بعدما نجحت سياسة «قلب الطاولات» التي ينتهجها «التيار الوطني الحر» في حشر البلد وخنق مؤسساته الدستورية الواحدة تلو الأخرى برعاية «حزب الله» وأجندته التعطيلية، باتت الأنظار متجهة لاستكشاف ما هو التالي على صفحات هذه الأجندة بعد تفريغ الرئاسة وشل مجلسي النواب والوزراء وصولاً إلى تطيير الحوار الوطني وتعليق جلساته حتى إشعار آخر. وفي الأثناء أضحى «الحوار في غرفة الانتظار» كما عبّر راعيه رئيس المجلس النيابي نبيه بري لـ«المستقبل» مبدياً جهوزيته الدائمة لإعادة دعوة المتحاورين إلى الطاولة متى سنحت الظروف وقال: «إذا تبدلت مواقف بعض الأفرقاء أدعو إلى جلسة.. وإلا «لشو» إذا بقي الوضع على ما هو عليه». 

وعن المعلومات التي توافرت لـ«المستقبل» وتشير إلى اتجاه التيار العوني إلى رفع مستوى التصعيد والنزول إلى الشارع بعد عطلة عيد الأضحى، شدد بري على كون «هذا الأسلوب ليس بديلاً عن الحوارات»، مؤكداً أنّ «الحوار إما يكون بمشاركة الجميع أو لا يكون» بدليل مسارعته إلى تعليق أعمال طاولة الحوار «بمجرد أن طلب أحد الأطراف استئخار انعقادها».

وإذ آثر عدم الخوض في الملف الحكومي وما إذا كان مجلس الوزراء بصدد الانعقاد هذا الأسبوع باعتبارها مسألة يعود تحديدها لرئيس الحكومة تمام سلام، اكتفى بري بالإشارة إلى أنه «طالما أنّ الرئيس سلام دعا المجلس إلى الانعقاد فهذا يعني أنه سينعقد»، مؤكداً في ما يتعلق بكتلة «التنمية والتحرير» أنها «لا تقاطع لا في الحكومة ولا في المجلس النيابي»، وختم بالإعراب عن أسفه لما آل إليه الوضع الوطني العام قائلاً: «الناس بالناس والقطة بالنفاس».. ليت البعض يرى ما يحصل من حولنا في المنطقة فنتقي الله في بلدنا.

وأمس علمت «المستقبل» أنّ سلسلة دعوات من قوى مسيحية وازنة، أبرزها الرئيس أمين الجميل والرئيس ميشال سليمان، ناشدت بري استئناف الدعوة إلى انعقاد جلسات الحوار لما يمثله من حصانة ضامنة للاستقرار تحول دون انزلاق البلد نحو منزلقات خطيرة تهدد بانفراط عقد التواصل بين المكونات الوطنية.

وكما في عين التينة كذلك في السرايا الحكومية، تلقى رئيس مجلس الوزراء سلسلة تمنيات مسيحية أبرزها من الرئيس سليمان والوزير بطرس حرب وغيره من الوزراء المسيحيين المستقلين، تدعوه إلى الصبر وعدم التخلي عن المسؤولية في هذه المرحلة الدقيقة التي يمر فيها الوطن تحت وطأة ما يتعرض له من ضغوط طائفية من جانب «التيار الوطني» بهدف تأمين مكاسب سياسية وفئوية تحت عناوين تحاكي في ظاهرها تحصيل حقوق المسيحيين.

في المقابل كان رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد يغرد وحيداً خارج السرب الداعي إلى انعقاد الحكومة، متمنياً خلال زيارته سلام إلى إرجاء جلسة مجلس الوزراء المقرر انعقادها غداً إفساحاً في المجال أمام «لملمة الوضع» مع التيار العوني، غير أنّ مصادر حكومية نقلت لـ«المستقبل» أن «رئيس الحكومة متمسك بصلاحياته الدستورية ولن يتنازل عنها»، مؤكدةً عزمه على عقد جلسة الغد من دون أن يحسم بعد ما إذا كان ينوي الخوض في بحث جدول أعمالها أم أنه سيحوّلها إلى جلسة نقاش سياسي حول ما آلت إليه الأوضاع في البلاد.

وتزامناً، جزم وزير التنمية الإدارية نبيل دي فريج إثر زيارته السرايا الحكومية أمس أنّ جلسة الحكومة قائمة غداً، مبدياً لـ«المستقبل» رفضه لكل أشكال المقاطعة السائدة حالياً في العمل السياسي والمؤسساتي. وفي حين استغرب كيف أنّ «رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل يدعو إلى تطبيق مبادئ لا يطبقها على مستوى تياره خصوصاً ما يتصل منها بمواضيع الحرية والديموقراطية والتمثيل الصحيح»، لفت دي فريج إلى كون «باسيل الذي يُطالب بالتمثيل المسيحي الصحيح هو نفسه سبق أن ترشح مرتين في الانتخابات النيابية عن قضاء البترون ولم يحالفه الحظ، كما أن هناك في كتلة تياره نواباً فازوا بأصوات غير مسيحية ومع ذلك لا أحد يعتبرهم لا يمثلون مسيحياً بينما هو لا ينفك يتهم غيره من المسيحيين بأنهم لا يمثلون بيئتهم».