تَوزَّع المشهد في الخارج بين الفاتيكان الذي فاحت في أرجائه مجدّداً رائحة القداسة مع إعلان الحبر الأعظم البابا فرنسيس، الأمّ تيريزا، قدّيسةً على مذبح الكنيسة الكاثوليكية، في حضور نحو 12 رئيس دولة، وبَين الصين التي ستشهد اجتماعات مهمّة على هامش قمّة مجموعة الـ 20، أبرزُها اللقاء بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع نظيره الأميركي باراك أوباما، على وقعِ مفاوضات «مهمّة» و«جهود كبيرة» تخوضها واشنطن مع موسكو لإنهاء العنف في سوريا، على رغم التباين «الخطير» في مواقف البلدين، قبل إعلان اتّفاق حول مشروع للحلّ فيها.
يتمحوَر الاهتمام الداخلي حول عناوين ومحطات سياسية عدة، أبرزُها ثلاثة:

العنوان الأوّل: الحوار الوطني، وتنعقد لأجله اليوم جلسة في عين التينة بمشاركة «التيار الوطني الحر»، سترسم نتائجها معالم المرحلة المقبلة، بعدما اشترَط «التيار» البحثَ في موضوع «الميثاقية» وتوحيد مفاهيمها، عِلماً أنّ أكثر مِن طرف استبعَد حدوثَ أيّ خرقٍ سياسي يُذكر في هذه الجلسة.

وعشية الجلسة الحوارية، قال رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام زوّاره أمس إنّه سيتلقّى مِن أطراف هيئة الحوار اليوم الأسماءَ التي يقترحونها للّجنة التي ستتولّى وضعَ نظام مجلس الشيوخ وقانون الانتخابات النيابية، وإنّه سيوكل رئاسة هذه اللجنة إلى رئيس لجنة الإدارة والعدل النيابية أو إلى نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري.

وردّاً على سؤال عن أنّ «التيار الوطني الحر» سيَطرح في جلسة اليوم الميثاقية، قال برّي: «بعد أن نتسلّم الأسماء المقترحة للجنة مجلس الشيوخ وقانون الانتخاب سيكون متاحاً لكلّ فريق أن يَطرح ما يريد على طاولة الحوار، وهذا مِن حقّه».

وقالت مصادر سياسية لـ«الجمهورية» إنّ اجتماع هيئة الحوار اليوم له أهمّيتُه الخاصة في شكلها وتوقيتها على أكثر من مستوى. ولفتَت إلى أنّ الحوار الذي ستشهده الجلسة سيكون أوّلَ اختبار لشكل الاستحقاقات المقبلة التي تليه، خصوصاً ما يتّصل بجلسة مجلس الوزراء المقبلة.

إلى ذلك، عُلم أنّ حزب الكتائب لن يسمّي ممثليه إلى لجنة مجلس الشيوخ ولا إلى اللجنة التي تسعى إلى وضع العناوين الخاصة بـ«إلغاء الطائفية السياسية». وسيَحمل رئيس الحزب النائب سامي الجميّل إلى الجلسة دراسةً دستورية وضَعتها «ندوة المحامين الديموقراطيين» في الحزب، تتحدّث عن استحالة البحث بالملفّين قبل تحقيق بعض المحطات الدستورية الانتقالية، وأوّلها انتخاب رئيس للجمهورية وثانيها الوصول إلى مرحلة انتخاب «مجلس نوّاب لا طائفي».

وأشارت مصادر نيابية لـ«الجمهورية» إلى أنّ أطرافاً أخرى لن تسمّيَ ممثليها إلى اللجنتين، ما سيؤدّي حتماً إلى تأجيل البحث بالموضوعين إلى وقتٍ لاحق.

العنوان الثاني: الجلسة الرابعة والأربعون لانتخاب رئيس جمهورية بعد غدٍ الأربعاء، وهي لن تكون مختلفة عن سابقاتها لجهة عدمِ اكتمال النصاب، ومصيرُها سيكون الترحيل إلى موعد جديد.

أمّا العنوان الثالث فهو جلسة مجلس الوزراء الخميس التي تنعقد في غياب وزراء «التيار الوطني الحر» على الأرجح، وذلك في ضوء دعوة رئيس «التيار» الوزير جبران باسيل رئيسَ الحكومة تمام سلام «ابن صائب سلام» لكي «ينتبه جيّداً إلى الخطر الناتج عن قول اللبنانيين إنّ حكومة يَرأسها لا تستقيم ميثاقيتها بوجود 6 في المئة من المسيحيين فيها».

الأزمة الحكومية

وفيما تُراوح الأزمة الحكومية مكانها، حافظَت أوساط سلام العائد من الخارج، على صمتها إزاء مجمل الملفّات المطروحة وموقف «التيار الوطني الحر» منه، في انتظار الاتّصالات التي سيَستأنفها اليوم وحتى موعد جلسة مجلس الوزراء.

وعلمت «الجمهورية» أنّه وفي ضوء نتائج جلسة الحوار، ستنشَط الاتصالات لعودة وزراء «التيار الوطني الحر» إلى الحكومة، وقد دخَل على خطّها وزيرُ العمل سجعان قزي الذي سيَطرح في مجلس الوزراء الخميس موضوع تأثير غيابهم على عمل المجلس، ووزيرُ الصحة وائل ابو فاعور الذي دعا باسمِ «اللقاء الديموقراطي» بعضَ المكوّنات السياسية الأساسية في الحكومة، وتحديداً «التيار الوطني الحر» إلى «العودة عن مقاطعة عمل مجلس الوزراء».

وقال: «هذه الحكومة ليس بيننا من هو مُفتتنٌ بها، ولا مَن هو مأخوذ بنجاحاتها، ورئيس هذه الحكومة بات كالجالس فوق كومةٍ مِن الشوك ولا يجلس إلّا بحكمِ المسؤولية الوطنية، وربّما نتشارك مع «التيار الوطني الحر» في كثير من المنطلقات، وحتى في القضية المطروحة حالياً، والتي هي محلّ الخلاف في التعيينات الأمنية، ولكن للضرورة أحكام، وبالنظر إلى المخاطر المحيطة بنا نأمل أن تكون عودة سريعة إلى مجلس الوزراء، وإلى انتظام عملِه لتبقى هذه المؤسسة هي الحصن الأخير من المؤسسات الدستورية التي تنبض حمايةً للوطن والمواطن».

شمعون

وفي المواقف، سألت «الجمهورية» رئيس حزب الوطنيين الأحرار النائب دوري شمعون؛ هل يأمل خيراً من جلسة الحوار اليوم؟ فأجاب: «لو بدها تشتّي كانت غيّمِت». وقال: «لستُ متشائماً، إنّما أنا واقعيّ وأعتبر أنّ لبنان لن يَفنى على رغم كلّ ما جرى ويجري».

وشجّعَ شمعون «التيار الوطني الحر» على «الاستقالة ومقاطعة الحوار»، وقال: «ما زال هيك هيك عم بيهددو، فخلّيهن ينفّذوا تهديداتهم».

وأكّد شمعون أنّه يؤيّد التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي، «طالما إنّنا في ظروف غير عادية، وطالما لا رئيس للجمهورية بَعد»، مؤكّداً أنّه ضدّ التعيين «وإلّا نكون بذلك قد استغنَينا عن رئيس الجمهورية، وكأنّ الرئاسة «مِش فارقة معنا» نُعيّن من نشاء». وشدّد على «عدم جواز التعيين إلّا في ظلّ وجود رئيس لكي يوقّع مرسوم التعيين».

سعَيد

وتوقَّف منسّق الأمانة العامة لقوى 14 آذار النائب السابق الدكتور فارس سعيد عند مواقف «حزب الله»، وقال لـ«الجمهورية»: «المعادلة واضحة، فالحزب يقول أعطونا الجمهورية ونحن نعطيكم رئيسَ الجمهورية، والردّ على ذلك يجب أن يكون: خُذوا رئاسة الجمهورية والجمهورية بالقوّة، و«شو بَدكن فينا؟»

وعن جلسة الحوار اليوم التي ستحدّد خطوات «التيار الوطني الحر» اللاحقة، قال سعَيد: «إنّ «التيار» يُكبّر حجرو لكي لا يضربَ، منذ 11 عاماً وهو يحذّر بأنّه إذا لم يستجب الطرَف الآخر لمطالبه سـينزَع الزفتَ عن الأوتوستراد، فيَلفعلها مرّةً وسنقف معه، فليأتِ بنوبةِ كفرذبيان ونوبة جعيتا ونوبة حدث الجبّة و»يقبّع» الزفت عن الأوتوستراد و«يفَرجينا» أنّه موجود لكي نسيرَ جميعاً خلفَه «.

من جهةٍ ثانية، أبدى سعيد ثقته بأنّ رئيس الرابطة المارونية النقيب أنطوان قليموس لن يدعوَ سفير النظام السوري علي عبد الكريم علي إلى المؤتمر الوطني الذي تنظّمه الرابطة حول النزوح السوري تحت عنوان: «النازحون السوريون... طريق العودة» في 13 أيلول، بعدما صَدر القرار الاتّهامي في جريمة تفجير مسجدَي التقوى والسلام في طرابلس والذي يؤكّد تورّطَ المخابرات السورية في التفجير».

وأضاف: «وإذا فعل، لا سمح الله، لأنّ هناك تيارات داخل الرابطة تريد ذلك، فأنا أدعو جميعَ الأحزاب الاستقلالية في لبنان والتي دفعَت الدم ضدّ النظام السوري إلى عدم المشاركة في المؤتمر».

«القوات»

وأكّد رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أنّ الخطوة الفعلية الأولى المطلوبة هي، لا طاولة حوار ولا سلّة متكاملة ولا انتخابات نيابية، عِلماً أنّنا ضدّ أيّ تمديد، إذ إنّ الأهم انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، وسعد الحريري رئيساً للحكومة».

«الحزب»: لتجزئة الحلول

في الموازاة، حدّد «حزب الله» طريقين لحلّ الأزمة، وهما: «إمّا طريق السلّة المتكاملة التي يتمّ الاتفاق على عدد من النقاط حولها، وإمّا أن تكون هناك حلول جزئية تباعاً».

ودعا نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم إلى الاتّفاق على انتخاب رئيس للجمهورية وتحديد من هو شخص الرئيس، «بدلاً من أن نُضيّع الوقتَ في المواصفات والمعطيات والنظريات المختلفة».

مِن جهته، دعا رئيس «كتلة الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد «الفريقَ الآخر» إلى «انتهاز الفرصة قبل أن تذهب وتوَلّي». وتوجَّه إليه قائلاً: «اعقلوا وادرسوا أمورَكم جيّداً، لأنّ الفرصة سانحة الآن من أجل تحقيق تفاهم وطني».