الهدنة في سوريا تترنّح والغيوم تتراكم حول الاتفاق الروسي الأميركي نتيحة الحرب الدائرة في أجواء سوريا. ولعلّ الغارة الأميركية التي استهدفت جيش النظام السوري في محيط مطار دير الزور أمس الأوّل من جهة، وخروقَ النظام نفسه للهدنة وعرقلته وصولَ المساعدات الإنسانية من جهة أخرى، تدلّ إلى أنّ طرفَي الاتّفاق غيرُ راضيَين عن استمرار الهدنة التي أصبحت في خبر كان.
هذه التطوّرات الدراماتيكيّة استدعت جلسةً عاصفة لمجلس الأمن الدولي بناءً على طلبٍ روسيّ، تزامنَ ذلك مع تصعيد لهجة موسكو حيال واشنطن واتّهامها بالتآمر مع «داعش»، ودعوتها إلى إجراء تحقيق شامل في غارات التحالف على القوات السورية، مع سلسلة أحداث أمنية شهدتها الولايات المتحدة، خصوصاً في نيويورك ونيوجرسي، تبنّى إحداها التنظيم (راجع ص 16)، وقد جاءت هذه الاعتداءات بعد نحو أسبوع على إحياء أحداث 11 أيلول الدامية من جهة، وعشية جلسات الجمعية العمومية السنوية للأمم المتحدة التي تُعقد في نيويورك بمشاركة رؤساء دول وحكومات مِن بينهم لبنان، من جهة أخرى.
التحليل العسكري
في هذا الإطار، قال الخبير العسكري العميد المتقاعد نزار عبد القادر لـ«الجمهورية» عن خلفيات الغارة الأميركية: «الطائرات التي نفَّذت الغارة هي مزيج من نوعين: الأولى من نوع «أف 16» التي يمكن أن تضرب أهدافَها عن علوّ شاهق أو من مسافات بعيدة عن طريق استعمالها للأسلحة الذكية، والثانية طائرات من نوع «اي 10» وهي تُحلّق على علوّ منخفض جداً وتُعتبر من أفضل الطائرات التي تصطاد دبّابات العدو، لذلك كان يمكن للطيّارين أن يلاحظوا ما إذا كان المركز الحربي تابعاً للجيش النظامي أو لتنظيم الدولة الإسلامية، وخصوصاً أنّ طبيعة انتشارهما تختلف وطبيعة الأسلحة المستخدمة من الجانبين تختلف أيضاً».
ولم يَستبعد عبد القادر أن تكون الغارة الأميركية التي دامت 40 دقيقة مقصودةً ومخطّطاً لها، بل ذهب أبعد من ذلك عندما أشار إلى «أنّ طرفَي الاتّفاق وقّعا الهدنة فيما كلّ طرف يحاول أن يديرها لمصلحته، وإذا لم يفعل، يستطيع في أيّ لحظة تخريبَها. وهذا ما يؤشّر إليه ما جري على طريق الكاستيلو من خلال انسحاب قوات النظام وعودتها إلى احتلال الطريق، إضافةً إلى قصفِ النظام أمس لدينة حلب. وربّما شعرَت الولايات المتحدة في فترة معيّنة بأنّ هذا الاتفاق سيكلّفها غالياً وسيُخرّب علاقاتها مع الفصائل السورية المعتدلة التي تدعمها، كما أنّ طائرات النظام ستستمر في استهداف المناطق التي تخرج عن نطاق عمليات الروس والأميركيين. لذلك أرى تراجعاً من الطرفين».
وقد انسحبَ مشهد تبادل الاتهامات في الأمم المتحدة بين الجانبين الروسي والأميركي، على الجسم اللبناني المريض الذي دخلَ أسبوعاً جديداً محمَّلاً بأوجاعه من الرأس إلى أخمص القدمين، وهو يعيش على «أوكسيجين» تسريبات إعلامية وشائعات من هنا وهناك، إضافةً إلى تراشق المسؤولين بتُهمِ التعطيل، فيما مركزُ الرئاسة الأولى يستمرّ شاغراً، واجتماعات الحكومة متعثّرة بانتظار تبَلور الاتصالات السياسية لإعادة لمِّ الشملِ الحكومي، والحوار الوطني معلّق، علماً أنّ الخرق الوحيد في الجمود السياسي يتمثّل بانعقاد جولة حوارية جديدة بين تيار «المستقبل» و»حزب الله» في عين التينة مساء غدٍ الثلثاء.
كلمة لبنان
وفي غمرة إشكالية حضور وفدَين لبنانيَين في نيويورك، علمت «الجمهورية» أنّ رئيس الحكومة تمّام سلام الذي سيلقي كلمة لبنان أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك الخميس المقبل، سيُلقي اليوم كلمة لبنان أمام المؤتمر الخاص بالنازحين، وقد تمّ ترتيبها بعناوينها الأساسية في بيروت.
وذكرَت مصادر الوفد اللبناني أنّ سلام سيلقي الضوءَ على حجم النزوح وما ألقاه من مسؤولية كبيرة على مختلف وجوه الحياة السياسية والاقتصادية والماليّة والأمنية في لبنان. وسيجدّد دعوته إلى تأسيس صندوق خاص باللاجئين وتوفير المبالغ التي تشكّل تقاسماً لكِلفتهم في لبنان ودول العالم.
ويلتقي سلام على هامش زيارته عدداً من كبار القادة ورؤساء الدول والحكومات العربية والغربية، والتي حدّد موعد بعضها، وخصوصاً الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند غداً الثلاثاء، فيما مواعيد أخرى قيد التنظيم على هامش المؤتمرات المقرّرة، سواء تلك التي دعت إليها الأمم المتحدة للبحث في شؤون النازحين أو المؤتمر السنوي الذي دعا إليه الرئيس الاميركي باراك اوباما، باعتبار أنّها السنة الأخيرة له في البيت الأبيض.
عون: صامتون
وفي معلومات لـ»الجمهورية» أن لا جديد في الاتصالات السياسية مع الرابية، وأنّها لا تزال تنتظر عودةَ الرئيس سعد الحريري، مُشكّكةً في عودته قريباً، بعد توعُّكِ الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك ونَقلِه إلى المستشفى.
وتشير المعلومات إلى أنّ رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون سيواصل انتهاجَ سياسة الصمت المطبق، فـ»قوّته هذه الأيام في صمته» كما ترى الرابية، التي ستواصل تصعيدَها بهدف حلّ الأزمة الرئاسية والحكومية والنيابية قبل تاريخ 28 أيلول.
«التيار الوطني الحر»
وأكّدت مصادر بارزة في «التيار الوطني الحر» لـ»الجمهورية» أنّ «التيار» ماضٍ في معركته حتى النهاية ولا تراجُع عنها، وينكبّ على الإعداد لتحرّكِه التصعيدي.
وإذ يَعتبر «التيار» أنّ تاريخ 28 أيلول الجاري، موعد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، يشكّل يوماً مفصلياً بالنسبة إليه، ويُعلّق آمالاً كبيرة عليه، لا يؤكّد أنّ عون سيُنتخب رئيساً في هذه الجلسة، رغم تمنّياته بذلك.
ونفَت المصادر أن تكون الرابية قد تبلّغَت أيّ موقِف أو رسالة بأنّ كتلة «المستقبل» أبلغَت إلى عون بأنّها ستنتخبه في جلسة 28 أيلول، وقالت: «لو حصَل ذلك لكانت المشكلة قد حُلّت».
وتوقّفت المصادر عند «تبايُن الآراء داخل «المستقبل»، فالبعض يدعم ترشيح عون والبعض الآخر يعارض هذا الترشيح، «لكن في النهاية هناك موقف واحد والجميع سيلتزم به، وننتظر عودةَ الحريري لتبيان الخيط الأبيض من الخيط الأسود».
«المستقبل»
في الموازاة، أكّدت مصادر كتلة «المستقبل لـ»الجمهورية «عدمَ حصول أيّ لقاء بين الحريري ووزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل في باريس كما شاع أخيراً.
وأكّدت لـ»الجمهورية» أن لا تغيّرَ في موقف «المستقبل» الثابت من دعمِ ترشيح رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية، وكرّرت اتّهامها «حزب الله» بتعطيل إنجاز الاستحقاق الرئاسي.
«حزب الله»
وعلى الضفّة الأخرى، جدّد «حزب الله» التأكيد أنّ عون هو الحلّ وأنّ الطريق نحو الرئاسة يمرّ عبر انتخابه. وقال نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم «أثبتَت الأيام أنّ طريق رئاسة الجمهورية محدّدة، فمَن أراد أن ينتخب رئيساً للجمهورية، ليس له إلّا اتّجاه واحد يوصِل إلى العماد ميشال عون، ولن تستطيع الدول الكبرى والإقليمية ومجلس الأمن وجامعة الدول العربية أن تعدّل هذا المسارَ».
وأشار إلى أنّ تأخير انتخاب الرئيس» لن يغيّر المعادلة»، ناصحاً «المستقبل» أن «ينهي تردّدَه، فطريق الحلّ معروف». وأبدى قاسم جهوزية الحزب إذا اتُّفِق على عون رئيساً وحضوره جلسة الانتخاب والتصويت له، معتبراً أنّه «خيرٌ للجميع أن يتمّ هذا الانتخاب في أقرب وقت، لأنّه بانتخاب عون رئيساً سيَربح الجميع ويربح لبنان».
وتوقّفَت مصادر سياسية مطّلعة عند مواقف قاسم، وقالت لـ»الجمهورية» إنّها «تؤكّد بشكل لا لبسَ فيه أنّ «حزب الله» هو من يقف وراء التعطيل، وبمواقفه نَقل الرئاسة من الانتخاب إلى التعيين، والحزب لا يَسمح بإنجاز الاستحقاق الرئاسي إلّا إذا انتُخب عون. كذلك فإنّ الهدف من الطريقة التي يُطرَح فيها ترشيح عون ليس دعمَ عون فحسب وإنّما منعُ الآخرين من تأييده، لأنّ أيّ طرف بمن فيه من يؤيّد ترشيحه، لن يفعل ذلك إذا رأى في ذلك أيَّ إذعان للحزب».
واعتبرَت المصادر أنّ «كلام قاسم يُضِرّ بعون لأنّه بذلك يعطي رسالةً للبنانيين مفادُها أنّ الحزب هو مَن يُعيّن رئيس الجمهورية، وهذا ما لن يقبلَ به «المستقبل» وسيَدفع «القوات اللبنانية» إلى إعادة النظر في خيارها».
برّي
وفي ظلّ عدمِ تسجيل أيّ جديد على خط تفعيل العمل الحكومي، قال رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام زوّاره أمس إنّه لا يزال عند موقفه، وهو «أنّ الحلّ بالسلّة المتكاملة، ولا توجد لديّ أيّ مبادرة جديدة». وأضاف: «لن أدعو إلى الحوار ما لم يغيّر الجميع مواقفَهم ويأتوا لكي نعالج جدول الأعمال لحلّ الأزمة وليس للإدلاء بخطابات على طاولة الحوار».
وردّاً على سؤال حول تفاؤل العونيين بإمكان انتخاب رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية في جلسة الانتخاب الرئاسي المقرّرة في 28 الجاري، قال بري: «لننتظر الأيام العشرة المقبلة لنرى صحّة ما يُشاع هنا وهناك من سيناريوهات». وكرّر التأكيد أن «لا شيء بيني وبين عون، هو يقول إنّني ضدّه، وإنّما هو ضدّ نفسه».
بكركي
وفي خضمّ سياسة التعطيل المستمرّة، انتقدت بكركي المعطّلين، ووزّعت رسائلها في اتّجاههم.
وطالبَ البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي السياسيين بالخروج من أنانياتهم، ومصالحِهم الخاصة والفئوية، ومِن أسرِ مواقفهم وارتباطاتهم وارتهاناتهم، وحدَّد الراعي في عظتِه ثلاث خطوات لإنقاذ لبنان: الأولى بانتخاب رئيس للجمهورية من أجل إحياء البرلمان والحكومة، فيمكن آنذاك إصلاح ما يجب إصلاحه، والثانية إنتاج قانون انتخاب عادل، يؤدّي إلى المشاركة المتوازنة في السلطات العامة، والثالثة السير بموجب الدستور والميثاق الوطني وصيغته التطبيقية.
وخاطبَ الراعي المسؤولين بالقول: «أنتم، من خلال هذا النوع من الممارسة السياسية التعطيلية، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، إنّما تُمعِنون في هدم الدولة كياناً ومؤسسات، وفي تعطيل الحياة الاقتصادية والتجارية والصناعية والسياحية في لبنان، وبالتالي ترمون شَعبه في حالة فقر وهجرة وفقدان ثقة. إنّنا ندعوكم لتصغوا إلى صوت الهيئات الاقتصادية لكي تدركوا حجم الضَرر الذي تسبّبونه بممارستكم لمِثل هذه السياسة الهدّامة».
«القوات»
وفيما يواصل رئيس حزب «القوات» سمير جعجع جولته في أوروبا، تحدّثت القوات» عن مرحلة تصعيدية، وقال نائبُها جورج عدوان «إنّنا ذاهبون إلى مرحلة تصعيدية»، وحدّد مدخَلين لتلافي هذا التصعيد. المدخل الأوّل: انتخاب رئيس جمهورية، وفي هذا الإطار، جدّد دعمَ «القوات» ترشيحَ عون، ولا يحتاج هذا الترشيح «أن ننتظر لا إلى 28 أيلول ولا إلى 13 تشرين، بل إلى جلوس الحريري وبري والنائب وليد جنبلاط للتكلّم في أسرع وقت بهذا الموضوع». أمّا المدخل الثاني فهو قانون انتخابات جديد.
التحليل العسكري
في هذا الإطار، قال الخبير العسكري العميد المتقاعد نزار عبد القادر لـ«الجمهورية» عن خلفيات الغارة الأميركية: «الطائرات التي نفَّذت الغارة هي مزيج من نوعين: الأولى من نوع «أف 16» التي يمكن أن تضرب أهدافَها عن علوّ شاهق أو من مسافات بعيدة عن طريق استعمالها للأسلحة الذكية، والثانية طائرات من نوع «اي 10» وهي تُحلّق على علوّ منخفض جداً وتُعتبر من أفضل الطائرات التي تصطاد دبّابات العدو، لذلك كان يمكن للطيّارين أن يلاحظوا ما إذا كان المركز الحربي تابعاً للجيش النظامي أو لتنظيم الدولة الإسلامية، وخصوصاً أنّ طبيعة انتشارهما تختلف وطبيعة الأسلحة المستخدمة من الجانبين تختلف أيضاً».
ولم يَستبعد عبد القادر أن تكون الغارة الأميركية التي دامت 40 دقيقة مقصودةً ومخطّطاً لها، بل ذهب أبعد من ذلك عندما أشار إلى «أنّ طرفَي الاتّفاق وقّعا الهدنة فيما كلّ طرف يحاول أن يديرها لمصلحته، وإذا لم يفعل، يستطيع في أيّ لحظة تخريبَها. وهذا ما يؤشّر إليه ما جري على طريق الكاستيلو من خلال انسحاب قوات النظام وعودتها إلى احتلال الطريق، إضافةً إلى قصفِ النظام أمس لدينة حلب. وربّما شعرَت الولايات المتحدة في فترة معيّنة بأنّ هذا الاتفاق سيكلّفها غالياً وسيُخرّب علاقاتها مع الفصائل السورية المعتدلة التي تدعمها، كما أنّ طائرات النظام ستستمر في استهداف المناطق التي تخرج عن نطاق عمليات الروس والأميركيين. لذلك أرى تراجعاً من الطرفين».
وقد انسحبَ مشهد تبادل الاتهامات في الأمم المتحدة بين الجانبين الروسي والأميركي، على الجسم اللبناني المريض الذي دخلَ أسبوعاً جديداً محمَّلاً بأوجاعه من الرأس إلى أخمص القدمين، وهو يعيش على «أوكسيجين» تسريبات إعلامية وشائعات من هنا وهناك، إضافةً إلى تراشق المسؤولين بتُهمِ التعطيل، فيما مركزُ الرئاسة الأولى يستمرّ شاغراً، واجتماعات الحكومة متعثّرة بانتظار تبَلور الاتصالات السياسية لإعادة لمِّ الشملِ الحكومي، والحوار الوطني معلّق، علماً أنّ الخرق الوحيد في الجمود السياسي يتمثّل بانعقاد جولة حوارية جديدة بين تيار «المستقبل» و»حزب الله» في عين التينة مساء غدٍ الثلثاء.
كلمة لبنان
وفي غمرة إشكالية حضور وفدَين لبنانيَين في نيويورك، علمت «الجمهورية» أنّ رئيس الحكومة تمّام سلام الذي سيلقي كلمة لبنان أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك الخميس المقبل، سيُلقي اليوم كلمة لبنان أمام المؤتمر الخاص بالنازحين، وقد تمّ ترتيبها بعناوينها الأساسية في بيروت.
وذكرَت مصادر الوفد اللبناني أنّ سلام سيلقي الضوءَ على حجم النزوح وما ألقاه من مسؤولية كبيرة على مختلف وجوه الحياة السياسية والاقتصادية والماليّة والأمنية في لبنان. وسيجدّد دعوته إلى تأسيس صندوق خاص باللاجئين وتوفير المبالغ التي تشكّل تقاسماً لكِلفتهم في لبنان ودول العالم.
ويلتقي سلام على هامش زيارته عدداً من كبار القادة ورؤساء الدول والحكومات العربية والغربية، والتي حدّد موعد بعضها، وخصوصاً الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند غداً الثلاثاء، فيما مواعيد أخرى قيد التنظيم على هامش المؤتمرات المقرّرة، سواء تلك التي دعت إليها الأمم المتحدة للبحث في شؤون النازحين أو المؤتمر السنوي الذي دعا إليه الرئيس الاميركي باراك اوباما، باعتبار أنّها السنة الأخيرة له في البيت الأبيض.
عون: صامتون
وفي معلومات لـ»الجمهورية» أن لا جديد في الاتصالات السياسية مع الرابية، وأنّها لا تزال تنتظر عودةَ الرئيس سعد الحريري، مُشكّكةً في عودته قريباً، بعد توعُّكِ الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك ونَقلِه إلى المستشفى.
وتشير المعلومات إلى أنّ رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون سيواصل انتهاجَ سياسة الصمت المطبق، فـ»قوّته هذه الأيام في صمته» كما ترى الرابية، التي ستواصل تصعيدَها بهدف حلّ الأزمة الرئاسية والحكومية والنيابية قبل تاريخ 28 أيلول.
«التيار الوطني الحر»
وأكّدت مصادر بارزة في «التيار الوطني الحر» لـ»الجمهورية» أنّ «التيار» ماضٍ في معركته حتى النهاية ولا تراجُع عنها، وينكبّ على الإعداد لتحرّكِه التصعيدي.
وإذ يَعتبر «التيار» أنّ تاريخ 28 أيلول الجاري، موعد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، يشكّل يوماً مفصلياً بالنسبة إليه، ويُعلّق آمالاً كبيرة عليه، لا يؤكّد أنّ عون سيُنتخب رئيساً في هذه الجلسة، رغم تمنّياته بذلك.
ونفَت المصادر أن تكون الرابية قد تبلّغَت أيّ موقِف أو رسالة بأنّ كتلة «المستقبل» أبلغَت إلى عون بأنّها ستنتخبه في جلسة 28 أيلول، وقالت: «لو حصَل ذلك لكانت المشكلة قد حُلّت».
وتوقّفت المصادر عند «تبايُن الآراء داخل «المستقبل»، فالبعض يدعم ترشيح عون والبعض الآخر يعارض هذا الترشيح، «لكن في النهاية هناك موقف واحد والجميع سيلتزم به، وننتظر عودةَ الحريري لتبيان الخيط الأبيض من الخيط الأسود».
«المستقبل»
في الموازاة، أكّدت مصادر كتلة «المستقبل لـ»الجمهورية «عدمَ حصول أيّ لقاء بين الحريري ووزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل في باريس كما شاع أخيراً.
وأكّدت لـ»الجمهورية» أن لا تغيّرَ في موقف «المستقبل» الثابت من دعمِ ترشيح رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية، وكرّرت اتّهامها «حزب الله» بتعطيل إنجاز الاستحقاق الرئاسي.
«حزب الله»
وعلى الضفّة الأخرى، جدّد «حزب الله» التأكيد أنّ عون هو الحلّ وأنّ الطريق نحو الرئاسة يمرّ عبر انتخابه. وقال نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم «أثبتَت الأيام أنّ طريق رئاسة الجمهورية محدّدة، فمَن أراد أن ينتخب رئيساً للجمهورية، ليس له إلّا اتّجاه واحد يوصِل إلى العماد ميشال عون، ولن تستطيع الدول الكبرى والإقليمية ومجلس الأمن وجامعة الدول العربية أن تعدّل هذا المسارَ».
وأشار إلى أنّ تأخير انتخاب الرئيس» لن يغيّر المعادلة»، ناصحاً «المستقبل» أن «ينهي تردّدَه، فطريق الحلّ معروف». وأبدى قاسم جهوزية الحزب إذا اتُّفِق على عون رئيساً وحضوره جلسة الانتخاب والتصويت له، معتبراً أنّه «خيرٌ للجميع أن يتمّ هذا الانتخاب في أقرب وقت، لأنّه بانتخاب عون رئيساً سيَربح الجميع ويربح لبنان».
وتوقّفَت مصادر سياسية مطّلعة عند مواقف قاسم، وقالت لـ»الجمهورية» إنّها «تؤكّد بشكل لا لبسَ فيه أنّ «حزب الله» هو من يقف وراء التعطيل، وبمواقفه نَقل الرئاسة من الانتخاب إلى التعيين، والحزب لا يَسمح بإنجاز الاستحقاق الرئاسي إلّا إذا انتُخب عون. كذلك فإنّ الهدف من الطريقة التي يُطرَح فيها ترشيح عون ليس دعمَ عون فحسب وإنّما منعُ الآخرين من تأييده، لأنّ أيّ طرف بمن فيه من يؤيّد ترشيحه، لن يفعل ذلك إذا رأى في ذلك أيَّ إذعان للحزب».
واعتبرَت المصادر أنّ «كلام قاسم يُضِرّ بعون لأنّه بذلك يعطي رسالةً للبنانيين مفادُها أنّ الحزب هو مَن يُعيّن رئيس الجمهورية، وهذا ما لن يقبلَ به «المستقبل» وسيَدفع «القوات اللبنانية» إلى إعادة النظر في خيارها».
برّي
وفي ظلّ عدمِ تسجيل أيّ جديد على خط تفعيل العمل الحكومي، قال رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام زوّاره أمس إنّه لا يزال عند موقفه، وهو «أنّ الحلّ بالسلّة المتكاملة، ولا توجد لديّ أيّ مبادرة جديدة». وأضاف: «لن أدعو إلى الحوار ما لم يغيّر الجميع مواقفَهم ويأتوا لكي نعالج جدول الأعمال لحلّ الأزمة وليس للإدلاء بخطابات على طاولة الحوار».
وردّاً على سؤال حول تفاؤل العونيين بإمكان انتخاب رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية في جلسة الانتخاب الرئاسي المقرّرة في 28 الجاري، قال بري: «لننتظر الأيام العشرة المقبلة لنرى صحّة ما يُشاع هنا وهناك من سيناريوهات». وكرّر التأكيد أن «لا شيء بيني وبين عون، هو يقول إنّني ضدّه، وإنّما هو ضدّ نفسه».
بكركي
وفي خضمّ سياسة التعطيل المستمرّة، انتقدت بكركي المعطّلين، ووزّعت رسائلها في اتّجاههم.
وطالبَ البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي السياسيين بالخروج من أنانياتهم، ومصالحِهم الخاصة والفئوية، ومِن أسرِ مواقفهم وارتباطاتهم وارتهاناتهم، وحدَّد الراعي في عظتِه ثلاث خطوات لإنقاذ لبنان: الأولى بانتخاب رئيس للجمهورية من أجل إحياء البرلمان والحكومة، فيمكن آنذاك إصلاح ما يجب إصلاحه، والثانية إنتاج قانون انتخاب عادل، يؤدّي إلى المشاركة المتوازنة في السلطات العامة، والثالثة السير بموجب الدستور والميثاق الوطني وصيغته التطبيقية.
وخاطبَ الراعي المسؤولين بالقول: «أنتم، من خلال هذا النوع من الممارسة السياسية التعطيلية، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، إنّما تُمعِنون في هدم الدولة كياناً ومؤسسات، وفي تعطيل الحياة الاقتصادية والتجارية والصناعية والسياحية في لبنان، وبالتالي ترمون شَعبه في حالة فقر وهجرة وفقدان ثقة. إنّنا ندعوكم لتصغوا إلى صوت الهيئات الاقتصادية لكي تدركوا حجم الضَرر الذي تسبّبونه بممارستكم لمِثل هذه السياسة الهدّامة».
«القوات»
وفيما يواصل رئيس حزب «القوات» سمير جعجع جولته في أوروبا، تحدّثت القوات» عن مرحلة تصعيدية، وقال نائبُها جورج عدوان «إنّنا ذاهبون إلى مرحلة تصعيدية»، وحدّد مدخَلين لتلافي هذا التصعيد. المدخل الأوّل: انتخاب رئيس جمهورية، وفي هذا الإطار، جدّد دعمَ «القوات» ترشيحَ عون، ولا يحتاج هذا الترشيح «أن ننتظر لا إلى 28 أيلول ولا إلى 13 تشرين، بل إلى جلوس الحريري وبري والنائب وليد جنبلاط للتكلّم في أسرع وقت بهذا الموضوع». أمّا المدخل الثاني فهو قانون انتخابات جديد.