قدر لبنان أن يصطنع الزعامات المزيفة، ويصطنع سياسيين بالنسب والوراثة والطائفية، حالنا في هذا البلد كمن يجلد نفسه بنفسه فتأتي زعاماتنا دائما على قياس الشخص والطائفة والقرابة، ولا مكان للخبرة السياسية والأهلية، ولا مكان في قاموسنا اللبناني لمقولة الشخص المناسب في المكان المناسب.
قدرنا ان نبقى رهن لسياسات المذهبية والطائفية على حساب الوطن والشعب والدستور .
وكأن لبنان ليس طائفيا بالقدر الكافي فيقرر صبيان السياسية في هذا البلد ضخّ الروح الطائفية من جديد تحت عنوان الميثاقية فيُعاد إحياء الطائفة والمذهب على حساب الوطن والشعب والكفاءات، في الوقت الذي نريد للبنان أن يخرج من وطأة الطائفية وتداعياتها القاتلة والمدمرة سياسيا واجتماعيا واقتصاديا.
وبعد 27 عاما على اتفاق الطائفي يأتي الآن صبيان المرحلة الجديدة من تاريخ لبنان للعب في مقدرات الوطن وللعب على التناقضات التي سبقت الطائف لاستعادة في محاولة فاسدة وسافرة لاصطناع أمجاد جديدة على حساب الطائف والوطن والشعب.
ربما على لبنان أن يقول الآن بصوت عال لقد ضقت ذرعا بهؤلاء الحمقى الذي يستدرجون البلاد والعباد إلى التاريخ والإنهيار الذي سبق اتفاق الطائف .
وفي ذروة المشاكل والأحداث التي تعاني منها البلاد ومن أهمها الملف الرئاسي والشغور الرئاسي ومع عجز المجلس النيابي والأفرقاء السياسيين عن انتخاب رئيس للجمهورية تعود اليوم لغة اللعب بالتفاهمات والمواثيق في سوق المزايدات والمناقصات بذريعة الميثاقية وحقوق المسيحيين .
إن نسف طاولة الحوار الوطني تحت حجة الميثاقية وحقوق المسيحيين هو اعتداء جديد على لبنان وعلى الحوار وعلى السلم الأهلي، وإن التلهي بمثل هذه الأمور فيما يعيش لبنان دوامة الإنهيار السياسي الكامل يأتي في سياق اللاوعي واللامسؤولية واللاوطنية خصوصا ونحن نشاهد لبنان اليوم وهو في دوامة الحريق الذي يلتهم المنطقة كلها من حوله تحت عنوان الطائفية والمذهبية .
إن أسوأ ما يمر على لبنان الآن هو هؤلاء السياسيين الذين دخلوا قاعة السياسة بالنسب وهم لا يفقهون شيئا في السياسية ولم يقرأوا جيدا في تاريخ لبنان وتعقيداته ما قبل اتفاق الطائف وما بعده .
إن بعض المواقف هي اعتداء مقصود على لبنان وتركيبته الحالية لا يراد منها إلا العمل وفق المصالح الخاصة والفئوية والشخصية.