"جّرت مزايدة مواقف المطار نزاعاً قانونياً وقضائياً بين ديوان المحاسبة ومجلس شورى الدولة. الديوان منح موافقته المسبقة على فوز شركة "الخرافي" بالمزايدة، متجاهلاً قرار مجلس شورى الدولة بإبطالها
بدأت قصّة مزايدة مواقف المطار مع إرسال وزارة الأشغال العامة دفتر الشروط إلى إدارة المناقصات التي وضعت عشرات الملاحظات على الشروط، إلا أن الوزارة أصرّت على ما هو مكتوب. من أبرز شروط المشاركة في المزايدة تقديم شهادة خبرة دولية في إدارة مواقف المطارات، فضلاً عن شهادة "أيزو" ورخصة "فاليه باركينغ"... أما توزيع العلامات أو النقاط، فكان مناصفة بين الشقين الفني والمالي.
في الجولة الأولى فازت شركة VIP بعد استبعاد الشركات المشاركة الأخرى لأسباب غير واضحة، في ما بدا كأنه تلاعب بالنتائج. فأعدّ مدير المناقصات جان العلية تقريراً رفض نتائج المزايدة. وافقت وزارة الأشغال على اقتراح العلية، على أساس أن يجري تعديل على دفتر الشروط، لكن التعديلات لم تكن جوهرية.
في الجولة الثانية فازت شركة "الخرافي"، رغم اعتراض "VIP" على إجراءات التلزيم أمام قضاء العجلة في مجلس شورى الدولة. يومها، لم تتسلّم وزارة الأشغال نسخة صالحة للتنفيذ من المعترض، فاستمرت المزايدة تحت مظلّة كتاب أرسله وزير الأشغال غازي زعيتر إلى إدارة المناقصات. وتبيّن أن المزايدة بدأت تأخذ بعداً سياسياً أكثر منه إدارياً وقضائياً. أرسلت الوزارة الملف إلى ديوان المحاسبة، ثم استأنفت قرار مجلس شورى الدولة القاضي بوقف تنفيذ المزايدة، لكنها خسرت المعركة القضائية ليصدر قرار ثانٍ عن مجلس شورى الدولة بتصديق القرار الأول.
في هذا الوقت، كان الديوان متردداً في إصدار قراره في شأن المزايدة فنام الملف في الأدراج في انتظار تسوية ما، إلى أن أصدر القرار في 31/8/2016 بالموافقة على تلزيم شركة "الخرافي". وبحسب رئيس الديوان أحمد حمدان، "لم يتبلغ الديوان قرار مجلس شورى الدولة بإبطال المزايدة، فيما تبيّن بعد دراسة الملف أن المزايدة سليمة وهي لمصلحة الدولة بمبلغ يزيد على 6 مليارات ليرة. أما قرار مجلس شورى الدولة فهو قرار موقت ولا يلزمنا".
في المقابل، يؤكد رئيس مجلس شورى الدولة شكري صادر أن القرارات التي تصدر عن المجلس، سواء عن قضاء العجلة فيه أو عن القضاء العادي، "قرارات قضائية لها قوّة القضية المحكوم فيها، أما قرارات الموافقة المسبقة واللاحقة الصادرة عن ديوان المحاسبة، فتأتي في إطار الرقابة الإدارية وليست قضائية". وأضاف: "القرار الصادر عن المجلس بوقف تنفيذ المزايدة كان عرضة للاستئناف، ثم صدر قرار بتصديق القرار الأول، وبالتالي، لا يمكن التذرّع بعدم تبلغ القرار فيما الإدارة تستأنفه. كذلك، من الواضح أن القضاء المستعجل لدى مجلس شورى الدولة يستند إلى البند 5 من المادة 66 من نظام مجلس الشورى التي تتيح له النظر في موجبات الإعلان وتوفير المنافسة، كما لو أنه ينظر في أساس القضية، ولذلك نصت على أنه "يمكن مراجعة رئيس المحكمة الإدارية قبل إبرام العقد، وله أن يأمر المخلّ التقيد بموجباته وأن يعلّق توقيع العقد أو تنفيذ كل قرار متعلق به. ويمكنه أيضاً إبطال هذه القرارات ومحو البنود المعدة لكي تدرج في العقد، والتي تخالف الموجبات المذكورة".
صادر كان مصدوماً مما وصل إليه هذا الملف "فمجلس شورى الدولة هو المرجع الإداري الأعلى، وعلى الجميع التعامل مع قراراته على هذا الأساس، ولا سيما الوزراء، فمن أين أتت هذه البدعة عن قرار موقت؟ المتضرر من قرار الديوان يمكنه أن يستكمل إجراءات الطعن استناداً إلى قرار مجلس شورى الدولة وهناك مسؤولية على الإدارات التي امتنعت عن تطبيقه".
( الأخبار)