فيما يؤكد وزير الصناعة حسين الحاج حسن أن لا محظورات لدخول السوق الإيرانية، تشير مصادر مصرفية الى ان جزءاً كبيرا من العقوبات الاميركية ما زال قائماً، وأن العائق الأساسي أمام الدخول الى ايران هو عدم قدرة الايرانيين على ولوج النظام المالي العالمي لغاية اليوم.
بعدما أعلنت الولايات المتحدة الأميركية رفع العقوبات عن إيران، كثرت زيارات الوفود الرسمية وغير الرسمية اللبنانية الى الجمهورية الاسلامية، لدراسة السوق الايرانية واستطلاع فرص الاستثمار.
آخر الزيارات قام بها وزير الصناعة حسين الحاج حسن على رأس وفد ضمّ مدير العلاقات الخارجية في مصرف لبنان خالد بحصلي حيث اجتمع الوفد مع رئيس البنك المركزي الايراني الذي ركّز على أهمية الخبرات المصرفية اللبنانية وحاجة السوق الايرانية لها.
حملت زيارة الوفد اللبناني عنوان «المال والمصارف» لدرجة اقتراح تأسيس مصرف ايراني - لبناني، وفتح حساب وديعة ايرانية في مصرف لبنان لضمان الاستثمارات اللبنانية في ايران.
هذا التعويل على السوق الايرانية قد يكون في محلّه ولكن ليس في زمانه. فرغم ان السوق واعدة ومهمّة جداّ بالنسبة الى القطاع المصرفي اللبناني، إلا ان الدخول الى السوق الايرانية اليوم، مرتبط بالعقوبات الأميركية التي ما زال جزءا كبيرا منها قائماً، «وهناك غموض في ما يتعلّق بالعقوبات، إذ ان الولايات المتحدة لم توضح أي عقوبات قد تمّت إزالتها وأي عقوبات ما زالت سارية المفعول»، وفقا لما أكدته مصادر مصرفية لـ«الجمهورية» حيث اشارت الى وجود قيود على عمل القطاع المصرفي في ايران، أبرزها عدم قدرة الايرانيين على ولوج النظام المالي العالمي.
واعتبرت المصادر ان أحد العوائق الرئيسية المتعلّقة بالسوق الايرانية المالية والتي ترتبط بتمويل الاقتصاد وحاجاته، هي عدم قدرة الايرانيين على الاتفاق مع أي مصرف حول العالم للتعامل معهم، «لدرجة ان صفقة ضخمة على غرار صفقة «بوينغ» لم تمرّ بسبب عدم توفر مصرف يرعى هذه الصفقة».
وفيما شددت المصادر على ان السوق الايرانية واعدة جدّاً وذات حاجات كبيرة، لفتت الى ان الغموض الذي يلف العقوبات التي تم رفعها يمنع حتى المصارف الاميركية من التواجد في السوق الايرانية، كذلك الامر بالنسبة الى المصارف الاوروبية، في حين يقتصر وجود المصارف الاجنبية في ايران على مصرف هندي وآخر صيني.
هذه القيود التي ما زالت قائمة والتي تمنع تعامل المصارف الأجنبية لغاية اليوم مع ايران، لا تمنع المؤسسات المالية والمصرفية من استطلاع فرص الاستثمار في السوق الايرانية، لكن إمكانية تحقيق الخطط المستقبلية متعلّقة بوضوح الصورة كاملة وتحديد العقوبات الاميركية التي تم رفعها، وهو ما تطالب به المصارف الاوروبية والاميركية كما هو أيضا مطلب ايراني بالاضافة الى رفع كافة العقوبات المتبقية، على سبيل المثال العقوبات المفروضة على الحرس الثوري الايراني والتي ما زالت قائمة.
الحاج حسن
في هذا السياق، أكد وزير الصناعة حسين الحاج حسن لـ«المركزية»، أن لا محظورات لولوج السوق الإيرانية، «لا من الناحية السياسية ولا الإقتصادية ولا التقنية»، معتبراً أنها «من الدول الصديقة والقريبة من لبنان ولديها علاقات ومصالح تجارية مع كل دول العالم، وتتمتع بكل المواصفات التي تمكنها من دخول أسواق العالم، واستقطاب البلدان إلى أسواقها».
وعن موعد ترجمة نتائج المباحثات التي أجراها مع الجانب الإيراني أخيراً، قال: وضعنا برنامجاً تنفيذياً، فالمواضيع متعددة، منها تحويل الأموال، الإتفاق التجاري، الإستثمارات المشتركة، تبادل الخبرات...، وسيتم وضع خطة لكل تلك المحاور، للمباشرة بالتنفيذ.
وحول تخوّف البعض من موطئ قدم إيراني في المصارف اللبنانية، اعتبر الحاج حسن ان «أي موطئ قدم إيراني في المصارف اللبنانية سيكون من ضمن القوانين اللبنانية المرعية، إذ أن أي شخص يرغب في فتح حساب في أحد المصارف اللبنانية، يفعل ذلك ضمن الأنظمة والقوانين اللبنانية. فيحق لكل الدول التعامل مع الدول الأخرى من ضمن القوانين المرعية. من هنا، إن هذا التخوّف ليس في محله، لا مع إيران ولا مع غيرها.
وكرّر رداً على سؤال أن «لا محظورات لولوج السوق الإيرانية، لا سياسياً ولا اقتصادياً ولا تقنياً»، سائلاً «لماذا هذا النقاش في ظل تواجد وفود من مئات رجال الأعمال الفرنسيين والألمان والبريطانيين؟»، نافياً أن يكون التساؤل اللبناني هذا نابعاً من «نقزة»، بل وضعه في الخانة السياسية البحتة.
رنا سعرتي