يعيش اللبناني ظروفاً قاسيةً ونسمع بحالات تعجيزية تزداد مع ازدياد قساوة الحياة. فشادي كغيره من اللبنانيين الذين يقررون السفر لإيجاد حياة كريمة تتصف بالانسانية في الخارج. لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن. فحالة شادي تختلف عن غيره من الشبان، إذ أنه يعاني من مشاكل صحية وهو مقعد وعجزت الدولة اللبنانية عن مساعدته ومعالجته على رغم أن والده أستاذ في المدارس الرسمية وضمنه في تعاونية الدولة.
ها هو شادي يقرر الهجرة الى أكثر البلدان التي تستقطب اللاجئين "ألمانيا" فما حصل معه في هذه الرحلة؟
كتب شادي عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك":
"ليس كل إنسان تراه مبتسماً يعني أنه سعيد.. فوراء كل ابتسامة جراح كثيرة..
منذ الحادث الذي تعرضت له في 31/03/2012 إلى هذا اليوم ولا أزال أكافح هذه الحياة الممزوجة بحلاوتها ومُرِها.. أمضيت 6 أيام في مستشفى الجامعة الأميركية ولم يعترفوا بضمان تعاونية موظفي الدولة على رغم أننا أحضرنا كتاباً من الوزير السابق للصحة علي حسن خليل، غير أنهم لم يكترثوا لي ولذلك الكتاب، فكانت النتيجة 56 مليون ليرة لبنانية نقداً يجب علينا دفعها تكلفة 6 أيام؛ إن والدي الذي يعمل أستاذاً وهو بذلك ليس رجل أعمال.. منذ ذلك الوقت أصبح الدّين يتراكم عليه وأشكر الأيادي البيضاء أيضاً في مساعدتي.. عندها تم نقلي الى مستشفى "أوتيل ديو" حيث أكن كل الاحترام والتقدير للفريق الطبي الكبير الذي يتابعني إلى هذا الوقت.. بعد ذلك ونظراً إلى تكاليف العلاج في لبنان وعدم قدرتي على توفير ذلك (صح معظم اللبنانيين عايشين على الدّين بس دين عن دين بيفرق) قررت وبإرادتي الشخصية كي أخفف العبء عن أهلي لعلّي أجد باباً في الخارج يُفتح أمامي للعلاج.. قررت الهجرة إلى ألمانيا وكنت أعلم أني ذاهب إلى مغامرة أعطيها صفة الذهاب إلى المجهول.. تعرضت لجلطة في قدمي وتعالجت على رغم أنني لم أكن قد سجلت لجوئي بعد، وكانت الامور في البداية جيدة إلى حين تم فرزي الى منطقة كيمنتس (Chemnitz) وهناك بدأت المعاناة.. إلى هذا اليوم لا علاج و لا فحوصات طبية، كما أنهم لم يكترثوا لوالدتي التي هي بحاجة إلى عملية في رجلها، إن المعاملة جداً سيئة عدا عن العنصرية وانعدام الشفقة والحس بالإنسانية.. بعد صمودي شهرين في برلين وفي هذه المدينة 8 شهور سحبت لجوئي لأعود إلى وطني لأنني في مرحلة أعتبرها الموت السريري، فضلت الموت في بلدي على الموت في الغربة.. على رغم الأوضاع السيئة جداً في لبنان وعدم إكتراث الدولة لشعبها.. إن الصليب الأحمر الألماني ينسق مع الشركة التي تدفع تكاليف عودة اللاجئين إلى بلادهم؛ لقد أحضرت لهم التقارير الطبية وحصلنا على موافقة من شركة "طيران الشرق الأوسط"، غير أنهم بدأوا يقولون لي التالي: "إن نقلك في الإسعاف إلى المطار يكلف؛ فتنازلت وقلت لهم: أذهب بسيارة وأرجع المقعد للخلف، علماً أن المسافة إلى المطار في السيارة تدوم 5 ساعات وعلى الشخص أن يكون في المطار قبل 4 ساعات كما لديك 4 ساعات طيران لبيروت فاذا كنت جالساً كل الوقت سوف أصل ميتاً.. على رغم ذلك فإنهم دائماً يتحججون فكان ردهم الأخير: بأن العودة تكلف كثيرآ وإن الشركة في الوقت الحالي لا تستطيع الدفع على رغم أنهم لا يريدون العرب بشكل عام.. بالإضافة لأنهم يسعون بطريقة غير مباشرة لأتنازل عن جميع حقوقي ولكني لن أفعل.. ففي جميع الحالات سأصل لبنان إما إلى المستشفى لوضعي الصحي السيئ أو جثةً هامدة..
لقد قررت أن أعبر عن قليل من معاناة أمر بها في هذه الأيام على أمل أن تصل رسالتي للرأي العام ودولتي التي ما زلت أؤمن بشعبها الذي ينبض أملاً رغم كل الصعاب..
أتمنى العودة بسلام إلى أرض الوطن لا أكثر..
شكراً #ألمانيا_الإنسانية_الوهمية
المقعد شادي فؤاد قاسم نظام"
ولا يزال شادي مسجوناً في ألمانيا، بانتظار أن تكتمل أوراقه، حيث تحتج السلطات على عدم وجود الأموال الكافية لإرساله الى بلده من جديد، بعد سحب قرار لجوئه. ويقول شادي لـ"لبنان 24" أنهم يحاولون وبكل الطرق الضغط عليه ليتنازل عن جميع حقوقه حتى يرسلوه الى بلده.
وفي هذه الرسالة علامة واضحة على الوجع الذي يعيشه اللبناني الذي يقرر الهرب من بلده لعلّه يرى متنفساً في بلد آخر، فيصطدم بالمعاملة الخارجية أيضاً التي لا تتصف بأي إنسانية.
ويحمّل شادي مسؤولية ما آلت إليه حالته الراهنة في المانيا، وهو "لا معلق ولا مطلق" الروتين الإداري في وزارتي الخارجية والصحة العامة، اللتين التي يتواصل معهما، ولكن من دون جدوى!
"لبنان 24"