مع اقتراب "مثلث" المواعيد والاستحقاقات المتعاقبة مطالع أيلول، من الجولة الجديدة للحوار في الخامس من أيلول، الى الجلسة الـ44 لانتخاب رئيس الجمهورية في السابع منه، الى جلسة مجلس الوزراء في الثامن منه، يبدو المشهد السياسي على درجة عالية من التعقيد والقتامة بحيث لا تظهر أي بارقة من شأنها ان تضمن مرور هذه الاستحقاقات بحد أدنى من الآمال في تحقيق أي اختراق للازمات السياسية المترابطة. واذا كانت الأنظار تتجه الى الخطوات التي يزمع "التيار الوطني الحر" تنفيذها في سياق تصعيدي عقب مقاطعته للجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء وتقديمه طعناً في مقرراته أمام مجلس شورى الدولة، فإن الأجواء المتوافرة عن اتجاهات "التيار" تشير الى ترقبه المواعيد الثلاثة المشار اليها كاختبار للنيات حول إثارته مسألة الميثاقية سواء في الحوار أو في الجلسة الانتخابية أو في الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء قبل ان يقرر خطواته التالية التي يقول إنها تشكل مساراً متدرجاً لا حياد عنه الا بتبديل مواقف الآخرين. أما في ما يتعلق بموضوع التعيينات العسكرية، فان المعلومات المتوافرة لدى "النهار" تؤكد ان التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي سيحصل بعد عودة رئيس الوزراء تمّام سلام من نيويورك في الثلث الاخير من أيلول.
في أي حال، بدا أمس ان سلسلة مشاورات بدأت وستستكمل في الايام القريبة في اتجاهات مختلفة استباقاً لهذه المحطات سعياً الى تأمين مخارج تكفل لجم الاتجاهات التصعيدية. وعلمت "النهار" أن وزيريّ "التيار الوطني الحر" جبران باسيل والياس بوصعب إجتمعا أمس في وزارة الخارجية مع وزير العمل سجعان قزي بمبادرة من الاخير لتقريب وجهات النظر في ما يتعلق بالخلافات التي أدت الى مقاطعة "التيار" جلسة مجلس الوزراء الاخيرة. وأكد المجتمعون وقف التصعيد في المواقف لتهيئة ظروف أفضل للعمل الحكومي.

 

شانون
وشكلت الزيارة التي بدأها أمس لبيروت وكيل وزارة الخارجية الاميركية للشؤون السياسية توماس شانون فسحة لمقاربة الاتجاهات الاميركية حيال لبنان، علماً ان الزيارة اكتسبت دلالة بارزة لكون شانون أول مسؤول أميركي ديبلوماسي رفيع يزور لبنان منذ مدة طويلة. وأوضح المسؤول الاميركي ان هدف زيارته "هو تعزيز الشركة الاميركية – اللبنانية الى حدودها القصوى"، قائلاً إن رسالته واضحة في كل حواراته في لبنان وهي "ان الولايات المتحدة ستستمر في الوقوف جنبا الى جنب مع لبنان وستواصل والمجتمع الدولي تقديم الدعم الثابت له ولكن لا يمكنها ان تقدم حلولا للقضايا الداخلية التي يجب ان تأتي من المؤسسات اللبنانية والشعب اللبناني".
وعلمت لـ"النهار"، ان شانون حرص على زيارة لبنان ضمن جولة له على المنطقة لاستطلاع الاوضاع السياسية والاقتصادية والمالية فيه كما في ضوء المتابعة الاميركية لتطبيق قانون العقوبات على "حزب الله". وقد التقى أمس وزير الخارجية جبران باسيل، ومستشار رئيس الوزراء شادي كرم لوجود الرئيس سلام في اجازة خاصة خارج لبنان، والعماد قهوجي، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، على ان يلتقي اليوم رئيس مجلس النواب نبيه بري. وبدا المسؤول الاميركي حريصاً على عدم رفع سقف التوقعات حيال زيارته وخصوصاً في مسألة انتخاب رئيس الجمهورية والاستحقاقات الداخلية وجل ما نقله هو تأكيد اميركي أن لبنان ليس منسياً ويحظى بدعم الولايات المتحدة لاستقراره السياسي والامني والاقتصادي. لكنه لم يخف قلق واشنطن من تعطل عمل المؤسسات الدستورية في لبنان نتيجة عدم انتخاب رئيس الجمهورية وشدد على ان الاستحقاق الرئاسي شأن لبناني محض وعلى اللبنانيين اتخاذ القرار بانفسهم من غير ان يلغي ذلك "استعدادنا للمساعدة اذا طلبها اللبنانيون منا وضمن الامكانات المتاحة لنا".
وافادت معلومات أخرى ان شانون أبلغ الوزير باسيل "دعم واشنطن لرئيس الوزراء تمّام سلام وحكومته وضرورة عدم المسّ بالاستقرار الحكومي الحالي في إنتظار إنجاز الاستقرار الدستوري بإنتخاب رئيس جديد للجمهورية".