المرشح الوحيد لتيار «المستقبل» لرئاسة الحكومة هو الرئيس سعد الحريري. هذه العبارة التي وردت في بيان كتلة «المستقبل» مرت مرور الكرام، ولم يتوقف عندها ملياً إلّا مَن تابعوا أسباب وضعها في البيان، وهي عبارة يُبنى على ما سبقها وما سيتبعها، خصوصاً في ظلّ الجدل القائم حول التسوية المتعثرة.
الواضح أنّ أحداً في تيار «المستقبل»، لم يعد يميل الى قبول العرض الذي اطلقه الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله، بانتخاب العماد ميشال عون رئيساً، وبالقبول بالرئيس الحريري رئيساً للحكومة، هذه التسوية تعني للكثير في «المستقبل» سواء على صعيد القيادة أو القاعدة، أنّ التيار سيدفع ثمناً مكرَّراً، لما دفعه في العام 2010، مع فارق أنّ الكلفة هذه المرة قد تكون باهظة شعبياً، هذا بالاضافة الى أنّ الموقف السعودي من انتخاب عون لا زال رافضاً، نظراً لما يعنيه هذا الانتخاب من سيطرة لـ«حزب الله» على القرار اللبناني.
تقول أوساط في «المستقبل» إنّ الحريري بات مقتنعاً بأنّ ما يُعرض عليه في هذا الشأن هو صفقة غير متوازنة، فمن جهة هناك مكسب حقيقي إذا ما عاد الحريري الى السراي، لكن من هذا المكسب قد يتعرّض للاستنزاف التدريجي، في ظلّ رئاسة عون، الذي لن يوفر أيّ فرصة، لإنهاك الحريري بالتعاون مع «حزب الله»، وهذا أمر مرجّح الحصول، وهو سيعني أنّ الحريري، سيكون كمَن ربح رئاسة الحكومة، وخسر صلاحياتها ودورها وموقعها.
لم يعد خافياً أنّ الرئيس فؤاد السنيورة يلعب دوراً أساساً في مواجهة التسوية التي يراها تسوية عرجاء. قام السنيورة في الأيام الماضية بخطوات كثيرة داخل «المستقبل» وخارجه. كان لقاؤه مع وزير الخارجية المصري واضحاً، قال لا لانتخاب العماد عون، وكرّرها في الأمس على طاولة الحوار.
أما في داخل التيار، فقد رتب السنيورة عملية شدشدة داخلية، في وجه بعض مَن سوّق للتسوية ولانتخاب عون، وفي هذا السياق أتت عبارة التشديد على أنّ الرئيس الحريري هو المرشح الوحيد لتولّي الحكومة، وهي لا تشكل رداً على «حزب الله» الذي يتهم السنيورة بأنه يعطل وصول التسوية لكي يترأس هو الحكومة المقبلة، بل على بعض مَن يعمل لهذا الهدف.
أوصل السنيورة الرسالة هذه الى القريب والبعيد. نقل عنه كلام واضح يقول فيه بالمباشر لأصحاب الشأن ولكلّ مَن التقوه: هذا اللعب على وتر أنّ هناك مَن يريد أن يترأس الحكومة التفافاً أو تسلّلاً ساقط في مهده. لا أنا ولا غيري يمكن أن ينتخب نائباً من دون الرئيس الحريري، فكيف إذا تعلق الأمر برئاسة الحكومة.
لم يتّخذ السنيورة هذا الموقف من فراغ. سبقت ذلك مؤشرات كثيرة توحي بوجود نيّة للتسلّل، ووصل الأمر الى المبالغة في تنفيذ تسريبات صديقة ومبرمجة حول الصعوبات المالية التي تعاني منها شركة أوجيه، تُضاف الى تسريبات ومعطيات تهدف للضغط على الحريري لكي يقبل بالتسوية، بغض النظر عمَّن يتولّى رئاسة الحكومة، وعن كيفية تشكيل الحكومة، والبيان الوزاري وقانون الانتخاب.
أوردت كتلة «المستقبل» عبارة المرشح الوحيد لرئاسة الحكومة، فحاول نواب قلائل الاعتراض عليها بداعي أن لا لزوم لها، غاب مَن غاب وحضر مَن حضر، لكن الغالبية أقرّتها، وأكد معظم النواب أنّ رئيس تيار «المستقبل»، هو الوحيد المرشح لتولّي رئاسة الحكومة، وأنّ أيّ مسعى آخر هو اجتهاد شخصي لا يحظى بأيّ غطاء ولا يمتلك أيّ مشروعية، وبات السقف الوحيد للتعاطي مع ما يُطرح من تسويات محدَّداً وفق معايير لن يمكن لأحد أن يتخطاها.