تشبه الحالة السياسية في لبنان ذلك الواقف على حافة «الانتظار» وتحوط به العواصف من كل الجوانب. أولاً انتظار نتائج الانتخابات الأميركية التي يتنافس فيها المرشحان دونالد ترامب وهيلاري كلينتون، ثانياً انتظار ما ستؤول اليه الهدنة السورية واختراقاتها في ظل الإتفاق الروسي ـ الأميركي، ثالثاً انتظار تصعيد «التيار الوطني الحر» والنتائج التي سيفضي اليها، رابعاً انتظار مساعي المكوّنات اللبنانية للتوصل إلى انتخاب رئيس للجمهورية في ظل تعليق الحوار الوطني، والاتصالات الجارية عبثاً لإعادة لمّ الشمل الحكومي.
من بين هذه الإنتظارات مسألة حضور لبنان في نيويورك حيث تعقد اجتماعات ذات اهمية ومصيرية في شأنه، كون المطروح هو وضع النزوح السوري في ضوء بيانين، احدهما للرئيس الاميركي باراك اوباما، والآخر للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون. ويلامس البيانان في طرحهما التوطين لجميع النازحين واللاجئين، ما يعني انّ السوريين في لبنان مشمولون به، في الوقت الذي تشهد المنطقة تطورات جديدة، وخصوصاً في سوريا، حيث تستمر محاولات وقف إطلاق النار فيها تمهيداً لتسوية سياسية.
وفي هذه الاجواء، يذهب لبنان الى نيويورك خالي الوفاض، وبحكومة مترنّحة ومجلس نيابي معطّّل ورئاسة جمهورية شاغرة، وخلاف على تعيين القادة العسكريين. كذلك يذهب الى نيويورك بلا موقف موحّد، فرئيس الحكومة تمام سلام الذي يسافر اليوم، لم يدع مسبقاً اللجنة الوزارية المكلفة ملف النازحين، ولا مجلس الوزراء الى الانعقاد، ليكون كلامه معبّراً عن وجهة نظر جميع اللبنانيين وكل المكونات السياسية.
في المقابل، ذهب وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل الى نيويورك ومعه طرح مُعدّ في أروقة وزارة الخارجية، مقابل طرح آخر مُعدّ في أروقة السراي الحكومي، ما يعطي صورة مذلّة عن لبنان من شأنها ان تجعل كل الطروحات اللبنانية موضع تشكيك في الأمم المتحدة ولدى اجتماع سلام مع قادة العالم.
كل ذلك يجري في الوقت الذي لا ينخفض عدد النازحين، لا بل انهم يغزون سوق العمل اللبناني أكثر فأكثر.
وقالت مصادر مطلعة على التحضيرات الجارية لـ«الجمهورية» انّ الوفد اللبناني يحمل معه الى نيويورك مجموعة من التقارير التي أعدّتها اللجنة الوزارية وتلك التي وضعت بالتنسيق بين وزارة الشؤون الإجتماعية والبنك الدولي وبعض المنظمات الإقليمية والدولية التي تعنى بملف اللاجئين، ومنها مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة. وهذه التقارير تتحدث بالتفاصيل عن الواقع المأسوي الذي بلغه النزوح والكلفة الباهظة الملقاة على عاتق لبنان الرسمي والشعبي وحجم المخاطر الامنية والاقتصادية والاجتماعية والتربوية والصحية، وصولاً الى الهم الأمني الكبير الذي يلقي بتبعاته على اوضاع اللبنانيين في كثير من المناطق، كما في السجون التي غَصّت بالسوريين.
ولفتت المصادر الى انّ لبنان لن يتحدث عن ارقام محددة على رغم وجود ما يشير الى انّ حجم الكارثة على لبنان ألقت عليه خسائر تتجاوز الـ 21 مليار دولار. ولذلك، فهو يتجنّب الحديث عنها رسمياً في انتظار ما سيتقرر في المؤتمر وحجم التمويل المتوافر.
واضافت المصادر انّ اللقاءات التي عقدها سلام مع سفراء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي ألقت الضوء على حجم المساعدات للبنان، وإذا صحت التوقعات، فسيكون نصيب لبنان منها مهماً.
مكانك راوح
وسط هذا المشهد، استمر تعويل الرابية على نجاح الاتصالات السياسية لإحداث خرق حكومي ورئاسي، والّا فالتصعيد مستمر، خصوصا انّ «التيار الوطني الحر» يواصل الإعداد لتحركاته التصعيدية بعدما حدّد 28 أيلول و13 تشرين الأول موعدين للتحرك. في المقابل، واصل «حزب الله» حملته على المملكة العربية السعودية، محمّلاً إياها مسؤولية التأزم السياسي في لبنان عبر استمرار وضعها الـ»فيتو» على ترشيح رئيس تكتل «التغيير والاصلاح» النائب ميشال عون.
وقد انشغلت البلاد في الساعات الماضية بالمعلومات التي تحدثت اخيراً عن استعداد تيار «المستقبل» لانتخاب عون رئيساً للجمهورية في جلسة 28 أيلول الجاري، الّا انّ نواباً في كتلة «المستقبل» سارعوا الى نفي ذلك.
بو صعب
وقال وزير التربية الياس بو صعب لـ«الجمهورية»: «انّ الاشاعات التي تُضخّ عن اتصالات جرت مع الرابية والوعود والاستعدادات التي نُقلت لها، ونفيها لاحقاً، هي من صنع من يطلقها وينفيها، ولا علاقة للرابية بها لا من قريب ولا من بعيد، والعماد عون اكد مراراً انّ كل شيء لا يصدر عن مكتبه او عن مكتب «التيار الوطني الحر» في بيان رسمي لا يعنينا ولسنا معنيين به إطلاقاً». واشار بو صعب الى «انّ الاتصالات السياسية مستمرة مع جميع الاطراف، الا انّ بثّ الاشاعات هدفه فقط خلق البلبلة لنقل الاهتمام الى مكان آخر وهذه الاشاعات تعني مُطلقيها فقط»، وقال: «هم يطلقون الاشاعات لينفونها لاحقاً ونحن غير معنيين بها، وموعدنا في 13 تشرين الاول».
فتفت
وفي وقت حضر عضو كتلة «المستقبل» النائب أحمد فتفت حفلة الفنان كاظم الساهر ضمن «مهرجانات طرابلس الدولية» جالساً قرب وزير العدل اللواء أشرف ريفي، قال لـ»الجمهورية»: «موقفنا لا يزال هو نفسه ولم يتبدّل، مرشحنا هو رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية، ونحن سننزل الى جلسة انتخاب الرئيس في 28 ايلول، كذلك سننزل الى كل الجلسات، وإذا شاؤوا المجيء الى جلسة 28 أيلول، فأهلاً وسهلاً بهم، خصوصاً إذا استطاعوا تأمين أكثرية لانتخاب عون».
وإذ نفى فتفت حصول ايّ لقاء في باريس بين الحريري وباسيل مؤكداً انّ الكلام حوله «لا اساس له من الصحة»، وصف الاتصالات بين «المستقبل» والرابية عبر السيد نادر الحريري بـ»العادية، ولا شيء جديداً وموقفنا لا يزال هو نفسه».
وعما إذا كان لـ»المستقبل» مرشح ثالث؟ اجاب فتفت: «مرشحنا هو سليمان فرنجية». واستبعد انتخاب رئيس في جلسة 28 ايلول، وقال: «لا معطيات جديدة طالما انّ «حزب الله» مصرٌّ على التعطيل والتعيين».
لكن مصادر مطلعة اكدت لـ»الجمهورية» حصول اللقاء بين الحريري وباسيل في باريس عندما كان الاخير في طريقه الى نيويورك. واشارت الى ان اللقاء تحدد في ضوء اتصال تلقاه باسيل من نادر الحريري على اثر زيارة النائب السابق غطاس خوري لرئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع، موفداً من الرئيس الحريري، ثم زار خوري ايضا زعيم تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية موفدا من الحريري أيضاً، حسب المصادر نفسها.
بري: حفلة مزايدات
في موازاة ذلك، قال رئيس مجلس النواب نبيه بري امام زواره: «انّ ما يجري في لبنان أقرب الى لعبة لكسب الوقت او لتضييعه، لا بل هي حفلة مزايدات تضرب البلد من ادناه الى أقصاه، سياسية، رئاسية، زعاماتية، مناطقية، مزايدات في كل شيء». وكشف انه سيدعو الى جلسة تشريعية في تشرين الاول المقبل، حيث يكون المجلس النيابي قد دخل في دورته التشريعية العادية الثانية، «فهناك قضايا ضرورية لا بد من إقرارها، والمهم ان يتأمن النصاب القانوني بـ65 نائباً، وعندها تنعقد الجلسة». وكرر: «انا ما زلت عند رأيي في أننا ما لم نتفق على ما بعد رئاسة الجمهورية، فلا اعتقد انّ هناك رئاسة. الوقت يمضي واخطر ما فيه إن مضى، أننا لا نملك رؤية مشتركة لقانون الانتخاب».
وشدد بري على «الالتزام بالدستور، لا ان يبقى البعض معتبراً الدستور إلهاً من تمر يأكله ساعة يشاء». وأيّد عودة الحكومة الى الانعقاد بنحو طبيعي، رافضاً محاولات إسقاطها. وقال: «هناك من يريد اسقاط الحكومة، ولكنني اقول إننا كحركة «امل» و»حزب الله» اكثر من متفقين على بقاء هذه الحكومة لأنها إذا سقطت لا بديل منها ولن نستطيع ان نأتي بغيرها في غياب رئيس الجمهورية. صحيح انها مشلولة او معطّلة لكنّ الكحل احسن من العمى». ورداً على سؤال عن التحضيرات العونية للنزول الى الشارع قال بري: «الشارع واسع، يتسع للجميع، ثم هذا تحرك شعبي وهذا حق،
لكن يجب ان نرى ما هي الطروحات».
حركة بكركي
أما حركة بكركي فلم تهدأ، إذ التقى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أمس وزير الإتصالات بطرس حرب مستكملاً اللقاءات مع المسؤولين المسيحيين. وقال حرب لـ»الجمهورية»: «تستمر مسألة استغلال عواطف المسيحيين في مطالبة الفريق العوني بحقوقهم بنحو متوتر، ما يضع المسيحيين في مواجهة المسلمين، وهذا ما سينعكس ضرراً على العلاقات المسيحية الاسلامية في سبيل تمرير مصالح سياسية لا غير. حقيقة المسألة انها لا تخرج عن سياق التنافس بين مرشحَين مسيحيَّين، فما علاقة الشركاء في الوطن بهذه العملية؟».
ولم ينكر حرب «انّ البطريرك مستاء من هذا التصعيد، وهو يعتبر انّ هذا الأمر يخلق جواً متوتراً يضع المسيحيين في حالة غير سليمة على صعيد علاقتهم مع المسلمين. فهذه الأيام تستدعي من المسيحي أن يكون حذراً وأن لا يفتح جبهات جديدة، وهذا لا يعني تراجعاً عن أيّ حقوق للمسيحيين، ويجب أن لا نضيّع البوصلة والأهم اليوم انتخاب رئيس جمهورية مسيحي. هم لا يفهمون ما تعنيه الميثاقية، وتفسيرها الوحيد بالنسبة إليّ أن لا يستفرد المسيحيون بقرار في لبنان، وأن لا يستفرد المسلمون في قراراتهم، والقرار اللبناني يتطلب مشاركة الفئتين وهذا ما يضمنه الدستور من خلال نصاب الثلثين في مجلس الوزراء وليس النصف زائداً واحداً، خصوصاً في القرارات الكبيرة، والميثاقية لا يؤمّنها غياب حزب معيّن أو حضوره».
ولا يتوقع حرب انّ تحمل عودة الحريري معها انفراجات معيّنة «وليس من المتوقع أن يكون معه اسم مرشح جديد لرئاسة الجمهورية». لافتاً، في سياق رده على سؤال حول إمكانية ان يرشحه الحريري، أكد انّه «لا يسعى لأجل ذلك والمواقف التي يتخذها لا ترضي كل الناس في وقت يستميت آخرون لهذا المنصب حتى ولو شَوّهوا سمعة الآخرين».
ورجح حرب أن يكون مصير جلسة الانتخابات الرئاسية في 28 أيلول المقبل كسابقاتها، مستطرداً: «لا رئيس في الأفق ما لم يحصل تغيير داخلي أو إقليمي».
من جهتها، مصادر بكركي أكدت لـ«الجمهورية» انّ المشاورات مع القادة المسيحيين تأتي بعد سلسلة لقاءات دولية للراعي، حيث سمع الكلام نفسه من قادة الدول والمسؤولين فيها وهو: لماذا لم تنتخبوا رئيساً حتى الساعة؟ وهذا الملف ملك اللبنانيين وحدهم وعليهم إيجاد الحل وليس انتظار كلمة السرّ الدولية. ومن هذا المنطلق يحاول الراعي إيجاد حلّ داخلي يكون أساسه الاتفاق الماروني الشامل، ولكن حتّى الآن يبدو انه بعيد المنال».
ويأتي تواصل الراعي المباشر والمستمر مع قداسة البابا فرنسيس والرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في اطار متابعة المساعي الدولية لانتخاب رئيس للجمهورية، لكنّ الحراك الذي تقوده باريس والفاتيكان لم يؤد الى ايّ خرق، خصوصاً انّ كل الوساطات التي أجرتها باريس مع طهران لم تغيّر موقف الأخيرة من الاستحقاق إذ تقول انّ الموضوع هو لبناني و»حزب الله» هو من يقرر فيه ونحن لن نضغط على الحزب، في وقت يسعى الفاتيكان داخل الإدارة الأميركية لإبرام حلّ رئاسي، لكنّ واشنطن دخلت مرحلة الانتخابات الرئاسية وليست مهتمة سوى بأمن لبنان واستقراره.
وفي هذه الاجواء، يذهب لبنان الى نيويورك خالي الوفاض، وبحكومة مترنّحة ومجلس نيابي معطّّل ورئاسة جمهورية شاغرة، وخلاف على تعيين القادة العسكريين. كذلك يذهب الى نيويورك بلا موقف موحّد، فرئيس الحكومة تمام سلام الذي يسافر اليوم، لم يدع مسبقاً اللجنة الوزارية المكلفة ملف النازحين، ولا مجلس الوزراء الى الانعقاد، ليكون كلامه معبّراً عن وجهة نظر جميع اللبنانيين وكل المكونات السياسية.
في المقابل، ذهب وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل الى نيويورك ومعه طرح مُعدّ في أروقة وزارة الخارجية، مقابل طرح آخر مُعدّ في أروقة السراي الحكومي، ما يعطي صورة مذلّة عن لبنان من شأنها ان تجعل كل الطروحات اللبنانية موضع تشكيك في الأمم المتحدة ولدى اجتماع سلام مع قادة العالم.
كل ذلك يجري في الوقت الذي لا ينخفض عدد النازحين، لا بل انهم يغزون سوق العمل اللبناني أكثر فأكثر.
وقالت مصادر مطلعة على التحضيرات الجارية لـ«الجمهورية» انّ الوفد اللبناني يحمل معه الى نيويورك مجموعة من التقارير التي أعدّتها اللجنة الوزارية وتلك التي وضعت بالتنسيق بين وزارة الشؤون الإجتماعية والبنك الدولي وبعض المنظمات الإقليمية والدولية التي تعنى بملف اللاجئين، ومنها مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة. وهذه التقارير تتحدث بالتفاصيل عن الواقع المأسوي الذي بلغه النزوح والكلفة الباهظة الملقاة على عاتق لبنان الرسمي والشعبي وحجم المخاطر الامنية والاقتصادية والاجتماعية والتربوية والصحية، وصولاً الى الهم الأمني الكبير الذي يلقي بتبعاته على اوضاع اللبنانيين في كثير من المناطق، كما في السجون التي غَصّت بالسوريين.
ولفتت المصادر الى انّ لبنان لن يتحدث عن ارقام محددة على رغم وجود ما يشير الى انّ حجم الكارثة على لبنان ألقت عليه خسائر تتجاوز الـ 21 مليار دولار. ولذلك، فهو يتجنّب الحديث عنها رسمياً في انتظار ما سيتقرر في المؤتمر وحجم التمويل المتوافر.
واضافت المصادر انّ اللقاءات التي عقدها سلام مع سفراء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي ألقت الضوء على حجم المساعدات للبنان، وإذا صحت التوقعات، فسيكون نصيب لبنان منها مهماً.
مكانك راوح
وسط هذا المشهد، استمر تعويل الرابية على نجاح الاتصالات السياسية لإحداث خرق حكومي ورئاسي، والّا فالتصعيد مستمر، خصوصا انّ «التيار الوطني الحر» يواصل الإعداد لتحركاته التصعيدية بعدما حدّد 28 أيلول و13 تشرين الأول موعدين للتحرك. في المقابل، واصل «حزب الله» حملته على المملكة العربية السعودية، محمّلاً إياها مسؤولية التأزم السياسي في لبنان عبر استمرار وضعها الـ»فيتو» على ترشيح رئيس تكتل «التغيير والاصلاح» النائب ميشال عون.
وقد انشغلت البلاد في الساعات الماضية بالمعلومات التي تحدثت اخيراً عن استعداد تيار «المستقبل» لانتخاب عون رئيساً للجمهورية في جلسة 28 أيلول الجاري، الّا انّ نواباً في كتلة «المستقبل» سارعوا الى نفي ذلك.
بو صعب
وقال وزير التربية الياس بو صعب لـ«الجمهورية»: «انّ الاشاعات التي تُضخّ عن اتصالات جرت مع الرابية والوعود والاستعدادات التي نُقلت لها، ونفيها لاحقاً، هي من صنع من يطلقها وينفيها، ولا علاقة للرابية بها لا من قريب ولا من بعيد، والعماد عون اكد مراراً انّ كل شيء لا يصدر عن مكتبه او عن مكتب «التيار الوطني الحر» في بيان رسمي لا يعنينا ولسنا معنيين به إطلاقاً». واشار بو صعب الى «انّ الاتصالات السياسية مستمرة مع جميع الاطراف، الا انّ بثّ الاشاعات هدفه فقط خلق البلبلة لنقل الاهتمام الى مكان آخر وهذه الاشاعات تعني مُطلقيها فقط»، وقال: «هم يطلقون الاشاعات لينفونها لاحقاً ونحن غير معنيين بها، وموعدنا في 13 تشرين الاول».
فتفت
وفي وقت حضر عضو كتلة «المستقبل» النائب أحمد فتفت حفلة الفنان كاظم الساهر ضمن «مهرجانات طرابلس الدولية» جالساً قرب وزير العدل اللواء أشرف ريفي، قال لـ»الجمهورية»: «موقفنا لا يزال هو نفسه ولم يتبدّل، مرشحنا هو رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية، ونحن سننزل الى جلسة انتخاب الرئيس في 28 ايلول، كذلك سننزل الى كل الجلسات، وإذا شاؤوا المجيء الى جلسة 28 أيلول، فأهلاً وسهلاً بهم، خصوصاً إذا استطاعوا تأمين أكثرية لانتخاب عون».
وإذ نفى فتفت حصول ايّ لقاء في باريس بين الحريري وباسيل مؤكداً انّ الكلام حوله «لا اساس له من الصحة»، وصف الاتصالات بين «المستقبل» والرابية عبر السيد نادر الحريري بـ»العادية، ولا شيء جديداً وموقفنا لا يزال هو نفسه».
وعما إذا كان لـ»المستقبل» مرشح ثالث؟ اجاب فتفت: «مرشحنا هو سليمان فرنجية». واستبعد انتخاب رئيس في جلسة 28 ايلول، وقال: «لا معطيات جديدة طالما انّ «حزب الله» مصرٌّ على التعطيل والتعيين».
لكن مصادر مطلعة اكدت لـ»الجمهورية» حصول اللقاء بين الحريري وباسيل في باريس عندما كان الاخير في طريقه الى نيويورك. واشارت الى ان اللقاء تحدد في ضوء اتصال تلقاه باسيل من نادر الحريري على اثر زيارة النائب السابق غطاس خوري لرئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع، موفداً من الرئيس الحريري، ثم زار خوري ايضا زعيم تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية موفدا من الحريري أيضاً، حسب المصادر نفسها.
بري: حفلة مزايدات
في موازاة ذلك، قال رئيس مجلس النواب نبيه بري امام زواره: «انّ ما يجري في لبنان أقرب الى لعبة لكسب الوقت او لتضييعه، لا بل هي حفلة مزايدات تضرب البلد من ادناه الى أقصاه، سياسية، رئاسية، زعاماتية، مناطقية، مزايدات في كل شيء». وكشف انه سيدعو الى جلسة تشريعية في تشرين الاول المقبل، حيث يكون المجلس النيابي قد دخل في دورته التشريعية العادية الثانية، «فهناك قضايا ضرورية لا بد من إقرارها، والمهم ان يتأمن النصاب القانوني بـ65 نائباً، وعندها تنعقد الجلسة». وكرر: «انا ما زلت عند رأيي في أننا ما لم نتفق على ما بعد رئاسة الجمهورية، فلا اعتقد انّ هناك رئاسة. الوقت يمضي واخطر ما فيه إن مضى، أننا لا نملك رؤية مشتركة لقانون الانتخاب».
وشدد بري على «الالتزام بالدستور، لا ان يبقى البعض معتبراً الدستور إلهاً من تمر يأكله ساعة يشاء». وأيّد عودة الحكومة الى الانعقاد بنحو طبيعي، رافضاً محاولات إسقاطها. وقال: «هناك من يريد اسقاط الحكومة، ولكنني اقول إننا كحركة «امل» و»حزب الله» اكثر من متفقين على بقاء هذه الحكومة لأنها إذا سقطت لا بديل منها ولن نستطيع ان نأتي بغيرها في غياب رئيس الجمهورية. صحيح انها مشلولة او معطّلة لكنّ الكحل احسن من العمى». ورداً على سؤال عن التحضيرات العونية للنزول الى الشارع قال بري: «الشارع واسع، يتسع للجميع، ثم هذا تحرك شعبي وهذا حق،
لكن يجب ان نرى ما هي الطروحات».
حركة بكركي
أما حركة بكركي فلم تهدأ، إذ التقى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أمس وزير الإتصالات بطرس حرب مستكملاً اللقاءات مع المسؤولين المسيحيين. وقال حرب لـ»الجمهورية»: «تستمر مسألة استغلال عواطف المسيحيين في مطالبة الفريق العوني بحقوقهم بنحو متوتر، ما يضع المسيحيين في مواجهة المسلمين، وهذا ما سينعكس ضرراً على العلاقات المسيحية الاسلامية في سبيل تمرير مصالح سياسية لا غير. حقيقة المسألة انها لا تخرج عن سياق التنافس بين مرشحَين مسيحيَّين، فما علاقة الشركاء في الوطن بهذه العملية؟».
ولم ينكر حرب «انّ البطريرك مستاء من هذا التصعيد، وهو يعتبر انّ هذا الأمر يخلق جواً متوتراً يضع المسيحيين في حالة غير سليمة على صعيد علاقتهم مع المسلمين. فهذه الأيام تستدعي من المسيحي أن يكون حذراً وأن لا يفتح جبهات جديدة، وهذا لا يعني تراجعاً عن أيّ حقوق للمسيحيين، ويجب أن لا نضيّع البوصلة والأهم اليوم انتخاب رئيس جمهورية مسيحي. هم لا يفهمون ما تعنيه الميثاقية، وتفسيرها الوحيد بالنسبة إليّ أن لا يستفرد المسيحيون بقرار في لبنان، وأن لا يستفرد المسلمون في قراراتهم، والقرار اللبناني يتطلب مشاركة الفئتين وهذا ما يضمنه الدستور من خلال نصاب الثلثين في مجلس الوزراء وليس النصف زائداً واحداً، خصوصاً في القرارات الكبيرة، والميثاقية لا يؤمّنها غياب حزب معيّن أو حضوره».
ولا يتوقع حرب انّ تحمل عودة الحريري معها انفراجات معيّنة «وليس من المتوقع أن يكون معه اسم مرشح جديد لرئاسة الجمهورية». لافتاً، في سياق رده على سؤال حول إمكانية ان يرشحه الحريري، أكد انّه «لا يسعى لأجل ذلك والمواقف التي يتخذها لا ترضي كل الناس في وقت يستميت آخرون لهذا المنصب حتى ولو شَوّهوا سمعة الآخرين».
ورجح حرب أن يكون مصير جلسة الانتخابات الرئاسية في 28 أيلول المقبل كسابقاتها، مستطرداً: «لا رئيس في الأفق ما لم يحصل تغيير داخلي أو إقليمي».
من جهتها، مصادر بكركي أكدت لـ«الجمهورية» انّ المشاورات مع القادة المسيحيين تأتي بعد سلسلة لقاءات دولية للراعي، حيث سمع الكلام نفسه من قادة الدول والمسؤولين فيها وهو: لماذا لم تنتخبوا رئيساً حتى الساعة؟ وهذا الملف ملك اللبنانيين وحدهم وعليهم إيجاد الحل وليس انتظار كلمة السرّ الدولية. ومن هذا المنطلق يحاول الراعي إيجاد حلّ داخلي يكون أساسه الاتفاق الماروني الشامل، ولكن حتّى الآن يبدو انه بعيد المنال».
ويأتي تواصل الراعي المباشر والمستمر مع قداسة البابا فرنسيس والرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في اطار متابعة المساعي الدولية لانتخاب رئيس للجمهورية، لكنّ الحراك الذي تقوده باريس والفاتيكان لم يؤد الى ايّ خرق، خصوصاً انّ كل الوساطات التي أجرتها باريس مع طهران لم تغيّر موقف الأخيرة من الاستحقاق إذ تقول انّ الموضوع هو لبناني و»حزب الله» هو من يقرر فيه ونحن لن نضغط على الحزب، في وقت يسعى الفاتيكان داخل الإدارة الأميركية لإبرام حلّ رئاسي، لكنّ واشنطن دخلت مرحلة الانتخابات الرئاسية وليست مهتمة سوى بأمن لبنان واستقراره.