أشاح استنفار دولي شهدته بيروت على المستويين الديبلوماسي والاعلامي أمس الأنظار عن الاحتدام السياسي الآخذ في التصاعد، واكتسب هذا الاستنفار دلالات بارزة وخصوصاً لجهة تأكيد المجتمع الدولي دعمه للحكومة من جهة وحرصه على تبديد المخاوف اللبنانية من توطين اللاجئين السوريين في لبنان من جهة أخرى. واذ استرعى الانتباه توحيد الخطاب الدولي حيال الواقع اللبناني بما يعكس استمرار المظلة الدولية للاستقرار الداخلي ووضع ضوابط أمام احتمالات تفلت الاشتباك الداخلي بما يهدد هذا الاستقرار، بدا البيان الجماعي الذي صدر عن سفراء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن والمنسقة الخاصة للامم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ عقب زيارتهم لرئيس الوزراء تمّام سلام عشية توجهه الى نيويورك واضحاً من حيث اطلاق الرسائل المتصلة بموقف الاسرة الدولية من ابرز ملفات الازمة السياسية الداخلية. وقد تضمن البيان "تأكيداً للدعم القوي لاستمرار الاستقرار في لبنان" وأشاد بجهود رئيس الوزراء معربا عن "الدعم المتواصل لعمله" ودعا السفراء الخمسة وكاغ "جميع الاطراف اللبنانيين الى العمل بمسؤولية خدمة للمصلحة الوطنية لتمكين المؤسسات الحكومية من العمل بفاعلية"، كما عبروا عن "قلقهم العميق حول الشغور في رئاسة الجمهورية" ودعوا الى عقد جلسة لمجلس النواب "في شكل عاجل والشروع في انتخاب رئيس للجمهورية"، متطلعين الى اجراء الانتخابات النيابية في السنة المقبلة "ضمن الجدول الزمني المحدد".
وفي السياق نفسه علمت "النهار" ان المراجع الدولية شددت على أهمية إنخراط لبنان في القمة الدولية التي دعت الولايات المتحدة وعدد من الدول الأخرى الى عقدها في نيويورك في 20 أيلول الجاري والتي ستتناول موضوعي الهجرة وااللاجئين، وكذلك في مؤتمر قمة الامم المتحدة المعني باللاجئين والمهاجرين المقرر عقده في نيويورك في 19 منه. وقالت مصادر ديبلوماسية إن لبنان سينال في المؤتمريّن دعماً مادياً ومعنوياً مهماً. ودعت الى تصحيح الفهم الخاطئ لعبارة "إعادة توطين اللاجئين"، موضحة ان المجتمع الدولي يقصد من ورائها توطين اللاجئين في بلد ثالث. والامر في حالة لبنان وبما يتعلق باللاجئين السوريين سيكون إعادة توطين هؤلاء في بلد ثالث غير لبنان وغير سوريا اذا لم تنته الحرب في سوريا، مما يعني ان عدد اللاجئين سيكون الى تناقص في الدول المضيفة لهم.
وخففت المصادر وطأة التباين الظاهر على المستوى الحكومي اللبناني في مقاربة موضوع اللاجئين، فرأت أن التباين مرده الى الضغوط الناجمة عن إستضافة لبنان اكثر من مليون لاجئ سوري وهو بلد يبلغ تعداد سكانه خمسة ملايين نسمة. لكن هذا القلق الداخلي لم يغيّر طريقة تعامل لبنان الانسانية مع اللاجئين على رغم ان لبنان لم يوقّع إتفاق جنيف لعام 1951 الخاص باللاجئين.
وشدّدت مجدداً على إنخراط الوفد اللبناني في قمتيّ نيويورك حيث ينتظر لبنان مزيدا من الدعم إضافة الى عقد عدد من اللقاءات الجانبية المهمة وهي فرصة للبنان لتوجيه رسالته الى العالم لكي يتحمل مسؤولياته في مساعدته على تحمّل عبء ملف اللجوء.
تعهد دولي
وفي موازاة اللقاء الديبلوماسي لسفراء الدول الخمس ومنسقة الامم المتحدة والرئيس سلام، برزت مجموعة ندوات اعلامية شاركت فيها "النهار" وتركزت على مسألة اللاجئين. وفي مؤتمر جامع عبر الفيديو في بيت الامم المتحدة ببيروت، قال المدير السياسي في مكتب رئيس الدورة الـ70 للجمعية العمومية للامم المتحدة كمال امكران لـ"النهار" إن "الحمل (اللاجئين) لم يعد يقتصر على لبنان بل سيتشاطره معه المجتمع الدولي". وتحدث عن تعهد متوقع في الاجتماع الذي تنظمه الامم المتحدة في 19 ايلول باعادة توزيع مليون ومئتي الف لاجئ. وقال رداً على سؤال: "لبنان أدى دوره ولا بد من تشجيع سواه على أن يحذو حذوه". أما مستشارة الامين العام للامم المتحدة الخاصة لمؤتمر حركات اللاجئين والمهاجرين كارين أبو زيد فأقرت بوجود "سوء فهم في لبنان لأهداف المنظمة الدولية المتعلقة بهذا المؤتمر".