يعطيك وزير العدل المستقيل أشرف ريفي أكثر ممّا تطلب. يجيب على أسئلتك قبل أن تسأل حتى. يذهب بعيداً في جرأته التي تصدم السامع، وقد تصدم القرّاء أيضاً. في هذا الحوار، الذي تبع الليلة الأولى من مهرجانات طرابلس التي أعادت بعضاً من حياة فقدتها هذه المدينة، يقول ريفي ما لم يقله في السابق. هو حوارٌ على طاولة عشاء متأخر من ثمار البحر والأسماك. يُخرج الحسك من السمكة في صحنه، أما في كلامه فيترك الكثير منه...
لا يمكن أن تحاور أشرف ريفي إلا وتسأله عن علاقته بتيّار المستقبل ورئيسه سعد الحريري. يؤكّد ريفي أنّ علاقته مقطوعة تماماً بالحريري. لا قنوات اتصال، ولا كلام ولا سلام. ويجزم: "لن أزور بيت الوسط بعد اليوم"، ثمّ يضيف: "أنا من جماعة قريطم لا بيت الوسط". ويقول، ردّاً على سؤال: "الحريري انتهى والسنّة ينتظرون حريري جديد"، من دون أن يجيب على سؤال عمّا إذا كان هو هذا "الحريري".
في المقابل، يلفت ريفي الى أنّ التواصل قائم مع رئيس كتلة المستقبل النيابيّة فؤاد السنيورة والنائب بهيّة الحريري، وآخرين من التيّار الأزرق. أما عن اتصاله المفاجئ بوزير الداخليّة والبلديات نهاد المشنوق لتهنئته على قرار حلّ الحزب العربي الديمقراطي وحركة التوحيد الإسلامي، فاعتبره ريفي طبيعيّاً، "فالتواصل لم ينقطع مع المشنوق على الرغم من الخلافات".
ويكشف ريفي، للمرّة الأولى، عن أنّ المملكة العربيّة السعوديّة طلبت منه، عبر سفيرها في لبنان، أمرين لم يلبّهما: الأول زيارة بيت الوسط والثاني العودة الى الحكومة.
ويؤكّد ريفي أنّ علاقته بالمملكة يسودها الاحترام، وهي لم تكن ماديّة يوماً، كما أنّ السعوديّة لم تضع له أبداً ضوابط لحركته.
أما بالنسبة الى قرار وزير الداخليّة حلّ الحزبين المتّهمين بالضلوع في تفجيرَي طرابلس، فيشير ريفي الى أنّ "المشنوق رمى الكرة في ملعب الحكومة، إلا أنّ الرئيس تمام سلام لن يتجرّأ على إدراج بند حلّ الحزبين على جدول أعمال مجلس الوزراء، وإن أحجم عن فعل ذلك لن أتردّد في مهاجمته".
يبدو ريفي واثقاً ومتفائلاً في آن. يقول إنّ الشارع السنّي يميل نحوه. "أنا قويّ في طرابلس، وأتمدّد الى عكار التي سيكون لي مرشّحون فيها، وأصبحت أملك حضوراً في البقاعين الغربي والأوسط وأنافس الحريري في بيروت الثالثة". أما عن علاقته بالنائب محمد الصفدي، فيصفها بالجيّدة والآخذة بالتطوّر، "وما يقرّبه منّا هو كرهه للرئيس نجيب ميقاتي، ولولا سعي "المستقبل" لما تحالفا في الانتخابات البلديّة الأخيرة، إلا أنّنا لم نبحث بعد في إمكان تحالفنا انتخابيّاً".
في المقابل، يشيد ريفي بالقوات اللبنانيّة ورئيسها سمير جعجع، "حليفنا الأول"، إلا أنّه يوضح سبب غيابه عن زيارة معراب منذ فترة: "لا أريد أن أحرج جعجع"!
وعن علاقته بالشقيق الأكبر للرئيس الحريري، بهاء الحريري، فيقول إنّها جيّدة وهما على تواصل دائم "وقد اتّصل بي قبل الانتخابات البلديّة".
أما رئاسيّاً، فيستبعد ريفي حصول أيّ تطوّر قبل الانتخابات الأميركيّة، إلا أنّه يبدو متأكداً من أنّ حظوظ المرشّحَين الأبرزين العماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجيّة معدومة.
وبالتأكيد نفسه، يشدّد على عدم القدرة على فرض مؤتمر تأسيسي أو سلّة حلول متكاملة، ويستبعد إمكانيّة التوصّل الى اتفاق على قانون انتخاب جديد، "علماً أنّنا على استعداد لخوض الانتخابات بأيّ قانون، كما أنّ قانون الستّين يناسبنا". ويذهب ريفي بعيداً في تفاؤله إذ يتوقّع انفجاراً "في بيئة حزب الله نتيجة حجم الخسائر البشريّة للحزب في سوريا".
بدا أشرف ريفي فرحاً جدّاً بالليلة الأولى من مهرجانات طرابلس. لم يرقص في حفلة الأمس، "ولم أرقص بحياتي" يقول، "إلا أنّني أرقّص البعض كما يبدو". تحرص زوجته السيّدة سليمة ريفي على الاهتمام بالحضور، والتدخّل مراراً في الحديث، لتذكّر، مثلاً، بأنّها زارت نوّاب المستقبل في منازلهم لدعوتهم الى المهرجان، من دون أن يلبّوا الدعوة. يلفت ريفي الى أنّهم "أرسلوا نساءهم بدلاً منهم"!
وإذ يؤكّد أن لا خطر على عودة الأحداث الأمنيّة الى طرابلس، يختم بالإشارة الى أنّه سيحثّ بلديّة عاصمة الشمال على تقديم ما ينتظره الناس منها وتأكيد أنّ المجلس تغييريّ وليس هدفه الوصول الى المناصب "على طريقة غطاس خوري".
داني حداد