لم يتلق باراك أوباما على امتداد ولايتيه من بنيامين نتنياهو سوى الخيبات والإهانات، ولم تتلق اسرائيل في تاريخها صفقة مساعدات أميركية قياسية في حجم تلك التي وقعها أوباما يوم 14 أيلول الجاري، ووصلت الى 38 مليار دولار في السنين العشر المقبلة.
لا يهمنا اذا كان الرئيس الاميركي قد تجرّع في نهاية عهده ما يبدو كأنه كأس السم، بعدما كان نتنياهو قد أهانه شخصياً في آذار من العام الماضي، عندما انتهك البروتوكول وذهب الى الكونغرس وألقى خطاباً دون دعوة من البيت الأبيض أو حتى مجرد التشاور مع أوباما.
ولا يهمنا ان يتجاوز أوباما كل الحملات الشرسة عليه في الصحف الاميركية التي أدارها اللوبي الصهيوني، يهمنا ان نتعلم دروساً من هذا الإنحياز الأميركي المشين والمستمر الى اسرائيل، وان نتذكّر مثلاً كل ما قاله أوباما عن القضية الفلسطينية منذ اليوم الأول لبداية عهده.
كانت مرحلة من الوهم والوعود الزهرية، عندما جاء الى القاهرة معلناً انه اختار ان يبدأ تطبيق شعار "التغيير" الذي شكل جوهر حملته الإنتخابية، من المنطقة عبر العمل لحلّ القضية الفلسطينية على أساس "رؤية الدولتين"، ثم الإنطلاق في عملية مصالحة تاريخية مع المسلمين، الذين طالما اعتبروا ان أميركا هي التي تحمي الإحتلال الاسرائيلي وتدمر كل الحلول و التسويات لإنهاء ازمة الشرق الاوسط.
لقد بدا وعده في ذلك الحين تاريخياً لكثيرين من الذين دغدغ أوهامهم ذلك الاسم: "باراك حسين أوباما"، وأذكر أنني كتبت مقالاً في زاويتي في "النهار" قلت فيه "لا تناموا على وسادة أبن حسين أوباما". وها نحن نودع أوباما أو هو يودعنا ملوحاً بالقلنسوة اليهودية: 38 ملياراً من الدولارات الى نتنياهو مكافأة له على كل الأراضي الفلسطينية التي هوّدها وعلى كل الحروب والإعتداءات التي نفذها ضد لبنان وغزة والضفة.
ولماذا كل هذا السخاء على رغم الأزمة الإقتصادية في أميركا؟
دعونا من التحليلات عن ان أوباما يشتري أصوات اليهود دعماً لهيلاري كلينتون، ولنستمع إليه كيف برر هذه المساعدات التي قال "إنها ستقدم مساهمة مهمة لأمن اسرائيل في جوار لا يزال خطيراً... كما انها ستساعد في ضمان قدرة اسرائيل على الدفاع عن نفسها في وجه التهديدات".
أين وجد أوباما ذلك الخطر في الجوار الإسرائيلي، في سوريا التي ساهم مع الروس في تدميرها، أو في العراق الذي كان جورج بوش قد دمره من قبل، أو في مصر التي بالكاد تتحمل مسؤوليات إطعام شعبها، أو في الخليج الغارق في مشاكله وأزمته النفطية، أو في لبنان الذي يذبح على نار سورية هادئة، وعلى رغم هذا خصص أوباما سبعة مليارات لـ"القبة الحديد" لمواجهة أي تهديد صاروخي من "حزب الله"؟