.وبعد ثلاث سنوات وأسبوع واحد من الانتظار، أثلج القضاء اللبناني قلوب أهالي شهداء وجرحى جريمة تفجير مسجدي «التّقوى» و«السّلام» في طرابلس، بصدور القرار الاتهامي بحقّ 22 مدّعى عليهم بمواد يصل بعضها إلى عقوبة الإعدام، وبينهم ضباط وعناصر في المخابرات السورية.
ما كان يعتبره البعض مجرد شبهات، أصبح، بموجب القرار الاتهامي، اعترافات معزّزة بتحقيقات فنيّة أجرتها «شعبة المعلومات» في قوى الأمن الداخلي، تفيد بأنّ بعض أركان النّظام السوري متورّط «حتّى العظم» في هذين التفجيرين، ذلك أن من تكشفت أسماؤهم هم «متورطون صغار»، أمّا «المتورطون من ذوي الرتب الرفيعة» في التخطيط والتنسيق والمساعدة على تنفيذ الجريمة الإرهابيّة، فما زالوا مجهولين، لذا سطّر قاضي التحقيق لدى المجلس العدلي آلاء الخطيب مذكّرة تحرّ دائم لمعرفة كامل هويات هؤلاء الأشخاص.
وفي انتظار تلك المهمة المستحيلة، يوجد أمام القضاء اللبنانيّ اسم بارز في هذه القضيّة هو النقيب آنذاك في المخابرات السوريّة ـ فرع فلسطين محمّد علي علي الملقّب بـ «أبو جاسم» (عمره حوالي 30 سنة من بلدة خربة المعري السوريّة)، ومشتبه به آخر من المخابرات السوريّة هو خضر العيروني الذي ثبت أنّه اشترى السيارتين من نوع «فورد» و«انفوي» وقام بإدخالهما إلى سوريا لتفخيخهما واستخدمتا في التفجيرين بعد ادخالهما مجددا الى الأراضي اللبنانية عن طريق البقاع، فيما لم يثبت أي دليل دامغ على تورّط ناصر أحمد جوبان سوى كونه أرسل إلى أحد المدّعى عليهم رقماً مشبوهاً استخدم خلال التخطيط للجريمة.
أمّا الرأس المنفّذ الذي أدار كلّ الخيوط في لبنان فكان لبنانياً. وأكثر من ذلك، هو رجل دين يطلق لحيته ويدرّس الدين في أحد مساجد جبل محسن: حيّان رمضان الذي ألّف المجموعة وأرشدها إلى كيفيّة التفجير بالإضافة إلى إدخال السيارتين المفخختين من سوريا إلى لبنان بالتنسيق مع بعض أركان النّظام السوري، حسب مضمون القرار الاتهامي المؤلف من 44 صفحة «فولسكاب».

وبرغم هذا الإنجاز القضائي الذي كان وقعه السياسي ايجابيا في كل الأوساط السياسية والدينية والشعبية والاجتماعية في طرابلس والشمال، إلّا أنّ غالبيّة المدّعى عليهم هم اليوم متوارون ما عدا منفّذ تفجير «مسجد السّلام» يوسف دياب، وذلك بعد أن ثبت أنّ الراحل علي عيد قام بتهريب منفّذ تفجير «مسجد التقوى» أحمد مرعي (التفاصيل ص2).
بري وعون يتقاربان انتخابياً
أما في السياسة، فإن البلد في إجازة تستمر حتى يوم الإثنين المقبل، موعد التئام طاولة الحوار الوطني في عين التينة، فإذا تمكّن مدير الحوار الرئيس نبيه بري من الحصول على أجوبة نهائية من «التيار الوطني الحر» على مشروع القانون الانتخابي الذي كان قد سلّمه لوزير الخارجية جبران باسيل، سيصار إلى البناء عليها، خصوصا أن باسيل كان قد أعطى جواباً ايجابياً مبدئياً، ووعد بالتشاور مع المكونات المسيحية، وخصوصاً «القوات اللبنانية» و «الكتائب» من اجل محاولة صياغة موقف مسيحي موحّد من اقتراح بري الذي تكتمت مصادره على تفاصيله، فيما اكتفى أحد نواب كتلة التنمية والتحرير بالقول لـ «السفير» إن الاقتراح مركّب ويقوم على مرحلتين: دورة أولى للتأهيل الطائفي على أساس الأقضية الحالية (النظام الأكثري) ودورة ثانية على أساس المحافظات الخمس الكبرى، وهي بيروت وجبل لبنان والبقاع والشمال والجنوب (النظام النسبي).
وفي المقابل، كشف أحد نواب «تكتل التغيير» أن باسيل ينتظر في الوقت نفسه من الرئيس بري أن يكون قد استفتى كلا من «حزب الله» و «تيار المستقبل» و «الاشتراكي» في التصوّر الخطّي الذي قدمه اليه رئيس «التيار الوطني الحر»، في ضوء الإشارة المبدئية الإيجابية التي أعطتها عين التينة للاقتراح.
وبحسب النائب نفسه، فإن تصوري بري و «التيار» يمكن أن يشكلا قاعدة لإعادة تعويم قانون الانتخاب في طاولة الحوار، بعدما كانت اللجنة النيابية المعنية واللجان النيابية المشتركة قد بلغت الحائط المسدود.
و «خلافاً لكل الأجواء السائدة»، قال الرئيس نبيه بري، أمام زواره، إنه ليس على خلاف مع أحد وهو لم يقصد جهة محددة أو جمهوراً محدداً في خطاب صور، «فأنا وظيفتي أن أجمع الناس لا أن أفرّق بينهم».
النفايات تتراكم في المتن وكسروان
واذا كانت السياسة في اجازة، فإن ملف النفايات المتراكمة منذ حوالي الأسبوع، بات يهدّد بكارثة بيئية صحية خصوصاً في مدن وقرى وبلدات قضاءي كسروان والمتن، حيث ترتفع يومياً تلال النفايات في الشوارع، بما في ذلك أمام بعض المستشفيات ودور العبادة والمؤسسات التجارية الكبرى، الأمر الذي جعل صرخة المواطنين ترتفع أكثر فأكثر، خصوصا مع بدء العد العكسي لبدء الموسم الدراسي الجديد.
وفي انتظار التسوية التي كثر الحديث عنها في اليومين الماضيين، أحال مجلس شورى الدولة دعوى شركات النفط (في محلة الدورة ـ برج حمود) ضد مطمر برج حمود الى شركة فرنسية لتحكيم النزاعات، خصوصا بعد أن أظهرت تطورات في الأيام الأخيرة أن هذه الشركات لعبت دورا في «تفخيخ» بعض اقتراحات الحلول. ومن المقرر أن يعقد اجتماع لاتحادي بلديات المتن وكسروان في وزارة الداخلية الثلاثاء المقبل، بحضور وزير الداخلية وبعض الوزراء والنواب المعنيين بهذا الملف، من أجل تثبيت الصيغة التي توافق عليها «الكتائب» و «الطاشناق» و «التيار الوطني الحر» بصورة مبدئية.
بالتزامن مع المراوحة في إيجاد مخارج لمأزق وقف الاعمال في مركز برج حمود لمعالجة النفايات، تم، أمس، فض اسعار العروض لمناقصات الفرز والمعالجة لـ 2600 طن يومياً لمدة اربع سنوات لتفوز بها شركة جهاد العرب (جي سي سي / سوريكو) على منافستها (باتكو / دانيكو)، بعد ان وضع العرب سعر 81 مليون دولار، مقابل سعر 97 مليون دولار ونصف تقريبا للشركة المنافسة