أعلن رئيس مجلس الوزراء تمام سلام، في حفل اطلاق المشاورات حول الخطة الوطنية لمكافحة الارهاب، في السراي الكبير، "ان لبنان في قلب المعركة مع ظاهرة الارهاب، ومعني مباشرة بالجهد الدولي لوضع حد للتطرف العنيف الذي جعل منطقتنا العربية، بل العالم كله، لوحة دموية".
وقال: "لا بد لي من توجيه تحية إلى كل من ساهم في الإعداد لهذا اللقاء المهم، وأخص بالذكر رئيسة لجنة المبادرة الوطنية لمئوية لبنان الكبير النائب السيدة بهية الحريري، التي تتقدم دائما صفوف المخلصين العاملين من أجل خير هذا البلد، والمنسق الخاص للأمم المتحدة السيدة سيغريد كاغ وفريق عملها".
اضاف: "إن أهمية الاستراتيجية الدولية لمكافحة الإرهاب التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في العام 2006، وخطة العمل التي أطلقها الأمين العام للمنظمة في كانون الأول 2015 لمكافحة التطرف العنيف، هي أنها تعتمد مقاربتين، مقاربة شمولية تتمثل في مواجهة الإرهاب على كل المستويات، لأن مواجهته بالعنف المضاد وحده لن تؤدي سوى إلى تأجيج التطرف، ومقاربة خصوصية تتمثل في جعل المواجهة مسألة محلية خاصة بكل بلد من ضمن استراتيجية دولية".
واكد رئيس الحكومة "ان التطرف العنيف وباء تمتد عدواه في كل انحاءالعالم، لكن مكافحته لا يجوز ان تبقى عنوانا دوليا عاما ومبهما، بل يجب أن تتجسد في مجموعة معالجات محلية للتفاصيل. فكما في الطب، ثمة مبادىء عامة للتشخيص والعلاج، لكن لكل حالة خصوصياتها، ولكل مريض وضع مختلف عن الآخر، والعلاج يجب أن يفصل على قياسه".
وقال: "ان المشاورات التي نطلقها اليوم، وتشمل كل مكونات المشهد اللبناني، السياسية والطائفية والاجتماعية والاقتصادية، ستقودنا إلى وضع خريطة طريق وصولا إلى خطة وطنية لمكافحة التطرف العنيف"، مشددا على "ان خطورة الوضع تستدعي استنفارا عاما، وتعبئة كل الطاقات لجعل المواجهة ناجحة وفاعلة. ونقطة الانطلاق هي اجراء تشخيص دقيق وموضوعي، يتيح تحديد العوامل المسببة للتطرف تمهيدا لوضع خطة العلاج بأسلوب تشاوري وتشاركي".
وتابع: "إن مواجهة التطرف والارهاب والعنف في لبنان، تستلزم بداية تعزيز بنية الدولة، عبر إعادة الإنتظام إلى مؤسسات الحكم، وإنهاء الإختلالات الحالية فيها.
الخطوة الأولى في ذلك، كما نقول ونكرر باستمرار، هي المسارعة الى انتخاب رئيس للجمهورية".
وقال: "إن تعزيز بنية الدولة، يتطلب ايضا إعادة الاعتبار إلى الآليات الديموقراطية التي تتيح المحاسبة وتجديد النخب السياسية، وتعزيز المشاركة في الحكم من خلال إجراء انتخابات نيابية وفق قانون جديد يضمن التمثيل العادل".
واكد "إن المرجع الأول والأوحد لتنظيم حياتنا العامة، هو الدستور الضامن للتوازن الوطني الدقيق، والمنبثق من وثيقة الوفاق الوطني التي توافق عليها ممثلو الأمة في الطائف". وقال: "نحن في حاجة الى التزام نصوص هذا الدستور قبل أي بحث آخر، وعدم إضاعة الوقت في البحث عن مفاهيم مرجعية أخرى.
وأعلن سلام "ان المعركة مع الارهاب في لبنان، تتطلب ايضا تحسين اداء الادارات العامة بما يصالح المواطن مع الدولة ويشعره بالإطمئنان إليها، وتعزيز حكم القانون لأن أي خلل في تطبيق العدالة هو أقصر طريق إلى التطرف والإرهاب. كما أن هذه المواجهة تستلزم العمل على تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وعلى شمولها كالمناطق، لأن الفقر والبطالة والتهميش تشكل الأرضية التي يقوم عليها التطرف وينشأ فيها الإرهاب، إضافة إلى توجيه الخطاب الديني والتربوي نحو نشر قيم الوسطية والاعتدال، ونحو إبعاد الأجيال الطالعة عن مفاهيم التطرف".
ووجه سلام "تحية إكبار الى جيشنا وقواتنا وأجهزتنا الأمنية، للدور الكبير الذي تقوم به في المواجهة مع التطرف والارهاب، التي دفعنا وما زلنا ندفع فيها أثمانا غالية، وفي استباق واحباط العديد من العمليات الارهابية وتجنيب البلاد ويلاتها. ولن ننسى هنا أبناءنا العسكريين الذين ما زالوا محتجزين لدى الإرهابيين، والذين نؤكد لهم مرة جديدة أن لبنان لم ولن ينساهم".
وختم: "أجدد شكري لكل المساهمين في هذه الحملة التي نطلقها اليوم. ومع بداية العام المقبل يفترض أن تكون مسودة الخطة الوطنية لمكافحة التطرف العنيف قد رأت النور. ونأمل أن يكون تطبيقها أحد عناوين خطاب القسم لرئيس الجمهورية الجديد، الذي ينبغي انتخابه اليوم قبل الغد".