"العرسان في سوريا أصبحوا عملة نادرة"، هذا ما قالته الباحثة أحلام عبدون، المديرة التنفيذية لـ"جمعية زنوبيا"، بسخرية، عند سؤالها عن أهم التغييرات التي طرأت على تقاليد الزواج السوري بعد مرور نحو ستة أعوام على بدء الثورة.
وتضيف عبدون أن "الكثير من الأسر السورية تخلت عن المتطلبات الكثيرة التي كانت تشترطها على الشاب قبل موافقتها على تزويج ابنتها، وباتت ترضى بقليل المهور، وأحيانا تتنازل عنه نهائيا".
وتذكرنا الباحثة المقيمة في مدينة عينتاب التركية، بعد نزوحها وأسرتها من مدينة حلب، بتقاليد الزواج السوري ما قبل الثورة، وتجزم بأن غلاء المهور قبل الثورة كان معضلة كبيرة أمام الشاب السوري الراغب بالزواج، وخصوصا في مدينة حلب.
وهذه أيضا وجهة نظر السورية سلوى؛ التي ترى أن مفاضلة أهل العروس بين الشبان المتقدمين للخطوبة "صارت واقعة من الماضي. وتتابع ساخرة: "سعيد الحظ فيهم من يطرق باب منزله شاب راغب بالزواج"، كما قالت.
وتتابع سلوى (46 عاما)، وهي أم لفتاتين في سن الزواج، حديثها بحزن واضح، وتقول: "خسرت سوريا الكثير من شبابها، فمن لم يمت منهم نتيجة الوضع العسكري، هاجر إلى بلدان اللجوء، ومن بقي فهو غير قادر على دفع المهور الخيالية التي كان يُعمل بها قبل بداية الثورة السورية".
وحول وضع ابنتيها، توضح سلوى، أنه "في حال تقدم لابنتي شاب على خلق حسن، فمن المؤكد أنني لن أطلب منه ما لا يطيقه، فأنا أدرك تماما حجم الفاقة التي يعاني منها غالبية الشباب السوري"، مشيرة إلى انتشار ظاهرة زواج السوريات من الأتراك، واعتبرت أن "هذا الأمر "السلبي" لم يكن ليحصل لولا خوف الأسرة السورية من شبح العنوسة، وفق تقديرها.
وتضيف: "في تركيا تعيش غالبية الأسر السورية في حالة أشبه ما تكون بالعزلة الاجتماعية، وهذا ما يجعل من خطوة الزواج، خطوة بالغة التعقيد"، مبينة أن "هذه العزلة جعلت من زواج البنت أو الشاب كابوسا، فالطفلة كبرت وأصبحت في سن الزواج بعيدا عن محيطها وعائلتها، وهذا ينطبق على الشاب أيضا".
وتتحدث الباحثة أحلام عبدون عن الواقع السوري "المعقّد" الذي تأثرت به الأسرة السورية، وبالتالي تقاليد الزواج، مشيرة إلى أن غياب فرص تعليم الفتيات في الداخل السوري ساهم في طرح الزواج كخيار لا بد منه. وأضافت: "تغيب فرص التعليم في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، كما تغيب أيضا فرص العمل، وهذا ما يجعل من الزواج الطريق الوحيد أمام الفتاة".
وتستطرد قائلة: "قد يكون الوضع هنا في تركيا أخف وطأة، فهنا مجال العمل أمام الفتاة مفتوح قليلا، والسلطة المجتمعية ليست على أشدها".
ولا توجد أرقام رسمية لحجم ظاهرة العنوسة في الداخل السوري، أو في بلدان اللجوء، لكن ثمة وقائع تبين حجمها الكبير، من أهمها تشجيع الهيئات الشرعية في المناطق الخاضعة لسيطرة الثوار على موضوع تعدد الزوجات، للحد من ظاهرة العنوسة.
وتعقيبا على ما سبق، فإن الشيخ سهيل عيد؛ لا يقلل من أهمية الدعوة إلى موضوع تعدد الزوجات لحل جزء من مشكلة العنوسة، ويضيف: "اليوم قد يكون من الواجب شرعا على الرجل السوري المقتدر أن يتزوج بزوجة ثانية وثالثة ورابعة؛ لأن ذلك يحقق مقاصد الشريعة الإسلامية، ويبعد المجتمع السوري عن الخوض بالرذيلة"، على حد تقديره.
عربي21