حين يدخل "أقطاب" ورؤساء كتل نيابية وممثلو حيثيات سياسية اليوم الى جولة جديدة من الحوار لن يتحلى اللبنانيون في مناطق المتن وكسروان وبعض بيروت باللياقة الكافية للاهتمام بهذا "الحدث" الجليل. تسامحوا معهم لان ملحق كارثة النفايات أفقدهم ما تبقى لديهم من حسن التقدير لما تقومون به وتنجزون على طريق إنقاذ البلاد بما لم يترك لكم هوامش الوقت والجهد لتجنيب مناطق لبنانية واسعة استعادة هذا الفصل الشديد القتامة الذي اعاد النفايات الى منازل الناس والشوارع. أغمضوا عيونكم عن الجاري خارج قاعة الحوار، وضعوا كمامات على أنوفكم، ولا تقيموا بالا بكل ما يعكر عليكم صفو الخلوات الحوارية والنقاشات المفتوحة في الميثاقية والمشاركة والقوانين الانتخابية وازمة الفراغ الرئاسي. اياكم واللهو للحظة او تضييع الوقت الذهبي الثمين خصوصا ان وقتكم بات داهما امام زحف الاستحقاقات عند مطالع أيلول وبعده تشرين وما بعد تشرين ما لم يجترح اقطاب الأمم اللبنانية غير المتحدة، أعجوبة العبور الى ربيع الانتخابات النيابية بأحزمة الأمان العاجلة. فكارثة نفايات بالزائد او بالناقص لن تقف حائلا دون مهمتكم المقدسة، وليكن الافتراض ان ملحقا للكارثة مهما بلغ حجمه لن تبلغ خطورته حدود الكارثة الاولى التي استفاضت بمئات آلاف الاطنان من النفايات لأكثر من عشرة اشهر.
ولكن، الى السادة المتحاورين هذه الضمة من الحقائق التي نخشى انها فاتتكم. ان مرور السنة الاولى من كارثة النفايات لا يجيز اطلاقا السقوط في تقدير ما قد يؤدي اليه شهر واحد من عودة هذه الكارثة لان مخزون الناس من التحمل فرغ تماما بما قد ينذر بأي شيء غير محسوب بلوغا الى انفجارات شعبية عشوائية في أي وقت وأي منطقة. وان الاتكاء على عجز الناس واعتيادهم ألاعيب السياسيين ومناوراتهم وفسادهم ولهوهم ومعارك الديوك الصغيرة والوضيعة التي يتبادلها بعضهم فضلا عن معارك المصالح وتضاربها الصارخ في كارثة النفايات المستعادة، كل هذا لم يعد يستر واقع حكومة يستحيل عليها المضي في الهروب تارة الى الامام وطورا الى الوراء بلا ادنى قدرة على الدفاع عن خطة استلزمت سنة للبدء في تنفيذها. واذا مضت الكارثة في التعاظم الآن فان القائل قبل سنة بأن سبب الكارثة " هي النفايات السياسية " يتعين عليه ان يقلب الطاولة رأسا على عقب بطرح مصير الحكومة على معالجة حاسمة لهذه الكارثة اولا وأخيرا وليكن ما يكون. اما الذين يتسابقون على ركب الرؤوس الحامية والعنترة والمبارزة بالتعقيدات والشروط المستحيلة فيما جبال النفايات تسد شوارع وتخفي احياء وتتراكم بشكل مخيف فأغلب الظن انهم لا يقيمون اعتبارا لحسابات الفوضى المتحفزة للانفجار في الشارع. ولا ندري كم يأخذ بهم الوهم في توظيف فوضى متفجرة لا مكان فيها لأي "ابطال ".

 

نبيل بو منصف