بالرغم من ان السفيرة الاميركية في بيروت اليزابت ريتشارد تتفادى مقاربة المسائل بصورة تفصيلية خلال زياراتها او خلال لقاءاتها، فهي تبدو قاطعة حين تسأل عن الاحتمالات اللبنانية ـ الاسرائيلية او عن الاحتمالات السورية ـ الاسرائيلية، واذ تتطرق الى بعض التفاصيل تجزم بأن الستاتيكو الذي ارساه قرار مجلس الأمن رقم 1701 على الخط الازرق لا يزال اياه و«سيبقى».
كذلك الامر بالنسبة الى اتفاق فض الاشتباك عام 1974 بين سوريا واسرائيل، بصراحة تتحدث عن خطوط حمراء اميركية وروسية، ونقلت بالصيغة المناسبة، وباللهجة المناسبة، الى الأطراف المعنية.
ومثلما هناك مخاوف لبنانية، ومخاوف سورية، من بنيامين نتنياهو الذي يذهب بعيداً في جنوحه نحو اقصى اليمين، فان الاشارات الاميركية، وسواء كانت عبر موسكو او عبر اي عاصمة أخرى، تشدد على ان اي تفجير لهذه الجبهة او تلك ليس وارداً.
وتبعاً لما يستشف من المصادر الديبلوماسية، والاعلامية الاميركية والروسية على السواء، فان اتصالات رفيعة المستوى جرت من اجل عدم دفع الامور في الجنوب السوري نحو الانفجار، مع ادراك واشنطن وموسكو ان تل ابيب ترفض ان تكون بعيدة عن صياغة اي تسوية تتعلق بسوريا.
لا مفاجآت مجنونة عبر الخط الازرق، وقد كرّس توازن الرعب حالة الهدوء منذ عشر سنوات وحتى اليوم، ولا مفاجآت مجنونة باتجاه اقامة شريط حدودي (سبق لـ«الديار» واشارت اليه) على غرار الشريط التركي او على غرار الشريط الذي اقيم في جنوب لبنان، ومن أيام سعد حداد حتى أيام انطوان لحد.
ومثلما المسرح السوري تحت المظلة الاميركية ـ الروسية، كذلك المسرح اللبناني، حتى ان جهات سياسية على تواصل مع اوساط ديبلوماسية في بيروت لا تستبعد ان يعطي الوزيران جون كيري وسيرغي لافروف بعضاً من الوقت للأزمة اللبنانية.
بعضاً من الوقت؟ سياسي لبناني يروي انه تمنى على السفير الروسي الكسندر زاسبيكين اعطاء بضع ثوان للبنان خلال اللقاءات مع الاميركيين، فرد زاسبيكين ضاحكاً «هل تقصد بضع سنوات؟»
والذي يمكن تأكيده ان واشنطن وموسكو ابلغتا مراجع لبنانية بأن على اهل السياسة في لبنان ان يكونوا اكثر حذراً في الوقت الحاضر من اي وقت مضى اذ قد يوجد هناك من يحاول القفز فوق الهدنة الصعبة في الساحة السورية الى الخاصرة اللبنانية الرخوة او الشديدة الهشاشة.
من هنا كانت نظرة جهات أمنية وسياسية الى قنبلة كسارة التي شاءت الصدفة، او الخطأ في الضغط على زر التفجير، الا توقع قتلى وجرحى في موكب حركة «امل» من البقاع الى صور، وبعدما تأكد ان الخلية الامنية التي تم ضبطها تعمل لحساب تنظيم «داعش».
الجهات اياها تعتبر ان ردة الفعل على توقيف الشيخ بسام الطراس بقدر ما كانت مذهلة بقدر ما كانت مريعة، ولا فارق بين الذين فجروا، أو بأدمغة، أو بأيدٍ، بربرية مسجدي السلام والتقوى في طرابلس من اجل اشعال الفتنة، والذين فجروا عبوة كسارة للغاية نفسها.
والمثير هنا ان تشير بعض المعلومات الى ان الذين خططوا كانوا يراهنون على «عصبية» عنـاصر الحـركة فـي مناطق الخندق الغميق والشياح بوجه خاص وقيـامهم بردة فعل عاصفة، ودون الاخذ بالاعتبار الية الضبط المركزي في «أمل» بالنسبة الى ظروف مماثلة وطارئة.
الضبابية تلف المشهد بكامله، واعتراف من قوى اساسية بأن كل الطرقات مقفلة، ولا يمكن المضي في اي اتجاه (الا في اتجاه المجهول) الا بتدخل دولي او خارجي بوجه عام، وان كان هناك من يقول ان الرئيس سعد الحريري سيعود، هذه المرة، وهو يشمّر عن ساعديه (ولا يكتفي بخلع سترته امام الجمهور)، محاولاً ايجاد حل او سبيل للخروج من عنق الزجاجة.
هذا فيما يلاحظ ما يردده بعض «الكادرات» الطرابلسية في تيار المستقبل، هؤلاء يقولون ان وزير العدل المستقيل اشرف ريفي الذي لم يعد باستطاعته العودة الى الوراء، والذي يخشى ان يكون قد بالغ كثيراً في اظهار قوته وثمـة من نصــب له اكثر من كمين، يحاول تنظيم انقلاب ضد سعد الحريري.
هم يشيرون الى ان تواصل ريفي مع بهاء الحريري، الشقيق الأكبر لرئىس تيار المستقبل، يثير اسئلة كثيرة، وهناك شائعات واقوال كثيرة حول لقاءت (واموال) و«مراسيل» بالصورة التي توحي كما لو ان شيئاً ما يعد في الخفاء. وهذا الذي يحمل «الشيخ سعد» الذي يدرك مدى التخلخل، ومدى الانتهازية، داخل المكتب السياسي للتيار، كما في مواقع اخرى لا تقل حساسية، على تغيير اســـلوبه في العمل، بدءاً من تنظيف التيار من «الحالات الشاذة» من داخل تيار المستقبل انه باستثناء احمد الحريري، المهموم فعلاً بسعد الحريري والذي جاب البلاد طولاً وعرضاً، وفي اكثر الظروف تعقيداً، للحد من الاختراقات والاختلالات، فضلاً عن لعب الكثيرين على الحبال، وباستثناء قلة قليلة من القيادات التي ظلت على اخلاصها لتراث الرئىس رفيق الحريري، فان القيادات الاخرى لم تكن بالمستوى المطلوب خلال التواجد «القسري» للحريري خارج البلاد.
من الداخل ايضاً ان هناك في العائلة، كما في التيار، وأيضا عبر الحدود، من يغرز الخناجر في ظهر الحريري، حتى ان هناك من يؤكد انه لولا متانة اعصاب «الشيخ سعد»، وولاؤه للتركة السياسية والشعبية لبلاده، لقال للجميع... وداعاً.
ومن داخل التيار ايضاً ان السعوديين الذين لم يعودوا بالسخاء السابق، ولا بالتعاطف السابق، لا يزالون يعتبرون الحريري رقم واحد داخل الطائفة السنية، وهم يعتبرون ان من يرفعون القفازات في وجهه بعدما انشقوا عنه لسبب او لآخر لا يعدون كونهم فقاعات سياسية ولا تلبث ان تنطفئ.
تأكيد ان هناك في المملكة من ينظر بسلبية الى الحريري، غير ان هؤلاء منشغلون في امور أخرى، وحساسة جداً، بالنسبة الى السعودية، ودون ان يصلوا الى حد التفكير الجدي بتصنيع البديل، وهو أمر يبدو مستحيلاً بكل المقاييس وبكل الظروف.
على كل، الشيخ سعد لا «يقصر» في واجباته، اخر «تجلياته» في هذا المجال، تغريده، عبر تويتر، معـلقاً عــلى مقالة لوزير الخارجية الايرانية محمد جواد ظـــريف في «النيويورك تايمز» هاجم فيها السعودية والوهابية.
رئيس تيار المستقبل وصف ايران بالدولة التي «تتولى اوسع عملية تخريب للمجتمعات العربية»، ولاحظ ان ظريف «يستخدم منبراً اعلامياً اميركياً لتحريض الادارة الاميركية والشعب الاميركي ضد السعودية».
اضاف «لقد باتت منابر الشيطان الأكبر، في نظر القيادة الايرانية، صالحة للاستخدام في تقديم وجهات النظر الشيطانية».
اللافت ان مواقع للتواصل الاجتماعي، وتعتبر قريبة من المناخ السعودي، سألت «أليس من الافضل ان يرد الحريري على ظريف بمقالة في الصحيفة الأميركية او في اي صحيفة اميركية كبرى، بدل التصريح الذي لا يتوقع ان يكون له اي صدى في المملكة.
المهم ان الحريري آت، آت، آت. يعرف ان عودته الى السراي الحكومي لا ترتبط بالاحكام الدستورية، ولا بالمشاورات الالزامية كما «تروي» التصريحات المتلاحقة، وانما بأحكام اخرى، وبأعراف اخرى، وعلى اساس معادلة «الجنرال في القصر والشيخ في السراي».
لا مجال في الوقت الحاضر للصدمات الكهربائية، اذا كان جاهزاً للنطق باسم ميشال عون، فهناك من هم خبراء في وضع السيناريوات، وفي التسخين التكتيكي، وفي تمرير الفيلة من ثقب الابرة بحيث لا يعود هناك صوت مؤثر لا لأشرف ريفي ولا لخالد ضاهر، وحتى لو علا هذان الصــوتان، فان الطهاة الماهرين يعرفون كيف «يطبخون» الرئيس ويعملون على تسويقه حتى لدى «البشمات النابذة».
التيار الحر حدد اليوم الفاصل 13 تشرين الاول، يوم الخروج من القصر هو يوم الدخول الى القصر. هذا ما يردده اصحاب الاقدام الجاهزة للتوجه الى بعبدا ومواجهة كل الاحتمالات.
رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد تحدث عن «تدوير الزوايا». اتصالات مكوكية مكثفة يقوم بها الحزب من اجل التوصل الى مخرج ما وبعدما بدا ان عون مصر للذهاب في معركته الى النهاية...
وراء الاضواء يتردد ان قيادة حزب «القوات اللبنانية» عقدت اجتماعات عدة لبلورة موقفها من تحركات التيار الوطني الحر، وعلى اساس ان ترك التيار وحيداً، او «في احضان حزب الله»، وهو الذي يرفع شعارات تلقى صداها لدى القاعدة المتعاطفة مع «القوات»، لا بد أن يرتد سلباً عليها.
ثم ماذا اذا ربح الجنرال الرهان و«القوات اللبنانية» على الحياد، فيما يندفع «حزب الله» بأقصى قوته لايصاله الى القصر؟
المسألة تركت لمستشار رئيس «القوات» العميد وهبي قاطيشا الذي صرح بـ«اننا لن نترك عون في نص البير ونقطع الحبل فيه»، مضيفاً بأن «هذا غير وارد، وعلى غيرنا اقناع عون في حال وصل الى طريق مسدود»، ليضيف «اذا وافق على التنحي تكون له حصة الأسد في اختيار رئيس الجمهورية».
وصفه بـ«الافضل في المرحلة بما يمثل وبمن يمثل».
ـ «القوات» وحبل النجاة ـ
ومع ان الاوساط السياسية ترى ان قاطيشا لا يمكن ان يكون بحنكة او ببراعة الدكتور سمير جعجع في تدبيج التوريات السياسية واللغوية، فان تفسيرات شتى اعطيت لكلامه، ومنها ان قاطيشا يريد ان يوحي لعون بأن حبل النجاة في يد «القوات» لا في اي يد أخرى، وان احتمال وصول عون الى الطريق المسدود واردة، ودون التمسك به مرشحاً وحيداً، اذ ان جائزة الترضية حاضـرة، وهي «حصة الاسد» في اختيار الرئيس العتـيد.
حصة الأسد؟ في هذه الحال من يختار الجنرال جبران باسيل أم شامل روكز؟
الجنرال هو الجنرال ولا يتزحزح، ولا يقبل بجوائز الترضية. في نظر الخبير العسكري الشهير، والراحل، جورج بوي ان الجنرال إما يتقدم او يتراجع او يطلق رصاصة على رأسه، هنا الجنرال أمامه خيار وحـيد أوحـد.
خصوم رئيس تكتل التغيير والاصلاح بدأوا يطلقون ما دعاه قيادي في التيار لـ«الديار» بالقنابل الدخانية، وزير الاتصالات بطرس حرب لوّح بـ«حملة شعبية ديمقراطية لمواجهة الابتزاز واغراق البلاد في اجواءا لتفرقة والكراهية».
ـ تنافس المسيحيين والمسيحيين ـ
ورأى «ان التنافس ليس بين المسلمين والمسيحيين بل بين المسيحيين والمسيحيين على المراكز المسيحية في السلطة والادارة»، مضيفا بـ«ان البعض يحاضر بلغة الطهارة» فيما روائح صفقاتهم وثرواتهم المفاجئة تفوح في كل البلاد».
اما تعليق القيادي في التيار فهو ان «معاليه سيستجلب جمهوره من الصين».
وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس لاحظ «ان التيار الحر يريد الشيء ونقيضه، ومطالبه ليست واضحة»، ليضيف «ان الفرصة التي اتيحت من خلال مجلس الوزراء، في جلسة من دون قرارات، كانت فرصة من اجل التوصل الى تسوية معينة الا ان ما لمسناه تصعيد ورفض لأي نوع من التقارب».
ـ اليوم الخطير ـ
مصدر وزاري قال لـ«الديار» ان كل المعطيات تشير الى ان التيار الوطني الحر يعد لـ«يوم خطير» في 13 تشرين الاول المقبل، وقد تكون لذلك تداعياته الحساسة جداً بالنسبة الى الوضع اللبناني في المرحلة المقبلة، في هذه الحال، لا بد من بذل اقصى الجهود لتدوير الزوايا، وايجاد المخارج قبل ذلك اليوم، والا...
الاوساط السياسية تسأل ماذا اذا وقف «حزب الله» ووقفت «القوات اللبنانية شعبياً الى جانب عون في 13 تشرين الاول؟
مقربون من مرجع كبير يقولون ان الامور يجب ألا تصل الى «نقطة الانفجار» في حال من الاحوال، ليضيف ان «حزب الله» أكثر عقلانية وأكثر دراية بالاحوال وبمآلها، وهو يعرف ما هي عواقب شارع ضد شارع في ظل الاحتقان السياسي والمذهبي الراهن.
القرار منع الانفجار في 13 تشرين الاول المساعي تبذل ماراتونيا المسألة لا تتطلب اكثر من ان يتفوه الحريري باسم ميشال عون
الديار : الجنرال رئيساً او «الانفجار» في 13 تشرين
الديار : الجنرال رئيساً او «الانفجار» في 13...لبنان الجديد
NewLebanon
|
عدد القراء:
291
مقالات ذات صلة
الجمهورية : السلطة تحاول التقاط أنفاسها... والموازنة تفقدها...
الاخبار : السفير الروسي: الأميركيّون يهيّئون لفوضى في...
اللواء : باسيل يتوعَّد السياسيِّين.. ورعد...
الجمهورية : مجلس الوزراء للموازنة اليوم وللتعيينات غداً.....
الاخبار : الحريري بدأ جولة...
اللواء : هل يستجيب عون لطلب تأجيل جلسة المادة...
ارسل تعليقك على هذا المقال
إن المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس بـالضرورة سياسة الموقع
© 2018 All Rights Reserved |
Powered & Designed By Asmar Pro