، بالنسبة إلينا، مجرد أداة أقامها مجلس الأمن الدولي، مثلها مثل إسرائيل، وسنقاومها كلما أتيح لنا ذلك، ولن نقبل بكل ما يصدر عنها.
نحن نعرف مشكلتنا مع المحكمة في لاهاي، ومستعدون لتحمل كل التبعات. لكننا لم نكن نعرف أن في لبنان من لم يستفق بعد من سباته.
الحديث، هنا، يطاول النيابة العامة في لبنان، وقسم المباحث المركزية بضباطه وعناصره، من الذين أقدموا أمس على فعل جرمي موصوف، باقتحام منزل يعيش فيه أولادي مع والدتهم، وأنا لا أسكنه، ولا أقصده، ولا أنام فيه ولا أزوره. وحجة المقتحمين من ميليشيا القضاء اللبناني أنه عنوان لي، وهم يعلمون أين أسكن وأين أعمل، ولكنهم أرادوا ارتكاب جريمة بقصد افتعال مشكلة. وهم لا يدرون حجم الخطيئة التي تورطوا فيها، ولا أي ثمن سيدفعون.
على أي حال، كان بإمكان الجهة القضائية التي تقول إنها ملزمة بتبليغي قرارات المحكمة الصهيونية أن تكتفي بلصق المذكرات في مكان أعيش فيه أنا. أما إذا كان الذهاب الى حيث يعيش أولادي، بقصد ترهيبهم وتهديدي، فهذا يعني أن مشكلتنا صارت مع «الضابطة العدلية» اللبنانية التي تعمل في خدمة المحكمة الصهيونية.
ولمن لا يعرف ما هي صفة من يخدم المحكمة التي تشبه إسرائيل، نقول له: إنه العميل القذر لا أكثر ولا أقل!