رئيس تيار المستقبل سعد الحريري، الذي لا ينفك يكرّر منذ عام 2005 أنه يريد تنفيذ مشروع العبور إلى الدولة، ولا يتوانى عن طرح الحلول بهدف الخروج من الأزمة السياسية، لا يبدو قادراً على إدارة الأزمة التي تعصف بتياره. فبعد صدور قرار الطرد التعسفي الذي سيطاول عدداً كبيراً من الموظفين، يشغل هذا القرار الجميع داخل التيار، خصوصاً أن لا حلول واضحة ولا خطّة جدية للإجراءات التي سيتخذها الحريري مع المطرودين.

المعلومات الأولية تشير إلى «تبلّغ نحو 360 موظفاً قرار إنهاء عملهم، وأنهم سيتقاضون كامل رواتبهم غير المقبوضة منذ أشهر، بالإضافة إلى ستة أشهر تعويضاً». حتى الآن، لم يحصل أي منهم على «فلس» واحد، بل مجرد إيصال يفيد بأن لكل منهم في ذمّة التيار مبلغاً يحصل عليه فور توافر الأموال. وقد حصلت «الأخبار» على نسخة من هذا الإيصال، الذي أقل ما يقال فيه أنه «استخفاف بظروف الناس وعقولهم»، بحسب أحد الموظفين المصروفين!

لم يتبلغ أحد من أصحاب الرواتب الكبيرة وجود اسمه على لائحة الطرد

وفي الإيصال الذي بدأه التيار بالتحية، يبرّر الحريري أنه «وبالنظر إلى الظروف الاقتصادية التي تمر بها جمعية تيار المستقبل في المرحلة الراهنة، واضطرارها تبعاً لذلك إلى إنهاء بعض عقود العمل في الجمعية،

 يؤسفنا إعلامكم عن انتهاء خدماتكم لدى جمعيتنا اعتباراً من تاريخ نهاية الشهر الجاري (أي شهر أيلول)، وحفظ جميع حقوقكم المتعلّقة بها، مع التزام جمعيتنا بتسديد جميع مستحقاتكم المتراكمة والتعويضات التي ينصّ عليها قانون العمل فور تحسّن أوضاع الجمعية». 

ما يعني أن لا معاشات ولا تعويضات لكل المطرودين الذين لم يتقاضوا رواتبهم منذ حوالي سنة، إلا بعد انفراج الأزمة المالية للرئيس الحريري، والتي لا يبدو أنها قريبة على كل حال. 

الموظفون بدأوا يتبلّغون بصورة مفاجئة وصاعقة بقرار الاستغناء عن خدماتهم. إذ لم يكن ليخطر في بال أحدهم أن يكون مصيرهم، وهم من العمال «الأوفياء»، الطرد بطريقة كهذه، وتنفيذ قرار الاستغناء بهذه السرعة. 

وما يجعل من هذا القرار تعسفياً ويحمل في طياته أبعاداً غير إنسانية، هو أن أصحاب الرواتب الكبيرة، أقله حتى الآن، لم يتبلغ أحد منهم وجوده على لائحة الطرد، بل فقط أصحاب الرواتب الصغيرة والمتوسطة. 

والسؤال الأهم الذي يدور في رؤوس كل هؤلاء هو «أين سنذهب، وأي مؤسسات يمكن أن تستوعبنا؟».

 وبدلاً من أن يكون هذا السؤال هو الشغل الشاغل للرئيس الحريري، يجد الأخير متسعاً للفكاهة هو والذين تولوا مهمة تبليغ المطرودين القرار «الفضيحة»، فختموا الإيصال بجملة أشبه بـ «دعابة» تمنوا فيها «تحسّن الأوضاع مستقبلاً لمعاودة الانطلاق معاً من جديد»!

الأخبار