مثل صعود عمار الحكيم، رئيس المجلس الأعلى الإسلامي، لرئاسة التحالف الوطني (تحالف الأحزاب الشيعية) خلفا لوزير الخارجية إبراهيم الجعفري خطوة إضافية نحو كسر هيمنة حزب الدعوة على المؤسسات والهياكل الفاعلة في العراق.
يأتي هذا فيما تعمل الأحزاب الشيعية الأخرى على استثمار حالة التراجع التي يعيشها الحزب لتثبيت نفسها في مختلف المؤسسات، فضلا عن تقديم نفسها بديلا جديا لحزب الدعوة لدى إيران.
واختار التحالف الوطني في ساعة متأخرة من ليلة الأحد عمار الحكيم رئيسا له بعد أكثر من عامين على الخلافات بين أقطابه على منصب الرئاسة ليحل محل إبراهيم الجعفري.
وشغل الجعفري وهو وزير الخارجية، منصب رئيس التحالف الوطني طوال ست سنوات بعد انتخابه من جميع كتل التحالف فيما اشتدت الخلافات في نهاية 2014 بشأن المرشح الذي سيخلفه في المنصب.
ويمثل التحالف الوطني (الشيعي) أكبر كتلة داخل البرلمان بـ180 نائبا من أصل 328 نائبا وهي الكتلة المسؤولة عن اختيار رئيس وزراء العراق لثلاث دورات متتالية.
ويضم التحالف عدة كتل أبرزها ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي والمجلس الأعلى الإسلامي بزعامة الحكيم والتيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر وتيار الإصلاح بزعامة الجعفري.
وحاول ائتلاف دولة القانون في مطلع 2015 ترشيح علي الأديب القيادي في الائتلاف لرئاسة التحالف الوطني لكن التيار الصدري والمجلس الأعلى رفضا الطلب.
وخلال رئاسة نوري المالكي للحكومة (2006-2014) وضع حزب الدعوة يده على الوزارات السيادية، وبينها الدفاع والداخلية. وأصبح الحزب الأكثر ارتباطا بإيران والمالك لخيوط اللعبة السياسية والأمنية في البلاد خاصة بعد أن أغرق مختلف الوزارات بالمنتسبين إليه.
وترك المالكي رئاسة الحكومة لقيادي آخر من حزب الدعوة هو حيدر العبادي الذي فشل في تنفيذ الإصلاحات التي وعد بها منذ أشهر، وهذا الفشل قابلته دعوات صريحة من داخل التحالف الشيعي إلى استقالته.
وقال مراقبون إن أعضاء التحالف المناوئين للحكومة يعتقدون أن التخلص من رئاسة الجعفري للتحالف الحاكم خطوة أولى تمهد للحد من هيمنة حزب الدعوة على مقاليد الحكم.
وإن انسحب الجعفري من حزب الدعوة فإنه يظل واحدا من رموزه التاريخية ويمثل ولاؤه للحزب مصدر شك في ولائه للتحالف، وهو ما شكل في السنتين الأخيرتين عبئا على أحزاب التحالف، من جهة ما يمثله من ثغرات في الإرادة الشيعية الموحدة.
وأشار مراقب عراقي في تصريح لـ”العرب” إلى أنه إذا ما كان الجعفري هو الأكبر سنا بين زعماء التحالف فإن تسليم الرئاسة إلى أصغرهم سنا، وهو عمار الحكيم، إنما يشير إلى نهاية مرحلة وبداية مرحلة جديدة في عمر التحالف الشيعي الحاكم.
وأضاف المراقب أن هذه البداية تنسجم مع صعود نجم هادي العامري زعيم فيلق بدر، وهو التنظيم المسلح الذي كان إلى وقت قريب تابعا للمجلس الإسلامي الأعلى الذي ورث الحكيم رئاسته عن أبيه عبدالعزيز من بعد عمه محمد باقر.
وكما يبدو فإن حسم ميليشيات الحشد الشعبي، وهو تنظيم طائفي مسلح، مسألة القرار العسكري لصالحه لعب دورا كبيرا في صعود عمار الحكيم إلى رئاسة التحالف، نظرا لانحسار شعبية إبراهيم الجعفري طائفيا.
ولم يستبعد المراقب العراقي أن يكون ثمن رئاسة التحالف سحب الثقة من حيدر العبادي، رئيس الوزراء السابق واختيار هادي العامري خليفة له، وذلك استعدادا لمرحلة ما بعد تحرير الموصل، وهي مرحلة قد يصل الصراع الطائفي فيها إلى ذروته.
وسعت أطراف من داخل التحالف “كتلة المواطن وكتلة الأحرار” غير مرة إلى إسقاط حكومة العبادي أو تقييدها أو إرباكها. ونجم عن هذه التحركات المضادة تعطيل حركة الحكومة وتقييد قدرتها على إحداث الإصلاحات التي سبق للعبادي أن تحدث عنها، وخاصة ما تعلق بقضايا الفساد التي ترتبط بشكل مباشر بالأحزاب الشيعية الحاكمة.
العرب