بعد انتظار طويل لخروج وزيري الخارجية الاميركي جون كيري وسيرغي لافروف لعقد مؤتمر صحافي يعلنان فيه نهاية المحادثات في شأن سوريا في جنيف وما تم التوصل اليه، فاجأ لافروف الصحافيين بدخوله الى القاعة المخصصة لهذا المؤتمر وحده وتحدثه بالانكليزية على غير عادته. أدلى بكلمات قليلة ولكن ذات معان كبيرة، كالتمني بالتوصل الى اتفاق قبل "أن يناموا في واشنطن" و"اننا من جهتنا جاهزون ولكن نتمنى عليكم أن تتحلوا بالصبر مثلنا في انتظار مجيء الرد من واشنطن".

 

وأشار إلى أن الولايات المتحدة تعطل الاتفاق في شأن سوريا.
وقال: "نعتقد اننا قد نوقفها (المحادثات)... قد نجتمع الأسبوع المقبل". وأضاف: "أعتقد أن من المهم بالنسبة اليهم (الوفد الأميركي) أن يراجعوا الأمر مع واشنطن".
وبعد دقائق من المؤتمر الصحافي للافروف، وصل المبعوث الخاص للامم المتحدة ستافان دو ميستورا الى قاعة الصحافيين بدوره، وقال: "اننا نأمل في التوصل الى الاتفاق الليلة". وتبعهما الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية جون كيربي. الذي صرّح: "ارسلنا المقترحات الى مختلف "الوكالات" (الدفاع و"السي أي إي" وغيرهما من الوكالات الأمنية) لتبدي رأيها فيها، ونحن في انتظار الرد".
واسترعى الانتباه ان كيربي لم يستخدم تعبير اتفاق أو مشروع اتفاق وانما "مقترحات"، مما يعني ان الجانب الأميركي لم يقدم بعد أي التزام الى الجانب الروسي: بان مجرد مقترحات قد ترفض أو يعاد تدويرها وإدخال تعديلات عليها.
هذه الأجواء التي في انتظار مؤتمر صحافي بدا انه لن يعقد كما هو متوقع لم تعكس ما أشيع خلال ساعات المساء من ان "الحل بات قاب قوسين"، كما أفادت الأوساط الروسية، وانها "أحرز تقدم في المحادثات" كما قال مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية.
وبدت الأجواء في ساعات بعد الظهر إيجابية من حيث التوصل الى تفاهم على ادخال المساعدات الإنسانية، واستدعي دو ميستورا مرة أخرى عصراً لاطلاعه على فحوى النقاش. وكانت الأمم المتحدة قد عرضت أخيراً ادخال المساعدات من طريق الكاستيلو على ان يتولى مراقبوها معاينة قوافل المساعدات عند تعبئتها في تركيا وختمها باختام المنظمة الأممية ومرافقتها الى داخل مدينة حلب "منعا لاستغلال هذه القوافل من أجل ادخال الأسلحة والاعتدة".
وبرز مطلب أميركي أمس لرفع الحصار الذي يفرضه الجيش السوري على شرق مدينة حلب "من أجل حرية ادخال المساعدات الإنسانية"، لكن الجانب الروسي رفض الطلب، معتبرا "أن رفع الحصار من دون التوصل الى اتفاق نهائي سيسمح للمجموعات المسلحة بإعادة تخزين السلاح والاعتدة". وأصر الروس على ادخال المساعدات عبر طريق الكاستيلو "على ان تتخذ إجراءات لضمان ادخال هذه المساعدات من خلال تكليف الأمم المتحدة مرافقة مباشرة لكل مسار القوافل منذ التخزين داخل الحدود التركية الى حين وصولها الى داخل حلب".
واستم الخلاف الأبرز على فصل المجموعات المعتدلة عن مجموعات "جيش فتح الشام" ("جبهة النصرة" سابقاً)، واتهمت أوساط الفريق الروسي الولايات المتحدة بانها "قادرة على فك الارتباط لكنها ترفض وانها تريد المحافظة على النصرة لأنها القوة الكبرى بين المجموعات التي تحارب النظام السوري".

الميدان
ميدانياً (الوكالات)، أدى تقدم الجيش السوري ومقاتلين متحالفين معه في منطقة الراموسة في جنوب حلب إلى إعادة فتح الطريق الرئيسي إلى مناطق خاضعة لسيطرة الحكومة في الغرب، كما أدى إلى إعادة تطويق كامل للأحياء الشرقية التي تهيمن عليها المعارضة.
وبثت قناة "الإخبارية" السورية الرسمية أن الجيش السوري أمن طريق الراموسة إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة في حلب بعدما سيطر عليه مقاتلو المعارضة الشهر الماضي ومن المتوقع فتحه قريباً أمام المدنيين.
وقال مراسل من "الإخبارية" في بث مباشر إن الطريق سيفتح أمام المدنيين في غضون ساعات. وأبلغ جندي المراسل ان "المنطقة كلها آمنة".
وأورد "المرصد السوري لحقوق الإنسان" الذي يتخذ لندن مقراً له، أن قصف مقاتلي المعارضة الجانب الذي تسيطر عليه الحكومة على جبهة حي صلاح الدين في حلب قتل ثمانية أشخاص على الأقل بينهم أربعة أطفال وأصاب نحو 30 آخرين.
وأضاف أن الجزء الذي يسيطر عليه مقاتلو المعارضة من الحي نفسه تعرض لغارة جوية أسفرت عن مقتل سبعة أشخاص بينهم أطفال واصابة آخرين.
وأظهرت مشاهد بثها التلفزيون الرسمي مهندسين وهم يصلحون خطوط كهرباء وسيارات مدنية وهي تمر في المنطقة الريفية على طول طريق يؤدي إلى حلب عبر الراموسة.
كما أظهرت مباني خرسانية كبيرة وقد سقطت واجهاتها بفصل القذائف والصواريخ وجنوداً تابعين للحكومة يسيرون في الشوارع حاملين أسلحتهم.

"البنتاغون" نفى علاقته بغارة
وتلقى "جيش الفتح"، تحالف الفصائل الجهادية والاسلامية الابرز في سوريا، ضربة قوية بمقتل قائده العسكري أبو عمر سراقب مساء الخميس في غارة جوية في شمال سوريا.
وأكد المرصد السوري مقتل أبو عمر سراقب وقيادي آخر في "جيش الفتح" هو "أبو مسلم الشامي" في غارة جوية لـ"طائرات حربية مجهولة لا يعلم ما إذا كانت روسية أم تابعة للائتلاف الدولي أم للنظام، استهدفت مقراً كان يجتمع فيه قادة بارزون في جيش الفتح في ريف حلب".
ونفى الناطق باسم وزارة الدفاع الاميركية "البنتاغون" جيف ديفيس أي دور للائتلاف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة في الغارة التي أسفرت عن مقتل القائد العسكري لـ"جيش الفتح" ابو عمر سراقب في وقت متقدم الخميس في حلب. وقال: "ليس لدينا أي سبب لنكون في حلب، انها ليست مكاناً فيه داعش". وأكد ان مقتل سراقب "لم يكن في غارة جوية اميركية". وأضاف: "مهما يكن الذي حصل فان الجيش الاميركي لم يكن ضالعاً فيه".
الا ان مسؤولاً عسكرياً اخر صرح لاحقاً لـ"وكالة الصحافة الفرنسية" بأن روسيا هي "المشتبه فيه الرئيسي" في الغارة التي قتلت سراقب.

تركيا
الى ذلك، أعلن الجيش التركي في بيان مقتل ثلاثة من جنوده وجرح آخر في هجوم شنه "داعش" على احدى دباباته في شمال سوريا.
وكان ثلاثة جنود أتراك قتلوا في هجوم بصاروخ أطلقه التنظيم المتطرف هذا الاسبوع. كما قتل جندي تركي في 28 آب في هجوم اتهمت به انقرة مقاتلين اكراداً.
وشنت تركيا عملية غير مسبوقة داخل سوريا في 24 آب، إذ ارسلت دبابات وقوات خاصة لدعم الفصائل السورية المقاتلة لطرد "داعش" من المنطقة الحدودية.
وصرح وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو في مؤتمر صحافي مشترك مع الامين العام لحلف شمال الاطلسي ينس شتولتنبرغ بأنه "اذا وفّرت قوات الائتلاف الدعم الجوي، وشاركت قواتنا الخاصة، فمن المحتمل تحقيق النجاح في اخراج داعش من الرقة والموصل".
ورحب شتولتنبرغ بزيادة جهود تركيا في محاربة "داعش" في سوريا. وقال إن تدريب القوات المحلية هو العامل الأهم في محاربة التنظيم المتشدد. وأضاف: "الموقف في سوريا معقد وصعب جداً ولكن ليس هناك خيار بالاكتفاء بالبقاء خارجه. يجب أن نحاول التوصل الى حل ونحارب أيضا الدولة الإسلامية في سوريا"