على طريقة «القلّة تولّد النقار»، امتلأ فضاء الإفلاس السياسي «بخبريات» بقيت لقيطة، أو سابحة بين الاشاعة والخبر غير المسند، أو لا مصدر قوياً يقف وراءه.
ربما، في رأي مصادر سياسية، وراء أكمة الاخبار عن اتصالات وصلت إلى الرابية، عن ان جلسة 28 أيلول ستنتهي بانتخاب النائب ميشال عون رئيساً للجمهورية بغطاء أو مشاركة من تيّار المستقبل، ما وراءها لجهة اللعب على جمهور الطرفين، سلباً وايجاباً، عشية التحرّك، الذي يستعد له التيار الوطني الحر في فترة ما بين 28 أيلول و13 ت1.
وبمعزل عن الأهداف البعيدة والقريبة، للعبة الإشارات والتسريبات، سارع «تيار المستقبل» منذ الصباح الباكر، إلى نفي ان يكون مدير مكتب الرئيس سعد الحريري السيّد نادر الحريري، أجرى اتصالاً بالنائب ميشال عون، وابلغه دعم الرئيس الحريري لوصوله إلى رئاسة الجمهورية، وأن الكتلة ستنزل في 28 الجاري لانتخابه رئيساً للجمهورية.
ونفى مصدر قيادي في تيّار «المستقبل» ان يكون الوزير باسيل في طريقه إلى باريس وأن يكون التقى الرئيس الحريري هناك.
ولم يكتف نائب بيروت في كتلة المستقبل النائب عمار حوري بهذا النفي بل أكّد ان الحريري لا علم له بما نسبته له صحيفة الأنباء الكويتية.
وأكّد مصدر نيابي في كتلة المستقبل لـ«اللواء» ان البحث مستمر بالخروج من المأزق وأن الرئيس سعد الحريري قدم ما لديه، والكرة الآن لا تزال في ملعب الفريق الآخر.
وكشف هذا المصدر، ان الاتصالات مع المرشحين للرئاسة هي بين أخذ ورد، مشيراً إلى ان مستشار الرئيس الحريري الدكتور غطاس خوري، ناقش المعطيات السلبية التي تحيط بترشيح رئيس تيّار المردة النائب سليمان فرنجية، مع العلم ان «تيار المستقبل» لم يبلغه أي موقف في ما يتعلق بترشيحه له.
اما مصادر تكتل الإصلاح والتغيير فقالت لـ«اللواء»: «هناك تضخيم اعلامي للاتصالات الجارية بشأن تهدئة الأمور والسير بمبادرة معينة، مؤكدة وجود اتصالات لكن من دون نتائج مضمونة حول أي طرح، معربة عن اعتقادها ان أي كلام يندرج في إطار رمي بالون اختبار لتخفيف الاحتقان، في حين ان ما من شيء ملموس في الحقيقة.
ووصف عضو التكتل النائب سليم سلهب عبر «اللواء» الاتصالات التي تجري بـ«الخجولة»، مؤكداً انها غير قادرة على إحداث أي تطوّر بارز، وإذ تحدث عن رسائل متبادلة بين الرابية وبيت الوسط، اعتبر ان الأمر لا يتجاوز التمنيات وأن لا تحريك لأي أمر بهدف الوصول إلى نتائج.
بالمقابل، انتقد مصدر وزاري «الابواب المقفلة» في الرابية، بوجه الحظوظ الممكنة لمشاركة وزراء التيار العوني في جلسة مجلس الوزراء المتوقعة في 29 أيلول الجاري.
وتساءل المصدر، في وجه من يصعد العونيون، منتقداً وضع البلد امام معادلة سبق للبنانيين وذاقوا مرارتها، وهي «انتخاب فلان أو الفوضى»، والآن تعيد الرابية احياء المعادلة «إنتخاب عون أو التصعيد في الشارع».
واستبعد المصدر الوزاري الذي التقى الرئيس تمام سلام في السراي قبل سفره، عقد جلسة 29 أيلول، وهو الموعد الذي دعت فيه الهيئات الاقتصادية في بكركي العمال للوقوف مُـدّة ربع ساعة، احتجاجاً على الوضع الاقتصادي المزري حيث ان 11٪ من المؤسسات الاقتصادية أقفلت، أو هي في قيد الاقفال أو الاستغناء عن موظفيها.
واعتبر المصدر ان الكرة الآن في ملعب «حزب الله» الذي ان قرّر وزيراه المشاركة في الجلسة فإن الرئيس سلام لن يتردد لحظة في الدعوة إليها فور عودته من نيويورك.
بالمقابل، وصف أحد الوزراء المستقلين طالباً عدم الكشف عن اسمه، الجنوح العوني إلى التصعيد بأنه «جنون موصوف يُهدّد بتخريب البلد».
في هذا الوقت، كشف مصدر «قواتي» لـ«اللواء» ان «القوات ليست في وارد الانجرار إلى الشارع خاصة إذا كانت خطوة «التيار الوطني الحر» على خلفية التمديد لقائد الجيش جان قهوجي، حيث تدعم «القوات» مثل هذه الخطوة».
وقال المصدر ان القوات لا تشجّع على التصعيد في الشارع في هذه المرحلة، وهي تعمل على خطين، الأوّل يتعلق باقناع من يلزم اقناعه بانتخاب النائب عون، والثاني تكثيف المشاورات من أجل تفاهم على مشروع قانون انتخابي جديد ينطلق من مشروع القانون الذي تمّ التوافق عليه بين كتل «اللقاء الديمقراطي» و«القوات» و«المستقبل».
وأكد هذا المصدر ان تقدماً ما حصل في المشاورات الجارية بين «القوات» و«التيار الوطني الحر» لكنه امتنع عن كشف هذا التقدم.
وفيما يُشير قيادي في «التيار الوطني الحر» إلى ان خطط التحرّك الموضوعة، لم يطرأ عليها أي تغيير وأن التركيز الآن هو على نجاحها وفاعليتها، قالت مصادر نيابية في «حزب الله» ان الحزب لن يتحرك في الشارع إلى جانب «التيار العوني»، وإن كان يتفهم مبررات هذا التحرّك وخلفياته، مشيرة إلى ان الحركة في الشارع محفوفة بالمخاطر ولا يمكن الاطمئنان إلى أي خطوة في ظل كشف مزيد من شبكات الإرهاب، والمخاطر الأمنية المحدقة في البلاد.
ملفات نيويورك
وسط هذه الصورة الضبابية يصل الرئيس سلام بعد ظهر اليوم، إلى نيويورك، لترؤس وفد لبنان إلى اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة والمشاركة في القمة التاريخية للاجئين.
والأهم، ما يحمله الرئيس سلام إلى الدورة الحالية، من ملفات أجملها وزير مقرّب بالآتي:
1- الشغور الرئاسي وانعكاساته السلبية على تعطيل الدولة ومؤسساتها، وغياب الموازنة وجلسات التشريع والشلل الحكومي، وتهديد صيغة لبنان الفريدة.
وسيدعو الرئيس سلام سواء في الكلمة التي سيلقيها في هذا المحفل الدولي الكبير، أو اللقاءات التي سيجريها مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، والقادة المشاركين في اجتماعات الجمعية العمومية، التي تبدأ الأسبوع المقبل، المساعدة في إنهاء الشغور الرئاسي.
2- ملف النزوح السوري: إن لجهة الأعباء التي يتحملها لبنان، أو لجهة تذكير الدول الصديقة والشقيقة بالإلتزام بالوعود التي قطعتها على نفسها في المؤتمرات واللقاءات الدولية، سواء في نيويورك أو جنيف أو باريس أو بروكسيل.
وسيطالب الرئيس سلام هذه الدول بالوفاء بما تعهدت به، مشدداً على أن لبنان ينتظر قراراً سياسياً دولياً، بعودة النازحين السوريين إلى مناطق آمنة داخل الأراضي السورية، لا سيما مع سريان الهدنة في مدينة حلب وريفها بعدما أصبح عدد النازحين السوريين يقضّ مضاجع اللبنانيين إن لجهة العدد المليوني أو فرص العمل أو مزاحمة اليد العاملة اللبنانية، مؤكداً على أن لبنان يرفض التوطين ويتمسك ليس بالعودة الطوعية بل الإلزامية.
3- المساعدات للجيش اللبناني: وفي هذا المجال أكد المصدر المقرّب، أن لبنان أعدّ ملفاً كاملاً لاحتياجات القوى الأمنية، وفي مقدمتها الجيش اللبناني، الذي يحتاج إلى الأسلحة والعتاد ليتمكّن من الذود عن حدود لبنان جنوباً وشرقاً في مواجهة التطرّف والمجموعات المسلحة.
4- ملف الإرهاب: حيث سيؤكد لبنان أن القوى الأمنية والعسكرية تفكك الشبكات الإرهابية وتوقف العناصر التابعة للمنظمات المصنفة إرهابية وهو يحتاج إلى دعم مؤسساته وقواه ليتمكّن من مواصلة العمل لمكافحة الإرهاب، حيث يشترك مع دول أخرى في هذا الدور.
والأبرز، ما نقله وزير الصحة وائل أبو فاعور، موفداً من النائب وليد جنبلاط، عن الرئيس سلام قوله أن لا اتجاه لديه للتسليم بالتعطيل أو إدارة الظهر لمكوّنات موجودة في الحكومة، نظراً إلى أن مجلس الوزراء هو المؤسسة الوحيدة التي لا تزال فاعلة وعاملة.
وعلى الصعيد الحكومي، أكد وزير الثقافة روني عريجي أنه سيحضر بوصفه ممثلاً لتيار «المردة» أول جلسة يدعو إليها الرئيس سلام.
جنبلاط
في هذا الوقت ما تزال المعلومات عن المخطط المشبوه للتعرّض للنائب جنبلاط يستأثر باهتمام القوى السياسية والدبلوماسية.
ورأى الرئيس سعد الحريري أن الكشف عن مخطط لاغتيال جنبلاط هو إنجاز أمني وقضائي، معبّراً عن تضامنه وتعاطفه معه.
وقال عبر «تويتر»: «إن سلامة وليد جنبلاط من سلامة لبنان والتعبير عن التضامن معه والدعوة إلى حمايته مسؤولية عربية ووطنية في مواجهة أدوات الفتنة والشر».
وعلى خط المختارة - الرابية، ذكر موقع «النشرة» الالكتروني أن اتصالاً هاتفياً جرى في الساعات الماضية بين النائب جنبلاط والنائب ميشال عون جرى خلاله التداول بما يجري على الساحة اللبنانية والإقليمية، إضافة إلى موضوع رئاسة الجمهورية، وكشف أن جو الاتصال كان ودّياً وإيجابياً.
واستبعد جنبلاط في حوار أجراه معه مركز «كانينغي» للشرق الأوسط وعممته جريدة «الأنباء» الالكترونية الناطقة باسم الحزب التقدمي الاشتراكي، أن يحصل انتخاب رئيس جديد للجمهورية في المستقبل القريب، مشيراً إلى أن من يبتّ بالملف الرئاسي هما سوريا وإيران، مشيراً إلى أننا في مأزق وحرب استنزاف والبلاد تشهد تراجعاً على مستوى الاقتصاد وتعني من هشاشة، متخوفاً من أن نكون قادرين على الاستمرار بعد سنة.
وقال: حليفي الأقوى سعد الحريري يزداد ضعفاً باضطراد وهذا أمر محزن.
وعن مستقبله، قال: «لا مستقبل لديّ وأملي الوحيد الحفاظ على البقاء، وآمل أن أكون قد نقلت هذه الرسالة إلى نجلي تيمور، وعندما تنتمي إلى طائفة صغيرة يكون هدف؛ حمايتها من خلال علاقات جيدة مع مختلف المكوّنات وعلى رأسها «حزب الله»، لافتاً إلى أن المسيحيين ليسوا بأفضل حال، واصفاً المجتمع الدولي بالأكذوبة الكبيرة، وقال: «قررت الخروج من فريق 14 آذار صوناً لطائفتي»، معتبراً أن المواجهة العسكرية هي انتحار للطائفة الدرزية.
ورداً على سؤال اعتبر أن نهايته السياسية المصالحة مع الرئيس السوري بشار الأسد وقال: «أفضّل الانتحار بشروطي أنا بدلاً من الذهاب إلى سوريا ومصافحة بشار».