لعل أفضل ما بادر اليه حزب الكتائب امس في احياء ذكرى النداء التاريخي الاول لمجلس المطارنة الموارنة برئاسة البطريرك " الايقوني " مار نصرالله بطرس صفير ونشوء " لقاء قرنة شهوان " انه كشف من حيث اراد للمناسبة أم لم يشأ الأثر البالغ السلبية لتبدد الخط البياني لصراع سياسي يخوضه المسيحيون على السلطة ولا شيء غير ذلك . لن نجافي الوقائع الثابتة ونزعم ان وحدة حال مسيحية كانت في افضل أحوالها أيام " لقاء قرنة شهوان " ولا قبله ولا طبعا بعده . غالبا ما اقترنت التنافسات على الزعامة المسيحية وعلى الرئاسة والسلطة مع مختلف التلاوين الجبهوية التي عرفتها الأحزاب والتيارات المسيحية . ولا حاجة بنا الى العودة الى زمن " الجبهة اللبنانية " الذي شكل ذروة الاندماج القتالي والسياسي للمسيحيين ومع ذلك لم يمنع انفجارا دمويا بين الكتائب والمردة ومن ثم بين الكتائب والاحرار . ولا حاجة ابدا لنكء الذاكرة بحرب الالغاء او توحيد البندقية بين العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع التي ارسى تفاهم معراب اخيرا طي صفحاتها . ومع ذلك ترانا في حاجة الى تذكير من يستهينون بتداعي تحالف 14 آذار الذي جسد أفضل وارث للخط السيادي لكونه طور الشكل الجبهوي واتجه به الى المقلب الوطني العابر للطوائف بجملة حقائق . اولها ان خطا بيانيا عريضا في المسألة السيادية ظل يصل التيار العوني بتحالف 14 آذار الى ان انفجر الصراع بينهما على خلفية الصراع على السلطة . ذهب الجنرال في اتجاه معاكس لحلفاء كانوا طبيعيين له في ذروة اشتعال ثورة الأرز فيما ذهب التحالف في خطأ التحالف الرباعي واستبعاده عنه . ثم تمادى الخطأ حين سددت الضربة القاصمة الى تحالف 14 آذار وشلعته عقب تناسل الأخطاء في ادارة المعركة الرئاسية من خلال تفاهم بكركي ومن ثم تشتته في صراع مفتوح حتى اللحظة . جفف الصراع السياسي تماما من مكوناته السيادية وحتى الاجتماعية والاقتصادية وأسفر التصحر السياسي عن صراع بات شخصانيا وليس سلطويا فقط . في زمن "لقاء قرنة شهوان " ، وايا تكن وجهات نظر الخصوم فيه ، كان يتاح حتى لهؤلاء الخصوم التعامل مع فريق متماسك محدد الأهداف والمواقف وصاحب استراتيجية واضحة في الصراع ولو ان الهدف الأم الغالب كان مناهضة الوصاية السورية . ترانا اليوم امام خصوم يضربون على الخاصرة الرخوة لخصومهم من هنا وهناك على غير هدى . ليس فريق 8 آذار أفضل حالا ولو ظل " حزب الله " رافعته بمشروعه العابر للإقليم . ولكن مع فوضى سياسية كهذه لا يوهمن احد نفسه بان صراعا طاحنا على الرئاسة والدولة والحكم والدستور والنظام سيؤدي الى غير هذه الفوضى الأسوأ من الحرب تحت جنح الفراغ الشامل .
نبيل بو منصف