إنقضت عطلة الاضحى وفتحت الملفات المتعفنة , أولها الحكومة التي دخلت في غيبوبة وباتت تحتاج إلى معجزة
السفير :
ربما يبدو الوقت الحالي «ضائعا» أو «ميتا» بالمعنى السياسي للكلمة في مرحلة شلل الحوار والحكومة والمجلس النيابي وفراغ الرئاسة، لكنه بالنسبة الى «التيار الوطني الحر» لا يكاد يكفي لاستكمال التعبئة الشعبية والتحضيرات اللوجستية لما يسميها «الانتفاضة الشعبية المتجددة» التي ستخط رسائلها بـ «الأحرف الأولى» في 28 أيلول الحالي، قبل «الكلمة الفصل» في 13 تشرين الأول المقبل، بالتزامن مع ذكرى إزاحة العماد ميشال عون بالقوة العسكرية عن قصر بعبدا في العام 1990.
أعطى عون، أمس، إشارة واضحة الى أن أياما معدودة باتت تفصل بينه وبين الخيارات الصعبة التي يلوّح بها منذ فترة، وبالتالي فإن «مهلة السماح» التي أعطاها للخصوم والحلفاء على حد سواء اقتربت كما يبدو من نهايتها، لتكون الأيام الفاصلة عن الجلسة الانتخابية الرئاسية في 28 أيلول بمثابة «الفرصة الأخيرة» لاختبار حقيقة النيات والخيارات، وفق روزنامة الرابية، قبل الاستدارة نحو معادلة جديدة في السياسة والشارع.
وعليه، أكدت مصادر قيادية في «التيار الوطني الحر» لـ «السفير» أن جلسة 28 أيلول «ستشكل نقطة تحول، وما بعدها لن يكون كما قبلها، فإما أن تُترجم الإيماءات والإشارات الإيجابية حيال عون الى قرار بانتخابه في ذلك اليوم، وإما أن تتكشف كل المناورات وينتقل التصعيد البرتقالي المتدرج بدءا من هذا التاريخ الى مستوى جديد ستتغير معه قواعد اللعبة، حيث من المتوقع أن يكسر الجنرال في 13 تشرين الأول «الصمت الاضطراري» وأن يلقي أمام مناصريه خطابا مفصليا يحدد فيه الخطوات المقبلة ويشرح مسار الإقصاء الذي يستهدفه منذ عام 1990 بوسائل عدة».
ويقول العارفون بطبيعة عون إن الرجل «يعيش منذ مدة في غربة عن نفسه، وهو الذي لم يعتد أن يكتم مشاعره ويتكتم على ما يفكر فيه، طيلة هذا الوقت، لكنه قاوم انفعالاته في محاولة منه لـ «تبرئة ذمّته»، قبل أن يعود الى الواجهة.. والمواجهة».
يعتقد عون أن الحريري معني مع عودته القريبة الى لبنان بأن يحسم تردده خلال الفترة الممتدة حتى 28 أيلول، وذلك على قاعدة تسوية ميثاقية تاريخية، تحمل «الأقوياء» الى الحكم بناءً على ترتيبات مسبقة، فيكون «الجنرال» رئيسا للجمهورية والحريري رئيسا للحكومة ونبيه بري رئيسا لمجلس النواب.
وهناك في أوساط «التيار الحر» من يرجح أن يحصل لقاء «قريب» و «حتمي» بين عون والأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله، إما قبل جلسة 28 أيلول إذا ثبت أنها ستحمل «الجنرال» الى قصر بعبدا، وعندها تكون وظيفة اللقاء تنسيق المواقف والطروحات حيال الحقبة الجديدة، خصوصا بالنسبة الى ترتيب العلاقة مع رئيس الحكومة المفترض سعد الحريري، وإما أن تُعقد قمة «السيد» - «الجنرال» بعد 28 أيلول إذا سقطت الفرصة الأخيرة، وذلك بهدف وضع قيادة «حزب الله» في أجواء التصعيد النوعي الذي سيلجأ اليه «التيار».
وتلفت الأوساط الانتباه الى أن وجود تراكمات سياسية باتت تحتاج الى نوع من «التكرير»، لتمتين التحالف الاستراتيجي وتحصين مناعته، وتكشف عن أن بعض المقربين من «الجنرال» طرحوا عليه مؤخرا فكرة عقد لقاء بينه وبين نصرالله، وأن عون أبدى اطمئنانا الى «الوعد الصادق» لـ «السيد» على المستوى الرئاسي، معتبرا أنه ما من مشكلة في حصول الاجتماع «متى كانت هناك حاجة اليه».
وكان تكتل «التغيير والإصلاح» قد حدد خلال اجتماعه الأسبوعي برئاسة عون، موعدين للتحرك في 28 أيلول «حيث محطة الاستحقاق الرئاسي الوطني، وفي 13 تشرين الأول حيث المحطة الفاصلة، إذا ما وصلنا إلى استحقاقاتنا، وكانت سلطاتنا ومواقعنا معلقة على خشبة الكيد والظلم»، وفق البيان الذي تلاه عضو «التكتل» سليم جريصاتي.
وحذر التكتل من «أن مرحلة التعبئة تشرف على بدايتها، ونحن نحضّر للتحرك المتدرج بعنوان الميثاق، على أساس حقوق ميثاقية تمارس ولا تعطى»، مؤكدا أن أحدا لا يزايد على عون في المقاربات الوطنية، ومنبّهاً الى أنه «عندما نتحرك لن يقف تحركنا وأُعذر من أنذر، فهو لن يتوقف قبل الرئاسة وقانون الانتخاب بالمعايير الميثاقية».
النائب «المتطوع»
على المقلب الآخر من المعركة الرئاسية، نقل زوار النائب سليمان فرنجية عنه تأكيده أنه مستمر في ترشيحه الرئاسي وأنه متفائل بمسار المرحلة المقبلة وانعكاساتها على لبنان. وكرر فرنجية التأكيد أن ترشيحه سيبقى قائما ما دام هناك نائب واحد يؤيده.
وعُلم أن النائب عاصم قانصو الذي زار فرنجية في بنشعي أمس توجه اليه بالقول: تأكد أنني سأواصل دعمك حتى النهاية، وسأكون إذا لزم الأمر، ذاك النائب الوحيد الذي يمكنك أن تتكل عليه لتواصل معركتك الرئاسية!
بري - جعجع
في هذه الأثناء، انتقل الحوار المعطل من طاولة عين التينة إلى فضاء «تويتر» الذي كان أمس مسرحاً لسجال سياسي بين معراب وعين التينة، بعد المواقف التي أطلقها الرئيس نبيه بري عبر «السفير» وتضمنت انتقادات حادة لموقف رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع من تركيبة الحوار.
وغرّد جعجع عبر «تويتر» قائلا: «صديقي الرئيس نبيه بري، لقد قرأتُ مطالعتك بشأن تركيبة الحوار بإمعان ولدي الكثير لأقوله فيها، لكني لن أفعل لأنني لا أحب يوماً أن أدخل بجدل معك».
أضاف في تغريدة ثانية: «يبقى كلمة أخيرة، أتمنى لكَ التوفيق مع هذه التركيبة وآمَل أن تصل الى أولى نتائج الحوار في الـ11 سنة القادمة إن شاءَ الله».
وسارع بري للرد على رد جعجع فقال: «سبق الفضل.. وبدعائك تبخر الحوار»...
وسرعان ما رد جعجع على ردّ بري الأخير قائلاً: «هالتركيبة للحوار منا(منها) بحاجة لدعائي حتى تتبخر... بركتها منّا وفيّا(منها وفيها)».
ودعا بري خلال لقاء الاربعاء النيابي إلى إبعاد الإجراءات والإنجازات الأمنية عن المزايدات السياسية، داعيا الى أن نترك الأمن والقضاء يعملان بعيدا عن مثل هذه المزايدات. وأشار الى «إن إسرائيل هي المتضرر الأول من الهدنة السورية التي قد تتحوّل إلى اتفاق».
النهار :
خرج اجتماع "تكتل التغيير والاصلاح" أمس بـ"خلاصة" اعلنها بيانه: "في الخلاصة، الى الموعدين في 28 أيلول حيث محطة الاستحقاق الرئاسي الوطني و13 تشرين الأول حيث المحطة الفاصلة. إذا ما وصلنا إلى استحقاقاتنا، وسلطاتنا ومواقعنا معلقة على خشبة الكيد والظلم، ستكون المحطة الفاصلة، محطة العماد عون بامتياز".
ينذر هذا البيان بأن قرار التصعيد اتخذ في دوائر "التيار الوطني الحر" وهو موجه الى الحلفاء قبل الخصوم، خصوصاً ان "الرضى" العوني عن الحلفاء يشوبه حذر من عدم توافر الدعم المستمر لبلوغ عون الرئاسة الاولى، وفي ظل قرار "حزب الله" ومعه "تيار المردة" المشاركة في الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء. واذا كان موعد الجلسة الانتخابية المقبلة في 28 أيلول الجاري، فان موعد جلسة مجلس الوزراء في 29 منه، وسيصطدم مجلس الوزراء أيضاً بالتصعيد المعطل في ظل غياب أي مؤشر للتوصل الى حل.
وأول ارتدادات التصعيد الذي بدأ بتعطيل الحوار، أعلنه النائب علي فياض من عين التينة، "فالمحادثات المتعلقة بالقانون الجديد (للانتخاب) توقفت. والامر الواقع سيأخذنا الى القانون النافذ حالياً أي الستين". وهذا الامر يأتي بمثابة رد من بري على عون، وأيضا "على اتفاق عون – جعجع، وعلى "تيار المستقبل" في ظل رفض هذه القوى قانون الانتخاب الحالي.
وقد تصطدم نية التصعيد بأكثر من جدار يعطلها، أو يحد من مفاعيلها، ويجعلها مجرد تحرك بسيط، أو يدخل "التيار" في مجهول جديد اذا ما قرر المضي في تصعيد غير مدروس. وقالت مصادر وزارية لـ"النهار" إن الديبلوماسية الاميركية أبلغت العماد عون عبر شخصية قريبة منه ضرورة عدم الذهاب بعيدا في التصعيد خشية أن يتحول لبنان مركز إستقطاب، وقت تنصرف الجهود الى ترسيخ الهدنة في سوريا. وأوضحت ان الديبلوماسية الروسية أبلغت عون مباشرة موقفاً مماثلاً للموقف الاميركي.
المسار الجديد للرئاسة
أما الجديد على المقلب الاخر، فهو ما تحدث عنه النائب السابق غطاس خوري موفداً من الرئيس سعد الحريري الى رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، أي "المسار الجديد للرئاسة" بعد عودة الحريري قريباً. وقد تكتمت أوساط الطرفين على مضمون المشاورات واكدت تمسك كل فريق بموقفه الرئاسي، بينما علمت "النهار" من مصادر نيابية متابعة ان "المسار الجديد قد يكون مضي الرئيس الحريري بمرشح توافقي يقبل به فريقا 8 و14 اذار، ويكون البديل من مرشحين حاليين لم يتم الاتفاق على أي منهم. واذا كان هذا الاقتراح يسهل عملية التوافق، فان البحث يجري عندها في الاسماء وفي شكل الحكومة المقبلة وبيانها الوزاري. وهذه الامور قد تشكل مدخلا الى الاتفاق على قانون انتخاب جديد". ولا ترى الاوساط ان الحريري يتخلى عن ترشيح النائب سليمان فرنجية "لكنه مستعد للبحث في خيارات أخرى تكون محل توافق وطني ويوافق عليها فرنجيه كما عون وكل الافرقاء. والى ذلك الوقت فانه متمسك بترشيح فرنجيه". وتشدد على ان الحريري لن يتفرد بهذه الخطوة.
الديار :
المؤشرات محدودة على ان الهدنة العسكرية في سوريا تستتبع، تلقائياً، الهدنة السياسية في لبنان الذي يكاد السفراء الاجانب يجمعون على القول انه، وداخل ذلك الكوكتيل من الازمات، يبدو وكأنه غابة من الالغام.
عطلة العيد باردة وخاوية، وحديث عن ان الفاتيكان الذي يتابع بدقة تطورات «الوضع المسيحي» في لبنان نصح برئيس للجمهورية من خارج السيرك السياسي...
واللافت ان هذا الكلام الذي يتردد في بعض الاروقة السياسية تزامن تقريباً مع سؤال سفير اوروبي كان في زيارة احد المطارنة الكاثوليك: لماذا لا تنتخبوا البطريرك مار بشارة بطرس الراعي رئيساً للجمهورية.
بدقة اشار السفير الى اجتماع الرباعي الماروني في بكركي وتحت عباءة البطريرك، وحيث كان الاتفاق على ان تؤول رئاسة الجمهورية الى احد الاربعة (امين الجميل، ميشال عون، سليمان فرنجية وسمير جعجع).
وتبعاً لكلام السفير فان الاربعة اصطدموا بالحائط. لا احد يمكنه ان يصل الى قصر بعبدا، فلماذا لا يكون المضيف هو «فخامة الرئيس» بالاضافة الى لقبيه الآخرين «نيافة الكاردينال» و«غبطة البطريرك».
السفير تنبه الى ان الراعي لا يستطيع ان ينتقل الى اي مكان آخر، باستثناء الديمان صيفاً، بكركي هي المقر التاريخي للبطريرك الماروني. مثلما هناك فتاوى دستورية هناك فتاوى كنسية...
في كل الاحوال، طرح البطريرك للرئاسة مسألة ليست بالجديدة، وعلى اساس ان الطائفة المارونية باتت بحاجة الى رأس يقودها في هذه المرحلة الدقيقة، لا الى رؤوس تناطح بعضها البعض.
والاستنتاج ان هذا الطرح انما يعكس دقة، وخطورة، المأزق، اذ ان القوى السياسية كافة تشدد على اي «معجزة» تحول دون انهيار الدولة التي تعيش الهشاشة السياسية بكل اشكالها ما يشي بالاحتمالات الخطيرة، فهي لا تزال رهينة الحساسيات المذهبية، وفي ضوء ما حدث بالنسبة الى الشيخ بسام الطراس.
وهنا يقول لـ«الديار» وزير سابق وقانوني بارز انه لم يقرأ في الكلام الذي صدر عن وزير الخارجية جبران باسيل سوى الفديرالية او الكونفديرالية، وهو مطلب مسيحي قد يكون محقاً اذا ما اخذ بالاعتبار الى اي مدى وصل الاحتقان المذهبي بين المسلمين الذين يشكلون نحو ثلثي سكان البلاد.
غير ان الوزير يشير الى ان لبنان، جغرافياً، ميني دولة، واهميته الفلسفية والتاريخية تكمن في كونه «بيتاً بمنازل كثيرة»، حتى اذا ما سقطت هذه الصيغة لم يعد هناك مبرر لبقائه، وفي هذه الحالة يفترض الدمج بين الخارطة السورية القابلة لكل الاحتمالات والخارطة اللبنانية القابلة، بدورها، لكل الاحتمالات.
كل الكلام الذي يتردد الآن في الضوء او بعيداً من الضوء يؤكد ان الدوامة لا تزال على حالها، وان اوحى البعض في تيار المستقبل بان الرئيس سعد الحريري، العائد قريباً الى لبنان، بلور رؤية او مقاربة جديدة للازمة الرئاسية. البعض حتى داخل تيار المستقبل بدأ يروج لفكرة 3 سنوات لعون و3 سنوات لفرنجية والا الذهاب في اتجاه آخر.
الاوساط السياسية ترى ان عــودة الحـريـري، وبعد ذلـك الغياب الغامض الذي اطلق العنان لكل اشكال التكهنات، قد تلقي حجراً في المياه الراكدة، وهذا لا يكفي النائب جمال الجراح اكد ان الحريري «لن يطلق مبادرات كما اطلق في السابق (القديم على قدمه).
اما ما سيفعله فهو «البحث عن قواسم مشتركة مع القوى السياسية لنخرج من الازمة».
ورأى انه «لا بد من ايجاد حل معين في مكان غير الذي نحن فيه الآن لوجود استحالات في الواقع السياسي في محاولة انتخاب رئيس للجمهورية»، مشيراً ان «حزب الله» سيطرح التعطيل والاستمرار في التعطيل، وعلى القوى السياسية ان تجد مخرجاً متفقاً عليه بين كل القوى السياسية».
«الديار» سألت سفيراً خليجياً في بيروت، وهو في بلاده حالياً، عن الاجواء الخليجية حيال الاستحقاق الرئاسي في لبنان، فكان رده «يخطئ من يعتقد ان هذه المسألة موضوع اخذ ورد في الحاضرة السياسية السعودية، المملكة على موقفها الذي لم يتغير منذ ان بدأ الشغور الرئاسي في 25 ايار 2016».
ـ ماذا بعد الشارع؟ ـ
اما ما هو هذا الموقف، فالامر متروك للاجتهادات وللتسريبات التي تقول ان انتخاب رئيس للبنان لن يحصل قبل ان يتبلور شكل التسوية في سوريا.
ولكن ماذا يحدث عندما يخرج عون من قاعة الانتظار وينزل الى الشارع؟ لا شيء سيتغير على الارض، ليبقى السؤال الذي يفترض ان يطرحه التيار الوطني الحر... ماذا بعد الشارع؟
اكثر من جهة سياسية وتلاحظ ان الازمة هي ازمة جمهورية لا ازمة رئاسة جمهورية. وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس قال «ان الهدف الوطني الاعلى هو ابقاء الدولة على قيد الحياة الى حين بدء بوادر الحلول في سوريا لانه في حال تفكك الدولة في هذه المرحلة سيتحول الاستقرار الامني الذي نعمنا به الى سراب».
واشار الى ان الرئيس سلام «حاول تلافي الالغام، ولم يمرر اي قرار حكومي من دون ارادة التيار الوطني الحر على الرغم من انه تعرض لهجوم غير مسبوق، الا انه غير قادر على التخلي عن مهماته».
ورأى «ان من يهدد بالشارع لن يجد شارعاً مقابلا، ليتقدم ضمناً التيار الوطني الحر بالقول «ان البعض يخترع قواعد من اجل تحقيق مصالحه السياسية وجعل حروف الدستور مطاطية واسرف في تفسيره على حساب (قياس) احواله ومصالحه.
ـ لقاء الحريري ـ عون ـ
والواقع ان الجراح ليس وحده الذي تحدث عن ان الحريري سيبحث مع القوى السياسية عن قواسم مشتركة لتحريك الملف السياسي. ثمة وزير مستقبلي «اوحى» لاحد المراجع بان لقاء بين الحريري وعون ليس مستبعداً، ليشير الى ان رئيس تيار المستقبل قام بـ«جوجلة» دقيقة للمشهد السياسي العام، ولكن دون ان يشير الوزير الى اي لقاءات هامة عقدها الحريري مع مسؤولين سعوديين او غير سعوديين في هذا المجال. وبحسب الوزير، فان الحريري سيحمل معه افكاراً، وانه سيتشاور مع الرئيس نبيه بري ومع النائب وليد جنبلاط في هذه الافكار لانه يريد تأمين التغطية لاي خطوة او لاي طرح قد يراه مناسباً للخروج من عنق الزجاجة.
ربما السجال التوتيري بين بري والدكتور سمير جعجع هو الشيء الوحيد الذي كسر رتابة المشهد السياسي، وثمة من يسأل ما اذا كانت الكيمياء المفقودة بين عين التينة والرابية موجودة بين عين التينة ومعراب. واضح ان الحكيم يحاذر، تكتيكياً واستراتيجياً، ان يخوض المواجهة مع بري يريد ان يبقي على اكثر من شعرة معاوية مع هذا الاخير، ليتفرغ للهجوم على «حزب الله» الذي بات قضيته على مدار الساعة.
استغراب بري اقتراح جعجع خفض عدد المشاركين في جلسة الحوار الى خمسة او ستة (مع ان اللوياجيرغا اللبنانية تضم كل ملوك الطوائف وكل بارونات السياسة) حملت جعجع على التعليق «صديقي الرئيس بري، لقد قرأت مطالعتك في شأن تركيبة الحوار بامعان، ولدي الكثير لاقوله فيها لكنني لن افعل لانني لا احب يوماً ان ادخل في جدل معك».
تمنى لرئيس المجلس «التوفيق مع هذه التركيبة، وامل ان نصل الى اولى نتائج الحوار في الـ11 سنة القادمة ان شاء الله»، لماذا 11سنة؟ على اساس ان زنزانة الحوار هي مثل زنزانة وزارة الدفاع.
تويترياً يرد بري «سبق الفضل، وبدعائك تبخر الحوار»، التعليق «تركيبة الحوار ليست بحاجة الى دعائي حتى تتبخر، بركتها منها وفيها».
ـ لا جديد تحت الشمس ـ
اما في لقاء الاربعاء، فقد ابلغ بري النواب ان «لا شيء جديداً تحت شمس السياسة»، على ان يكون الحوار، في حال عودته على قواعد جديدة، ودون ان يفصح عن طبيعة هذه القواعد».
غير ان الذي توقف عنده بري ما تعرضت له المديرية العامة للامن العام من حملات ورسائل وتهديدات بسبب توقيفها الشيخ بسام الطراس على خلفية تفجير كسارة.
رئيس المجلس قال «لنترك الامن والقضاء يعملان بعيداً عن مثل هذه المزايدات لانهما يشكلان مظلة تحمي الجميع وتحفظ استقرار البلد وسلامته».
الحملة كشفت مدى هشاشة الوضع المذهبي وقابليته للانفجار. كثيرون استعادوا تجربة الامن العام مع شادي مولوي والى اي مدى هددت امن مدينة طرابلس بل وامن البلاد باسرها.
مصدر وزاري قال لـ«الديار» هناك من هو جاهز لاستعمال اسلحة الدمار الشامل من اجل تشكيل قاعدة شعبية له، وهناك من يدعي الاعتدال ولا يستطيع ترجمة ذلك حفاظاً على قاعدته حتى ولو خربت الدنيا».
الجمهورية :
مرّ عيد الأضحى، ولم يحمل معه لا عيدية رئاسية ولا حكومية ولا مجلسية ولا انتخابية، بل إنّ أيّ سياسي لم يُضَحِّ ولو بموقف من شأنه أن يُبرّد السياسة الساخنة، أو يقرّب المسافات المتباعدة، أو يفتح ثغرةً في الحائط السياسي السميك بتعقيداته. وفي وقتٍ انتهت المرحلة الأولى من الاتفاق الأميركي - الروسي بشأن الهدنة في سوريا، أعلنَت واشنطن وموسكو تمديد وقفِ إطلاق النار 48 ساعة إضافية، في حين ينتظر سكّان المناطق المحاصرة تطبيق الاتفاق من الناحية الإنسانية ودخول المساعدات إلى مناطقهم.
سلكت أزمة النفايات في المتن وكسروان طريقَها نحو الحلّ بعد إعلان بلدية برج حمّود الموافقة على إعادة العمل في الموقف المخصّص لتخزين النفايات الجديدة بعد فرزها، وفقاً للشروط والمعايير الموضوعة، وذلك لمدةٍ زمنيّة توازي قدرةَ موقف التخزين على استيعاب كمّية النفايات. أمّا النفايات القديمة التي تكدّست على الطرق، فإنّ البلدية هي غير معنية بها ولا يمكنها استقبالها في المكبّ المستحدَث.
الجمود المفتوح
على المستوى السياسي، الواضح أنّ مرحلة ما بعد العيد، قد لا تختلف عمّا قبله، وبالتالي ستشكّل استمراراً للاشتباك السياسي الدائر على كلّ الجبهات السياسية، وخصوصاً على جبهة الحكومة، التي دخلت عملياً في حالة من الجمود المفتوح، في انتظار نتائج الوساطات الجارية على أكثر من خط، لرأبِ الصدع الحكومي الذي تبَدّى مع مقاطعة «التيار الوطني الحر» جلسات مجلس الوزراء.
ويبدو أنّ الوساطات محكومة بسقفٍ زمنيّ ينتهي مع نهاية الشهر الجاري، ويقود الجانب الأساسي منها «حزب الله» في اتّجاه رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون، في محاولةٍ لتليين موقفه، بما يُعيد بثَّ الحياة الطبيعية في جسم الحكومة.
وإذا كانت القوى السياسية على اختلافها تؤكّد الحرصَ على الحكومة باعتبارها «ناطور الدولة»، على حدّ تعبير مصادر وزارية بارزة، والمؤسسة الشرعية الوحيدة التي ما تزال قائمة، والتي يفترض أن تتصدّى في الآتي من الأيام لمجموعة من الاستحقاقات الداهمة، ولا سيّما على المستوى المالي، بالإضافة إلى أولويات وضرورات ملِحّة عائدة لعددٍ مِن الوزارات، فقد علمت «الجمهورية» أنّ القيادات السياسية والرسمية تلقّت في الآونة الأخيرة رسائل دولية متعددة تنصَح بالحفاظ على الحكومة وعدمِ القيام بما يمكن أن يهدّد بقاءَها واستمرار عملها.
«الحزب» في الرابية
وفي هذا الإطار، كثّفَ «حزب لله» إطلالاته في اتّجاه الرابية، حيث علمت «الجمهورية» أنّ مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب الحاج وفيق صفا، الذي زار الرابية منتصف الأسبوع الماضي والتقى رئيس «التيار» الوزير جبران باسيل، عاد وزار الرابية يوم الجمعة الماضي والتقى عون وباسيل.
وبحسب المعلومات، فإنّ البحث تناولَ التطوّرات الأخيرة التي دفعت «التيار» إلى اعتماد خيار التصعيد السياسي ومقاطعة جلسات مجلس الوزراء، ووصِف البحث بالجدّي، حيث عبّرَ عون عن كلّ الهواجس التي تعتريه في هذه المرحلة، عارضاً الأسبابَ التي حملته على سلوك المنحى التصعيدي.
وفي هذا السياق، أكّدت مصادر موثوقة لـ«الجمهورية» وجودَ تحضيرات جدّية تجري ما بين «حزب الله» والرابية، لعقدِ لقاءٍ وشيك بين عون والأمين العام للحزب السيّد حسن نصرالله.
لكنّ المصادر لم تؤكّد أو تنفِ ما تردّد عن تحضيرات لعقدِ لقاءات على مستوى أوسع، خصوصاً بين عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، وربّما على مستوى القيادات في فريق 8 آذار، إلّا أنّ اللقاء الموسّع على مستوى القيادات لا يبدو أنّ ظروف انعقاده ناضجة حتى الآن، وخصوصاً موافقة الأطراف جميعاً على عقده، والأهم على أيّ جدول أعمال سينعقد، فضلاً عن أنّ هناك خشية من أن يتحوّل اللقاء، إن انعَقد، حلبةَ اشتباك مباشر بين عون ورئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية.
وفي وقتٍ تابَع فيه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي مشاوراته مع القيادات المارونية بلقائه أمس الأوّل فرنجية، كانت أجواء تيار «المستقبل» تؤشّر إلى بدء العدّ التنازلي لعودة وشيكة للرئيس سعد الحريري إلى بيروت. واللافت في هذا السياق الأجواء التي أشيعت خلال اليومين الماضيين عن «تحوُّل ما» في موقفه على المستوى الرئاسي، مع إيحاء تلك الشائعات بإمكان ذهابه إلى مرشّح ثالث غير عون وفرنجية، علماً أنّ بعض القريبين من عون ما زالوا يتحدّثون عن أنّ الدفّة الرئاسية تميل لمصلحته في الوقت الراهن أكثر من أيّ وقت مضى.
«المستقبل»
إلّا أنّ «المستقبل» لا يقيم وزناً لِما يقال عن تحوّل في موقف الحريري الرئاسي. وأكّدت أوساطه لـ»الجمهورية» استمرارَ دعمِ الحريري ترشيحَ فرنجية الذي يَحظى أيضاً بدعمِ أطرافٍ عدة، من بينها الرئيس نبيه بري والنائب وليد جنبلاط ومسيحيّون مستقلّون، مستبعدةً في هذا المجال أن تشهد الجلسة النيابية المقرّرة في 28 أيلول، انتخابَ رئيس جديد.
وأدرجت مصادر «المستقبل» زيارةَ النائب السابق غطاس خوري إلى معراب في إطار التشاور بين «المستقبل» و»القوات اللبنانية»، حيث إنّ العلاقة بين الطرفين ليست مقطوعة. وأشارت الى أنّ البحث تناول موضوعين: الشأن الرئاسي، والمواقف حياله لا تزال على ما هي عليه، فـ«القوات» متمسّكة بدعم ترشيح عون، والمستقبل متمسّك بدعم ترشيح فرنجية.
أمّا الموضوع الثاني، فهو قانون الانتخاب المختلط الذي قدّمه «المستقبل» و»القوات» والحزب التقدّمي الاشتراكي، وتشير هذه الأوساط إلى أنّ «الاتفاق تمَّ على أنّه إذا كان هناك جلسة لمجلس النواب للتصويت على قانون انتخاب حالياً فنحن سنصوّت مع المشروع المشترَك الذي تَوافَقنا عليه. وإذا كان هناك مجالٌ في فترة الانتظار، لإقرار مشروع جديد انطلاقاً مِن مشروعنا المختلط، فنحن مستعدّون ومنفتحون لحصول تعديلات يتمّ التوافق عليها».
اللواء :
على وقع «الهدنة المهزوزة» والقابلة للتمديد في حلب، وعلى وقع الترقب والانتظار أو تقطيع الوقت، مع التسليم بأن أزمة الرئاسة الأولى غير قابلة للمعالجة، لا في الفترة التي حدّدها التيار العوني للتحرك أو بعدها، أو حتى بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، والانطلاق من التوجه نحو اللامركزية في إعادة رفع النفايات من الشارع في المتن وكسروان، والتوجه إلى نيويورك للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث ستطرح قضايا المنطقة والحرب الدائرة في سوريا، وارتداداتها على لبنان من زاوية مخاطر النزوح السوري على الصيغة والاستقرار والأعباء المترتبة على هذا النزوح الذي تجاوز المليون ونصف مليون سوري.
واليوم، يستقبل الرئيس تمام سلام سفراء الدول المعتمدة في بيروت، للبحث في الورقة اللبنانية التي سيعلنها امام الأمم المتحدة، والتوجه الدولي في هذا الشأن، على ان يغادر الرئيس سلام بعد غد الجمعة، لترؤس وفد لبنان في اجتماعات الجمعية العامة.
وكان الرئيس سلام رعى أمس في السراي الكبير حفل إطلاق المشاورات لخطة العمل الوطنية لمنع التطرف والعنف بالتعاون مع الأمم المتحدة، وبتنظيم من المبادرة الوطنية لمئوية لبنان الكبير والتي شاركت فيها النائب بهية الحريري.
ورأى الرئيس سلام، ان خطورة الوضع تستدعي استنفاراً عاماً وتعبئة كل الطاقات لجعل المواجهة ناجحة وفاعلة، مؤكداً ان المرجع الأوّل والوحيد لتنظيم حياتنا العامة، هو الدستور الضامن للتوازن الوطني والمنبثق عن وثيقة التوافق الوطني في الطائف، وعدم إضاعة الوقت في البحث عن مفاهيم مرجعية أخرى. (راجع ص 2)
وإذا كانت الساحة السياسية تترنح بين السجالات والانتقادات والحملات، فقد استبعدت مصادر نيابية لـ«اللواء» ان يدعو الرئيس سلام لجلسة لمجلس الوزراء قبل 13 تشرين الأوّل، لنزع ذريعة أي تصعيد عوني، قد يترتب على قرار وزير الدفاع سمير مقبل بتأجيل تسريح قائد الجيش العماد جان قهوجي.
وأكدت هذه المصادر ان الرئيس سلام باقٍ على موقفه، من ان لا بديل عن استمرار عمل الحكومة التي يعتبرها ضرورة ملحة في ظل الشغور الرئاسي.
ولمس زوّار السراي ان الرئيس سلام ما زال هادئاً يتمتع بالصبر والحكمة ويواظب على اجراء الاتصالات والمشاورات اللازمة، سواء في ما خص الأزمة الداخلية، أو أزمة النزوح السوري التي سيثيرها خلال اجتماعات نيويورك، والتي سبقه إليها وزير الخارجية جبران باسيل.
وفي ما خص جلسات الحكومة، كشفت أوساط مطلعة ان وزراء «حزب الله» و«المردة» سيشاركون في أي جلسة مقبلة، يدعو إليها الرئيس سلام، والتي يمكن ان تتأخر لاعتبارات سفر رئيس مجلس الوزراء أو لاعتبارات سياسية تتعلق بضرورة استمرار التهدئة العامة.
سياسياً، وفي عين التينة، سجل نواب الأربعاء، ان الرئيس نبيه برّي لا يزال على موقفه، من التريث للدعوة لأي جلسة للحوار، كاشفاً ان قوى سياسية عدّة من بينها، «حزب الله» والنائب وليد جنبلاط والرئيسان أمين الجميل وميشال سليمان تمنوا عليه الاستمرار بالحوار، لكن زوّار مقر الرئاسة الثانية، توقفوا عند السجال الدائر بين الرئيس برّي ورئيس «حزب القوات اللبنانية» سمير جعجع، بعد ان اقترح الأخير عليه اختزال المكونات السياسية بـ5 أو 6 فقط والذي وصفه رئيس المجلس بأنه مستحيل وعاد جعجع ورد عبر «تويتر» على برّي أتمنى لك التوفيق مع هذه التركيبة وآمل ان تصل إلى نتيجة من الحوار بعد 11 سنة، فرد برّي عبر «تويتر» أيضاً «سبق الفضل، وبدعائك تبخر الحوار»، فرد جعجع مجدداً «تركيبة الحوار منا بحاجة لدعائي حتى تتبخر.. فبركتها منا وفيّا».
ولم يكن هذا السجال وحده سمة الوضع في عين التينة، فعلق الرئيس برّي على قرار وزير الداخلية نهاد المشنوق، المتعلق بحل الحزب العربي الديمقراطي، و«حركة التوحيد» - فرع هاشم منقارة، قائلاً «ما دام الوزير احال الاقتراح إلى مجلس الوزراء فلا شيء داهم أو ملح لأنه في ظل حكومة كهذه لا يمكن ان تأخذ حقاً ولا باطلاً».
تجدر الإشارة إلى ان الوزير المشنوق قال في وقت سابق، إذا كان هناك من طرف يستطيع تحمل تبعات سقوط 50 قتيلاً وعشرات الجرحى في طرابلس، فليدافع عن قرار حل الحزب العربي الديمقراطي وحركة التوحيد - هاشم منقارة.
وفي خلفية أمنية أخرى، نقل عن الرئيس برّي قوله في لقاء الأربعاء، دعوته لترك الأمن والقضاء يعملان بعيداً عن المزايدات.
وكان المشنوق انتقد بحدة زيارة بعض الشخصيات والهيئات للسفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي متسائلاً «أليس التضامن مع الجهة المتهمة بتفجيرات طرابلس كالتضامن مع «جبهة النصرة» و«فتح الشام» بعد تفجيرات الضاحية.
على خط آخر، كشف مستشار الرئيس سعد الحريري النائب السابق غطاس خوري من معراب، أن الرئيس الحريري سيعود قريباً إلى بيروت، متوقعاً أن يتحرك ملف الرئاسة الأولى بطريقة ما نحو مكان جديد.
وقال بعد لقائه مع الدكتور جعجع الذي استمر ساعة ونصف، أنه بحث معه في ملف رئاسة الجمهورية وقانون الانتخابات النيابية، مطالباً بحصول اختراق على صعيد هذه الملفات.
الإنذار العوني
في خضم الترقّب والانتظار، ضرب النائب ميشال عون موعداً للتحرك على الأرض: الأول في 28 أيلول، حيث موعد الجلسة المقررة لانتخاب رئيس الجمهورية، و13 ت1 حيث المحطة الفاصلة للحسابات العونية وهو تاريخ خروج عون من قصر بعبدا في العام 1990 والذي يعتبره التيار العوني مناسبة يحتفل بها.
وأوضحت مصادر في تكتل التغيير والإصلاح لـ«اللواء» أن التحرّك الذي ينوي التيار الوطني الحر القيام به بدءاً من الثامن والعشرين من الشهر الحالي هو نوع من الاحتجاج السلمي، على أن تعمّ التظاهرة الشوارع من دون وجود رغبة في إقفال الطرقات وتعطيل مصالح الناس.
ولفتت المصادر إلى أن الشعب مدعو للمشاركة في هذا التحرّك الذي يبلغ أوجّه في 13 تشرين الأوّل المقبل، مؤكدة أن الخطة النهائية لهذا التحرّك لم ترسم بعد، مع العلم أن هناك اتجاهاً للسير بخطة متكاملة ومتدرجة، قوامها الحالة الشعبية، على أن يُشارك في تنفيذها التيار والتكتل على حدّ سواء.
ونفت أن يكون هناك أي توجه للتصادم مع أحد، لافتة إلى أنه في أي بلد ديمقراطي، تحصل تحركات احتجاجية لأمر معين، كما نفت عودة الوزراء عن قرار مقاطعة جلسات الحكومة، كاشفة عن اتصالات مع الحلفاء، لكنها لم تشر إلى أي تنسيق معيّن، مشيرة إلى أن «التيار» لا يفرض رأياً وينطلق من أي تحرك بفعل وجود أهداف سامية، لكنها توقعت أن يكون مفصلياً.
ووصف مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار لـ«اللواء» الوضع الحالي بالمؤلم والصعب معتبرا أن هناك حالة غير طبيعية «كالهستيريا»، وشدد على وجوب أن يكون هناك وعي وطني لدى الجميع بضرورة إنتخاب رئيس للجمهورية، مشيراً «لست خائفاً من المستقبل ولكن في الوقت نفسه لست مرتاحاً».
وحول إمكانية أن تكون هناك فتنة طائفية من خلال الشحن الطائفي والمذهبي الذي يطلقه البعض قال الشعار:لا خوف من فتنة طائفية أو مذهبية لان لدي قناعة بأنه لا يمكن أن يستفيد أحد من ذلك ولديّ أمل وثقة كبيرتين بوعي اللبنانيين خصوصا أن التجارب الماضية التي مررنا بها رسخت لدي هذه القناعة.
الاخبار :
لم تشكّل عطلة عيد الأضحى فرصة كافية لعودة الأطراف اللبنانية إلى البحث في أمور الحكومة والحوار الوطني تحت سقف التفاوض والتواصل.
فرحلة رئيس الحكومة تمام سلام إلى الولايات المتحدة للمشاركة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتّحدة وبقاؤه في نيويورك حتى 29 من الشهر الجاري، يشكّلان حجّة إضافية لاستمرار التعطيل الحكومي حتى بداية تشرين المقبل، في انتظار حلٍّ ما، يقول عنه الرئيس نبيه برّي إنه «معجزة في حال حصوله».
ومع أن الاتصالات لم تنقطع بين مختلف الأطراف، وتحديداً اتصالات حزب الله الذي يلعب دور الإطفائي مع القوى السياسية المختلفة، إلّا أن أحداً لا يملك تأكيداً لإمكانية عودة الحكومة إلى العمل في ظلّ الظروف الحالية. فبالنسبة إلى بري، «تعطيل الحوار هو مواربة لتعطيل الحكومة، وها قد تعطّلت الحكومة، وهل يصدّق أحد أنها ستعود إلى العمل؟»، كما قال رئيس المجلس أمس أمام زوّاره.
وإذا كان بري قد ترك تفاؤله الدائم جانباً، فإن التيار الوطني الحرّ قطع الشّك باليقين، معلناً بعد اجتماع تكتل التغيير والإصلاح الدوري، نيّته القيام بتحركات شعبية بعد الجلسة المقرّرة لانتخاب رئيس الجمهورية في 28 أيلول المقبل، وتحرّك ثانٍ في 13 تشرين الأول.
بري: هل يصدّق
أحد أن الحكومة ستعود إلى العمل؟
ونقل الوزير السابق سليم جريصاتي عن رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون خلال تلاوته بياناً بعد اللقاء، أنه «أمهلنا أنفسنا أياماً، إلا أن مرحلة التعبئة تشرف على بدايتها، ونحن نحضر للتحرك المتدرج تحت عنوان الميثاق». وتابع جريصاتي نقلاً عن عون قوله إنه «عندما نتحرك لن يقف تحركنا وأعذر من أنذر، فهو لن يتوقف قبل الرئاسة وقانون الانتخاب بالمعايير الميثاقية لا أكثر ولا أقل».
وتشرح مصادر نيابية في التيار الوطني الحرّ لـ«الأخبار» أن «التحرّك إذا حصل في الشارع هذه المرّة لن يكون مثل سابقاته، فالآن مرحلة تحضير وتعبئة لتهيئة الشارع، ومن ثمّ تبدأ التحرّكات الجديّة». وفي وقت تقول مصادر نيابية أخرى في التيار، إنه «لم تحسم مواعيد التحرّكات حتى الآن ولو أُعلن عن 28 أيلول و13 تشرين»، تكشف مصادر أخرى أن «التيار سيقوم بتحرّكات كل يوم في مناطق مختلفة ابتداءً من 28 أيلول وصولاً حتى 13 تشرين لتعبئة الشارع تحت عنوان الميثاقية». وفيما لم تكن القوات اللبنانية في وارد النزول إلى الشارع اعتراضاً على التمديد لقائد الجيش جان قهوجي، يبدو عنوان الميثاقية مخرجاً لمشاركة القوات بتحركات التيار، إذ تقول المصادر النيابية إن «النزول إلى الشارع أمر متَّفَق عليه مع القوّات اللبنانية، ومن الطبيعي أن يشارك القواتيون في التحرّك الشعبي، ولو أن تفاصيل المشاركة والمناطق والأعداد لم تحسم بعد». وبعيداً عن تضامن حزب الله وتيار المردة مع التيار الوطني الحرّ في ما خصّ الحكومة، أكّدت مصادر بارزة في قوى 8 آذار أن «حزب الله لا علاقة له بتحركات التيار الوطني الحرّ في الشارع»، مشيرةً إلى أن «الحزب لم يحسم قراره من الآن حول المشاركة أو عدم المشاركة في أي جلسة حكومية مقبلة إن حصلت»، مع استبعاد المصادر حصول أي جلسة في المدى القريب بـ«فعل تمسّك الأطراف بمواقفها».
ومع أن التيار الوطني الحرّ أعلن عن تحرّكات الشارع، غير أن عون لا يزال يراهن على تحوّل ما في موقف تيار المستقبل والرئيس سعد الحريري من مسألة ترشيحه إلى رئاسة الجمهورية. ومردّ هذا الرّهان معلومات تنقلها أكثر من شخصية لعون، عن تحوّل إيجابي في موقف الحريري تجاه ترشيحه بعد اقتناع الحريري بصعوبة انتخاب فرنجية، بالإضافة إلى المواقف التي أطلقها خلال اليومين الأخيرين مستشار الحريري غطّاس خوري. لكن مصادر «وسطية» مطّلعة على موقف الحريري، تؤكّد أن «مسألة الرئاسة ليست مرتبطة به وحده، ولا وجود لأي تحوّل تجاه ترشيح عون». وتبني مصادر بارزة في قوى 8 آذار على «علاقة الحريري السيئة بالمملكة العربية السعودية»، وموقفه من ترشيح عون، مؤكّدةً أن «الحريري لا يستطيع اتخاذ خطوة من هذا النوع من دون قرار سعودي، ولا وجود لأي قرار سعودي الآن يخصّ لبنان، خصوصاً أن الحريري يطلب موعداً للقاء الملك سلمان بن عبد العزيز منذ ما قبل عيد الأضحى، ولم يحصل عليه حتى الآن»