على على حافة اللائحة السوداء , والشارع يتحضر لأكبر مظاهرة عمالية , وإرباك في الرابية , كل هذا على وقع الانهيار السوري
السفير :
اشتباك ديبلوماسي روسي أميركي في مجلس الأمن الدولي، من أجل التخلي عن أعباء الهدنة السورية، يفتح السباق التركي الاميركي الروسي السوري نحو الرقة ومدينة الباب. الانخراط المباشر للقوى الإقليمية والدولية بجيوشها، والاستغناء عن المجموعات المسلحة، يرفع من حدة الاشتباك الديبلوماسي، والصراع حول تقاسم النفوذ داخل الحدود السورية، من دون الاضطرار للخروج من اطار «سايكس بيكو»، حتى الآن.
وما كان مساومات لا تفضّ الا في قاعات التفاوض نصف المظلمة، خرج الى الضوء للتخلص من ثقل الالتزام الأميركي به، وتسهيل انسحاب الخارجية الأميركية من الملف السوري وتسليمه الى صقور «البنتاغون» الذين نفّذوا مجزرة دير الزور بحق عشرات الجنود السوريين من أجل انتزاعه من الديبلوماسيين.
الفرصة الاخيرة، قبل العودة الى الميدان لتحسين شروط التفاوض، تحولت الى مبارزة بين صانعي الهدنة السورية وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيره الاميركي جون كيري. الاشتباك بينهما اخرج الى العلن تراجع الخارجية الاميركية، وهيمنة «البنتاغون» على تسيير الملف السوري من الان وحتى رحيل الادارة الحالية، وهو ما يدعو الى مراجعة الحسابات الماضية عن قدرة الإدارة الحالية على مواصلة اتخاذ القرارات في الشأن السوري، وقدرتها المفترضة على الذهاب باستراتيجية التفاهم مع الروس ضد تنظيمي «النصرة» و «داعش»، حتى نهايتها.
الشروط العلنية التي كررها كيري، بحظر سماء سوريا على سلاح الجو السوري، لقاء موافقة اميركا على مشاركة روسيا في ضرب «جبهة النصرة»، وهو غاية الروس الأولى من التفاهم مع الأميركيين، تبين ان الاتفاق الروسي الاميركي لم يكن ناجزاً. الاعتراضات داخل وزارة الدفاع ووكالات الاستخبارات الاميركية، رجحت كفتها في اعادة صياغة الموقف من الهدنة، واستبعاد المقايضة التي تم التفاهم عليها في التاسع من هذا الشهر في جنيف، بتوزيع متعادل للسماء السورية، بين اسلحة الجو السورية والروسية والاميركية لاستئناف الحرب على الارهاب، وتحديد اوضح للجبهات التي لن تغلق بوجه الجيش السوري، في ارياف اللاذقية، وجنوب حلب، وريف حماه الشمالي، حيث يدافع الجيش عن مواقعه، ومعقل «النصرة» في ادلب، وبعض الغوطة، والجنوب السوري.
الأميركيون لا يزالون يعتقدون بسريان الهدنة، الروس ايضا يدعون الى حل سياسي تفادياً للذهاب في خيارات يستعدون لها مع ذلك. (تفاصيل صفحة....)
ومن اجل ذلك، اعاد الروس، خلال الأيام الماضية، مع تداعي الهدنة، محاولة تسخين التقارب مع أنقرة، والذي بدأ الاتراك تبديد حرارته ووعوده التي سمحت لهم بدخول الشمال السوري، والانتشار في منطقة عازلة حدودية جرى الاتفاق عليها مع الروس والايرانيين، بطول 90 كيلومترا بين جرابلس واعزاز على الا تتجاوز عمق 12 كلم في الاراضي السورية جنوب جرابلس. اختبار الاتراك للثلاثي، الروسي الايراني السوري، بالحديث عن الذهاب ابعد من ارياف جرابلس، الى مدينة الباب بعمق 35 كيلومترا، بحجة منع اي تواصل بين الكانتونات الكردية، واخراج «داعش» من معقلها الاخير في ريف حلب الشمالي، انتهى الى الفشل.
تصريحات ايرانية وروسية، ورسائل سورية الى مجلس الامن صدرت لتظهر امتعاضا من تملص انقرة من تعهداتها بعد تصريحات رجب طيب أردوغان عن الغوص في الشمال السوري حتى مدينة الباب على مشارف حلب. رئيس الاركان الروسي فاليري غيراسيموف حذّر الاتراك في لقاء مع نظيره التركي خلوصي اكار، الاسبوع الماضي، من العواقب الوخيمة للذهاب ابعد مما اتفق عليه، واعاد رسم الخطوط الحمراء للتمدد التركي في الشمال السوري. الروس طلبوا من الايرانيين العودة الى وساطة مع الاتراك لاقناعهم باحترام ما اتفق عليه. الايرانيون تحدثوا الى انقرة. جابري الانصاري مساعد وزير الخارجية الايراني، جال ايضا على موسكو ودمشق، بعد ان فشل اجتماع امني سوري تركي روسي في موسكو قبل عشرة ايام، في ترسيخ حدود ما اتفق عليه من انتشار تركي، في الشمال يضع حدا للتقدم الكردي نحو عفرين غربا لوصل الكانتونات الكردية. الاتراك تخلوا عن فكرة ارسال قوات برية فقط، ولكن لم يتخلوا عن العملية. وزير الدفاع التركي فكري اشيق قال «ان الهجوم على الباب سيكون جويا، ولن تشارك فيه قوات مشاة». العملية التركية حتى مدينة الباب، لن تكون اكثر من عملية اسناد جوي للمجموعات السورية التي استطاعت انقرة سحبها من جبهات حلب، وتجميعها في جرابلس، للهجوم على الباب.
السباق الى مدينة الباب لضبط التمدد التركي في الشمال، وحماية الانجازات الميدانية في حلب وتعزيزها، هو احد الخيارات التي يدرسها الروس، وهو ما يوحي بوجود قناعة ان الاتراك عازمون فعلا، على التملص من التفاهمات السابقة، من دون ان يعني ذلك العودة الى اجواء التوتر الماضية. الروس بدأوا منذ اسابيع، ومن دون انتظار التمدد التركي بارسال قوات من المتطوعين الى السفيرة، شرق الباب. بضع مئات من المقاتلين في تحصينات احد اهم مجمعات الدفاع السورية. الجبهة الشرقية، الاطول في ارياف حلب تستدعي تحقيق انجاز مشابه لانجاز تدمر الروسي السوري في اذار الماضي، وتوفير شروط سياسية وميدانية مشابهة لتلك التي سمحت بتحرير تدمر من «داعش» ونقل جنود من جبهات اخرى، كي يتمكن الروس والسوريون من التقدم نحو مدينة الباب. الهدنة تبدو ضرورية كي يتمكن الجيش السوري من نقل ما بين 6 الى 10 الاف جندي من جبهات مهادنة والاستيلاء على المدينة التي يقف الجيش على بعد 8 كيلومترات من تخومها الجنوبية.
الجيش السوري والروس يبدون افضل حالا من الاتراك لاستعادة المدينة. الاتراك الذين لم يستطيعوا تجميع اكثر من خمسة الاف مقاتل سوري، يحتاجون الى اكثر من ذلك. الجيش الثالث التركي الذي يعمل في المنطقة، لن يستطيع توفير غطاء جوي لعملية اعقد بكثير لاعتماده على حلف «الناتو» في التوجيه والرادارات، وعدم قدرته على تنظيم حملة جوية طويلة الأمد. منبج الاقل اهمية، والسهلية الطابع، والاقل حشدا لمقاومة لم تتجاوز الف رجل، فرضت على الاميركيين حملة جوية ضارية لمدة شهرين ونصف الشهر، قبل ان ينسحب منها «داعش» بشبه مساومة الى جرابلس. الباب، الجبلية جنوبا، والتي يحشد فيها «داعش» نخبة جند «الخلافة» وما لا يقل عن ثلاثة الاف مقاتل، تحتاج الى حملة جوية باستطاعة الطيران الروسي القيام بها بسهولة اكبر من الاتراك، وتقديم اسناد جوي فعال لوحدات، تقول معلومات إن الجيش السوري بدأ بالعمل على تجميعها.
اما الرقة، فيقول مسؤول تركي بارز لـ «السفير»، انه لا تفكير جديا بالوصول اليها، رغم كل العروض المعلنة. خيار الرقة هو ايضا خيار يدرسه السوريون، لكنه خيار يعني عدم مواجهة التمدد التركي في الشمال السوري، وترك الاكراد والاتراك يتواجهون، ودفع واشنطن الى خيار تؤجله، بحسم موقفها بين الاكراد والاتراك. الاعلان عن خطة تسليح اميركية جديدة للقوات الكردية، لمعالجة الاحباط الذي باتت قياداتهم تشعر به نتيجة «خيانة» واشنطن لهم، لن تقنعهم بالبقاء مع الاميركيين ومقاتلة «داعش» في مدينة الرقة، حيث لا مصالح للاكراد في ضم المدينة العربية او مقاتلة «داعش».
المشروع الفدرالي الكردي نفسه بات مهددا من واشنطن نفسها التي تدعم بيد عملية «درع الفرات» التركية التي تريد قطع الطريق على تقدم «وحدات حماية الشعب» الكردية نحو عفرين، وترسل باليد الاخرى الى «درع الفرات» مجموعات صغيرة من قواتها الخاصة للمشاركة في دعم العملية ضد.. الاكراد.
واشنطن الحائرة بين تركها وكردها، ارسلت الى الاكراد في قرية المنبطح العربية غرب الرقة أعلاماً لرفعها على بعد 500 متر من الحدود مع تركيا، والى ضفة نهر الساجور، حيث تتمركز هذه القوات، بين جرابلس ومنبج، لحمايتها من تقدم «درع الفرات».. التي تؤيدها.
المسؤول التركي يقول ان الاميركيين، لن يذهبوا الى الرقة، لأن تقديمها على الموصل، سيعقد عملية تحرير المدينة العراقية. الاميركيون الذين قصفوا الجيش السوري في دير الزور لتسهيل اسقاط المدينة بيد «داعش»، لن يقاتلوا من اجل الرقة، لكي تبقى حيزا يمكن لـ «داعش» التفكير بالانسحاب اليه، وتسهيل المعركة على المهاجمين، وتقصير امد القتال، خصوصا ان «داعش» بات يدرك كما يقول المسؤول التركي ان ايامه في العراق باتت معدودة.
النهار :
اتخذ وزيرا الخارجية الأميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف من الجلسة الرفيعة التي عقدها مجلس الأمن حول الحرب في سوريا على هامش الدورة السنوية الحادية والسبعين للجمعية العمومية للأمم المتحدة، منبراً لتبادل الاتهامات وتراشق الانتقادات في شأن المسؤولية عن تصعيد القتال على الجبهات وإخفاق الجهود الديبلوماسية لإيجاد مخرج لأسوأ أزمة انسانية منذ الحرب العالمية الثانية.
وفي مستهل الجلسة، دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي - مون المجتمع الدولي الى حشد العزم لإعادة إحياء عملية وقف العمليات العدائية في سوريا. واعتبر أن الاتفاق الروسي - الأميركي في 9 أيلول "فرصة جديدة". غير أنه أشار إلى الهجوم الذي استهدف قافلة أممية إنسانية تابعة للهلال الأحمر العربي السوري ووصفه بأنه "مثير للغضب".
وقال المبعوث الخاص للأمم المتحدة الى سوريا ستيفان دو ميستورا إنه "يتعين على الحكومة (السورية) أن تدركا أن المرحلة الانتقالية تنطوي على نقل حقيقي للسلطة وليس مجرد انضواء المعارضة تحت الحكومة الحالية. في حين تحتاج المعارضة الى أن تدرك أن هذا الانتقال لا يتعلق فقط بشخص واحد أو برئاسة واحدة، أو بنقل السلطة من جماعة سياسية إلى أخرى، ولكن بممارسة السلطة بشكل مختلف".
لافروف
وشهدت الجلسة سخونة ملحوظة عندما تحدث لافروف فرأى أن المسؤولية تقع على الأميركيين للفصل بين قوى المعارضة والجماعات الإرهابية. وقال إن "الأولوية الأولى تتمثل في تحديد ملامح المعارضة وتمييزها عن جبهة النصرة وداعش، وإنجاح وقف الأعمال العدائية وإيصال المساعدات الإنسانية، والتصدي بنجاح لمحاولات الإرهابيين وأعمالهم، ولأولئك الذين يتسترون برداء الاعتدال". وحض على "إجراء تحقيق دقيق" في استهداف القوافل الإنسانية، داعياً الى "الامتناع عن ردود الفعل العاطفية، والتحقيق بشكل مهني". وإذ لاحظ أن "المسافة بين حصول هذا الهجوم ومناطق القتال في حلب لا تتجاوز خمسة الى سبعة كيلومترات"، كشف أن بلده "قدم كل المعلومات ذات الصلة باستهداف تلك القافلة، بما في ذلك تصوير بالفيديو. وعلى رغم نداءاتنا، بما في ذلك ما ورد في قرارات مجلس الأمن في شأن ضرورة ممارسة النفوذ على المجموعات المسلحة ومجموعات المعارضة، فإن النتائج كانت هزيلة". وخلص الى أن "الوقت حان لإعادة النظر في قائمة المنظمات الإرهابية"، مبرزاً "ضرورة الكف عن التستر على من يرفضون السلام ولا يطبقون قرارات مجلس الأمن ومن يجب أن يعتبروا إرهابيين".
كيري
وفي المقابل، حمل كيري بشدة على روسيا من غير أن يوفر الرئيس فلاديمير بوتين. وقال إن لافروف "يعيش في عالم مواز للعالم الذي نعيشه". وتساءل: "كيف يمكن أناساً أن يجلسوا الى الطاولة ذاتها مع نظام يلقي غاز الكلور ويقصف مدنه مجدداً اليوم تلو الآخر؟ أيفترض أن يجلسوا إلى الطاولة نفسها وأن يجروا حواراً ودياً، مرحاً؟ توقعون اتفاق وقف النار ولا تمتثلون له! أين صدقيتكم؟". وذكر أن جميع الدول بما في ذلك إيران والسعودية وقطر وتركيا وروسيا والولايات المتحدة أكدت أنها تريد سوريا موحدة وعلمانية وتحترم حقوق الجميع، وأضاف: "دعوني أشاطركم اليوم بعض الحقائق – حقائق: في الليلة الماضية بلغتنا تقارير عن بقصف جوي لمرفق طبي بالقرب من حلب وقتل أربعة عاملين إنسانيين على رغم وقف النار. ليس هناك سوى بلدين تحلق طائراتهما في الليل، أو في أي وقت في الواقع في تلك المنطقة، روسيا وسوريا. وسيرغي (لافروف) قال للتو دعونا نتحقق من الوقائع. يوم الاثنين، قتل 20 عاملاً إنسانياً في هجوم مقيت دام ساعتين واستهدف قافلة إنسانية مأذونا بها".
وطالب موسكو باجبار حليفها السوري على "منع تحليق طائراته" العسكرية و"منعه" من قصف المعارضة والمدنيين في حلب.
وفي اطار تبادل التهم بالمسؤولية عن قصف قافلة المساعدات الانسانية، قالت وزارة الدفاع الروسية إن طائرة اميركية من دون طيار كانت تحلق في سماء المنطقة ليلة استهداف القافلة من غير ان توجه اتهاماً مباشراً الى الولايات المتحدة.
بيد ان الناطق باسم وزارة الدفاع الاميركية "البنتاغون" الكابتن جيف ديفيس قال: "نستطيع ان نؤكد ان أياً من طائراتنا - مع أو من دون طيار، اميركية او تابعة لقوات الائتلاف- لم تكن على مقربة من حلب عندما تعرضت القافلة الانسانية لقصف".
وفي خطوة لتعزيز قدرات روسيا العسكرية في سوريا، اعلن وزير الدفاع الجنرال سيرغي شويغو ان بلاده سترسل حاملة طائرات الى البحر المتوسط.
ايرولت
ودعا وزير الخارجية الفرنسي جان - مارك ايرولت الى فرض عقوبات على منفذي الهجمات الكيميائية في سوريا، وخصوصا النظام السوري. وقال إنه "لا يمكن السكوت عن أي جريمة ولو على حساب تهدئة. لا سلام ما دام هناك افلات من العقاب"،. وخصّ مجلس الأمن التحرك بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة "لادانة هذه الهجمات ومعاقبة مرتكبيها".
محمد بن نايف
الى ذلك، تحدث ولي العهد السعودي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز أمام الدورة السنوية للجمعية العمومية، فقال إن "الصراع في سوريا الشقيقة، الذي خلف مئات الآلاف من الضحايا والمصابين وشرد الملايين، يدعونا جميعاً إلى الإسراع في وضع حد لهذه المأساة الفظيعة التي لم يشهد التاريخ الحديث مثيلاً لها". وشدد على أنه "حان الوقت لإيجاد حل سياسي للأزمة يضمن وحدة سوريا ويحافظ على مؤسساتها من خلال تنفيذ مقررات جنيف 1". ولفت الى أن المملكة "فتحت أبوابها لإيواء مئات الآلاف من الشعب السوري الشقيق منذ بدء الأزمة، ليس بصفتهم لاجئين في مخيمات، بل تعاملت معهم من منطلقات أخلاقية وأخوية وإنسانية حفاظاً على كرامتهم وسلامتهم، ومنحتهم كل التسهيلات اللازمة، والرعاية الصحية المجانية، والانخراط في سوق العمل، والتعليم".
المستقبل :
طلبت واشنطن من موسكو منع تحليق طيران الأسد بعد الغارة التي استهدفت قافلة مساعدات إنسانية في ريف حلب، وسط اتهامات متبادلة أمام مجلس الأمن خلال اجتماعه الطارئ أمس لبحث تطورات الأزمة السورية، وفيما استهدفت أكثر من مئة غارة جوية لطيران روسيا والأسد مدينة حلب وريفها وأسفرت إحداها عن مقتل متطوعين طبيين، أعلنت موسكو دفع حاملة طائرات إلى شرق المتوسط، لتعزيز وجودها العسكري في المنطقة.
وبعد يومين على انهيار الهدنة وصلت الاتصالات الديبلوماسية الى الحائط المسدود وبدت العلاقات الأميركية ـ الروسية بالنسبة الى الملف السوري أكثر تأزماً من أي وقت مضى.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون خلال افتتاح جلسة مجلس الأمن إن العالم «يواجه لحظة حاسمة» في الحرب السورية، داعياً دول العالم الى استخدام نفوذها للمساعدة في استئناف المحادثات السياسية بين السوريين والسماح لهم «بالتفاوض للخروج من الجحيم الذي وقعوا فيه».
وقال وزير الخارجية الأميركي جون كيري في كلمته «إنها ساعة الحقيقة بالنسبة لروسيا والمعارضة والمجتمع الدولي» مضيفاً «الأمر ليس عبارة عن مزحة إنها مسألة خطيرة» قبل أن يتساءل بسخرية ما إذا كان هو ونظيره الروسي سيرغي لافروف يعيشان «في عالمين متوازيين». وطالب روسيا بإجبار بشار الأسد على «منع تحليق طائراته» العسكرية و»منعه» من قصف المعارضة والمدنيين في حلب.
ووجه كيري أصابع الاتهام الى روسيا وسوريا عندما وصف «بالخرق الفاضح للقانون الدولي» الهجوم الذي استهدف الاثنين قافلة إنسانية للأمم المتحدة ما أدى الى مقتل نحو عشرين شخصاً، وغارة أخرى مساء الثلاثاء على سيارتي إسعاف أوقعت أربعة قتلى.
وكان مستشار الأمن القومي الأميركي في البيت الأبيض بن رودس قال الثلاثاء إن «كل المعلومات المتوفرة لدينا تشير بوضوح الى أن هذه كانت ضربة جوية» وبالتالي فإن المسؤول عنها «لا يمكن أن يكون إلا أحد كيانين: إما النظام السوري وإما الحكومة الروسية».
ودعا لافروف لإجراء «تحقيق مستفيض ومحايد» في الهجوم على قافلة المساعدات الإنسانية. وقال أمام مجس الأمن إن اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم بوساطة مشتركة مع الولايات المتحدة في التاسع من أيلول لن يكون ممكناً تنفيذه إلا بنهج شامل يتضمن خطوات متزامنة من جانب جميع الأطراف الضالعة في الحرب. وإلا فإن شيئاً لن يحدث. ولن يكون هناك أي وقف (للقتال) من جانب واحد«.
وردت وزارة الخارجية الروسية على الاتهامات الأميركية بشأن قافلة المساعدات بالقول إنها «تابعت باستياء وغضب (...) محاولات بعض حماة الإرهابيين واللصوص إلقاء اللوم» على الطيران الروسي والسوري، وزعمت أن طائرة أميركية من دون طيار كانت في المنطقة التي هوجمت فيها القافلة.
لكن المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) الكابتن جيف ديفيس قال «نستطيع أن نؤكد أن أياً من طائراتنا ـ مع أو بدون طيار، أميركية أو تابعة لقوات التحالف ـ لم تكن على مقربة من حلب عندما تعرضت القافلة الإنسانية للقصف».
كما قررت روسيا إرسال حاملة طائرات الى المتوسط لتعزيز قدراتها العسكرية في سوريا، حسب ما نقلت وكالات الأنباء الروسية عن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو أمس.
وقال الوزير في لقاء نقله التلفزيون إنه سيتم إرسال حاملة الطائرات «أميرال كوزينتسوف» للانضمام الى السفن الحربية الروسية المنتشرة في المنطقة. وقال «حالياً ننشر ست سفن حربية وثلاث أو أربع سفن إمداد في شرق البحر المتوسط». وأضاف «لتعزيز قدراتنا العسكرية سنرسل حاملة الطائرات أميرال كوزينتسوف لتنضم الى المجموعة»، من دون أن يكشف عن موعد ذلك.
ودعا وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت أمام مجلس الأمن، الى فرض عقوبات على منفذي هجمات كيميائية في سوريا، واقترح آلية مراقبة لوقف إطلاق النار.
وقال الوزير الفرنسي «لا يمكن السكوت عن أي جريمة ولو على حساب تهدئة. لا يوجد سلام ما دام هناك إفلات من العقاب، وعلى مجلس الأمن أن يتحرك تحت الفصل السابع لإدانة هذه الهجمات ومعاقبة فاعليها».
وأوضح أن تقريراً للأمم المتحدة سبق وحمّل النظام السوري مسؤولية شن هجومين بالسلاح الكيميائي في شمال سوريا عامي 2014 و2015. وتضمن هذا التقرير أيضاً اتهاماً لتنظيم الدولة الإسلامية باستخدام الأسلحة الكيميائية.
واعتبر الأمين العام للأمم المتحدة أن العالم يواجه «لحظة حاسمة» في الحرب السورية في وقت استهدفت عشرات الغارات مدينة حلب وريفها أسفرت إحداها عن مقتل أربعة عاملين طبيين.
وقال بان في مستهل الجلسة إن العالم «يواجه لحظة حاسمة» في الحرب السورية، داعياً دول العالم الى استخدام نفوذها للمساعدة في استئناف المحادثات السياسية بين السوريين والسماح لهم «بالتفاوض للخروج من الجحيم الذي وقعوا فيه». يأتي هذا الاجتماع بعد يومين على إعلان الجيش السوري انتهاء هدنة استمرت أسبوعاً بموجب اتفاق أميركي - روسي، وتعرض مناطق سورية عدة أبرزها مدينة حلب وريفها لغارات كثيفة مستمرة.
وفي سياق متصل، أفاد المكتب الإعلامي للشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة في بيان بأنه «أعيد العمل بتحضير هذه القوافل الآن، ونحن مستعدون لتقديم المساعدات الى المناطق المحاصرة وتلك التي يصعب الوصول اليها في أقرب وقت ممكن». وتابع البيان «تواصل الأمم المتحدة الدعوة إلى الوصول الآمن وغير المشروط، غير المقيد والمستمر» لمساعدة السوريين «أينما كانوا».
ومنذ إعلان انتهاء الهدنة، تتعرض مناطق سورية عدة أبرزها مدينة حلب وريفها في شمال البلاد لغارات كثيفة في اليومين الأخيرين. وتسببت إحدى هذه الغارات ليل الثلاثاء ـ الأربعاء وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان بمقتل أربعة كوادر طبية في بلدة خان طومان في ريف حلب الجنوبي.
الديار :
هل يملأ الشارع الفراغ السياسي؟ وهل فقد المسؤولون القدرة على ابتكار الحلول وتدوير الزوايا عبر الحوارات السياسية، ففضلوا الشارع لعله يفتح مساراً جديداً في الاوضاع، يبدّل الصورة السياسية الحالية. فالعونيون اعلنوا «حرب الميثاقية» ولن يبدّلوا ولن يتراجعوا، وحددوا خارطة طريق لتحركاتهم تبدأ في 28 أيلول وتنتهي في 13 تشرين الاول وما بينهما من تحركات يومية، والساحة الاساسية هي الشارع، وقد تستمر التحركات الى ما بعد 13 تشرين اذا بقيت «اصواتهم» من دون صدى. وفي المقابل تداعت الاتحادات العمالية الى الاعلان عن سلسلة اضرابات وتظاهرات وصولاً الى اضراب مفتوح وشامل وقطع للطرقات وشل البلد في حال لم ترد الدولة على مطالبهم المحقة باقرار سلسلة الرتب والرواتب ووقف التلزيمات في ادارة الميكانيك لصالح شركة خاصة، ورغم ان بعض «الخبثاء» شككوا بالتوقيت، ووضعوه في خانة الصراع السياسي القائم في البلاد حول ملف رئاسة الجمهورية وتحديداً بين الرئيس بري والعماد عون، فان قيادات في الاتحادات العمالية وصفت هذه التسريبات بـ«نعوت مختلفة» وغير الواقعية في ظل تأكيد القيادات العمالية، ان تحركاتها معلنة ومنذ شهرين وقبل «الاعلان العوني» بالنزول الى الشارع، لكن هناك من يعتبر ان توقيت اعلان رئيس نقابة السائقين العموميين بسام طليس المقرب من الرئيس نبيه بري عن سلسلة تحركات شاملة في 28 أيلول ليس بريئاً. وقد اعلن طليس عن تحركات واسعة واكبر عملية قطع للطرقات الاربعاء المقبل في 28 ايلول وعلى امتداد الاراضي اللبنانية تحديداً على الطرقات الدولية، على أن تستمر الخطوات تصعيدية اذا لم يتجاوب المسؤولون للمطالب. وفي نفس اليوم في 28 ايلول يوم الاربعاء يستعد العونيون «للساحات» التي تعرفهم منذ 2005، وسيقوم التيار بتظاهرة عونية حاشدة في 13 تشرين الاول وستكون مفاجأة للجميع وستتضمن كلاماً شاملاً للعماد عون عنوانه «لا تراجع الى الوراء».
وفي ظل هذه الاجواء المتشنجة وخوفا من وقوع المحظور فان اتصالات بدأت لتدارك ما يمكن ان يحصل في 28 ايلول، خصوصاً ان الاجهزة الأمنية ابلغت الجميع رفضها لاستخدام الشارع في ظل ما تشهده البلاد من نشاط لخلايا ارهابية نائمة بدأ يرصد في الايام الماضية.
وهذه الخشية الأمنية من استخدام الشارع تقلق حزب الله، وهو أبلغ العماد عون مباشرة عبر قنوات الاتصال اليومية، انه ضد استخدام الشارع ولن يشارك بالتحركات العونية وبالتظاهرة المركزية يوم 13 تشرين اول وقبلها، والحزب مع بقاء الاوضاع الداخلية مستقرة، كما أبلغ الحزب العماد عون تمسكه بالحكومة وبعملها.
وفي هذا الاطار ابلغت القوات اللبنانية عبر قنوات التواصل ايضا العماد عون عدم المشاركة في التحركات العونية في ظل الحذر من استخدام الشارع في هذه الظروف، وعدم القناعة بامكانية احداث «فتوحات» من خلال الشارع.
وتؤكد مصادر متابعة «ان ابواب الاتصالات مفتوحة لتجاوز يوم الاربعاء في 28 ايلول والابتعاد عن اي اجراء يمكن ان يؤدي الى تعطيل حياة الناس في ظل الاوضاع الاقتصادية التي يعيشونها.
بري: «النقار والسجالات لا تفيد»
وفي هذا المجال حذّر الرئيس نبيه بري من استخدام الشارع وأبدى مخاوفه من هذا الامر، وقال: «كنا ماشيين بالحل ونحاول التقدم من خلال الحوار للوصول الى نتائج» وفجأة تم التعطيل وسأل «لمصلحة مَن توقف الحوار و«النقار» والسجالات وفي هذه الحالة البلد الى أين؟» وجدد التأكيد أن الشارع لا يؤدي الى نتيجة ومهما حصل سنعود في النهاية الى الطاولة.
والتحذير من الشارع عبّر عنه النائب وليد جنبلاط مؤكداً ان «هذا الخيار لا ينتج حلولا» كما ان القوات اللبنانية تحاذر «لعبة الشارع».
في 28 ايلول سيكون هناك «شارع سياسي» يمثله العماد عون وبالمقابل شارع نقابي، مدعوم من قوى سياسية واتحادات عمالية، وابواب الاتصالات مفتوحة لتدارك الامور وعدم استخدام الشارع في الصراع السياسي.
التمديد لقائد الجيش في 29 ايلول
وفي ظل هذه الأجواء، فان موعد تسريح قائد الجيش العماد جان قهوجي ورئيس الاركان اللواء وليد سليمان في 30 ايلول بات قريباً. ولذلك وحسب المعلومات، يصر الرئيس نبيه بري على عقد اجتماع للحكومة لاقرار التمديد ومنع اي فراغ في المؤسسة العسكرية.
وفي المعلومات، ان الرئيس سلام سيدعو لجلسة للحكومة يوم الخميس المقبل في 29 ايلول وسيقاطعها العونيون، لكن النصاب يتأمن في حضور وزراء حزب الله والمردة وسيطرح موضوع تعيين قائد جديد للجيش، وكذلك تعيين رئيس للاركان، وسيطرح وزير الدفاع سمير مقبل اسماء 3 ضباط لتولي قيادة الجيش واذا تأمن ثلثي اعضاء مجلس الوزراء يتم التعيين، وفي حال عدم التعيين فان الوزير مقبل سيتخذ القرار حسب صلاحياته الدستورية ويعلن التمديد لقائد الجيش، اما بالنسبة لرئيس الاركان فاذا تعذر تأجيل تسريح رئيس الاركان فقال الوزير سمير مقبل بعد زيارته للرئيس ميشال سليمان «الحل موجود وأعدكم انه في 29 ايلول الساعة 12 منتصف الليل ستكون كل العملية محلولة».
وعلم ان الوزير سمير مقبل سيتقدم بثلاثة اسماء لتولي رئاسة الاركان وهم العمداء حاتم ملاك، مروان حلاوي، وامين ابو مجاهد، وان الامور رست على العمد حاتم ملاك المدعوم من قبل النائب جنبلاط، لكنه في حال تعذر التعيين فالمخرج موجود. واشارت معلومات مؤكدة ان جنبلاط وضع في تفاصيله ونال موافقته
الجمهورية :
حال البلد تتقلّب بين الهبّة الباردة والهبّة الساخنة، السياسة معتلّة بتعقيداتها المتراكمة على مدار الساعة، ورئاسة الجمهورية ضائعة بوعود يقطعها البعض، ويتمّ التأكيد على انها لم تفقد صلاحيتها على رغم انها لم تَصدق بعد، وبـ«تفاؤل» يصعد تارة ويهبط تارة أخرى من هناك، وفي اليد تلويح بورقة الشارع، وبتشكيك اكبر من هنالك يخشى فيه المشككون من التداعيات.
السائقون حرّكوا الشارع احتجاجاً على رسوم المعاينة الميكانيكية، وأطلقوا بالشلل الجزئي لمفاصل العاصمة، ما يُشبه الانذار المبكر لتصعيد أكبر في الآتي من الايام، في وجه «الشاحنات السياسية» «المعطّلة» بحمولتها الزائدة من الكيديات والتناقضات، والمعطِّلة معها، كل الآمال وحتى التمنيات ببلوغ مخارج وحلول.
المجلس والحكومة أمام اختبار
وها هو المجلس النيابي المقفل أمام اختبار إعادة فتحه بجلسة تشريعية بمن حضر في الثلث الاخير من تشرين الاول، بعد دخول المجلس عقد الانعقاد العادي اعتباراً من الثلثاء 18 تشرين الأول، وقد أوعز رئيس مجلس النواب نبيه بري الى الدوائر المجلسية بإعداد العدّة لجلسة تشرين الأول وتحضير جدول الاعمال المتضمن بنوداً ملحّة وضرورية على حد وصفه. وسَتلي هذه الجلسة جلسة انتخابية يعقدها المجلس بغية التجديد لاعضاء لجانه النيابية واعضاء هيئة مكتبه باستثناء الرئيس ونائب الرئيس.
وها هي الحكومة امام اختبار إعادة لملمتها بعد «الرصاصة العونية» التي اصابتها، لكنّ العبرة تبقى في تمكّن مكوناتها من ايجاد الوصفة المناسبة لترميم الحكومة. علماً انّ الخطوة الاولى على طريق إنعاش الحكومة هي في يد رئيسها تمام سلام، وتتمثل بمبادرته الى دعوة مجلس الوزراء الى استئناف جلساته.
التمديد لقهوجي
وفيما جزمت مصادر وزارية بأنّ رئيس الحكومة تمام سلام سيبادر بعد عودته من نيويورك في الساعات المقبلة الى دعوة مجلس الوزراء الى الانعقاد يوم الخميس المقبل، لبحث جدول الاعمال المؤجل من الجلسة الاولى التي غاب عنها وزراء «التيار الوطني الحر» و»الطاشناق» بالاضافة الى بعض البنود التي استجدّت، ينتظر ان يُشكّل موضوع تأخير تسريح قائد الجيش العماد جان قهوجي بندا أساسيا في هذه الجلسة - اذا عقدت - على ان يليها صدور قرار عن وزير الدفاع سمير مقبل بتمديد ولاية قهوجي حتى 30 أيلول 2017. وحتى لو لم تعقد، فسيبادر مقبل الى إصدار قرار التمديد لقائد الجيش.
وقال مقبل انه سيطرح هذا الموضوع في مجلس الوزراء، لافتاً الى انّ «استحقاق نهاية ولاية قائد الجيش ورئيس الاركان اللواء الركن وليد سلمان في 29 ايلول (الساعة الثانية عشرة ليلاً)، وآخر جلسة لمجلس الوزراء قبل نهاية الولاية ستكون يوم 29 الجاري، والموضوع يعود الى رئيس الحكومة».
وأضاف: «اذا دعا رئيس الحكومة الى جلسة لمجلس الوزراء سأعمد الى طرح تعيين قائد الجيش ورئيس الاركان، فإذا تأمّن ثلثا اعضاء مجلس الوزراء يقرّ التعيين ونكون قد حَلّينا المشكلة، واذا لم يحصل التعيين ولم ينل الثلثين لا قائد الجيش ولا رئيس الاركان، حينها كوزير للدفاع سأستعمل صلاحياتي بناء على مسؤولياتي الوطنية وسأتخذ القرار المناسب».
بري
رئاسياً، كرر رئيس المجلس النيابي نبيه بري التأكيد على التفاهمات السياسية لتعبيد الطريق امام رئاسة الجمهورية، فيما اكدت اوساط قريبة موقفه هذا في سياق العودة الى التفاهم على «السلة» التي طرحها، وتحديداً على ما بعد رئاسة الجمهورية، أي قانون الانتخاب، وكل ذلك قد يشكّل البند الاساس في المرحلة المقبلة.
الملف الرئاسي
وحضر الملف الرئاسي في اللقاءات التي اجراها سلام في نيويورك ولا سيما مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، بالتوازي مع حديث غير مؤكد عن جهود روسية وفرنسية مع الجانب السعودي ربطاً بالاستحقاق الرئاسي اللبناني. وقال سلام: «هناك جهود كبيرة تصبّ في ملف الرئاسة لكن لا شيء جديداً أو ملموساً يؤشّر بأنّ الموضوع أصبح بمتناول اليد».
وقالت مصادر سلام لـ»الجمهورية» إنّ لافروف أبدى خلال اللقاء مع رئيس الحكومة تفهماً لحاجة لبنان لإنتخاب رئيس للجمهورية، لافتاً الى أنّ جميع الدول المؤثرة في الأزمة السورية ومنها روسيا حريصة على إبقاء لبنان خارج دائرة الخطر على أمنه الداخلي وحدوده وهي متيقظة لأي خطر يمكن أن يتعرّض له، وهذا أمر لا يُعفي اللبنانيين من مسؤولياتهم تجاه الحفاظ على الإستقرار الداخلي وبناء مؤسسات قوية في لبنان.
امّا في الداخل، فإنّ ابرة البوصلة الرئاسية لم تستقر بعد على الاتجاه الذي سترسو عليه، على رغم «انّ الخيارات محدودة»، على حد تعبير وزير الداخلية نهاد المشنوق، الذي اكد بالأمس «انّ الوقت لا يعمل لصالح لبنان، ومن هنا الحاجة الملحّة لانتخاب رئيس للجمهورية».
موقف «المستقبل»
يأتي كلام المشنوق غداة موقف كتلة «المستقبل» الذي اعاد التأكيد على تبنّي ترشيح رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية، واللافت انّ صراحة هذا الموقف لم تبد كافية لكي يعتبر موقفها هذا موقفاً نهائياً لا رجعة عنه.
وفي هذا السياق، أدرجت جهات سياسية موقف الكتلة في خانة «الموقف الداخلي»، والغاية منه محاولة احتواء جمهور تيار»المستقبل» الذي يتجاذبه ما يشاع عن تحوّل في موقف الرئيس سعد الحريري لناحية التخلّي عن فرنجية وتبنّي ترشيح رئيس تكتل «التغيير والاصلاح» النائب ميشال عون. فيما وصفته مصادر سياسية اخرى بأنه موقف موقت قابل للتطوير اكثر والتحوّل جذرياً، وذلك ربطاً بالنتائج النهائية للحوار الرئاسي بين الحريري وعون.
واللافت للانتباه انّ مقاربة «التيار الوطني الحر» لموقف «المستقبل»، جاءت بطريقة «صمّ الأذن»، وكأنه لم يسمع به، لأنّ ما يعنيه هو الوقائع المحيطة بـ»الحوار الرئاسي»، التي هي اصدق من كل كلام يقال خارج جدران هذا الحوار، ويفترض ان تؤكد ذلك الخطوات المنتظرة من الحريري في الايام المقبلة. واللافت ايضاً انّ في «التيار» من بات مقتنعاً انّ هناك ممراً إلزامياً لا بدّ للحريري ان يعبره، هو الممر السعودي، قبل اتخاذ قراره النهائي.
اللواء :
تنفّس الوضع اللبناني على وقع لقاءات نيويورك التي أجراها الرئيس تمام سلام مع عدد من زعماء العالم ووزراء خارجية الدول الأعضاء في مجلس الأمن، وعلى ايضاحات ايحاءات وتأويلات الأسبوع الماضي، في ما خص الاستحقاق الرئاسي، حيث اكّد مصدر نيابي في كتلة المستقبل ان بيان الكتلة الأخير وضع حداً لسائر التلميحات والتوهمات في ما خصَّ تبني ترشيح النائب ميشال عون للرئاسة الأولى، ولجهة تأكيدها على خيارها بترشيح النائب سليمان فرنجية الذي رأى فيه المصدر انه الخيار الأسلم للخروج من الأزمة الراهنة.
وأشار هذا المصدر إلى ان ترشيح النائب فرنجية لم يكن الخيار المفضل، لكنه الواقعي لإنهاء الشغور الرئاسي، وكلّف التيار محاولات للاستقطاب، وحملات فضحت الذين وقفوا وراءها، ولا حاجة بالتالي لخطوات غير مضمونة النتائج.
ومع هذا التقييم في بيروت، فإن مرارة وإحباط يحيطان بنشطاء التيار العوني، ونواب تكتل الإصلاح والتغيير الذين يشعرون ان «تكتلهم محاصر» من أكثر من جهة، سواء من الحلفاء أو الخصوم.
ولا يُخفي القيادي في التيار الوطني الحر الوزير السابق ماريو عون، ان التيار اليوم امام انتظار لما تحمله الساعات الـ48 المقبلة، في ضوء ما يتردد عن عودة الرئيس سعد الحريري.
وقال عون لـ«اللواء»: «بعد ذلك يمكن ان تتبلور حلول ولو بنسبة ضئيلة، أو يتم السير بالتصعيد الذي قرره التيار، ومن المرتقب ان يكون كبيراً».
وفيما قالت المصادر العونية ان الرئيس الحريري كان متوقعاً ان يعود إلى بيروت أمس، نافية «ان يكون التيار العوني سيقوم بحملة على «تيار المستقبل» أو على الرئيس الحريري شخصياً، اشارت إلى ان صقور «المستقبل» يشنون حملة على «التيار الوطني الحر».
وإذ نفت المصادر العونية أي رغبة بقيام تصادم مع الرئيس برّي، وأن ما يجري ترداده في الدوائر الإعلامية لا يسهل الحلول، ألمحت إلى ان التيار ما يزال في مرحلة الترقب، وأن لا جديد لجهة مقاطعة جلسات مجلس الوزراء، أو الاعتراض على التمديد أو المطالبة بقانون جديد للانتخابات على أساس النسبية.
بالمقابل، قالت مصادر نيابية مسيحية لـ«اللواء» ان الاتصالات التي تجريها لجان التنسيق المشكلة للتحضير للتحركات في الشارع، مع القوى المسيحية، لا تلاقي تشجيعاً، نظراً للأوضاع المعقدة التي تمر بها البلاد، بدءاً من النفايات المتراكمة في الشوارع إلى الحفريات.
واستدلت هذه المصادر، على حالة الاحتقان في الشارع، في ضوء تحرك أصحاب الشاحنات ونقابات قطاع النقل البري، التي جمّدت حركة السير وبدت الشوارع مقفلة، ولم يتمكن الموظفون واصحاب المصالح من القيام بأي عمل، وهذا من شأنه ان يرتد سلباً على تحركات التيار العوني إذا ما تكررت التجربة وعلى المجتمع المسيحي ككل، وفقاً لهذه المصادر.
ولاحظت مصادر أمنية، رفضت الكشف عن هويتها ان تزامن التحرّك العوني مع عودة قطاع النقل البري إلى الشارع في 28 الجاري حيث موعد الجلسة 45 لانتخاب رئيس جديد للجمهورية من شأنه أن يفرض إجراءات أمنية غير مسبوقة، قد تؤدي إلى إعلان حالة طوارئ بصورة غير مباشرة.
وفيما كرّر الرئيس نبيه برّي دعوته إلى تعبيد الطريق إلى بعبدا على تفاهمات واضحة، بدل المتاهات وبعيداً من الصخب والضوضاء (في إشارة إلى حركة الشارع)، ومن دون طرح أية أسماء، مشدداً على السير في خيار جلسات التشريع التي لا تحتاج إلى نصاب الثلثين، وألا فمن أراد أن يُشارك فليشارك ومن أراد أن يتخلّف فليتحمّل هو خيار تخلّفه.
نيويورك: رئاسة لبنان على الرف
وبصرف النظر عن لعبة الوقت، المرتبطة بمسارات الحرب السورية، بين الهدنة ووقف لنار، وإعادة تنظيم قواعد الاشتباك، بعدما أصبحت الدول الكبرى، كروسيا والولايات المتحدة الأميركية والدول الإقليمية من بينها تركيا وإيران وإسرائيل تتبادل الرسائل على أرض المعارك من الشمال إلى الجنوب السوري، مروراً بحلب وحمص وأرياف دمشق، تحدثت مصادر دبلوماسية عن جهود دولية تُبذل لفصل أزمة الرئاسة في لبنان عن التداعيات السورية.
وأشارت هذه المصادر إلى أن الجهود التي تُبذل، نجحت إلى حدّ بعيد في الحدّ من أي محاولة للعب بالاستقرار الأمني، أو الاستقرار السياسي والاقتصادي، مما يشجّع على استكمال هذه الجهود في انتخاب رئيس قد يكون من خارج نادي الأربعة الأقوياء الذين رشحتهم إجتماعات بكركي قبل سنتين ونيّف.
وفي نيويورك، أكد مصدر دبلوماسي لبناني لـ«اللواء» أن ملف الرئاسة الأولى ما يزال على الرف، وأن عواصم القرار العالمي منهمكة في إعداد الترتيبات الخاصة للوضع السوري ضمن حزمة تفاهمات، تشمل دول الشرق الأوسط ككل، ومن بينها لبنان في مرحلة لاحقة.
ومع أن الرئيس سلام يحرص على عدم إقحام الوضع الداخلي اللبناني، باستثناء حثّ الدول على المساعدة في موضوع انتخاب رئيس للجمهورية ليتمكّن من مواجهة باقي الأزمات، وفي مقدمها أزمة النزوح السوري، لكنه رداً على سؤال لـ«اللواء» قال: «هناك جهود كبيرة تُبذل وتصب في هذا الموضوع، ولكن ليس هناك اي خرق او اي شيء ملموس يؤشر ان الامر اصبح في متناول اليد مع املنا بحصول ذلك.
وعن الموضوع الداخلي وامكانية عقد جلسة لمجلس الوزراء قال الوضع الداخلي اللبناني نتحدث فيه في لبنان.
وعن لقائه مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قال الرئيس سلام: اللقاء مع لافروف يأتي في اطار التواصل مع كل القيادات الموجودة في نيويورك، وهو يتحمل مسؤوليات كبيرة ويقوم بدور كبير في كافة القضايا واهمها الوضع في سوريا، وكانت فرصة اكد الوزير لافروف على اهمية ضرورة تمتين المسار اللبناني ودور المؤسسات والاتجاه لانتخاب رئيس للجمهورية واعرب ان روسيا تهتم جدا بلبنان وهي لم توفر جهداً لمساعدة لبنان.واطلعنا لافروف على بعض المواقف والتحركات التي تقوم بها روسيا وتمنى ان يتفهم الجميع دقة المرحلة وصعوبتها.
وأشار سلام الى أن كل اللقاءات تصب في اطار السعي لتمتين الوضع الداخلي اللبناني، وهناك اهتمام بالموضوع الرئاسي الذي اصبح موضوعاً ملحاً وضاغطاً وهو محل اهتمام كل الدول والقادة وليس هناك اي معطيات ملموسة يبنى عليها ولكن الجهود مستمرة.
وفي تطوّر عسكري آخر، بدأ آمس، قائد العمليات الخاصة في القيادة الاميركية الوسطى اللواء دارسي روجرز زيارة إلى لبنان تستمر 3 أيام، للوقوف على التنسيق القائم مع الجيش اللبناني، لا سيما التعاون في مجال التدريب، وقال روجرز في كلمة لدى حضوره دورة تدريبية لوحدات من المكافحة والمغاوير «أن زيارته إلى لبنان تنمّ عن دعم الولايات المتحدة المستمرة للجيش اللبناني، وهو التزام بأمن هذا البلد».
تجنب اللائحة السوداء
وفي مجال مالي - دولي، واستباقاً لجلسات التشريع التي يزمع الرئيس بري عقدها، تتجه الحكومة اللبنانية للمشاركة في المنتدى الدولي حول الشفافية وتبادل المعلومات، لغايات ضريبية، والتابع لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنموي (OCDE) في باريس، بين 26 و30 أيلول الجاري.
وستشارك لجنة مؤلفة من وزارات المال والعدل، ومصرف لبنان في اجتماعات المنتدى لتجنب وضع لبنان على اللائحة السوداء للدول التي تعتبر من الملاذات الضريبية في العالم، ومن هذه الدول باناما وفاناداتو وهي جزيرة في ارخبيل يقع جنوب المحيط الهادئ.
ويشرح الوفد اللبناني سلسلة التشريعات التي اقرت العام الماضي والمتعلقة بالتصاريح عن الاموال المنقولة بين الحدود والقوانين المتعلقة بمكافحة التهرب الضريبي، وذلك على الرغم من الشغور الرئاسي.
وقال مصدر مالي ان الحكومة ومصرف لبنان وجمعية المصارف تبذل جهوداً حثيثة لتجنب لبنان تجرع الكأس المرة لوضعه على اللائحة السوداء.
وأشار هذا المصدر الى ان مجلس النواب بصدد دراسة اي مشاريع جديدة في اطار الالتزام بقواعد الشفافية الدولية.
تحرك السائقين
وفي اطار التحركات النقابية اعتصم السائقون العموميون امام السراي الحكومي في ساحة رياض الصلح في بيروت، تنفيذاً لقرار اتحادات ونقابات قطاع النقل البري للمطالبة بالغاء تلزيم المعاينة الميكانيكية ورفض رفع الرسوم وضرورة اقرار خطة لتنظيم النقل.
وتوجه السائقون بسياراتهم من ساحة الكولا الى ساحة رياض الصلح، سالكين شارع مار الياس ومنطقة زقاق البلاط، وانضم اليهم في مكان الاعتصام سائقو الصهاريج في لبنان الذين ركنوا آلياتهم في شارع المصارف ما تسبب باقفال الطريق.
وأكد نقباء قطاعات النقل البري التحضير لاضراب شامل، والغاء تلزيم الميكانيك.