ماذا ارتديتِ تنورتي الجديدة؟ ألم تلحظي أنني لم أرتدها بعد؟ سؤال تطرحه سلمى (22 عاماً) على شقيقتها يمنى (19 عاماً)، ويتكرّر الموقف كلما اشترت سلمى ثياباً جديدة فـ"استحلتها" يمنى وتزيّنت بها في إحدى "ضهراتها". غالباً ما ترتدي الأخوات ثياب بعضهن البعض وينتعلن الأحذية نفسها ويستعملن مساحيق التجميل والأكسسوارات ذاتها، لاسيما إذا كانت مقاساتهنّ متشابهة ما يسهّل عليهن استعارة ثياب بعضهن أو حتّى "سرقتها". ولكن غالباً ما لا تمرّ عملية الاستعارة تلك دون مشكلات، بفعل الغيرة أو الأنانية أو البخل. ففي حين لا تمانع بعض الأخوات هذا التبادل، ترضخ أخريات مرغمات إثر اندلاع شجار، بينما لم تعد غيرهن تفكر في استعارة مقتنيات الشقيقة على قاعدة "بعود عن الشر وغنيلو".
غيرة؟
لا يخفى على أحد أنّ الغيرة المتجذّرة بين الأخوات تتسبّب بشجارات في حال قامت إحداهنّ بارتداء ثياب الأخرى. ومن المؤكد أنّ هذه الغيرة ما كانت لتتفشّى بينهنّ لولا شعور إحداهنّ بتقدّم الأخرى عليها. فالإحساس بالدونية والطموح إلى إبراز الأنا في مواجهة الشقيقة أحد أبرز مسبّبات الغيرة.
قد تغلي قلوب الأخوات بالضغينة تجاه بعضهن جراء تراكمات حملنها منذ أيام الطفولة. شكّ الفتاة الكبرى مثلاً، في أنّ والديها يحبان أختها الصغرى أكثر منها ويفضلانها عليها إذ "اهتمّا بها أكثر منذ ولادتها"، قد يدفعها إلى النفور في حال ارتدت أختها ثيابها. الغيرة المستوطنة في نفس الأخت الكبرى جعلتها تنمو أنانية، منطوية على ذاتها، متمسكة بأغراضها، وكأنها من خلال الأشياء تعوِّض حناناً فقدته وتنتقم من أختها. هي تحب نفسها وأشياءها وتفضّل أنانيتهاعلى حساب أفراد عائلتها.
تروي ناتالي الشابة العزباء ابنة الـ 25 عاماً أنّ "الغيرة ونقص الحب بيني وبين أختي يترجمان مشكلات على الثياب والأشياء. فكلانا مهووس بشراء الأغراض ولكن بدل تقاسمها تفضل أختي رمي ثيابها جديدة في حال "راحِت موضتا" على أن أشاركها استهلاكها". وتضيف: "لا تسمح بأن تلامس أغراضها بشرتي، علماً أننا لو تقاسمنا مقتنياتنا لوفّرنا على أنفسنا شراء الكثير خصوصاً أننا نرتاد عملين مختلفين ونخرج مع أصدقاء مختلفين. فوحده نشر صورنا على مواقع التواصل كان ليفضح فعلتنا أمام الزملاء والمعارف".
ليس تطرّف الأهل في الاهتمام بأحد أولادهم على حساب الآخر، وتعبيرهم عن حبّهم الزائد له مسبباً وحيداً للغيرة، بل قد يكون الجمال والحسن الذين منحتهما الطبيعة لإحدى الفتيات دون الأخرى وراء قهر الأقل حظاً، فتعارض منح أختها فرصة التزيّن بملابسها، وبالتالي الوقوف أمام حقيقة أنّ الثياب تبدو أجمل عليها.
تشتكي ريمي (26 عاماً) لـ"الجمهورية" فتقول: "عندما تستعير أختي ثيابي، يمدح الناس ما أمضيت يوماً كاملاً في السوق لاختياره، وهي مَن تتلقى الإطراء". وتوضح: "غالباً ما أشعر أنّ ملابسي لا تليق بي بقدر ما تلائمها، فالناس يثنون على جمالها عندما تستعير لباسي أكثر ممّا يلتفتون عندما أرتدي الأزياء نفسها، هي تبدو دائماً الأجمل بفعل مقوِّمات جسدها، وهذا يجرحني".
"ولّا ضيقة عين"؟
لم تكن الغيرة سبباً وراء عدم سماح وفاء لأختها ميشلين بارتداء ثيابها بل البخل. تؤكد ميشلين السكرتيرة في أحد البنوك: "أختي بخيلة تخاف على أغراضها من خطر التلف أو الاستهلاك فهي إن اشترت شيئاً "تشمّه وتلمّه"، ليبقى على قيمته ولا تتحمّل أن يرتدي أحد ثيابها إذ تخشى أن يتلفها أو يوسّخها". وتضيف: "هي ترتدي ملابسي كلما احتاجت وأنا لا أمانع ذلك، ولكنها تنظر بعين غير راضية إذا ما ارتديت يوماً ثيابها وتتهمني باتساخها فما عدتُ أستعير شيئاً من ملابسها".
حالة مثالية
تضايق البنات إن حاولت اختهن ارتداء ثيابهن لا يعني أنّ عملية استعارة الثياب بين الأخوات لا يمكن أن تنجح. فالعديد من الفتيات وجدن بتبادل الثياب مصلحة مشتركة، ووسيلة لتنويع إطلالاتهن والظهور بلوك الفاشيونيستا في المجتمع.
تكشف سينتيا وهي مهندسة في الـ 24: "أنا وأختي نعتمد تنويع الملابس دائماً، ولا نحبّذ الذهاب إلى العمل في الرداء عينه أكثر من بضع مرات حتّى إننا نسعى لإرتداء قميص جديد كلّ يوم". وتؤكد: "شراء كلّ واحدة منّا هذا الكم الكبير من الثياب مكلف، لذا اعتمدنا مبدأ التشارك. فالمشاركة تعني الاهتمام ونحن بذلك لا نهتمّ ببعضنا وحسب إنما أيضاً بأنفسنا لأنّ تشاركنا الخزانة يوسّع خيارنا في اللباس، فكلّ تملك عدد ملابسها مجموعاً بملابس أختها". وتضيف: "نحن ندرك أنّ وضعنا مثالي ولا يشبه العديد من الأخوات اللواتي لو ملكن ثياب وأغراض الأرض يرفضن التقاسم"، متسائلةً: "كيف تتمكّن قطعة ملابس من التفريق بين أختين؟"
(الجمهورية)