«بناءً على دعوة دولة رئيس مجلس الوزراء عقد المجلس جلسته الأسبوعية في السرايا الحكومية».. على هذه العبارة التي تتصدر بيان المقررات احتدم الكباش الدستوري والسياسي خلال الساعات الثماني والأربعين الأخيرة بين جبهتي المتمسكين بميثاقية الحكومة والساعين إلى تجريدها من ميثاقيتها، فكانت الغلبة في نهاية المطاف للجبهة الأولى مع نجاحها في تأمين النصاب اللازم لانعقاد مجلس الوزراء شكلاً بينما نجحت الثانية في تفريغه مضموناً ومنع انتاجيته. وفي محصلة المشهد الوطني أنّ الحكومة وإن كانت لا تزال صامدة محتسبة في مواجهة الرياح التعطيلية المستعرة، لكنّ الأكيد أنّ الجمهورية برمتها باتت تترنح على المحك في وضعية آيلة للسقوط بضربة الفراغ القاضية بعدما أنهك قواها الدستورية والمؤسساتية ولا ينفك يحرز النقاط توالياً على امتداد جولاته الهدّامة للكيان.
وعن تفاصيل جلسة الأمس وحيثيات انعقادها، روت مصادر حكومية لـ«المستقبل» أنّ رئيس مجلس الوزراء تمام سلام وغداة تبلغه بقرار مقاطعة وزيري «حزب الله» تضامناً مع وزيري «التيار الوطني الحر» وتغيّب الوزير روني عريجي «لمرة واحدة» وفق ما أبلغ السرايا «إفساحاً في المجال أمام حل الأزمة»، بادر منذ ساعات الصباح الأولى إلى إجراء سلسلة اتصالات مع أكثر من جهة معنية لإبلاغ الجميع بتصميمه على انعقاد مجلس الوزراء وتأمين النصاب اللازم لذلك وإلا فإنه عازم على الاستقالة. وعلى الأثر وصلت الرسالة إلى الوزير ميشال فرعون الذي كان ينوي عدم حضور الجلسة بشكل سيؤدي إلى إفقادها النصاب فأخذ الموضوع على عاتقه مؤكداً لرئيس الحكومة أنه سيحضر لتأمين النصاب على ألا يتم البحث في جدول الأعمال وتحويل الجلسة إلى جلسة تشاور سياسي، وهكذا كان.
المصادر أوضحت أنّ فرعون ولدى وصوله إلى السرايا دخل إلى مكتب رئيس الحكومة حيث كان يجتمع 15 وزيراً بانتظار اكتمال النصاب، فجدد تمنياته بعدم اتخاذ أي قرار في الجلسة قبل أن يدخلوا جميعاً إلى المجلس ويلتئم بنصاب قانوني من 16 وزيراً. وفي مستهل الجلسة لفت سلام إلى الانعكاسات السلبية على الوطن نتيجة تعليق جلسات الحوار وتصعيد التشنج الحكومي، مشدداً على كونها جلسة «دستورية وميثاقية» مع أخذه بالاعتبار «بُعدها السياسي المستجد»، وأكد في ضوء ذلك أنه سيعطي المجال أمام مزيد من التشاور في الأزمة الراهنة لإعطاء فرص جديدة لإيجاد حلول، مع إشارة غير مباشرة إلى كون إمكانية استقالته لا تزال مطروحة على الطاولة من خلال تأكيده وجوب أن يدرك الجميع أنّ «عدم إنتاجية الحكومة يطرح سؤالاً مشروعاً حول الجدوى من استمرارها».
ثم خاض المجلس في نقاش سياسي عام حول الأزمة المستجدة، فكانت مداخلة للوزير نهاد المشنوق (الذي حرص على حضور جلسة الأمس اعتراضاً منه على التفسير المغلوط للميثاقية الذي قدمه رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل على طاولة الحوار) فأكد على وجوب العمل على حل الأزمة الحاصلة والأخذ بالاعتبار الهواجس المطروحة من الأفرقاء المقاطعين. الأمر الذي علّق عليه الوزير نبيل دي فريج بالمطالبة تحت وطأة توالي الأزمات والخضات التي تواجهها الحكومة إلى تبديل تسميتها من «حكومة المصلحة الوطنية» إلى «حكومة الأخذ بالاعتبار»، ثم توجه إلى رئيس الحكومة بالقول: «أود يا دولة الرئيس أن أنتهز هذه الفرصة لأشكر الوزير باسيل على إعلانه أنّ تغيّب الكاثوليك عن الحكومة يفقدها ميثاقيتها»، وأردف موضحاً: «أشكره لأنه جعلني وفق هذه النظرية أقوى منك ومن رئيس الجمهورية لأنني أمثل وحدي 8 طوائف (أقليات) من أصل 17 طائفة في البلد ومن هذا المنطلق غيابي لوحدي عن أي جلسة لمجلس الوزراء يفقده ميثاقيته».
بدوره، أسف الوزير علي حسن خليل لتشويه الحقائق المتصلة بعنوان الميثاقية، وأكد على كون ما هو مطروح اليوم تحت هذا العنوان لا يمت إلى الواقع الدستوري بصلة، مشدداً على ميثاقية الحكومة طالما تأمن النصاب اللازم لانعقادها بمشاركة متنوعة من المكونات الوطنية، مع إشارته في الوقت عينه إلى ضرورة أخذ الملاحظات المطروحة من قبل بعض الأفرقاء في الاعتبار. أما فرعون، فلفت انتباه رئيس الحكومة إلى أنّ مطالبته بعدم إقرار أي من بنود جدول أعمال الجلسة في ظل انسحاب بعض مكوناتها إنما ينطلق من القاعدة التي وضعها سلام لناحية عدم إصدار قرارات في ظل اعتراض مكونين من الحكومة على ذلك.
الرابية تزجّ بكركي
مسيحياً، وفي وقت تترقب الساحة الإعلامية المضامين السياسية التي ستحملها إطلالة رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية الأربعاء المقبل عبر برنامج «بموضوعية» مع الزميل وليد عبود، والتي من المتوقع أن يسجل خلالها جملة مواقف حاسمة وواضحة إزاء الأزمة الراهنة وحيال التصعيد العوني المتدحرج على طاولتي الحوار والحكومة، لفت الانتباه في المقابل أمس إقدام الرابية على إرسال وفد نيابي إلى بكركي في محاولة مكشوفة لزجّ الصرح البطريركي في الصراع السياسي الطائفي الذي يخوضه العماد عون على أكثر من جبهة وطنية لتحصيل مكتسبات شخصية وسلطوية، سيما وأنّ عضوي الوفد العوني النائبين نعمة الله أبي نصر وحكمت ديب حرصا إثر لقائهما البطريرك بشارة بطرس الراعي على اعتلاء منبر بكركي واستخدامه في توجيه رسائل سياسية لتهييج الشارع المسيحي بشعارات وعبارات مؤججة للعصبيات الطائفية من مثل «انهيار الصيغة» و»تكسير أجنحة الموارنة» و«إقصاء المسيحيين وحرمانهم التنمية« وصولاً إلى قول ديب باسم «التيار الوطني» إن «الشريك المسلم لا يلتفت أبداً إلى المصلحة الوطنية الكبرى التي تضمن العيش المشترك وبقاء كل مكونات لبنان»، معلناً عن وضع البطريرك في «أجواء مقررات «التيار الوطني» لجبه مسار ضرب الصيغة» وإطلاعه تالياً على «بنك التحركات» التي ينوي «التيار» شنّها في المرحلة المقبلة.
في هذا الإطار، أفادت المعلومات المتوافرة لـ«المستقبل» أنّ خطة عمل الرابية تقضي بمواصلة سياسة التأزيم على مختلف الجبهات بشكل تصعيدي تصاعدي يرمي إلى رفع مستوى التأهب تنظيمياً وتهييج الشارع مسيحياً وصولاً إلى بلوغ نقطة الذروة ميدانياً في ذكرى 13 تشرين الأول المقبل بغرض تأمين أكبر حشد شعبي ممكن في التظاهرة المنوي إقامتها للذكرى.
المستقبل : الرابية تحاول زجّ بكركي في الصراع.. وتستعد للحشد الشعبي في 13 تشرين
المستقبل : الرابية تحاول زجّ بكركي في الصراع.. وتستعد للحشد...لبنان الجديد
NewLebanon
|
عدد القراء:
353
مقالات ذات صلة
الجمهورية : السلطة تحاول التقاط أنفاسها... والموازنة تفقدها...
الاخبار : السفير الروسي: الأميركيّون يهيّئون لفوضى في...
اللواء : باسيل يتوعَّد السياسيِّين.. ورعد...
الجمهورية : مجلس الوزراء للموازنة اليوم وللتعيينات غداً.....
الاخبار : الحريري بدأ جولة...
اللواء : هل يستجيب عون لطلب تأجيل جلسة المادة...
ارسل تعليقك على هذا المقال
إن المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس بـالضرورة سياسة الموقع
© 2018 All Rights Reserved |
Powered & Designed By Asmar Pro