يستمر الافق السياسي في لبنان مُغلق , تتجاذبه محاولات التمييع , وهذا دليل إضافي على أن الحلول التي طُرِحت وتطرح لم تنضج بعد , بل إن الحلول الداخلية ليست جديّة بانتظار ما ستؤول إليه الاجندات الاقليمية , التي سلبت الارادة من المسؤولين اللبنانيين , حتى باتت كدُمى تلعب بها الاهواء , والمصالح الشخصية , فتميلُ كل يوم حسب الرياح الاقليمية والدولية , وهذا يعني أيضا وبكل وضوح أن المسؤولين اللبنانيين لا يملكون حلا لمشاكل لبنان ولا لأي ملف سياسي وعلى راسهم الملف الرئاسي , لانهم فاقدو الحرية بالكامل .
عندما تُعطي أو تسلّم قرارك السياسي للخارج فمن الطبيعي أن تصل إلى هذا المستوى من الانهيار على الصعد كافة , والانكى من ذلك هو أن القيادات اللبنانية لا تعترف بأن الحل في لبنان موجود في الخارج , فلذلك تراهم يتلاومون في الداخل , ويتقاذفون التهم في التعطيل , والكل يعلم أن لا خيار لأي حزبٍ أو جهةٍ ما لم تتطابق هذه الخيارات مع مصالح الخارج وإن لم تتطابق مع مصلحة لبنان .
التباعد والمناكفات السياسية التي تحصل بين المسؤولين اللبنانيين ليس لها أي سبب داخلي , وليس لها أي مبرر وطني , وخاصة أن الكل يتشدّق يوميا , ويشنّف آذاننا بخطابات وطنية , ويُسهب في شرح تفانيه من أجل لبنان واللبنانيين , وعندما يجتمعون نشاهدهم كيف يوزعون الابتسامات فيما بينهم , وكيف يأخذ الواحد منهم الاخر في الاحضان , وعلى منابرهم نسمع الاتهامات المتبادلة بكل أنواعها .
كذب , وإستهتار , وإستخفاف , وتهتك , ووقاحة , وفجور , ونهب , وسرقات , وفساد , .... دأب عليها المسؤولون في لبنان , أليست هذه هي الخيانة الوطنية , أو ألا يكفي هذا السلوك لكي نتهمهم بالخيانة الوطنية ؟
ماذا يريد المواطن اللبناني أكثر من ذلك , لكي يستيقظ من سباته , ويتوقف عن التصفيق الحار لهكذا قيادات , أم أن التعصب المذهبي قد أمات بصيرة المواطن , وأعمى بصره , وعطّل عقله .