لماذا اختارت الصين إستقبالاً فاتراً جداً للرئيس الأميركي اعتبره المراقبون مهيناً، ولكأن باراك أوباما رئيس إحدى جمهوريات الموز وليس اقوى دولة في العالم؟ هل هي تسوية حساب مع أوباما الذي طالما قصف الصين بسلسلة متلاحقة من الملاحظات والإنتقادات على خلفية مواجهة إقتصادية تزداد حدتها يوماً بعد يوم، وبدأت تتصاعد مع انفجار أزمة الرهن العقاري وتداعياتها الكبيرة على الإقتصاد الأميركي، والذي تبيّن ان حجم الاستثمارات الصينية فيه تتجاوز ٤٠٠ مليار دولار؟
ليس قليلاً ان يقرر الصينيون إنزال أوباما، الذي وصل الى هانغتشو للمشاركة في قمة العشرين الكبار، عبر سلم الطوارئ في مؤخر طائرته الرئاسية، خلافاً لكل الأعراف والبروتوكولات المتبعة في استقبال الرؤساء، وحتى من دون السجاد الأحمر الذي فُرش لبوتين وللرئيسة الكورية الجنوبية بارك غون - هي وغيرهما بمن فيهم ميشال تامر الرئيس البرازيلي.
وليس قليلاً ان تستشيط مستشارة الأمن القومي الأميركي سوزان رايس غضباً وتشتبك في مشادة كلامية مع مسؤول صيني منعها من ان تتجاوز منصة الإعلام للوصول الى الوفد الرسمي، وهو نفسه الذي زجر غاضباً مسؤول إعلاميي البيت الابيض الذي حاول ان يعطي تعليمات للمراسلين الأجانب، وقال له: "هذه بلادنا وهذا مطارناً! وليس قليلاً ان يأتي الرد سريعاً من أوباما ووفق النهج المتصل بإنتقاده الدائم لسياسة الصين في مجال حقوق الإنسان والذي طالما أغضب الصينيين، عندما قال إن المشاحنات التي حصلت بين مسؤولين صينيين وأميركيين في المطار، تظهر الفجوة بين البلدين في التعامل مع حقوق الإنسان وحرية الصحافة، وإنه ليس الحادث الاول للمسؤولين الصينيين. وسبق لواشنطن ان اتهمت الصين في أيار من العام الماضي بأنها في طليعة الدول التي تمارس انتهاكات ممنهجة وجسيمة للحريات الدينية.
لن يتحوّل ما حصل في مطار هانغتشو مشكلة بين البلدين، فلا أوباما في وارد توريث خلفه أزمة ساخنة مع الصينيين تضاف إلى العلاقات الفاترة أصلاً، ولا الرئيس الصيني شي جين بينغ في وارد استقبال الرئيس او الرئيسة الأميركية الجديدة بأزمة تضاعف التعقيدات مع أميركا.
لكن أوباما حرص على ان يكون مقذعاً في قوله: "نحن لا نترك مبادئنا وقيمنا خلفنا عندما نقوم بهذه الرحلات"، ما يشكّل إنتقاداً لسياسة الصين في تضييقها على حقوق الإنسان وحرية الصحافة، لكن القصة لا تقف عند مسألة الحريات التي سبق لأوباما ان انتقد الصين بسببها وجهاً لوجه مع نده شي جين بينغ في ايلول من العام الماضي.
إضافة الى العامل الأساس وهو الإقتصاد، سبق للولايات المتحدة ان وجهت تحذيراً الى الصين من أي هجمات الكترونية على منشآتها، بعدما تمكن مهاجمون من اختراق حواسيب منشآت الطاقة وشبكات الطيران والشركات المالية الأميركية.