كلّما تقدّم الطب وتطورت بحوثه واكتشافاته، كلما لاحظنا ظهور رزمة جديدة من الأمراض تغزو مجتمعات العالم ومنها لبنان. نحاول في هذا الحديث الإضاءة على هذه المشكلة الصحية مع البروفسورة في طب الأطفال واليافعين والكيمياء الحيوية، وعلم الوراثة الجزئي ومديرة برنامج علم الوراثة العصبية و"عيادة الأطفال المميزين" في الجامعة الأميركية في بيروت روز ماري البستاني.

تقول البستاني لـ "لنهار"، إن نسبة الأمراض الليزوزومية الوراثية في لبنان تصيب بين 10 إلى 12 في المئة من السكان. والأخطر من ذلك أن زيادة الإصابة بأنواع مختلفة من هذه الأمراض تنتج عن زيجات القربى المرتفعة في بلدنا. وإنطلاقاً من هذا الواقع، دقت "عيادة الأطفال المميزين "في المركز الطبي للجامعة الأميركية في بيروت وجمعيّة (OpenMinds) ناقوس الخطر وقررتا تنظيم مؤتمر طبي بعنوان: داء "الإختزان في الجسَيمات الحالّة LYSOSOMAL STORAGE DISEASE "العبور من المرض إلى الجينات فالعلاج".
تشرح البستاني طبيعة هذا الداء وأهمية المؤتمر، فتقول: "الأمراض الليزوزومية، هي أمراض "تخزين ناتجة عن غلطة مطبعيّة في الجينات، ونادرة، مقارنة بأمراض السرطان، السكري، القلب وغيرها، لكنها ليست غلطة في منطقة الشرق الأوسط ولبنان، لأن زواج القربى فيها يمثل بين 16 و32 في المئة من الزيجات، الأمر الذي يرفع من نسبة الإصابة بالأمراض الليزوزومية التي يتفرّع منها 60 نوعاً تقريباً".
أما الهدف العام من المؤتمر الذي يحط رحاله، اليوم السبت، في قاعة عصام فارس في الجامعة الأميركية، من الثامنة صباحاً حتى الرابعة من بعد الظهر، فهو رفع مستوى الوعي عن هذا الداء الخطير وكيفية اكتشافه المبكّر، والإضاءة على العلاجات المتوافرة في لبنان والعالم. "وبعدما توصل لبنان إلى مرحلة متقدمة في البحوث من التشخيص المبكر والعلاج"، وفق البستاني، "يأتي المؤتمر ليسلّط الضوء على هذا التقدّم في لبنان والعالم وتوعية الرأي العام اللبناني حول الأخطار وسبل الوقاية والعلاج".
وتشير إلى أن مجموعة من هذه الأمراض الجينية قد تضرب الدماغ، ومجموعة أخرى الكبد وغيره، ويمكن أن يُعالج المصاب بهذه الأمراض من طريق تناول أدوية في الفم أو إبرة في العرق تساعده في الحد من وطأة المرض وسرعة تدهور صحة المريض".
وتضيف ان أهمية هذا العلاج أنه يساعد الثنائي المتزوج من أقارب في تجنيب طفلهما الثاني الإصابة بالمرض بعدما نال ولدهما الأول نصيبه منه.
وعن نسبة الأطفال المعرضين أو المصابين في لبنان، تفيد أن نسبة 10 و12% من سكان لبنان مصابون، أي ما يوازي بين 300 و400 ألف ولد مصاب بأمراض جينية بمختلف أنواعها، موضحة، "أن تكلفة هذا العلاج باهظة جداً في بلدنا، ويتكبد المريض بين 100 إلى 150 الف دولار سنوياً في ظل غياب تغطية وزارة الصحة للعلاج، فهي بالكاد تتكفّل بعلاج عدد ضئيل جداً من المصابين، بعكس الولايات المتحدة ودول أوروبا التي تتكفل بعلاج أطفالها". ورداً على سؤال، تجيب: "السبيل إلى الحد من هذه الظاهرة الاجتماعية تكمن في توعية الشعب على عدم الزواج من أقارب".
وبما أن شركات التأمين في لبنان تتنصل من تغطية علاجات هذه الأمراض المتوافرة لدى شركات الأدوية، تتمنى البستاني على الحكومة اللبنانية، لا سيما وزارتي الصحة العامة والشؤون الاجتماعية الضغط على شركات التأمين والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لتحمّل مسؤولياتها حيال المصابين وتغطية العلاجات، "فيتسنى للمجتمع اللبناني مواجهة هذه الأمراض وتطوير علاجات مبتكرة وفعّالة من شأنها تغيير حياة الإنسان إيجاباً".
وتُعتبر جمعية (Openminds) بالتعاون مع "عيادة الأطفال المميّزين" في AUB من المتقدمين من حيث الإكتشاف المبكر وأساليب العلاج، إلى دعمهما الأطفال المصابين بالأمراض الوراثية، إذ تخصص (Openminds) ثلث ميزانيتها السنوية للتشخيص المبكر ومعالجة الأطفال.
ويشارك في المؤتمر أطباء أطفال وأعصاب وأورام ودم وكلى من الولايات المتحدة ودول أوروبية، إضافة إلى أعضاء في هيئة التدريس في الجامعات وطلاب الطب والاطباء المقيمين من لبنان.

النهار