الحملة العنيفة التي شنّها المرشد الايراني علي خامنئي ضد السعودية على خلفية الضحايا الذين سقطوا في التدافع في منى العام الماضي وبينهم حجاج إيرانيون تمثل ذروة جديدة في التدهور في العلاقات بين البلدين. وإذا كان مفهوما ان يركّز المسؤول الايراني على موضوع الحج الذي تبلغ شعائره هذه السنة نهايتها بالوقوف غدا بعرفة من دون مشاركة الحجاج الايرانيين الاتين من الجمهورية الاسلامية فإنه من غير الواضح ما إذا كان المرشد يريد أن يضخّم موضوع مكة كي يسدل الستار على ما يدور هذه الايام في طهران وهو أمر كشفت بعض جوانبه صحيفة "كيهان". ولاحظ المراقبون أن معسكر المعتدلين انخرط بدوره بنسبة أو بأخرى في الحملة على السعودية كي لا يتركوا خامنئي وحيدا في قطف ثمار موضوع الحج الى مكة لإستثماره لاحقا في طهران.
ماذا جاء في "كيهان"؟ في عدد الصحيفة الصادر في 4 الجاري كتبت: "أطلق الشيخ رفسنجاني (رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام) اخيرا تصريحاً، لاينسجم و بداياته الثورية، وان كان يتطابق ورؤاه بعد عام 2009، اذ قال؛ "ان كنا نشهد اليوم اقتصاداً قوياً في المانيا و اليابان، فهاتان الدولتان قد منعتا من امتلاك جيش بعد الحرب الكونية الثانية... فالجيش يستوعب ميزانية الدولة اثناء الحرب، من هنا تمكنتا من اطلاق عائداتهما للشؤون العلمية و الانتاج و تأسيس اقتصاد علمي، ولذا تحصنتا من كل ضرر، هذا الطريق مفتوح لايران و على المدراء والمسؤولين المتحرقين على النظام و المعلمين ان يلجأوا الى هذا المسلك، وانا واثق من ان الحكومة الثانية لروحاني ستوصلنا الى هذا الهدف"! وكان للشيخ رفسنجاني تصريحات مشابهة اذ قبل اشهر كان قد اطلق على تغريدته "ان عالمنا هو عالم الحوار وليس الصواريخ"!
لا بد من القول هنا، أن ما أشارت اليه "كيهان" بشأن "الحكومة الثانية لروحاني" هو الولاية الثانية التي يسعى اليها الرئيس الايراني بعد أشهر وهو ما يجعل السباق محموما بين معسكر ما قبل الاتفاق النووي مع الغرب ومعسكر ما بعد هذا الاتفاق. لكن الصحيفة التي تمثل المعسكر الاول الذي يضم المحافظين لم تتوان عن شنّ هجوم لاذع على رفسنجاني عندما قالت: "... قدم الشيخ رفسنجاني معلومات خاطئة عن التطور العلمي لالمانيا واليابان... ففي المانيا يعزل الوزير الفلاني لاصطحابه زوجته في سفر داخلي على نفقة الدولة، فيما نظراء الشيخ رفسنجاني فكرياً يصفون من امتد يده الى بيت المال بذخر النظام. وفي النروج يحاكم احد المرتشين في شركة "استات اويل" النفطية فيما يعرف الجانب الايراني و الذي تسلم ملايين الدولارات و اضر بلده اضعاف هذا المبلغ يعرف بانه (روبن هود)".
موسم الحج سينتهي، والسؤال هو عما سيفعله خامنئي بعد عودته منه؟