الاستقالة في جيب الرئيس تمام سلام، لكن «المحافظة على ما تبقى من الدولة»، هو الذي يحول دون تقديمها، والاستمرار في تحمل المسؤولية الوطنية، في الظروف السياسية، المعقدة والصعبة، في ظل تمادي الشغور الرئاسي، ودخوله العام الثالث من دون أفق لا في أيلول ولا في العقد النيابي العادي أو حتى بعده.
هذه الانطباعات أباح بها أحد الوزراء البارزين، والذي التقى الرئيس سلام على هامش حركة المشاورات التي أجراها، بعد تعليق الحوار، والانتقال، إلى التصعيد من قبل «التيار الوطني الحر».
وسط صدمة تعليق الحوار وارتداداته على حياة النّاس، ومصالح الدولة ومؤسساتها والاحتياجات المالية للجيش والقوى الأمنية، لتسيير الخدمات من كهرباء ورواتب وسوى ذلك، مضى التيار العوني بربط نزاعاته الداخلية، ليس مع طاولة الحوار أو الحكومة أو سائر مؤسسات الدولة، بل أيضاً مع «الشركاء» من باب «الميثاق» و«الميثاقية»، والعقد والعقود إلى آخر التسميات والبطولات والمتاهات.. والمحاولات والكيانات، وحفلة الانتساب إلى التيار الوطني الحر الاثنين المقبل في بلدة غزير.
وفي هذا السياق، كشفت مصادر مطلعة على موقف الرابية، ان الخطوة المقبلة من التصعيد العوني المتدرج خلال شهر أيلول، والذي يبلغ ذروته في 13 تشرين الأوّل، ستتحدد وفقاً لانعقاد جلسة مجلس الوزراء غداً، أم تأجيلها.
مجلس الوزراء
حتى ساعة متقدمة من مساء أمس، كانت المشاورات التي أجراها الرئيس سلام في السراي الكبير، تلتقي عند التأكيد ان جلسة مجلس الوزراء غداً الخميس لا تزال في موعدها.
وكان الرئيس سلام التقى تباعاً الوزراء سمير مقبل، نهاد المشنوق، بطرس حرب، وائل أبو فاعور ونبيل دو فريج، حيث تركزت التداولات مع الوزراء على تقييم الموقف في ضوء السجالات والنتائج السلبية التي انتهت إليها جلسة الحوار الوطني التي انعقدت في عين التينة الاثنين المقبل.
وفيما رفض الوزير حرب تأجيل الجلسة، رفض مصدر وزاري مسيحي في اتصال مع «اللواء» بصورة قاطعة تأجيل جلسة مجلس الوزراء، واصفاً الكلام عن فقدان الميثاقية بالأمر المرفوض، مؤكداً أنه من المعيب اخذه «كقميص عثمان»، وقال المصدر: «الجلسة يجب ان تنعقد في موعدها وعلى الرئيس سلام عدم الخضوع للإبتزاز العوني الذي لم يعد يعرف حجمه الطبيعي».
وفي السياق، رفضت مصادر أخرى، ان يتحكم «التيار الوطني الحر» بالبلد، واستبعدت ان يأخذ مجلس شورى الدولة بالطعون التي تقدّم بها بعض الوزراء العونيين، والتي تؤدي إلى شل السلطة التنفيذية، وتعطيل مصالح النّاس.
وحسب معلومات هذه المصادر أن وزيري «حزب الله» محمّد فنيش وحسين الحاج حسن، لن يقاطعا جلسة مجلس الوزراء التي يندرج على جدول أعمالها 111 بنداً والتي ستعالج البنود انطلاقاً من روحية الجلسة الماضية مستبعدة ان تتم أية تعيينات خلال الجلسة لا سيما تعيين رئيس جديد للجامعة اللبنانية.
وكشفت مصادر سياسية ان «حزب الله» الذي يعتبر همزة الوصل بين «التيار الوطني الحر» الذي يرتبط معه بتحالف، وسائر المكونات السياسية والحكومية، بدأ بإجراء اتصالات عاجلة لاحتواء الوضع انطلاقاً من النقاط التالية:
1- أن الحزب ليس في وارد مجاراة عون لا في الميثاقية ولا في مقاطعة الحوار، ولا في مقاطعة جلسات الحكومة.
2- أن الحزب ينظر بعدم الارتياح إلى تحول الأزمة السياسية إلى مشكلة مستعصية على الحل وهو يطالب بوقف المماحكات والنزالات الدستورية والسياسية والميثاقية.
3- أن الحزب يطالب بالوقوف على خاطر «التيار العوني» من زاوية ان الوحدة الوطنية هي المطلوبة في هذه المرحلة، وهي أساس الاستقرار الميداني والسياسي، داعياً لما وصفه «بشراكة وطنية وبحكم لبنان بالتوازن»، بتعبير رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمّد رعد.
وفي السياق أكّد الوزير فنيش ان «حزب الله» حتى الآن سيشارك في جلسة الحكومة المقررة بعد غد الخميس.
في هذا الوقت، ينقل عن الرئيس سلام انه ليس في وارد التصعيد، وأن وجوده على رأس حكومة المصلحة الوطنية يحكمه الدستور، وتمسك الرأي العام ببقاء الحكومة، وهو غير معني بأي شأن آخر.
اما زوّار عين التينة، فنقلوا عن رئيس المجلس انه قدم قسطه للعلى وهو على استعداد لتعيين موعد جديد لطاولة الحوار إذا ما بلغته ضمانات اكيدة بأن القوى السياسية تريد العودة إلى الطاولة لا لتقطيع الوقت، وإنما لإنجاز جدول أعمال يتعلق بقانون الانتخاب، ومجلس الشيوخ وسائر الأمور الأخرى.
أما «تيار المستقبل» فعبّرت عن موقفه أمس، «كتلة المستقبلس حيث عبّرت عن أسفها لتعليق طاولة الحوار، متهمة «التيار الوطني الحر» و«حزب الله» بتضييع فرصة الحوار على لبنان من أجل حل المشكلات عن طريق الحوار الوطني.
ورأت الكتلة أن تطبيق الميثاقية فعلاً لا قولاً يكون عبر المشاركة في أعمال الحكومة وليس بالإمتناع عن الالتزام بالقواعد الدستورية بانتخاب رئيس للجمهورية.
وأكدت أن الالتزام بالدستور هو الذي يحافظ على الميثاقية، سواءً فيما خصّ بالمناصفة تحت سقف الشراكة بين المسيحيين والمسلمين، أو تحديد نصاب الجلسات في مجلس الوزراء في اتخاذ القرارات، أو اعتماد سياسة الإنماء المتوازن.
وتخوّف رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط من تداعيات الأفق المسدود الذي وصلت إليه هيئة الحوار، متحدثاً عن أضرار إقتصادية ومعيشية فادحة وأن الآتي أعظم، متسائلاً كيف ينجح العقلاء بحماية الحوار وإخراج لبنان من المجهول في ظل عدم توصل الأطراف الخارجية في لبنان على صيغة معيّنة للخروج من الوضع اللبناني المتأزم.
في هذا الوقت، لم تستبعد مصادر مقربة من الرابية عدم انعقاد جلسة مجلس الوزراء، مشيرة إلى أن هذه الجلسة إذا عقدت أو لم تعقد فإن سفر الرئيس سلام إلى نيويورك وفنزويلا من شأنه أن يسهم في تبريد الأجواء.
وأشارت مصادر تكتل التغيير والاصلاح لـ«اللواء» أن أي قرار متوقف على ما يمكن أن يصدر عن الرئيس سلام، لافتة إلى أن أي خيار نهائي حول ماهية التحرّك لم يتخذ بعد، مع العلم أن كل شيء وارد في ما خصّ التحرّك في الشارع أم لا.
وتحدثت عن الذهاب في اتجاه التصعيد على أن تكون قمّة هذا التصعيد في ذكرى 13 تشرين الأوّل وما يسبقها في 12 منه لمناسبة إعطاء بطاقات جديدة للمحازبين، مؤكدة أن المواقف السياسية التصعيدية لن تتوقف رفضاً للاستخفاف.
ولم تؤكد المصادر المعلومات عن اتصالات بين التيار الوطني الحر وحزب الله لتنسيق الموقف، نافية أن يطلب التيار من الحزب أي شيء، وقالت «نحن شركاء في الوطن ولن بدّ من الأخذ برأينا كما يجب».
وكشفت معلومات لـ«اللواء» عن دراسة موضوعية يجريها التيار الوطني الحر لخطوات مرتقبة تأتي في إطار المظهر الديمقراطي دون أن تكون غير محسوبة أو في غير وقتها نظراً للظروف الصعبة التي تشهدها البلاد.
إجتماع الداخلية
بيئياً، إنتهى الاجتماع الذي دعا إليه وترأسه الوزير المشنوق للفريق الفني المركزي لمؤازرة وزارة الداخلية والبلديات والإشراف على حُسن تطبيق خطة معالجة النفايات المنزلية الصلبة، بحضور الوزير المكلف بخطة النفايات وزير الزراعة أكرم شهيّب، ورئيس حزب الطاشناق آغوب بقرادونيان، ورئيسة بلديات المتن الشمالي ميرنا المرّ، ورئيس بلدية الجديدة - البوشرية - السد أنطون جبارة، وممثلين عن الوزارات المعنية ومجلس الإنماء والاعمار، إلى إعادة الكرة إلى ملعب «حزب الكتائب».
وقال الوزير شهيّب الذي تحدث عن نتائج الاجتماع أنه إذا أزال «حزب الكتائب» خيمة الاعتصام أمام مطمر برج حمود فإن عملية رفع النفايات تبدأ اليوم.
مصادر المجتمعين كشفت لـ«اللواء» عن ليونة أبداها النائب بقرادونيان الذي قال بعد الاجتماع أنه «قبلنا بخطة الحكومة لمعالجة النفايات، وكي ننقذ البلد من أزمة سياسية».
وأشارت هذه المصادر إلى أن الأولوية هي رفع النفايات من الشوارع وإزالة جبل لنفايات في برج حمود، وهو المطلب الذي وافق عليه المجتمعون على أن تتخذ جملة إجراءات أبرزها:
1- تخفيض المرحلة الانتقالية من 4 سنوات إلى سنتين.
2- إنشاء بحرية بيئية تتولى متابعة المطمر في البحر، بما يمنع التلوث.
3- إطلاق يد البلديات في معالجة النفايات الخاصة بها.
4- الموافقة على أن ترسل البلديات المهندسين والخبراء لمتابعة تنفيذ الخطة الحكومية سواءً في ما يتعلق في عملية التخرين أو رفع النفايات من الشوارع، أو استحداث المحارق والمطامر الصحية، بما لا يؤدي إلى إلحاق الأذى بالمياه الجوفية.
وتبلّع رؤساء اتحاد البلديات التي شاركت في الاجتماع أن العائدات المالية للبلديات محفوظة وستدفع مع انطلاق خطة رفع النفايات من الشوارع.
ولم يستبعد مصدر بيئي من أن يستجيب المكتب السياسي لحزب الكتائب للمطالبة برفع الاعتصام وتسهيل رفع النفايات من الشارع ضمن التعهدات التي أعطيت والتعديلات على الخطة التي تمّ التفاهم عليها في الاجتماعات الثلاثية بين «الكتائب» و«التيار الوطني الحر» والوزير شهيّب.
وأكد رئيس بلدية الجديدة - البوشرية جبارة لـ«اللواء» أن تقارباً في وجهات النظر تحقق، وأن حزب «الطاشناق» أبدى تفهماً لواقع المشكلة، معرباً عن أمله أن ينجح اجتماع رؤساء بلديات المتن مع رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل لإعادة وضع حل النفايات على السكة