استغربت أوساط خليجية الضجيج الذي أثير لدى وسائل الإعلام القريبة من طهران حول قيام أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني بالاتصال بالرئيس الإيراني حسن روحاني هاتفيا الثلاثاء الماضي بمناسبة عيد الأضحى.
واعتبرت هذه الأوساط أن خلف الضجيج حاجة إيرانية ملحة لإنجاح أي تواصل بين إيران وأي عاصمة خليجية بهدف إقامة خطّ تواصل بإمكانه اختراق المزاج الخليجي العام المعادي للسياسة الإيرانية في المنطقة.
وأشارت هذه الأوساط إلى أن ما نقل عن أمير قطر حول “أهمية أن ترتكز العلاقات الخليجية الإيرانية على مبادئ حسن الجوار والاحترام المتبادل”، لا يمثّل تطورا استثنائيا، بل هو لسان حال مختلف دول مجلس التعاون التي ما برحت تردد، في كافة مواقفها الجماعية الرسمية ومواقف قادتها منفردين، هذه القواعد لإرساء علاقة “طبيعية” مع إيران.
وتشديد الشيخ تميم على أن “تتمّ تسوية أي خلافات خليجية إيرانية عن طريق التفاوض والحوار”، هو مطلب خليجي عام، وأن الطرف الإيراني هو الذي لم يحترم قواعد هذا الحوار من خلال تدخله المباشر في شؤون دول المنطقة، في اليمن والعراق، كما في سوريا ولبنان مرورا بالبحرين والكويت والسعودية.
ويتطلب الحوار الذي تنادي به المجموعة الخليجية والذي أكده أمير قطر في اتصاله بالرئيس الإيراني توفّر بيئة ملائمة أهم عناصرها توقف طهران عن العبث بأمن المنطقة.
ولا تقبل دول مجلس التعاون الخليجي بحوار وفق شروط تفرضها إيران عبر تدخلها في شؤون دول المنطقة. ونقطة الخلاف الدائمة بين طهران والعواصم الخليجية، هي رفض إيران التخلي عن سياساتها العدوانية التي يبدو أنها جزء بنيوي من طبيعة النظام الإيراني وشروط بقائه.
ويرى مراقبون أن الرئيس الإيراني حسن روحاني الذي أكد لأمير قطر، خلال نفس الاتصال حسب وكالة فارس، على “ضرورة تعزيز التعاون بين بلدان المنطقة لا سيما في الخليج وحل مشاكلها على يد بلدانها بالحوار”، لا يمثّل السياسة الحقيقية للنظام الإيراني حيال بلدان الخليج المجاورة.
وأشاروا إلى أن الحملة التي شنّها المرشد الأعلى علي خامنئي ومنابر إيرانية عديدة، بمن فيها وزير الخارجية محمد جواد ظريف، ضد السعودية بمناسبة موسم الحج هذا العام، لا تعبّر إلا عن عدوانية لا يبدو أن طهران مستعدة للتخلي عنها.
ولم ينقطع التواصل بين أمير قطر والرئيس الإيراني، وآخر اتصال بينهما، قبل الأخير، كان في 5 يوليو الماضي وكرر فيه روحاني أن “إيران تحرص على تكريس سياسة التعاون بدلا من التنافس(…)”.
وقال روحاني إنه “يمكن تحقيق هذا المشروع من خلال تكثيف اللقاءات وتعزيز ثقافة الحوار بين البلدان”، فيما أكد أمير قطر حينها أن “تطوير التعاون بين إيران وقطر ودول الخليج يخدم مصالح البلدين إيران وقطر ويؤدي إلى تعزيز أسس السلام والصداقة على صعيد المنطقة”.
وفيما احتفلت إيران باتصال الشيخ تميم بالرئيس روحاني بصفته حدثا منفصلا، أوردت وكالة الأنباء القطرية الخبر في سياق تبادل التهاني بالعيد وضمن سلسلة من الاتصالات أجراها الأمير مع قيادات عربية وإسلامية، وفي ترتيب متأخر.
وذكرت الوكالة أن “الأمير تبادل التهاني بعيد الأضحى المبارك مع قادة الدول العربية والإسلامية، العاهل المغربي الملك محمد السادس، والرئيس عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية اليمنية، ورجب طيب أردوغان رئيس الجمهورية التركية، والرئيس حسن روحاني رئيس الجمهورية الإيرانية”.
ونفت مصادر خليجية ما روجه الإعلام القريب من إيران عن وجود وساطة يقوم بها الأمير تميم بين إيران والسعودية، معتبرة أن قطر لا تعتبر نفسها محايدة في الموقف من السياسة الإيرانية حتى تتولى مثل هذه الوساطة، وأنها متضامنة بشكل كامل مع الموقف الخليجي المعلن، وأن قواتها مشاركة في حرب اليمن ضد امتدادات إيران هناك.
ولفتت هذه المصادر إلى أن لا حاجة إلى وساطة بين الرياض ودول الخليج من جهة وإيران من جهة ثانية، فقد سبق لوزير الخارجية السعودي عادل الجبير أن كرر في مناسبات عديدة أنه “لا حاجة للوساطة مع إيران، فطهران تدرك ما عليها القيام به لإصلاح العلاقات”، معتبرا “أن ما قامت به إيران وما تقوم به من أعمال عدائية تجاه المملكة يجب أن يتغير”.
ويصعب أن يحدث تقارب بين إيران ودول الخليج في وقت تدعم طهران الميليشيات لإرباك الوضع الأمني في المنطقة، فضلا عن استمرار الإعلام المقرب منها في إذكاء الشحن الطائفي، والذي شهد أوجه قبل بدء مناسك الحج، مستفيدا من التصريحات المستفزة للمسؤولين الإيرانيين ضد السعودية.
صحيفة العرب