عن مدينة توارت شمسها خلف أجنحة الظلام؟
عن أرض النور التي أظلم نهارُها وأَغطَشَ ليلُها وانكدرت في سمائِها النجوم ؟
أتسألني عن بُقعةِ المجدِ التي كبَّلها الحاقدونَ ونالَ منها الحاسدونَ ولأهلِها يمكرُ الماكرون؟
أتسألُني يا أبي عن بعلبكّ منبتِ الرجالِ الذين استحالوا نصوباً؟
أم عن خزّانِ المقاومةِ الذي جفَّ معينُه مذ تُرك نازفاً على قارعةِ الزمن؟
أتسألُني عن جنّةِ الشهداءِ الثّكلى التي اثخنتها الجراح ؟
سأتلو عليكَ يا أبي من بعلبكَّ ذكراً وفي العينِ قذىً وفي الحلق شجى ...
بعلبكُّ يا أبي تئنُّ وجعاً وتشكو ألماً من ظلم البعيدِ، ولكنَّ ظلمُ ذوي القربى أشدُّ وأمضى ...
كانتْ إذ كنتَ بيننا شامخةً عصيّةً على الظلمِ تأبى الضيمَ ولا ترضى الذلّ ...
علّمها عبّاسُها الموسويُّ أن تبذلَ الدماء صوناً لكرامة الوطن، فما بخِلَت بخيرةِ أبنائِها في ساحاتِ المقاومةِ والفداء.
وأدركَتْ معنى المقاومةَ بكلِّ أوجُهها فنفضَت عنها غبارَ التبعيّة العمياءِ شامخةً بأبطالٍ من وُلدِها أبَوا أن يُذلّهم الفقرُ والحرمان، فنادَوا أن مسَّنا وأهلَنا الجوعُ وما كان لأئمة الفساد أن يملكوا البلاد ويسوسوا العباد وفينا عرق ينبض.
ولكنّ أمراً تعلمُهُ يا أبي قد دُبّرَ في ليل ...
نعم يا أبي ...
في تلكَ الليلةِ أَجمعَ القومُ على قتلِ الرسولِ ولكنَّ عليّاً ما كان في الفراش ...
قتلوا كلَّ حرٍّ إذ قتلوك وإنّهم ليعلمون أنْ لا صوتَ بعد فتنتهم سيعلو لأننا حريصون على دماء الأبرياء ...
ماتتْ بعلبكُّ يا أبي مُذّاك في سجنها مكبلة بأصفاد الجوع والأمن والسياسة ...
جوّعوا أهلَها فساوموهم على لقمتهم، واستخدموا عصا الأمنِ الغليظةِ ليكسروا الأحرارَ ويروّضوا الأُسود ...
بعلبكُّ اليومَ يا أبي ثُكْنةٌ عسكريّةٌ كبرى، وأهلها أسرى في سجنهم الكبيرُ قد فتكَ الجوع بأولادهم وأغرقهُم من وَرِثُوا المقاومةَ بشعاراتٍ جُلُّها زائفٌ ليحموا عروشَهم ورهانهم على نخوة أهلنا و مروءتهم ...
والمضحك المبكي يا أبي أنهم سلّطوا علينا شرار جلاوزتهم ممّن امتهنوا اعمال البلطجةِ والتشبيحِ ليفرضوا على أهلنا الخوّاتِ ويعيثوا في الارض فساداً تُغطّيهِ قوى الأمرِ الواقعِ التي تخيفُ بهمُ الآمنينَ وتقاسمُهم غنائمَ التشبيح ...
بعلبكّ يا أبي تنادي ربّها أنّي مغلوبةٌ فانتصر، ولا يدوم الظلم ولا يحيق المكر السيّء إلا بأهله ...
ولا يغير الله ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم ...
عن الفايس بوك
علي الشيخ خضر طليس