يريدونه رئيسًا للبنان، ثمّ يختبئونَ من فرَصهِ السّانحة للوصول إلى قصر بعبدا. لماذا هذه الحيرة الضاربة في خواتيم الأمور؟ وهم يعرفون أنّ حليفهم اللدود (أمل) يستطيع أن يوجه أصوات نوّابهِ نحو انتخاب العماد ميشال عون إذا ما أتى للحزب ضوءًا أخضرَ من القيادة العليا في الجمهورية الاسلامية. وبعد، فإنّ الحريرية السياسية، وفي خضمّ الضغط السياسي الذي يشكلّهُ اللواء ريفي في طرابلس والمحيط السني، أصبحت مُجبرةً على التنازل أكثر والدخول في تسوية جديدة لحفظ ماء الوجه، وللخروج من المعركة بأقل خسائر ممكنة. كما إن الحريري يشير لبعض أصدقائه: إذهبوا إلى المجلس وأمّنوا لعون الأصوات الكافية واتركوني أحمل وزر وصوله إلى سدة الرئاسة أمام المملكة.
السؤال: إذا كان الحريري يريد عون، من يُعطّل إذن؟ متى كانت القوات اللبنانية دعامةً أساسية في وصول عون إلى القصر الرئاسي، أصبحَ حزب الله متّكئًا على تهرّبه من حضور الجلسات مُبرّرًا ذلك باحتمالية عدم تراضي باقي الأطراف في التوافق على عون. لكن السؤال، إذا كان أكثر من نصف المجلس اليوم مؤيدًا لعون على بياض، أضف إلى ذلك دخول تيار المستقبل في هذه المعمعة للخروج بفوزٍ معنويّ وضيع من شأنه أن يشد الشارع السني صوبه. أصبح إذن، أكثر من ثلثي المجلس النيابي متهافتًا على انتخاب الرئيس العوني الذي لم ولن يصلَ إذا ظلّ حزب الله يناورُ في وصول حليفه إلى بعبدا.
الحزب لا يريدُ رئيسًا، هو يحب أن يبقى لبنان هكذا عفوَ خاطر ينفّذ تعليمات الخارج. هو مرتاحٌ، يقرر أن يحكم البلد كيفما شاء ومتى شاء، إذن لا داعي لرئيسٍ جمهورية الآن كون حزب الله "بِكفّي ويوفّي". ويبقى حلم عون الرئاسي سرابًا أو وهمًا إلى أن يأتي الله وعدًا مفعولًا.
هادي مراد - رئيس تحرير شباب لبنان الجديد.