نجح أصحاب الميثاقية والدفاع عن حقوق المسيحيين في أخذ البلد إلى مزيد من التعطيل، وأن ينضم حزب الله إلى هذا الجنون فهو دليل إضافي على خيار التعطيل المستمر والدائم لمؤسسات الدولة سيما المؤسسة الوحيدة التي ما زال بإمكانها النهوض في هذا البلد وهي مؤسسة مجلس الوزراء .
إن استعادة لغة التوتير الطائفي والمذهبي، هي خيانة لأمانات كثيرة، للعيش الوطني والاستقرار الأهلي ومشروع الدولة واقتدارها، وللبنان الرسالة والفرادة والتميّز والإبداع والرحابة في زمن الانغلاق. وقبول الآخر في زمن الصد والإلغاء. والاعتدال في زمن التطرف
وإن الإستمرار في هذه اللغة يعني المزيد من الفوضى والتعطيل والفراغ، وإذا كان حزب الله يتضامن مع ميشال عون في الموضوع الرئاسي فلمصلحة من تعطيل جلسات الحكومة علما أن المتضرر الوحيد من هذا التعطيل هو لبنان والشعب اللبناني ومصالح اللبنانيين جميعا .
الوفاء يجب أن يكون للبنان أولا وللجمهورية اللبنانية وللشعب اللبناني ولقضاياه ومطالبه المحقة وأي وفاء آخر على حساب لبنان والشعب و الدولة هو كذب وهو تعطيل وهو إصرار على الفراغ والهروب الى الامام .
في هذا الوقت لا يملك اللبنانيون إلا مشاركة الرئيس تمام سلام تمنياته بابتعاد الجميع عن سياسة التعطيل عموماً وتلك المتصلة بالحكومة خصوصاً، باعتبار أن المؤسسات الدستورية قائمة وموجودة لخدمة اللبنانيين وتأكيد حضور الدولة وبقاء البلد ودوره ورسالته.
لكن بين التمنيات والواقع فوارق كبيرة ومؤسفة ولا تخدم أحداً. بحيث إن التعطيل وحده ما عاد لينفع عند القوى التعطيلية لتحقيق مآربها على حساب كل شيء آخر، فانتقلت الى استعادة لغة استنفارية توتيرية تضرب على الوتر الغرائزي الطائفي بخفة لا تليق بأحد.
وغريب بل مخيف، أن لا يأخذ أصحاب ذلك الأداء عبرة حميدة من الكوارث التي تحصل في جوارنا. ومن انشغال العالم بكل شيء إلا بلبنان.. بل من الحروب التي ابتُلي بها اللبنانيون ودفعوا فيها الغالي والرخيص قبل ان يعودوا منها ومن منافي العدم والعبث وحقول القتل والإفناء، ومتاهات المشاريع الذاتية الخاصة، إلى الدولة الواحدة والجامعة، والى فيء العيش الواحد والموحد والى غنيمة السلم الوطني العزيز والغالي..