لا ينفك «العهد» يخرج من مطب إلا ويدخل في غيره، لكن هذا النادي الذي تعوّد دائما أن يكون «جوهرة» أندية الدرجة الأولى منذ أن صار تحت الأضواء، هذا النادي بات في مزاج عال يتقن كرة القدم من مفهوم متطور، ومؤسسة متضامنة قائمة على مبادئ الأخلاق والرقي، إن كان على ارض الملعب أو في المدرجات، لذلك فإنه استقى وحيه من خلال الرعاة والقيمين عليه والجهة التي ينتمي اليها.
ولا تشكل المادة عائقا أمام رئيسه تميم سليمان الذي لا يتوانى عن تقديم الكثير من هذا الدعم، ويكفي أنه يقول دائما «أنا مدمن على كرة اليد لكن في كرة القدم لا يعجبني أحد الإطلاق باستثناء فريق «العهد»، لذلك عندما أحب أن أتابع مباراة فليس هناك أفضل من هذا الفريق».
كلمات الرئيس نابعة من القلب، يحمله بيده عندما يخوض فريقه مباراة حساسة، ويحكم عقله عندما يجد أن الأمور ستفلت، يكره التناقض والفلتان، ويسعى دائما لإيجاد مجموعة من اللاعبين على قدر الطموحات.
في قاموس النادي كأس الاتحاد الآسيوي واستعادة البطولة، وعدم التفريط بشيء، ذهب «كأس النخبة» في غفلة عن التطلعات وبات اللقب على جدول الأعمال، لهذه الغاية كان لا بد من أن يرصد ميزانية فاقت المليون ونصف مليون دولار، وقد تصل الى المليونين وذلك في سبيل تأدية الرسالة التي تجعل من «العهد» سيدا مطلقا.
بدأ «العهد» تحضيراته مبكرا من دون إيحاءات أو إشارات، تدريبات ومباريات ودية وتصميم من خلال مدرسة ألمانية يقودها الالماني جاسبرت وبمساعدة واعية من المدرب باسل مرمر.
وكانت الصفقة الأضخم في تاريخ النادي عندما تمكن سليمان من إنهاء مسألة ضم اللاعب محمد حيدر من «الصفاء» (أكثر من 600 الف دولار)، قبل ان يتم التعاقد مع الهداف النيجيري موسى كبيرو، وبهذا الأمر ضمن الجهاز الفني حل مشكلة المهاجم الصريح الهداف وصانع الفرص.
وأعاد الكونغولي دينيس قبل أن يعلن حل عقد التونسي المويهبي، ثم يعيد دعم صفوفه بلاعبين شباب مثل محمد قدوح وحسين حيدر وحسين منذر، صعد بهم من الفريق الأدنى لينضموا الى اللاعبين المخضرمين أمثال عباس عطوي (أونيكا)، وهيثم فاعور واحمد زريق المبدع ونور منصور والحارسين حمود وبيطار، واستغنى عن طارق العلي الى «التضامن» صور وحسين عواضة الى «الصفاء».
خرج «العهد» من مطب «الصفاء» في الأسبوع الأول للدوري ولم يقنع الكثيرين في شوط المباراة الثاني، لكنه دخل مطب الفوز بهدف على «المحرق» البحريني ليصعّب من مهمته في المنامة رغم ان الفريق قادر على العودة بإنجاز فريد له لو تخلى اللاعبون عن كبريائهم واقتنعوا بأن كرة القدم تحتاج الى الجدية والتواضع.
«الأنصار»
يعاني «الأنصار» لكنه لا ييأس، وأهمية المعاناة في أنها تمكنه دائما من اكتشاف مكامن هذا الضعف، فيعالج الضرر بالتي هي أحسن..
ويمتاز «الانصار» بخطوطه التي تضم مجموعة من اللاعبين لا تقل بتاتا عن غيرها من لاعبي الفرق الكبيرة، لكن باتت بحاجة الى الكثير من الانضباط والمتابعة.
قد لا يكون المدرب المستقيل جمال طه هو المشكلة والسبب في الخسارة المؤلمة للفريق في انطلاق الدوري، بل أولئك الذين يتغنون بالأمجاد وبالأرقام القياسية على حساب الواقع، الذي دمر عقلية الكثيرين وأبعدهم عن الهدف الاساسي في البطولات وهو إعادة الألقاب.
عاد زوران على أمل أن يرمم ما تصدع، لكن الفريق ما زال يعاني من مسألة الانسجام والمراكز، فغياب صانع الالعاب «ربيع عطايا» قد يترك فراغا مخيفا، لسبب أساسي هو أن الأجانب لم يكونوا على قدر التطلعات، فلا الموريتاني مولاي ولا البرازيلي برونو سميث اللذان تعاقد النادي معهما كانا على قدر المسؤولية، كما أن المسؤولية ضاعت في مهب الأهداف التي أصابت المرمى في مباراة «السلام» بغزارة.
والسؤال: كيف لنفس الفريق الذي أطاح «العهد» من كأس النخبة، أن يتلقى مثل هذه الخسارة؟.. الجواب أن الأجانب الثلاثة هم سبب ذلك، فعندما تعجز عن التهديف سيتلقى مرماك هدفا.
كل ذلك لم يمنع رئيس النادي نبيل بدر من أن يضع كل إمكانياته في سبيل تكوين فريق قادر على التمثيل الصحيح، فواكبه نفسيا وماديا ومعنويا، حتى أنه جهز ميزانية خاصة فاقت المليون و300 الف دولار، ومستعد لمضاعفتها إذا اقتضت الحاجة.
كان «الانصار» سباقا على اللاعبين المحليين عندما ضم علي الاتات ونصار نصار من «النبي شيت»، ثم تعاقد مع الموريتاني مولاي خليل وأتبعه بالبرازيلي برونو سميث وأكمل مسلسل التعاقدات المحلية بـ «عمر عويضة» وإعادة الكجك، وضم بلال نجدي من «التضامن» صور.
هي زلة قدم أمام «السلام» لن تمر مرور الكرام، اذ كانت المسألة تتعلق بالبديهيات، فوجود معتز بالله الجنيدي والاتات ونصار نصار وعطايا وحسن شعيتو والكجك والعاجي ريمي الذي ظهر ببعض الفنيات العالية قد يعيد الفريق الى سكة الانتصارات وينجح «الأخضر» بإعادة الحياة الى صفوفه.