بدأ يوم الدكتور صالح الشل الثلثاء الماضي بشكل طبيعي، ذهبَ الى عملِه صباحاً في مستشفى ابن سينا، ليعود بعدها الى منزله قبل أن يقصدَ محمية الأرز التي يمتلكها على تلال عمشكي المشرفة على مدينة بعلبك، لكنه هذه المرة لم يتمكن من العودة وإكمال سهرته مع عائلته، بعدما خُطف من وسط أرضه من دون ان يُعرف الى الآن مصيره.
خرج ولم يعد، هذه حال المدير الطبي لمستشفى ابن سينا، وبعد أن تأخر عن موعده "حيث اعتاد أن يقصدَ المحمية كل يوم ما بين الساعة الخامسة بعد الظهر والسابعة مساء"، بحسب ما قالته ابنته الدكتورة نتالي لـ"النهار" التي سارعت الى الأرض للاطمئنان عليه، لكن كما لفتت "صدمت بحال الخوف التي تعتريَ الناطور، الذي أبلغني أنه شاهد سيارة "البيك أب" التي نمتلكها تغادر المزرعة مسرعة في الطريق الوعرة عكس التي يتخذها والدي في العادة، من دون أن يتمكن من رؤية من فيها، عندها هرع الى مكان تواجد والدي فلم يعثر عليه، في حين ان مياه البئر كانت لا تزال تتدفق".
غموض يلف الغياب
في البداية، استبعدت عائلة الشل أن تكون خلفية الأمر عملية خطف، لكون كما قالت نتالي "لا أعداء لوالدي، بل على العكس فهو طبيب قلب خدم بعلبك والمنطقة طيلة خمسين سنة، وكان أول من افتتح مستشفى خاصاً في المنطقة، كما ليس له أي علاقة بالسياسة، ولم يتلقَ في يوم من الأيام أي تهديد. محبة الناس ظهرت في الاعتصام الذي نفذه أهالي بعلبك أمام سرايا بعلبك الحكومي استنكاراً لاختطافه، بدعوة من هيئات المجتمع المدني، لكن الى الآن لم نعرف عنه شيئاً، ولم يتصل بنا الخاطفون".
نيران التهمت الدليل!
بعد اختفائه بحث أفراد من عائلة الشل (71 عاماً) والأب لأربع فتيات عليه طوال الليل في المنطقة الجردية دون جدوى، "كما أبلغنا القوى الأمنية والمعنيين، ولكن لم يصلنا أي خبر عنه، سوى أنه عثر بعد منتصف ليل أمس على سيارة "البيك أب" في خراج بلدة الطيبة البقاعية، وقد التهمتها النيران".
صرخة مناشدة
نقيب الاطباء في بيروت البروفسور ريمون صايغ، استنكر باسمه وباسم مجلس النقابة، "عملية فقدان الشل في ظروف غامضة وحرق سيارته، وهو المعروف بنزاهته ومناقبيته الانسانية والمهنية"، وطالبت النقابة المراجع الامنية والقضائية "بالكشف عن ملابسات هذه الحادثة لعودة الطبيب الى كنف عائلته في السرعة القصوى".
القوى الأمنية فتحت تحقيقاً بالقضية، لكن كما قال مصدر أمني: "لم نصل الى شيء حتى اللحظة". في حين ناشدت نتالي وزارة الداخلية القيام بما يتوجب عليها لإعادة والدها، مطالبة "نقابة الأطباء باستخدام نفوذها ليُفرج عنه وفي حال لم يعرف مكانه ويُعاد سالماً، يجب القيام بخطوات أخرى على الصعيد المدني، اذ يكفي بعلبك الفلتان الأمني، والبعلبكيين العيش بخوف عند الخروج من بيوتهم".
النهار