ما بين عطلة الأضحى وسفر رئيس الحكومة تمام سلام الى نيويورك منتصف هذا الاسبوع لتمثيل لبنان في اجتماعات الدورة الـ71 للجمعية العمومية للأمم المتحدة، حال من المراوحة تشوب المشهد السياسي المحلي، فيما تتمحور حركة الاتصالات على لملمة تصدعات التصعيد العوني الذي بدأ بإطاحة طاولة الحوار الوطني، وبلغ الاسبوع الماضي السرايا الحكومية حيث اصاب الحكومة السلامية في ميثاقيتها وإنتاجيتها.
وعلى رغم محاولات الاحتواء التي قام بها "حزب الله" من خلال تضامنه مع "التيار الوطني الحر" بعدم حضور جلسة مجلس الوزراء، او الإيعاز الى زعيم "تيار المردة" المرشح لرئاسة الجمهورية النائب سليمان فرنجية بالتضامن معه ايضا وعدم مشاركة وزيره في الجلسة، فإن "التيار البرتقالي" عازم على المضي في التصعيد، رافعا شعاره الدائم لتحركه والرامي الى تحصيل حقوق المسيحيين وحسن تمثيلهم من خلال الشركة السليمة في الوطن.
بعد السؤال الذي واجه فيه رئيس التيار الوزير جبران باسيل الجالسين الى طاولة الحوار الوطني وفيه: "بدكن يانا او ما بدكن يانا"، والذي استفز المتحاورين، على ما كشفوا بعد تعليق الجلسة نظرا الى ما وصفوه بـ"النفَس التقسيمي" الذي ساده، بدا ان الجواب لن يأتي من القوى السياسية الشريكة في الوطن، بعدما علّق باسيل نفسه طاولة الحوار التي افترض ان تكون البديل من مؤسسة مجلس الوزراء، بعدما عجزت حكومة الرئيس سلام عن إدارة النزاع السياسي.
باتت الكرة الآن في الشارع ، إذ قرر التيار ان يحشد الجمهور البرتقالي لملء الساحات، علما ان هذا القرار لا يلاقي رضى او ترحيبا من اي من القوى السياسية ولا سيما الفريق المسيحي الذي يرى ان تحريك الشارع اليوم لن يؤدي الا الى مزيد من شرذمة الصف المسيحي، بما ان المسيحيين منقسمون حيال فكرة اللجوء الى الشارع أولا، وحيال فكرة المطالبة بحقوق المسيحيين في ظل الظروف الدقيقة الراهنة وتزايد الكلام على المؤتمر التأسيسي الذي يرمي الى اعادة النظر في التوزيع الطائفي للصلاحيات والمناصب.
وينطلق معارضو هذا الطرح من مبدأ أن المؤتمر التأسيسي يجب ان يشكل خشية اكبر للطائفة السنية التي تواجه انتزاعا لصلاحياتها في وجه المد الشيعي على الادارة.
ليس الحليف المسيحي وحده من يخشى الشارع. فالحليف الشيعي لا يقل قلقا من الشارع. ولم يخف رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد خشيته هذه على طاولة الحوار، عندما أشار صراحة الى انه ضد هذا الخيار. لكن ذلك لم يمنع باسيل من المضي في قراره.
وبحسب الاوساط العونية، فإن التصعيد سيستمر متدرجا حتى تاريخ 13 تشرين الاول المقبل، ولا تراجع عنه ما لم يحصل العونيون على اجوبة عن هواجسهم، وعلى السؤال الابرز الذي يقلقهم عما اذا كان الشريك في الوطن يريدهم ام لا. علما ان السؤال المطروح هو: هل لدى الشريك جواب يطمئن المسيحيين فيما الاستحقاق الرئاسي لا يزال معطلا وليس في الأفق ما يشي بامكان انجازه قريبا؟
ويطمح العونيون الى رفع مستوى الشعارات التي تدغدغ مشاعر المسيحيين وتشد عصبهم من اجل تأمين اعلى نسبة مشاركة في الشارع بما يتيح تأكيد نظرية التمثيل المسيحي الأعلى.
لكن مصادر سياسية تؤكد ان القيادات المسيحية من جهة، كما القوى السياسية الاخرى، لن تسمح بالاحتكام الى تجربة الشارع في ظل الظروف السياسية الراهنة، وان جل ما يمكن ان يسمح للبرتقاليين بفعله هو تنفيس احتقانهم كما حصل العام الماضي.
وفي غضون ذلك، تبقى الحياة السياسية معطلة، وتغيب الحكومة عن الانعقاد في انتظار عودة رئيسها من زيارته الى نيويورك من جهة، وإصدار وزير الدفاع سمير مقبل قرار التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي من جهة اخرى.