على وقع «الهدنة المهزوزة» والقابلة للتمديد في حلب، وعلى وقع الترقب والانتظار أو تقطيع الوقت، مع التسليم بأن أزمة الرئاسة الأولى غير قابلة للمعالجة، لا في الفترة التي حدّدها التيار العوني للتحرك أو بعدها، أو حتى بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، والانطلاق من التوجه نحو اللامركزية في إعادة رفع النفايات من الشارع في المتن وكسروان، والتوجه إلى نيويورك للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث ستطرح قضايا المنطقة والحرب الدائرة في سوريا، وارتداداتها على لبنان من زاوية مخاطر النزوح السوري على الصيغة والاستقرار والأعباء المترتبة على هذا النزوح الذي تجاوز المليون ونصف مليون سوري.
واليوم، يستقبل الرئيس تمام سلام سفراء الدول المعتمدة في بيروت، للبحث في الورقة اللبنانية التي سيعلنها امام الأمم المتحدة، والتوجه الدولي في هذا الشأن، على ان يغادر الرئيس سلام بعد غد الجمعة، لترؤس وفد لبنان في اجتماعات الجمعية العامة.
وكان الرئيس سلام رعى أمس في السراي الكبير حفل إطلاق المشاورات لخطة العمل الوطنية لمنع التطرف والعنف بالتعاون مع الأمم المتحدة، وبتنظيم من المبادرة الوطنية لمئوية لبنان الكبير والتي شاركت فيها النائب بهية الحريري.
ورأى الرئيس سلام، ان خطورة الوضع تستدعي استنفاراً عاماً وتعبئة كل الطاقات لجعل المواجهة ناجحة وفاعلة، مؤكداً ان المرجع الأوّل والوحيد لتنظيم حياتنا العامة، هو الدستور الضامن للتوازن الوطني والمنبثق عن وثيقة التوافق الوطني في الطائف، وعدم إضاعة الوقت في البحث عن مفاهيم مرجعية أخرى. (راجع ص 2)
وإذا كانت الساحة السياسية تترنح بين السجالات والانتقادات والحملات، فقد استبعدت مصادر نيابية لـ«اللواء» ان يدعو الرئيس سلام لجلسة لمجلس الوزراء قبل 13 تشرين الأوّل، لنزع ذريعة أي تصعيد عوني، قد يترتب على قرار وزير الدفاع سمير مقبل بتأجيل تسريح قائد الجيش العماد جان قهوجي.
وأكدت هذه المصادر ان الرئيس سلام باقٍ على موقفه، من ان لا بديل عن استمرار عمل الحكومة التي يعتبرها ضرورة ملحة في ظل الشغور الرئاسي.
ولمس زوّار السراي ان الرئيس سلام ما زال هادئاً يتمتع بالصبر والحكمة ويواظب على اجراء الاتصالات والمشاورات اللازمة، سواء في ما خص الأزمة الداخلية، أو أزمة النزوح السوري التي سيثيرها خلال اجتماعات نيويورك، والتي سبقه إليها وزير الخارجية جبران باسيل.
وفي ما خص جلسات الحكومة، كشفت أوساط مطلعة ان وزراء «حزب الله» و«المردة» سيشاركون في أي جلسة مقبلة، يدعو إليها الرئيس سلام، والتي يمكن ان تتأخر لاعتبارات سفر رئيس مجلس الوزراء أو لاعتبارات سياسية تتعلق بضرورة استمرار التهدئة العامة.
سياسياً، وفي عين التينة، سجل نواب الأربعاء، ان الرئيس نبيه برّي لا يزال على موقفه، من التريث للدعوة لأي جلسة للحوار، كاشفاً ان قوى سياسية عدّة من بينها، «حزب الله» والنائب وليد جنبلاط والرئيسان أمين الجميل وميشال سليمان تمنوا عليه الاستمرار بالحوار، لكن زوّار مقر الرئاسة الثانية، توقفوا عند السجال الدائر بين الرئيس برّي ورئيس «حزب القوات اللبنانية» سمير جعجع، بعد ان اقترح الأخير عليه اختزال المكونات السياسية بـ5 أو 6 فقط والذي وصفه رئيس المجلس بأنه مستحيل وعاد جعجع ورد عبر «تويتر» على برّي أتمنى لك التوفيق مع هذه التركيبة وآمل ان تصل إلى نتيجة من الحوار بعد 11 سنة، فرد برّي عبر «تويتر» أيضاً «سبق الفضل، وبدعائك تبخر الحوار»، فرد جعجع مجدداً «تركيبة الحوار منا بحاجة لدعائي حتى تتبخر.. فبركتها منا وفيّا».
ولم يكن هذا السجال وحده سمة الوضع في عين التينة، فعلق الرئيس برّي على قرار وزير الداخلية نهاد المشنوق، المتعلق بحل الحزب العربي الديمقراطي، و«حركة التوحيد» - فرع هاشم منقارة، قائلاً «ما دام الوزير احال الاقتراح إلى مجلس الوزراء فلا شيء داهم أو ملح لأنه في ظل حكومة كهذه لا يمكن ان تأخذ حقاً ولا باطلاً».
تجدر الإشارة إلى ان الوزير المشنوق قال في وقت سابق، إذا كان هناك من طرف يستطيع تحمل تبعات سقوط 50 قتيلاً وعشرات الجرحى في طرابلس، فليدافع عن قرار حل الحزب العربي الديمقراطي وحركة التوحيد - هاشم منقارة.
وفي خلفية أمنية أخرى، نقل عن الرئيس برّي قوله في لقاء الأربعاء، دعوته لترك الأمن والقضاء يعملان بعيداً عن المزايدات.
وكان المشنوق انتقد بحدة زيارة بعض الشخصيات والهيئات للسفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي متسائلاً «أليس التضامن مع الجهة المتهمة بتفجيرات طرابلس كالتضامن مع «جبهة النصرة» و«فتح الشام» بعد تفجيرات الضاحية.
على خط آخر، كشف مستشار الرئيس سعد الحريري النائب السابق غطاس خوري من معراب، أن الرئيس الحريري سيعود قريباً إلى بيروت، متوقعاً أن يتحرك ملف الرئاسة الأولى بطريقة ما نحو مكان جديد.
وقال بعد لقائه مع الدكتور جعجع الذي استمر ساعة ونصف، أنه بحث معه في ملف رئاسة الجمهورية وقانون الانتخابات النيابية، مطالباً بحصول اختراق على صعيد هذه الملفات.
الإنذار العوني
في خضم الترقّب والانتظار، ضرب النائب ميشال عون موعداً للتحرك على الأرض: الأول في 28 أيلول، حيث موعد الجلسة المقررة لانتخاب رئيس الجمهورية، و13 ت1 حيث المحطة الفاصلة للحسابات العونية وهو تاريخ خروج عون من قصر بعبدا في العام 1990 والذي يعتبره التيار العوني مناسبة يحتفل بها.
وأوضحت مصادر في تكتل التغيير والإصلاح لـ«اللواء» أن التحرّك الذي ينوي التيار الوطني الحر القيام به بدءاً من الثامن والعشرين من الشهر الحالي هو نوع من الاحتجاج السلمي، على أن تعمّ التظاهرة الشوارع من دون وجود رغبة في إقفال الطرقات وتعطيل مصالح الناس.
ولفتت المصادر إلى أن الشعب مدعو للمشاركة في هذا التحرّك الذي يبلغ أوجّه في 13 تشرين الأوّل المقبل، مؤكدة أن الخطة النهائية لهذا التحرّك لم ترسم بعد، مع العلم أن هناك اتجاهاً للسير بخطة متكاملة ومتدرجة، قوامها الحالة الشعبية، على أن يُشارك في تنفيذها التيار والتكتل على حدّ سواء.
ونفت أن يكون هناك أي توجه للتصادم مع أحد، لافتة إلى أنه في أي بلد ديمقراطي، تحصل تحركات احتجاجية لأمر معين، كما نفت عودة الوزراء عن قرار مقاطعة جلسات الحكومة، كاشفة عن اتصالات مع الحلفاء، لكنها لم تشر إلى أي تنسيق معيّن، مشيرة إلى أن «التيار» لا يفرض رأياً وينطلق من أي تحرك بفعل وجود أهداف سامية، لكنها توقعت أن يكون مفصلياً.
ووصف مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار لـ«اللواء» الوضع الحالي بالمؤلم والصعب معتبرا أن هناك حالة غير طبيعية «كالهستيريا»، وشدد على وجوب أن يكون هناك وعي وطني لدى الجميع بضرورة إنتخاب رئيس للجمهورية، مشيراً «لست خائفاً من المستقبل ولكن في الوقت نفسه لست مرتاحاً».
وحول إمكانية أن تكون هناك فتنة طائفية من خلال الشحن الطائفي والمذهبي الذي يطلقه البعض قال الشعار:لا خوف من فتنة طائفية أو مذهبية لان لدي قناعة بأنه لا يمكن أن يستفيد أحد من ذلك ولديّ أمل وثقة كبيرتين بوعي اللبنانيين خصوصا أن التجارب الماضية التي مررنا بها رسخت لدي هذه القناعة.
النفايات
بيئياً، وبعد مرور ما يقل عن أربعة أسابيع، تراكمت خلالها النفايات في شوارع المتن وكسروان بعد إقفال مطمر برج حمود، وامتناع شاحنات شركة «سوكلين» عن جمع النفايات من الشوارع، انفرجت الأزمة ورفع حزب الكتائب خيمه من أمام المطمر، فأعلنت بلدية برج حمود موافقتها على إعادة العمل بموقف تخزين النفايات.
وهذه التطورات حدت بوزير الزراعة أكرم شهيّب المكلف بملف النفايات أن يعلن في مؤتمر صحافي عقده في مكتبه وسط بيروت، عن أن الأخذ بلامركزية النفايات قد بدأ وأن البلديات المتمكنة من حل نفاياتها، بمعزل عن سائر البلديات الأخرى، بإمكانها أن تقدّم على العمل من دون تأخير، وأن شركة «سوكلين» ستعاود جمع ونقل النفايات من بيروت وجونية و45 بلدية أخرى، كاشفاً عن إعادة تعويم خطة الحكومة، المعدلة بالقرار الصادر عن الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء في 5/9/2015 والمعروفة بالخطة الانتقالية للحكومة المعدة للنفايات.