طلبت واشنطن من موسكو منع تحليق طيران الأسد بعد الغارة التي استهدفت قافلة مساعدات إنسانية في ريف حلب، وسط اتهامات متبادلة أمام مجلس الأمن خلال اجتماعه الطارئ أمس لبحث تطورات الأزمة السورية، وفيما استهدفت أكثر من مئة غارة جوية لطيران روسيا والأسد مدينة حلب وريفها وأسفرت إحداها عن مقتل متطوعين طبيين، أعلنت موسكو دفع حاملة طائرات إلى شرق المتوسط، لتعزيز وجودها العسكري في المنطقة.

وبعد يومين على انهيار الهدنة وصلت الاتصالات الديبلوماسية الى الحائط المسدود وبدت العلاقات الأميركية ـ الروسية بالنسبة الى الملف السوري أكثر تأزماً من أي وقت مضى.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون خلال افتتاح جلسة مجلس الأمن إن العالم «يواجه لحظة حاسمة» في الحرب السورية، داعياً دول العالم الى استخدام نفوذها للمساعدة في استئناف المحادثات السياسية بين السوريين والسماح لهم «بالتفاوض للخروج من الجحيم الذي وقعوا فيه».

وقال وزير الخارجية الأميركي جون كيري في كلمته «إنها ساعة الحقيقة بالنسبة لروسيا والمعارضة والمجتمع الدولي» مضيفاً «الأمر ليس عبارة عن مزحة إنها مسألة خطيرة» قبل أن يتساءل بسخرية ما إذا كان هو ونظيره الروسي سيرغي لافروف يعيشان «في عالمين متوازيين». وطالب روسيا بإجبار بشار الأسد على «منع تحليق طائراته» العسكرية و»منعه» من قصف المعارضة والمدنيين في حلب.

ووجه كيري أصابع الاتهام الى روسيا وسوريا عندما وصف «بالخرق الفاضح للقانون الدولي» الهجوم الذي استهدف الاثنين قافلة إنسانية للأمم المتحدة ما أدى الى مقتل نحو عشرين شخصاً، وغارة أخرى مساء الثلاثاء على سيارتي إسعاف أوقعت أربعة قتلى.

وكان مستشار الأمن القومي الأميركي في البيت الأبيض بن رودس قال الثلاثاء إن «كل المعلومات المتوفرة لدينا تشير بوضوح الى أن هذه كانت ضربة جوية» وبالتالي فإن المسؤول عنها «لا يمكن أن يكون إلا أحد كيانين: إما النظام السوري وإما الحكومة الروسية». 

ودعا لافروف لإجراء «تحقيق مستفيض ومحايد» في الهجوم على قافلة المساعدات الإنسانية. وقال أمام مجس الأمن إن اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم بوساطة مشتركة مع الولايات المتحدة في التاسع من أيلول لن يكون ممكناً تنفيذه إلا بنهج شامل يتضمن خطوات متزامنة من جانب جميع الأطراف الضالعة في الحرب. وإلا فإن شيئاً لن يحدث. ولن يكون هناك أي وقف (للقتال) من جانب واحد«.

وردت وزارة الخارجية الروسية على الاتهامات الأميركية بشأن قافلة المساعدات بالقول إنها «تابعت باستياء وغضب (...) محاولات بعض حماة الإرهابيين واللصوص إلقاء اللوم» على الطيران الروسي والسوري، وزعمت أن طائرة أميركية من دون طيار كانت في المنطقة التي هوجمت فيها القافلة. 

لكن المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) الكابتن جيف ديفيس قال «نستطيع أن نؤكد أن أياً من طائراتنا ـ مع أو بدون طيار، أميركية أو تابعة لقوات التحالف ـ لم تكن على مقربة من حلب عندما تعرضت القافلة الإنسانية للقصف».

كما قررت روسيا إرسال حاملة طائرات الى المتوسط لتعزيز قدراتها العسكرية في سوريا، حسب ما نقلت وكالات الأنباء الروسية عن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو أمس.

وقال الوزير في لقاء نقله التلفزيون إنه سيتم إرسال حاملة الطائرات «أميرال كوزينتسوف» للانضمام الى السفن الحربية الروسية المنتشرة في المنطقة. وقال «حالياً ننشر ست سفن حربية وثلاث أو أربع سفن إمداد في شرق البحر المتوسط». وأضاف «لتعزيز قدراتنا العسكرية سنرسل حاملة الطائرات أميرال كوزينتسوف لتنضم الى المجموعة»، من دون أن يكشف عن موعد ذلك. 

ودعا وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت أمام مجلس الأمن، الى فرض عقوبات على منفذي هجمات كيميائية في سوريا، واقترح آلية مراقبة لوقف إطلاق النار.

وقال الوزير الفرنسي «لا يمكن السكوت عن أي جريمة ولو على حساب تهدئة. لا يوجد سلام ما دام هناك إفلات من العقاب، وعلى مجلس الأمن أن يتحرك تحت الفصل السابع لإدانة هذه الهجمات ومعاقبة فاعليها».

وأوضح أن تقريراً للأمم المتحدة سبق وحمّل النظام السوري مسؤولية شن هجومين بالسلاح الكيميائي في شمال سوريا عامي 2014 و2015. وتضمن هذا التقرير أيضاً اتهاماً لتنظيم الدولة الإسلامية باستخدام الأسلحة الكيميائية.

واعتبر الأمين العام للأمم المتحدة أن العالم يواجه «لحظة حاسمة» في الحرب السورية في وقت استهدفت عشرات الغارات مدينة حلب وريفها أسفرت إحداها عن مقتل أربعة عاملين طبيين.

وقال بان في مستهل الجلسة إن العالم «يواجه لحظة حاسمة» في الحرب السورية، داعياً دول العالم الى استخدام نفوذها للمساعدة في استئناف المحادثات السياسية بين السوريين والسماح لهم «بالتفاوض للخروج من الجحيم الذي وقعوا فيه». يأتي هذا الاجتماع بعد يومين على إعلان الجيش السوري انتهاء هدنة استمرت أسبوعاً بموجب اتفاق أميركي - روسي، وتعرض مناطق سورية عدة أبرزها مدينة حلب وريفها لغارات كثيفة مستمرة.

وفي سياق متصل، أفاد المكتب الإعلامي للشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة في بيان بأنه «أعيد العمل بتحضير هذه القوافل الآن، ونحن مستعدون لتقديم المساعدات الى المناطق المحاصرة وتلك التي يصعب الوصول اليها في أقرب وقت ممكن». وتابع البيان «تواصل الأمم المتحدة الدعوة إلى الوصول الآمن وغير المشروط، غير المقيد والمستمر» لمساعدة السوريين «أينما كانوا».

ومنذ إعلان انتهاء الهدنة، تتعرض مناطق سورية عدة أبرزها مدينة حلب وريفها في شمال البلاد لغارات كثيفة في اليومين الأخيرين. وتسببت إحدى هذه الغارات ليل الثلاثاء ـ الأربعاء وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان بمقتل أربعة كوادر طبية في بلدة خان طومان في ريف حلب الجنوبي.

وأحصى المرصد السوري «عشرات الغارات الروسية والسوية ليل الثلاثاء ـ الأربعاء على مدينة حلب وأطرافها الجنوبية الغربية».

وقال مراسل لـ«فرانس برس« في الأحياء الشرقية المحاصرة من قوات النظام في مدينة حلب إن أكثر من مئة غارة استهدفت المدينة وريفها بعد منتصف الليل حتى ساعات الفجر.

وتجددت الغارات بعد ظهر أمس على المدينة اثر توقفها بعد هطول المطر بغزارة صباحاً.

وأدى القصف على حي السكري في شرق مدينة حلب الى تدمير مبنى من ستة طوابق بالكامل.

وأحصى المرصد مقتل «11 مدنياً على الأقل بينهم طفلان جراء غارات للطائرات الحربية على أحياء الصالحين والمشهد والسكري والمواصلات» في شرق حلب.

وقتل 13 شخصاً على الأقل بينهم ثلاثة أطفال وأصيب 35 آخرون بجروح جراء صواريخ أطلقتها طائرات روسيا وبشار الأسد على مدينة شيخون في محافظة إدلب