منذ حوالي سنة ونصف ذهب والد إيللا طنوس إلى وزير الصحة وائل أبو فاعور، وأطلعه على ما أصاب إبنته، فلم يتأخر في تقديم شكوى بالطبيب أمام القضاء وأرسل كتابًا حمل الرقم 8467/1/15 تاريخ 15 نيسان 2015، إلى المدعي العام التمييزي القاضي سمير حمود مرفقًا بالوثائق والفحوصات، بناء لتحقيقات الوزارة وطلب منه فتح تحقيق في الموضوع فتجاوب القاضي حمود فورًا وأرسل إلى نقابة الاطباء يطالبها بتقرير طبي بما حصل، قبل أن يعين لجنة وأبلغ أهل الطفلة انه لن يتهاون في هذا الموضوع مطلقًا.
واليوم يبدو أن مستشفى "المعونات" بات يتقن المُماطلة في قضية إيللا طنوس، ويصرّ على التهرّب من مسؤوليته في التسبّب ببتر أطراف الطفلة الأربعة، المثبتة بثلاثة تقارير طبيّة قدّمت إلى القضاء.
ردّ قاضي التحقيق في بيروت جورج رزق، أول من أمس، الدفوع الشكليّة المقدّمة من المدّعى عليهما الرهبانية اللبنانية المارونية، صاحبة مستشفى "المعونات"، و"أوتيل ديو"، في الدعوى الرقم 777/2015 المقامة ضدهما بـ"جناية وجنحة الإيذاء وبتر أطراف الطفلة إيللا طنوس".
وقد عيّن يوم 27 من أيلول الجاري موعد لجلسة تحقيق مع المدّعى عليهم، على أن يُحال الملف بعدها إلى النيابة العامة الإستئنافية لإبداء الرأي فيه، قبل صدور القرار الظني وبدء المحاكمة.
لا تستغرق هذه الآلية أكثر من شهرين على أبعد تقدير، لكن سياسة المماطلة التي تتبعها المستشفيات، ستطيل أمد النزاع، فبعد أقل من 24 ساعة على صدور القرار، وكما أفيد من معلومات فقد سارع مستشفى "المعونات" إلى إستئنافه، هربًا من التحقيق معه في جلسة 27 أيلول، ما يُبقي العدالة لـ"إيللا" مؤجلة إلى أجلٍ غير مسمى، وفي وقت إمتنع فيه "أوتيل ديو" عن ذلك، وسبقته الجامعة الأميركية في التنازل عن حقّها في تقديم "الدفوع الشكليّة".
وقد حصر مستشفى "المعونات" علاقته بالقضية ضمن فترة زمنيّة لا تتجاوز خمسًا وثلاثين ساعة أمضتها الطفلة في المستشفى، وركّزت على النتيجة (بتر الأطراف في مستشفى آخر)، متغاضيًا عن الأسباب (الإهمال والأخطاء الطبيّة الحاصلة عندها)، ورمى مسؤوليّة معالجتها على الطبيب عصام معلوف، منكرًا وجود أي تقصير أو إهمال من جانب الجسم التمريضي والطبي فيها.
لا تختلف خلاصة "الدفوع الشكليّة" المقدّمة من "أوتيل ديو" في 30/6/2016، عما أورده المستشفى الأول، إذ طلب رد الدعوى لكون فعل المدعى به (الإمتناع عن إغاثة مريض) لا يمثّل جرمًا معاقبًا عليه في القانون، لإنتفاء العناصر المادية والمعنوية عنه، فهي رأت أن الجهة المدعية كان تعلم عدم وجود أماكن لديها لإستقبال الطفلة.
تتزامن جلسة التحقيق في 27 أيلول المقبل مع إستعداد الطفلة إيللا طنوّس، التي حُرمت أطرافها الأربعة نتيجة الإهمال والأخطاء الطبيّة المرتكبة بحقها في كل من مستشفى المعونات وأوتيل ديو والجامعة الأميركيّة، لعمليّة تركيب أطراف اصطناعية سفليّة جديدة، على أن تُستتبع بجلسات علاج مكثفة في المستشفى والمركز التأهيلي والمنزل لمساعدتها على المشي في غضون ستة أشهر كحدّ أقصى.