الازمة السورية ارخت بثقلها على لبنان واللبنانيين. وطالت كل المرافق والمناطق، وشكل النزوح السوري العبء الاكبر على الاقتصاد اللبناني والاستقرار الداخلي من بوابة انتشار خلايا ارهابية ترتبط بتنظيم داعش والنصرة واستهدفت مناطق لبنانية عديدة، كما عمقت الاحداث السورية الشرخ بين اللبنانيين في ظل الانقسام الداخلي بين مؤيد للنظام السوري ومعارض له، كذلك شكلت الساحة السورية كامل جذب للاطراف الداخلية وكان موقف حزب الله واضحاً باعلان مشاركته العسكرية الى جانب الدولة السورية وضد الارهابيين.
في المقابل اندفع الكثيرون من الشباب في الشمال والبقاع والمخيمات الفلسطينية الى الالتحاق بصفوف المسلحين والقتال الى جانبهم.
منذ الـ 2012 والى اليوم كانت موجات الالتحاق بالمنظمات الارهابية التكفيرية في سورية والعراق تتوالى صعودا وهبوطا حتى بلغ عدد الملتحقين بالنصرة و«داعش» من شباب طرابلس والشمال ما يقارب 500 شاب تتراوح اعمارهم ما بين 18 سنة و30 سنة.
اول مظاهر الحركات الارهابية كان في العام 2000 في الضنية التي جرى القضاء عليها ومقتل زعيم الخلية القاعدية ابو عائشة وحصلت المواجهة الاولى مع الجيش اللبناني. ثم كانت المواجهة الثانية مع خلية ارهابية في مخيم نهر البارد عام 2007 وتخللتها معارك مع خلايا تم اكتشافها في ابي سمراء وشارع المئتين، وبرزت على الساحة اللبنانية هيئة عرفت باسم «هيئة العلماء المسلمين في لبنان» التي انضم اليها ما يقارب الـ 500 شيخ من مشايخ السلفية الجهادية ومعظم قياداتها من طرابلس والشمال.
يتحدث احد العائدين من جبهات القتال في سورية المدعو ابو زكريا انه تمكن من الفرار من صفوف «داعش» في الرقة ولو وقع اسيرا لكان قطع رأسه. يقول «ان احد المشايخ في طرابلس لعب دورا في غسل دماغه هو وبضعة شبان بحجة الواجب الديني لمناصرة اخوتنا المسلمين السنة في سوريا الذين يتعرضون للابادة حسب رأي الشيخ الذي كنا نثق بكلامه، وجرى تأمين مبلغ لكل منا نحن الثمانية عناصر وانتقلنا من طرابلس عبر المرفأ الى تركيا حيث اتلفنا جوازات سفرنا ومن هناك جرى نقلنا عبر شخص يلقب بابو طلحة نقلنا الى احد المعسكرات في الرقة وجرى اخضاعنا لدورات دينية شرعية وفق فكر الدولة الاسلامية (داعش) ثم لدورات عسكرية وقد شاهدنا بأم العين ممارسات شكلت لنا صدمات لم نتمكن من هضمها على انها اسلامية وادركنا اننا وقعنا في فخ وبدأنا نخطط لكيفية الهروب والعودة الى طرابلس بعد ان وعدنا بالمال وبالزواج وغير ذلك، فتمكنا من الفرار باعجوبة وعدنا الى طرابلس».
وحسب مصدر اسلامي، بنظرة سريعة الى خارطة الحركات والمنظمات الاصولية التكفيرية في طرابلس والشمال، يمكن ملاحظة ان جبهة النصرة هي القوة الاصولية التكفيرية الاولى التي تلقى تأييدا وسط الاسلاميين المتشددين من مشايخ بعضهم مسؤول عن مساجد في طرابلس والشمال، وبين الشباب المتشدد والمتحمس ويليها بالدرجة الثانية «داعش» وله ايضا منظروه الذين يسوقون فكره كما فكر النصرة على انه جوهر الدين الاسلامي دون ان يلقى هؤلاء خطة دينية رسمية معاكسة... ويتوزع هؤلاء المشايخ على مساجد في طرابلس وعكار والضنية ينشرون المنهج السلفي الجهادي وتكبر هذه الحالة ككرة الثلج بالرغم من مواصلة الاجهزة الامنية لهم عمليات الدهم والملاحقة ليس لاسباب فكرهم الديني المتشدد بل لخطورة ما يبثونه من تحريض طائفي ومذهبي. اصبح العدو المسلم السني المرتد والشيعي والعلوي والمسيحي...
ويشير المصدر الى انه بجانب النصرة وجد في الشمال من يناصر «داعش» ومنظمات ارهابية تكفيرية اخرى وابرز المشايخ المناصرين للنصرة الشيخ سالم الرافعي والحاج حسام صباغ والشيخ بلال بارودي وهؤلاء احتفلوا منذ عدة اسابيع بما أسموه فك حصار حلب ووزعوا الحلوى حينها، مما اوحى بعودة الحيوية الى نبض السلفيين الجهاديين في طرابلس انعكاسا لما ظنوه نصرا في حلب.
ويعتبر مؤسس التيار السلفي في لبنان الشيخ داعي الاسلام الشهال وولداه جعفر وزيد من ابرز المؤيدين لنهج «داعش» وقد خرجا من الاعتقال بعد سجن لحوالى السنة.
ومرت فترة كان لا يمر فيها يوم الا ويأتي نعي شاب قتل في صفوف النصرة او «داعش» حتى بلغ عدد الذين قضوا في معارك على جبهات جرود القلمون والرقة ودير الزور وحلب وفي العراق اكثر من 150 قتيلا وبينهم عدد من الانتحاريين. السلسلة بدأت من مجموعة تلكلخ التي قتل فيها العام 2012 حوالى 22 عنصراً ومن ثم قتلى في معارك قلعة الحصن والزارة وابرزهم امير جند الشام ابو سليمان د. بينما تمكن من الفرار اكثر من 60 مسلحا ينتمون لجند الشام عبر المعابر غير الشرعية ليشكلوا فيما بعد خلايا توزعت بين النصرة و«داعش» في طرابلس واكتشف منها خلية عاصون وبحنين والستي كومبلكس في طرابلس ودير عمار ومنهم من نفذ عمليات انتحارية في جبل محسن وانفجارات في الضاحية تم كشفهم لاحقا واودعوا في السجن.
ومن ثم خرج مقاتلان من «داعش» الاول من آل الصاطم والآخر من طرابلس مكشوفي الوجه بشريط فيديو من الرقة عاصمة الخلافة هددا لبنان بالغزو مما اوحى انه بان لهما اتباع على الساحة اللبنانية.
ـ لكن ماذا يحصل اليوم؟ ـ
عند تطبيق الخطة الامنية سجلت حالات هجرة غير مسبوقة وغير شرعية لعشرات الشبان الذين انخرطوا في احداث طرابلس امثال (م. ك) و(عبد الرحمن ط. وج. ه) وابرز اللذين عادوا بعد الندم كان (ح .س) والشقيقان (م. وم. ن) اللذان عادا اثر اتصالات حثيثة من عائلتهما باقناعهما بالعودة، و(ط. ب). وقد شهد مرفأ طرابلس ومرافىء غير شرعية في الشمال هروب العشرات من شباب التبانة والقبة والزاوية عبر البحر نحو تركيا ومن تركيا الى اوروبا، حيث استقر البعض منهم في المانيا والبعض الآخر في الدول الاسكندنافية والبعض منهم لا يزال عالقا في اليونان. ومنهم من تمكن من الفرار بطريقة شرعية سواء عبر مرفأ طرابلس او مطار بيروت.
وعرف ان عدد الذين غادروا طرابلس عبر البحر بلغ عدد 60 شابا باتجاه تركيا ومن تركيا الى اليونان ومعظمهم استقر في المانيا وفرنسا وعرف منهم:
ا. ع. وم. ح. وس. ه. وابو صهيب م. وح. ح. وط.خ. وخ. ش. وز. د. وم. د. وع. ع. وهؤلاء الاتصال بينهم وبين عائلاتهم شبه مقطوع ولا يعرفون شيئاً عنهم. لكن يعتقدون انهم يقيمون في مخيمات خاصة باللاجئين ومنهم من يحاول الانتقال الى دول اوروبية اخرى.
وعرف انه اليوم في طرابلس هناك عائلات تلقي باللوم على المشايخ الذين ورطوا اولادهم وارسلوهم الى حتفهم في سوريا والعراق وقلة من هذه العائلات اقاموا ما يسمى مجلس مباركة بمقتل ابنهم، ومن ابرز الذين قتلوا مؤخرا الداعشي ابو مصعب ن.س. ـ ابو حذيفة ط. ـ وم.. ع. س. ـ وابو بكر ر. ـ وخ. ح. ـ م. ع. ح. ـ اح. ز. م. ـ وم. ا. ص. ـ ن. ح. ـ ز. ا. ـ م. ع. ـ وم. م. د. ـ ن. ق. ـ ع. ح. ـ ا. ا. ـ ع. د. ـ خ. ز. ـ ابن الداعية عمر بكري محمد بكري فستق ـ ح. ح. ـ م.ح. ـ واخرون...
وفي ظل الضربات الاستباقية المستمرة للجيش اللبناني والاجهزة الامنية كافة فقد باتت حركة العبور بين لبنان وسوريا شبه معدومة ومن الصعوبة بمكان الالتحاق بجبهات القتال في سورية بالرغم مما قيل انه منذ عدة اشهر تمكن حوالى ستين شابا من التسلل عبر جرود عرسال والالتحاق بالقلمون والبعض منهم خرج بصورة طبيعية من مرفا طرابلس او من مطار بيروت.
مع الاشارة الى ان مجموعات عديدة آثرت البقاء مع «داعش» او «النصرة» مقتنعة بالقتال الى جانب صفوفهما بينما هناك عناصر تحاول عائلاتها الاتصال بها واقناعها بالعودة لكنهم يخشون من التوقيف فور عودتهم وتجري بعيدا عن الاضواء اتصالات لترتيب اوضاعهم.
الديار : اكثر من 60 ارهابياً أصبحوا منتشرين بين المانيا وفرنسا
الديار : اكثر من 60 ارهابياً أصبحوا منتشرين بين المانيا...لبنان الجديد
NewLebanon
|
عدد القراء:
177
مقالات ذات صلة
الجمهورية : السلطة تحاول التقاط أنفاسها... والموازنة تفقدها...
الاخبار : السفير الروسي: الأميركيّون يهيّئون لفوضى في...
اللواء : باسيل يتوعَّد السياسيِّين.. ورعد...
الجمهورية : مجلس الوزراء للموازنة اليوم وللتعيينات غداً.....
الاخبار : الحريري بدأ جولة...
اللواء : هل يستجيب عون لطلب تأجيل جلسة المادة...
ارسل تعليقك على هذا المقال
إن المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس بـالضرورة سياسة الموقع
© 2018 All Rights Reserved |
Powered & Designed By Asmar Pro