ذكر تقرير لصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية أن كثيراً من الآثار التاريخية العالمية في سوريا، التي وضع تنظيم "داعش" يده عليها، تباع في السوق السوداء للصوص الآثار.
وأشارت الصحيفة إلى أنه على الرغم مما بدا أن التنظيم دمّر آثارا تاريخية بالغة الأهمية للتراث الإنساني، إلا أنه سرق كما هائلا منها، ويحاول بيعها في الأسواق السوداء لتجار من مختلف أنحاء العالم، بغض النظر عن طبيعة هذه الآثار ولو كانت تماثيل ومنحوتات تجسد آلهة وثنية، ما دامت قيمتها المالية مرتفعة. وأضاف التقرير أن موجودات وآثاراً مهمة كان التنظيم قد سرقها من متحف تدمر، وجرى ضبطها على يد سلطات النظام السوري، باتت هي الأخرى في طريقها إلى سوق الآثار.
ولفت تقرير "هآرتس" إلى أن إسرائيل صارت أخيراً مركزا للتجارة الدولية غير القانونية بالآثار المسروقة، بفعل القوانين الإسرائيلية المتساهلة نسبيا في إقرار عمليات شراء قطع أثرية وبيعها في فلسطين المحتلة والخارج. لكنه بيّن كذلك أن أنظمة جديدة وضعت في الآونة الأخيرة تفرض قيودا على عمليات الاتجار بالآثار القديمة، وتسجيل المبيعات وتوثيقها في سجلات منظمة، لإحباط ومنع عمليات بيع موجودات أثرية تاريخية مجهولة المصدر.
وأوضح التقرير أن مؤتمرا يعقد الأسبوع المقبل في معهد فان لير في القدس، يُعرض فيه تقرير لنائب مدير وحدة مكافحة سرقة الأثريّات في هيئة الآثار الإسرائيليّة، إيتان كلاين، عن مجمل الآثار التي قام "داعش" بنهبها، خصوصاً من شرق سورية من مدينتي تدمر والموقع التاريخي نمرود، إذ بينت صور للأقمار الصناعية أن المنطقة باتت مليئة بالحفر والآبار التي تدل على عملية نهب منهجية لمواقع أثرية شرق سوريا وقعت تحت سيطرة "داعش" عام 2015، في الوقت الذي اتجهت فيها أنظار العالم في حينه لعمليات هدم بعض المواقع الأثرية التاريخية، مما يدل على أن هذه العمليات كانت ستارا لعمليات تنقيب عن الآثار السورية ونهبها.
ووصف التقرير عمليات "داعش" بأنها إحدى أكبر عمليات نهب الآثار المنهجية والناجحة التي وقعت في التاريخ، والتي ينتظر أن تؤثر في سوق الآثار العالمية في السنوات والعقود المقبلة. ويعتقد الخبراء أن هذه العمليات أتت على كل أمل بتنفيذ عمليات حفر وتنقيب أثرية عملية في هذه المواقع، التي تعتبر بعضها من أهم المواقع الأثرية في الشرق الأوسط.
ويؤكد كلاين أن "داعش" أدرك منذ اللحظة الأولى حجم التمويل المالي الكامن في بيع هذه الآثار والاتجار بها. وبيّن التقرير أن حجم مبيعات "داعش" للآثار السورية يقدر بنحو 200 مليون دولار، إلا أن غالبية القطع الأثرية التي تم انتشالها وسرقها التنظيم لم تظهر بعد في الأسواق العالمية.
كما لفت التقرير إلى محاولة التنظيم بيع تلك القطع عبر موقع eBay، أو عبر شبكة الإنترنت، مع العلم بأنه يواجه صعوبات في تهريب الآثار، وأن بيعها يجري عبر العراق وأفغانستان وصولا إلى تايلند وهونغ كونغ. وينتظر غالبية من يملكون هذه الآثار المسروقة أن يتركز اهتمام العالم على أزمة بديلة تزيح الأنظار عنهم، وتمكن من إطلاق سوق بيع هذه الآثار في الأسواق السوداء بعيدا عن نظر المنظمات الدولية التي تكافح سرقة الآثار.
وبحسب تقديرات الخبير الإسرائيلي المذكور، فإنه وعلى غرار ما تم في العراق، ستمر عدة سنوات قبل أن تظهر القطع الأثرية السورية في الأسواق، إذ مرت عدة سنوات بين عمليات نهب الآثار العراقية بعد سقوط نظام الرئيس العراقي السابق، صدام حسين، وبين تحريك سوق بيع الآثار العراقية.
وكشف التقرير عن أن السلطات الإسرائيلية كانت قد وضعت يدها على كثير من القطع الأثرية العراقية، التي وصلت إلى الأسواق الإسرائيلية، وقامت بمصادرتها وحصلت على قرار من المحكمة الإسرائيلية يتيح لها الاحتفاظ بهذه القطع ومصادرتها.
(هآرتس - العربي الجديد)