ماذا يوجد في دوّار حبيب أبي شهلا في منطقة الأونيسكو؟ جثة ملفوفة بأكياس نايلون أم رجل نائم؟ إحتار مرتادو المبنى المقابل للدوّار جرّاء مشاهدتهم لرجلٍ يستلقي منذ الفجر على التراب بين الحشائش والورود. للوهلة الأولى، ظنّ الناظرون إليه أنّ جريمةً حاصلة وجثّة الرجل "المجهول" مرميّة في المكان، إذ لم يكُن يتحرّك وجسده ملفوف بكيس "نايلون" أبيض اللون، وتحت رأسه كيس آخر أسود.
بعد حوالى الساعة، حرّك يده.. الرجل نائمٌ ليس إلا.. إنّها حال المشرّدين الذين تتزايد أعدادهم في لبنان. وبعدما استفاق قابلناه ليعرّف عن نفسه أنّه يُدعى "عبد القادر العلي" من مواليد العام 1947 "وما إلو غير الله".
تحدّث عبد القادر لـ"لبنان 24" عن وضعه المأسوي، لافتًا إلى أنّه متحدّر من محافظة حماة السوريّة وقدم إلى لبنان قبل الحرب، وعن قوته اليومي قال إنّه يبحث في الحاويات عن فتات خبز ويمدّ يده ليُساعده الناس.
عبد القادر كان يرتدي بنطالاً و"جاكيت" سوداء ضيّقة وقد أكله الشيب، لفت إلى أنّه كان يعمل في منطقة وادي شحرور، وقبلها كان بحارًا، إلا أنّه ولدى الحديث عن عائلته قال في البدء إنّه غير متزوّج، وبعد حين أدمعت عيناه وكشف أنّ لديه شاب يُدعى "نسيب" و4 بنات، لكنّهم جميعًا يقطنون في سوريا.
التباين كان واضحًا في حديث الرجل الذي يبدو متشائمًا ممّا آلت إليه أوضاعه، حيثُ يلفت إلى أنّه تركَ المنزل تارّةً ويقول إنّه تُرِّك مرّة أخرى، ليختم حديثه بالقول: "أنا بلم أكلي من الزبالة.. وكيف بدي إرجع عَ بلدي ما معي مصاري"، مشيرًا إلى أنّه إذا تمّ تأمين عودته إلى بلاده فهو مستعدّ للعودة إلى عائلته.
الجدير ذكرهُ أنّ حالة هذا الرجل كأحوال كثيرين نشاهدهم يوميًا نائمين على جوانب الطرقات، وعند أبواب المستشفيات والدوائر الرسميّة والجامعات، ويشتدُّ هذا المنظر تحت جسر الكولا، حيثُ أصبح ذلك المكان مرقدًا وغرفة نوم ومرحاضًا للمشرّدين، ما يستدعي عناية إجتماعيّة ولفتةً أكبر لهؤلاء الذين يجوبون الطرقات من أجل تأمين دور رعاية خاصّة بهم وفرص عمل ولو بمهن يدويّة تنشلهم من الشارع.
لبنان 24