كتبت "سكاي نيوز" مقالاً عن لعنة تعدد الرايات والأعلام في سوريا فاعتبرت أنه تعكس عمق النزاع الذي بدأ في سوريا منذ خمسة اعوام، إذ بات المشهد فيها أكثر تعقيدا في ظل انعدام الأمل بالتوصل إلى حل سلمي يوقف حمام الد، على رغم الهدنة الأخيرة.


وأحد أبرز أسباب استمرار الحرب منذ 2011، إصرار قوى دولية وإقليمية على تحقيق أكبر قدر ممكن من المكاسب على الميدان إن عبر نشر قواتها أو ميليشياتها، بهدف فرض شروطها على طاولات المفاوضات المقبلة.

ويجسد انتشار الأعلام والرايات على طول الأراضي السورية تعقيدات المسار التفاوضي، بدءا من "جنيف 1" إلى الاتفاق الروسي الأميركي الأخير المثير للشك، مرورا بـ"جنيف 2 و3" وقرار مجلس الأمن 2254.

وكان "علم الثورة السورية" يعد المنافس الوحيد للعلم الحكومي في المظاهرات التي انطلقت في آذار 2011، وحمله عقب ذلك طلائع الضباط والجنود الذين انشقوا عن الجيش لحماية المتظاهرين، حسب ما كانوا قد أعلنوا.

بيد أن أعلاماً ورايات أخرى اقتحمت المشهد السوري في الأشهر القليلة التالية، حاملة معها رسائل تؤكد أن النزاع خرج عن إطاره المحلي والعربي، وأن الأبواب السورية باتت مشرعة لقوى إقليمية ودولية تسعى إلى تحقيق أطماعها التوسعية.

وكان "حزب الله" من بين أولى المنظمات التي حملت راية غير الراية السورية على الأراضي السورية، بعدما انخرطت عناصرها إلى جانب قوات النظام ضد المعارضة.

وقد جاء انتشار الأعلام الإيرانية بالتوازي مع انقسام المعارضة المسلحة التي شكل نواتها ضباط منشقون تحت اسم "الجيش السوري الحر" أواخر 2011، قبل أن يتشظى إلى جماعات لم تجد حرجا في التصارع في ما بينها.

وفي 2012، بات لكل فصيل معارض رايته الخاصة ومموله الخارجي وظهرت على الساحة السورية جماعات متشددة، وعلى رأسها جبهة "النصرة" المرتبطة بتنظيم القاعدة التي أصدرت أواخر العام نفسه بياناها الأول.

وبعد الراية "السوداء" لجبهة "النصرة" التي غيرت اسمها عام 2016 إلى جبهة "فتح الشام" في محاولة "فاشلة دوليا" لفك الارتباط مع القاعدة، ظهر تنظيم "داعش" الذي رفع بدروه علما أسود فوق أراضيه في سوريا والعراق.

والانتشار السريع لـ"داعش" عام 2014، حول المجال السوري إلى ساحة تتنافس فيها الطائرات الحربية، لاسيما بعدما أعلنت الولايات المتحدة، في ايلول من العام نفسه، تشكيل تحالف دولي لتوجيه ضربات جوية لمواقع المتشددين.

وفي ايلول من العام التالي، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتن، الذي كان يكتفي بدعم الأسد عبر استخدام الفيتو لمنع أي قرار ضده في مجلس الأمن، التدخل في سوريا ضد الجماعات المتشددة، قبل أن ينشر قواته في قاعدة حميميم وطرطوس.

وازدحمت الأجواء السورية بالطائرات التي تحمل الأعلام الأميركية ومقاتلات موسكو، قبل أن يتنقل العلم الأميركي إلى الميدان السوري، حيث ظهر للمرة الأولى في مايو 2015 قرب مدينة الرقة، معقل تنظيم "داعش" في سوريا.

وظهر العلم الأميركي على بزات جنود ينتمون إلى قوة خاصة أميركية كانت تساند قوات سوريا الديمقراطية، التي شكلت عام 2014 من وحدات حماية الشعب الكردي وفصائل عربية، بدعم أميركي لمحاربة المتشددين في شمال البلاد.

وبعد أشهر على ذلك وتحديدا في ايلول 2016، رفع مقاتلون من وحدات حماية الشعب الكردي العلم الأميركي في تل أبيض في محافظة الرقة، قبل أن يُعلن بعدها بيوم دخول عدد محدود من القوات الأميركية بلدة الراعي السورية قرب الحدود مع تركيا.

واللافت أن العلم الأميركي هذه المرة لم ترفعه أياد كردية أو ظهر وسط قوات الأكراد، بل جاء لدعم فصائل سورية معارضة تشارك في عملية "درع الفرات" التي أطلقتها تركيا أواخر آب الماضي تحت عنوان محاربة "داعش" والأكراد.

وكان الأتراك، الذي دعموا طيلة السنوات الماضية فصائل محددة من المعارضة، قد دفعوا بقوات خاصة ودبابات في 24 آب الماضي إلى شمال سوريا لـ"تطهير" حدودها من المتشددين ووقف تمدد الأكراد إلى الضفة الشرقية من نهر الفرات.

والعلم التركي في ريف حلب الشمالي يبعد كيلومترات عن رايات "عدوهم" و"حليف حليفهم"، حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي وذراعه العسكرية وحدات حماية الشعب، المنتشرة في مناطق سيطرتهم خاصة بمحافظات الحسكة والرقة.

 "سكاي نيوز"