قفُ سمر أمام خزانتها يومياً محتارةً، هي لا تعرف ماذا ترتدي إلى العمل. ضجرَت من البنطلون الأسود وذاك الكحلي اللذين اعتادت ارتداءَهما، علماً أنّ الفساتين الملوّنة لا تنقص في خزانتها ولا الثياب الـ"ستايلش"، غير أنّها لا تفكّر في انتقاء هذا الأسلوب من اللباس إلّا عندما تنوي الخروج مع أصدقائها. تُمضي المرأة حيّزاً كبيراً من وقتِها في العمل. وحتى "تفِشّ خِلقا" من الضغوط الحياتية، فهي لا تتردّد في التسوّق، حيث تختار من المحالّ التجارية آخرَ صيحات الأزياء الملوّنة والجذّابة التي شاهدَت صورَها على إنستاغرام واشتهت اقتناءَها. ولكن غالباً ما لا ترتدي إلى الوظيفة أيّاً من هذه الملابس، بل تميل إلى لباس كلاسيكيّ ورتيب.
وهي حتّى لو غيّرَت قِطع ملابسِها، تصِرّ لا شعورياً على إعادة أسلوب اللباس عينِه، فتعكس بمظهرها المتكرّر وإطلالتِها الممِلّة والمتشابهة يوميّاً صورةَ دوّامةِ عملِها الروتيني، حيث تؤدّي المهمّات ذاتها. ولكنْ هل فكّرتِ يوماً أنّ رتابة ردائك المهني تنعكس سلباً على أدائك الوظيفي؟
عبّري عن نفسك
تؤكّد دراسة أجراها علماء في جامعة هارفرد أنّ ارتداءَك أزياءَ لافتة تَعشقينها إلى المكتب، يُفيد مسيرتَكِ المهنية. طبعاً ذلك ليس لأنّكِ ستجذبين المديرَ بأناقتك فيعمل على ترقيتكِ، بل لأنّ اختيارَكِ ملابسَ تليق بكِ وتشبه شخصيتكِ يغيّر نظرتَكِ لذاتكِ، ما يدعمكِ معنوياً ويُعزّز ثقتكِ بنفسكِ، فيتحسّن أداؤكِ المهني، وتصبحين أكثر عطاءً.
لا تبالي بالآخرين
إلى ذلك، اختيارُكِ ثياباً تُعبّر عنك يقلّل من تعصيبكِ في العمل، فأنتِ لن تضطرّي إلى إخفاء هويتكِ الحقيقية ودخول منظومة ممِلّة تُقَولب شكلكِ وتُحجّمه بما يرضي الآخرين.
ها هي رانيا تفضّل اعتمادَ ثيابٍ قاتمة وكلاسيكية إلى العمل، حتى لا تواجه "لطشات" الزملاء ونظراتهم وتعليقاتهم "غير العادية"، إذ يفاتحها زميلها عصام بـ "شو هالأحمر!" إذا ما رآها بفستان فاقع، وغالباً ما تتجاوز تعليقات بعض الزملاء حدّ الإطراء إلى "التلطيش".
هي كبَّلت حياتها، فباتَ الوقت الأطول من يومها يمرّ في المؤسسة حيث تلتزم لا شعورياً مظهراً لا يشبهها وتنتظر "الضَهرات" النادرة مع الأصدقاء لارتداء ملابس متألّقة.
في هذا الإطار ينصَحك الخبَراء بأن لا تخافي من نظرات الناس، أو تُحيطي حياتكِ بالحذر من انتقاداتهم وثرثرتِهم الغيورة، بل حاوِلي إثباتَ نفسكِ وشخصيتكِ في العمل بمعزلٍ عنهم. فالإنسان الذي يَشعر بالحرّية يميل إلى الإبداع، إذ يكون مرتاحاً مع نفسه ومحيطه.
التوظيف على الشكل
لا يغِبْ عن بالكِ أنّ العديد من الوظائف في لبنان وخارجه تعتمد الشكلَ والملابس الأنيقة كعاملٍ حاسم يتمّ قبول أو رفضُ المتقدّمة إلى وظيفة على أساسها. فـ"اللوك" الأنيق قد يَمنحكِ فرصة إثباتِ نفسكِ مهنياً، والملابس الجيّدة والمحترَمة تعطي مؤشّراً على "القيمة"، وتدفَع الناس تلقائياً إلى التعامل معكِ باحترام.
إحذري المبالغة
إبراز شخصيتكِ من خلال اللباس لا يَعني القدوم إلى المكتب بثياب النوم أو بثياب البحر، حتى لو أنّها مريحة وجذّابة، إنّما أن تتجرّئي على ارتداء ما تحبّين دونما الخوف من نظرات الآخرين، ما يوقِعك في فخّ الرتابة. وقد يكون ذلك فستاناً فاقعاً، جواربَ ملوّنة، إسكربينة مميّزة، "Overall" جذّاب...
الـ Costume
يُذكر أنّ العديد من المؤسسات في لبنان والعالم تفرض على موظفيها أسلوبَ الزيّ الموحّد للجميع، ومنهم مضيفات الطيران، نادلات المطاعم، موظفات الاستقبال في الفنادق... يَعتقد القيّمون على الشركات أنّ ذلك يَمنح العمّالَ مظهراً مرتّباً، ولكنْ تشير الأرقام إلى أنّ هذا النظام يزيد الرتابة في نفوسِهم، بينما إعطاء المؤسسات المزيدَ من الحرّية في الملبس للموظفين، يفيد نفسيتَهم ويزيد إنتاجَهم، ما يعود بالمنفعة على الشركة.
(الجمهورية)