جاء في صحيفة "الشرق الأوسط": "استأنف محامي المهندس اللبناني نزار زكا، أمام القضاء الإيراني، أمس، حكمًا أصدرته محكمة ثورية إيرانية بحقه، قضت بسجنه عشر سنوات، وبغرامة مالية تقدر بـ4.2 مليون دولار، وذلك بتهمة التعاون ضد الدولة.


وكان القضاء الإيراني، أصدر حكمه ضد زكا، وهو لبناني يحمل إقامة دائمة في الولايات المتحدة (غرين كارد)، بحسب ما قال مناصرون له الثلاثاء الماضي، وذلك بعد عام على توقيفه في إيران، خضع خلاله للاستجواب أمام القضاء مرتين. وكان فريق الدفاع عنه يعتقد أن المحكمة ستستمع لأقواله مرة جديدة الثلاثاء الماضي، أثناء مثوله أمامها، لكنها فوجئت بإصدار الحكم عليه، بحسب ما قال مقربون من عائلته لـ"الشرق الأوسط".

وتقدم محاميه الإيراني الذي يمثله في طهران، أمس، بطلب استئناف الحكم القضائي.

وكان نزار زكا، الخبير في مجال المعلوماتية والاتصالات، وبصفته أمينًا عامًا لـ"المنظمة العربية للمعلوماتية والاتصالات" (اجمع)، تلقى دعوة رسمية في شهر أيلول 2015 من قبل نائبة رئيس الجمهورية الإيرانية لشؤون المرأة والأسرة شاهيندوخت ملاوردي، للتحدث في طهران في مؤتمر حول الريادة في الأعمال وفرص العمل وذلك في المؤتمر الدولي الثاني المتمحور حول دور المرأة في التنمية المستدامة في طهران للفترة 15 - 18 أيلول. وعقب مشاركته في المؤتمر، اختطف في 18 من الشهر نفسه أثناء طريقه إلى مطار طهران لمغادرة البلاد، ولا يزال محتجزًا منذ ذلك الوقت.

وإثر إصدار الحكم عليه، نقلت "أسوشييتد برس" الأميركية عن المحامي الأميركي المدافع عن زكا، جايسون بوبليت قوله، في بيان أصدره الثلاثاء الماضي، إن "محكمة ثورية في طهران، أصدرت الحكم الذي يتألف من 60 صفحة". بينما أفادت وكالة "رويترز" أن بوبليت قال عبر الهاتف إن الاتهام "وجه لزكا بموجب المادة رقم 508 من قانون العقوبات الإيراني. وتنص المادة على السجن لما يصل إلى عشر سنوات لأي شخص يتعاون مع دولة أجنبية" ضد إيران.

هذا، وذكرت منظمة العفو الدولية "أمنستي" أن القضاء الإيراني استجوب زكا مرتين فقط قبل إصدار الحكم، ولم يحصل على مساعدة قانونية عادلة قبيل عرضه على المحكمة المغلقة "التي تحكم في قضايا تتضمن محاولات الإطاحة بالحكومة".

ورأى محاميه اللبناني، ماجد دمشقية، أن الحكم عليه "تبرير للتوقيف التعسفي الذي تعرض له، وألبسته السلطات الإيرانية الثوب القانوني"، مشيرًا في تصريحات لـ"الشرق الأوسط" إلى أن زكا "لم يخضع لاستجواب كاف طوال فترة حكمه، حيث خضع للاستجواب مرتين فقط، ولم يُثبَت ما يدينه أمام القضاء الإيراني".

وأكد دمشقية أن "لا دليل على تعامل زكا مع الأميركيين"، موضحًا أنه "بمجرد عمله في إطار الإنترنت، فإنه من الطبيعي أن يكون على تماس مع الأميركيين وشركات التواصل الاجتماعي". وأشار في الوقت نفسه إلى أن زكا لبناني "والدولة اللبنانية تعتبر الولايات المتحدة صديقة وليست دولة عدوة".

وبقي اختفاء زكا لغزًا، إلى أن أعلنت هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية الرسمية، في 3 تشرين الثاني أن السلطات في طهران، اعتقلت شخصا يحمل الجنسيتين اللبنانية والأميركية للاشتباه بـ"علاقاته المتينة مع الجيش والاستخبارات الأميركية".

لكن مقربين من العائلة يقولون إنه يحمل الجنسية اللبنانية فقط، بينما يحمل إقامة (غرين كارد) من الولايات المتحدة، وهو خبير في تكنولوجيا المعلومات اختفى يوم 18 أيلول بعد أن حضر مؤتمرا في طهران.

وفي رد على ادعاءات طهران، يقول أفراد العائلة، إن زكا "لم يكن طوال حياته ناشطًا سياسيا، فهو مهندس، ونشاطاته تقتصر على الشؤون الإنمائية والتطويرية"، وإن نزارا "لم يكن سياسيا ولا عسكريًا ولا أمنيًا، وقد قام بخمس زيارات إلى طهران قبل احتجازه، وشارك في مؤتمرات لتلبية دعوات رسمية".

وكانت وسائل إعلام غربية، قالت إن زكّا سافر إلى إيران بموافقة من وزارة الخارجية الأميركية وبمنحة مالية منها. لكن محاميه اللبناني ماجد دمشقية، نفى تلك المعلومات، مؤكدًا أن زكا "تلقى دعوة من نائبة الرئيس الإيراني المرأة والأسرة، واشترى تذكرة الطيران من لبنان" قبيل سفره إلى طهران في أيلول 2015.

ويشغل زكا أيضا منصب الأمين العام للمنظمة العربية للمعلوماتية والاتصالات (اجمع)، التي تعتبر منظمة إقليمية تضم 14 بلدا عربيا، ويتشكل جميع أعضائها من منظمات المعلوماتية والاتصالات وتمثل هذا القطاع في دولها.

وكان أفراد من عائلة زكا، قالوا إن السلطات الإيرانية لم تسمح في الأشهر الأربعة الأولى من توقيفه، لمحاميه بزيارته، كما لم يقم القنصل اللبناني في طهران بزيارته، علما بأن "جهات صديقة في لبنان وإيران كانت طمأنت في وقت سابق أن سقف التوقيف هو ثلاثة أشهر فقط مع شهر إضافي احترازي وبعدها سيتمّ حتما إمّا إطلاق سراح نزار أو اتهامه وتوقيفه رسميا".

ولم يُسمح إلا لزوجته بزيارته خلال فترة احتجازه في الأشهر الستة الأولى لتوقيفه، حيث "كان دخل في إضراب عن الطعام، وخسر 20 كيلوغرامًا من وزنه، ووجدته زوجته في حالة صحية ونفسية صعبة".

وفي الذكرى السنوية لاختفائه، جددت المنظمة العربية للمعلوماتية والاتصالات (اجمع)، في بيان، "مطالبتها بإطلاق سراح نزار زكا في إيران، وعودته سالما إلى أهله وعمله ووطنه"، متحدثة عن "جو من الغموض في المجرى القضائي لقضيته"، مشيرة إلى أنه "يعيش في ظروف معيشية إنسانية صعبة للغاية ووضع صحي مقلق بحسب المعلومات القليلة التي تصلنا من حين إلى حين".

وناشدت المنظمة جميع المسؤولين في الحكومة اللبنانية والحكومة الإيرانية وأصحاب القرار والتأثير بمضاعفة الجهود والعمل المتواصل لوضع حد لهذا الوضع الإنساني غير المقبول وإنهاء المعاناة الصحية والمعيشية والإنسانية، وحسم قضية اللبناني السيد نزار زكا بعودته فورا إلى لبنان.

(الشرق الأوسط)