كان لا بدَّ من أن يقف أحدهم ويعيد أصحاب الشهوات المفتوحة الى أحجامهم وأدوارهم المعروفة، وخصوصاً بعدما صعد البخار بقوة الى رؤوسهم... وحيث كانت الخسَّة قد انفلشت بدورها.

وهذا ما حصل بالتمام والكمال. هذا ما فعله رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجيّة خلال جلسة الحوار التي كُتِبَ عليها التعليق لعدم الاكتمال.
كان من الضروري أن يتقدم زعيم بحجم سليمان بك ويضع الأمور اللبنانية في نصابها كما يضع النقاط فوق الحروف، بعد أن يضع بعض المهووسين الذين ارتدوا لبوس الغرور على غفلة من الزمن والأحداث في أحجامهم الحقيقيَّة، ويجرِّدهم من لبوس التزعُّم المبهبط عليهم، والذي لا يتناسب ولا ينسجم مع قاماتهم ومقاماتهم.
وما أعلنه نائب زغرتا في هذه المناسبة، وما صرّح به بكلِّ دقة وتأنٍ بالنسبة الى مَن سقط مرّات ومرّات في انتخابات البترون، كان من الضروري أن يعلن على الملأ وأن يعمَّم على اللبنانيين ليميّزوا بين الحق والباطل، وبين مَنْ يقول ويزعم ومَنْ يفعل ويمضي.
وقد قوبل كلام سليمان بك، الذي جاء في وقته الملائم تماماً، بالاستحسان والتأييد من مختلف الفئات السياسيَّة والشعبيَّة، ومن أولئك الذين ضاقوا ذَرْعاً بأشبال الغرور الذين ولدتهم المصادفات... ثم ندمت، ولا تزال على ندمها.
لقد آن أوان المصارحة، وإعلان الحقائق على الناس بعد هذه الأعوام والأشهر من خلط الحق بالباطل، والتجنّي على البلد وأهله، فيما الشلل يعمُّ لبنان. والتعطيل يشمل المؤسسات الرسميَّة بكاملها، ويأخذ بدربه المؤسَّسات التجارية والانتاجيَّة على طول البلاد وعرضها، من غير أن يحاول أصحاب الشهوات، والساعون الى المكاسب والمناصب، أن يأخذوا علماً بنتيجة أفعالهم، وسياساتهم، وعرقلاتهم داخل مجلس الوزراء، كما داخل جلسات الحوار ومساعي رفع وطأة مأزق الزبالة عن كاهل البلد وأهله...
الى متى تجاهل هموم الناس، وما آلت إليه حال لبنان الواقف فعلاً على شفير الهاوية؟
وإلامَ كل هذه العصي في دواليب الحكومة، والمشاريع الضرورية، والخطوات الإيجابيَّة التي تساعد كل المتضررين اللبنانيين من الشلل الشامل الذي يبسط نفوذه وضغوطه على مختلف المؤسسات، وأبواب الرزق، وسبل العمل؟
لا بد من متابعة سياسة المصارحة، ووضع المسؤولين أمام مسؤولياتهم عن حال البؤس التي "تجلّل" لبنان من الناقورة الى النهر الكبير.
ولا بدَّ من اعتماد أسلوب فرنجيّة في مواجهة "أبطال" التعطيل والشلل والتخريب...

 إلياس الديري